الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقول (من البسيط):
لمن أبوح بشعرى حين أذكره
…
أم من أخصّ بما فيه من الزبد
إمّا جهولا فلا يدرى مواقعه
…
أو عالما فهو لا يخلو من الحسد
وأقول: هذا جهد المجتهد وعلى الله أعتمد.
نستفتح الكلام بحديث ورد عن خير الأنام
قال سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى صحيح مسلم (1) ما رواه عن أبى سعيد الخدرى وأبى هريرة رضى الله عنهما أنّهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: لا يقعد قوم يذكرون الله تعالى إلاّ حفّتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله تعالى فيمن عنده.
قلت: الذكر يكون بالقلب ويكون باللسان والأفضل أن يكون بالقلب واللسان جميعا، فإن اقتصر على أحدهما فالقلب أفضل، ثم لا ينبغى أن يترك الذكر باللسان مع القلب معا خوفا أن يظنّ به الرياء بل يذكر بهما جميعا ويقصد به وجه الله عز وجل، قال مجاهد: لا يكون من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات حتى يذكر الله تعالى قائما وقاعدا ومضطجعا، وقال عطاء: من صلّى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل فى قوله تعالى: {وَالذّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذّاكِراتِ»} (2)(13)، وجميع ذكر الله تعالى الذى تصل إليه الطاقة البشريّة كما روى عنه صلى الله عليه وسلم قوله:
لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك (3).
والذى وصلت إليه الأفهام ثلاثة أنواع: تسبيح وتحميد وتكبير، فالتسبيح نفى النقائص وأنّه سبحانه موجود قديم باق صمد واحد أحد وهو معنى سبحان الله،
(1) صحيح مسلم 7/ 72
(2)
القرآن الكريم 33/ 35
(3)
مسند أحمد بن حنبل 1/ 96
والتحميد ذكر أوصاف الكمال وأنّه سبحانه حىّ عليم قدير مريد سميع بصير متكلّم، وهو معنى الحمد لله، والتكبير إثبات الجلال وأنّه سبحانه أجلّ من أن يحيط به العقل وأعظم من أن يدركه الوصف، وهو معنى الله أكبر، أى: أكبر ممّا وصفنا وإنّما علمنا من حسن ثنائه ما تطيقه عقولنا، وجعل اعترافنا بالعجز عن الإدراك ما يقوم مقام الإدراك، فإذا ثبت العلم بموجود برئ من النقائص موصوف بالكمال متفرّد بالجلال ثبت أنّه لا إله إلاّ هو ثم ثبتت الوسائط بحكم الشرع، وتردّ الفعل إليه توحيدا بقولك: لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلىّ العظيم، معناه أنّ أفعالنا خلق لله تعالى، ولذلك سمّيت هذه الكلمات الباقيات الصالحات، وهى: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلىّ العظيم.
قلت: وقد ألّفت فى هذا المعنى جزء جيّد وسمّيته مطالع الأنوار فى مناقب الأبرار، وإنّما قدّمت فى أوّل هذا التأريخ هذه المقدّمة للبركة بما فى مجموعها من معانى ذكر الله عز وجل.