الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ إلياس وفكرة في الإصلاح:
هنالك قيض الله سبحانه وتعالى للإسلام رجالاً من عبادة المخلصين والعلماء العاملين وهو مولانا محمد إلياس الكاندهلوى الدهلوى (1)(1303هـ - 1363هـ) فطاف فى هذه القطعة من أقصيها إلى أقصيها وأوغل فى أوديتها وسهولها وجبالها وتحمل فى ذلك مشاق السفر والجوع والسهر وتعرض للخطر إيماناً واحتساباً وجهاداً فى سبيل الدين وشاهد ما عليه الناس من جهالة وغفلة عن الدين فلم ير بداً من نشر الدين فى هذه الأمة الأمية وتأسيس المدارس والمكاتب لذلك.
تأسيس المدارس والكتاتيب:
حث الشيخ أهل البلاد على تأسيس المدارس الدينية وكانت له معهم أواصر دينية قديمة لأن كثيراً منهم كانوا قد بايعوا (2) أباه الشيخ محمد إسماعيل (1315 هـ) وكثير منهم قد قرءوا على أخيه الشيخ محمد (1336هـ) وكثير منهم بايعوه، وألح عليهم فى ذلك فلم ير فيهم رغبة
(1) الشيخ إلياس: محيي التبليغ والدعوة فى بعوث جماعية بالهند وينتهى نسبه إلى أسرة سيدنا أبوبكر الصديق رضى الله عنه.
(2)
كان النبى صلى الله عليه وسلم يبايع أصحابه فى الحرب على ألا يفروا وربما بايعهم على الموت وبايعهم على الجهاد كما بايعهم على الإسلام وبايعهم على الهجرة قبل الفتح وبايعهم على التوحيد والتزام طاعة الله ورسوله وبايع نفراً من أصحابه ألا يسألوا الناس شيئاً (زاد المعاد - 2/ 112).
وإقبالاً عليه ورأى منهم إحجاماً وفراراً، ولم يزل يفتل فى غاربهم حتى تمكن من تأسيس عدة مكاتب بعد جهد طويل وسؤال ملح، وتولى نفقاتها وتكاليفها.
تأسست المكاتب وجرت مجريها الطبيعى ولكن تأسف الشيخ جداً لما رأى أن أهل ميوات لا يتعاونون على ذلك، وحتى الناس لا يسمحون لأولادهم بالتعلم فيها ويعدون ذلك ضياعاً للعمر، لأنهم لا يعرفون قيمة العلم والدين ولا يعدونهما حاجة من حاجاتهم، فأصبحت المدارس الدينية فى بلادهم كالقنصلية الأجنبية فى بلاد لا دخل لها فى حياة البلاد ولا رغبة للأمة فى شئونها وإنما تلجأ إليها فى بعض الأحوال.
ورأى أن هذه المدارس كجزيرة فى بحر الظلمات يحيط بها الماء من أربعة جوانب، فالذين يتعلمون فيها لا يخرجون من سلطان البيئة ونفوذ المجتمع وإذا خرجوا منها ودخلوا فى معترك الحياة وهى ثائرة على الدين أضاعوا علمهم وضاعت فيهم تلك الجهود التى صرفت فى تعليمهم وتربيتهم الدينية وضاعت فيهم تلك الأموال التى أنفقت عليهم طول المدة.
فعرف بعد هذا الاختبار أن الجهود التعليمية لا تثمر
…
ولا تنتج مادام المحيط ثائراً عليها مزاحماً لها وأن المدارس والمكاتب والإصلاح لا يؤثر إذا لم تكن للأمة رغبة عامة والتماس للدين وشعور بنقصها الدينى وأن المتخرجين منها لا يؤثرون فى الحياة ولا يقدرون أن يحافظوا على دينهم وخلقهم ماداموا فى الأمة وفى أسرهم ومجتمعهم كالأجانب والغرباء.