الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ما ورد من الأثر من كلام علىّ عليه السلام
من ذلك ما أجاب به الأسقف عن ما سأله عنه من جملة مسائل فقال: يابن عمّ محمّد! فأخبرنى عن أفضل الجبال، وعن أفضل الأنهار، وعن أفضل العيون فقال:
أفضل الجبال الجودى، وعرفات، ولبنان، وحراء، والطور، وصخرة بيت المقدس، وأفضل الأنهار أربعة: سيحون، وجيحون، والفرات. والنيل، وأفضل العيون أربعة: عين الفلوس وهى بيسان، وعين سلوان وهى بيت المقدّس، وعين البقرة وهى بعكة، وعين زمزم وهى ببيت الله الحرام مكّة، فقال له: صدقت! فبقى لى ثلاثون مسألة فإن أجبتنى عنها كسرت هذا الصليب وقطعت هذا الزنار وتركت دينى واتبعت دينك وشهدت بما تشهد به، فقال له: قل ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلى العظيم!
قال: أسألك عن طشت دائرة ومائدة منصوبة وعليها جواهر كبار وصغار وقد وكل بها طائر يلتقطها إلى يوم القيامة، وأخبرنى عن أربعة مياه مختلفة عنصرها واحد، وأخبرنى عن شئ خلقه الله تعالى وسأل عنه، وشئ خلقه واشتراه، وشئ خلقه واستعظمه، وعن شئ خلقه واستنكره، وأخبرنى عن خمسة أغصان ثلاثة منها فى (164) الظلّ واثنان فى الشمس، وأخبرنى عن شئ لم تطلع الشمس عليه إلّى (1) مرّة واحدة ولا تعود تطلع عليه، وأخبرنى عن شئ تنفّس وما له روح، وعن قبر مشى بصاحبه، وعن خمسة خرجوا من الجنّة، وعن شئ أوحى الله إليه لا هو من الإنس ولا هو من الجنّ، وعن شئ أقصى (2) من الحجر وأضعف من الهشيم، وأخبرنى ما الطمّ، وما الرمّ، وما النقير، وما الفتيل، وما القطير، وأخبرنى أين يكون مستقرّ الليل إذا أقبل النهار، وأين يكون مستقرّ النهار
(1) إلى: إلا
(2)
أقصى: أقسى
إذا أقبل الليل، وأخبرنى عن خمسة فيهن روح ولم يركضوا فى رحم، وعن شئ عرج إلى السماء ولم ينزل منها، وعن شئ نزل من السماء ولم يعرج إليها، وعن شئ مات وما بلى، وشئ بلى وما مات، وأخبرنى عن شئ خلق من الماء، وشئ حفظ فى الماء، وشئ هلك من الماء، وعن شئ خلق من الريح، وشئ حفظ فى الريح، وشئ هلك من الريح، وعن شئ خلق من الحجر، وشئ حفظ فى الحجر، وشئ هلك من الحجر، وعن شئ خلق من النار، وشئ حفظ فى النار، وشئ هلك فى النار، وعن شئ خلق من الخشب، وشئ حفظ فى الخشب، وشئ هلك فى الخشب، وأخبرنى عن ربّك ما سلطانه وما قدرته وما عظمته وأين مسكنه، وأخبرنى ما العاصفات، وما الجاريات، وما الحاملات، وما الفارقات، وما المدبرات؟
الجواب قال: فتبسّم الإمام عليه السلام وقال: الطشت الدائرة: فهو جبل قاف المحيط بالدنيا، والمائدة المنصوبة: الدنيا، والجواهر التى عليها كبار وصغار:
الخلائق، والطائر: ملك الموت فلا الخلائق تفنى ولا ملك الموت يشبع إلى يوم القيامة، والأربعة مياه التى من عنصر واحد وهى مختلفة: فماء الفم عذب، وماء الأذن (165) ستن وماء العين مالح، وماء الألف مرّ.
وأمّا الشئ الذى خلقه وسأل عنه فعصا موسى عليه السلام، قال الله تعالى:
{وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى»} (1)، والشئ الذى خلقه واشتراه فأنفس المؤمنين، قال الله تعالى:{إِنَّ اللهَ اِشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْاالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ»} (2)، والشئ الذى خلقه واستعظمه كيد مكر النساء لقوله تعالى:{إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ»} (3)
(1) القرآن الكريم 20/ 17
(2)
القرآن الكريم 9/ 111
(3)
القرآن الكريم 12/ 28
والشئ الذى خلقه واستنكره صوت الحمير لقوله تعالى: {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْااتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ»} (1)، والخمسة أغصان ثلاثة فى الظلّ واثنان فى الشمس: أوقات الصلوات الخمس، والشئ الذى لم تطلع عليه الشمس غير مرّة واحدة ثم لم تعود تطلع عليه مرضع انفراق البحر لموسى عليه السلام مع بنى إسرائيل، والشئ الذى تنفّس بلا روح: الصبح لقوله تعالى: {وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ»} (2)، والقبر الذى مشى بصاحبه حوت يونس عليه السلام لما أبلعه ومشى به فكان بمنزلة القبر له، والخمسة الذين خرجوا من الجنّة فآدم وحواء وإبليس والطاؤوس والحيّة، والذى أوحى إليه لا من الإنس ولا من الجنّ فالنحل لقوله تعالى:{وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ»} (3)، والشئ الذى أقسى من الحجر وأضعف من الهشيم فقلوب اليهود لقوله تعالى:{لكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ»} (4)، الآية، وأمّا الطمّ فالتراب، والرمّ فهو مجرى السيل، والنقير فهو فشر فى باطن التمرة، والفتيل شقّ النوى، والقطمير قمع التمرة.
وأمّا مستقرّ الليل إذا أقبل النهار ففى سمير والنهار إذا أقبل الليل ففى سامر، ولا الليل يعلم مستقرّ النهار ولا النهار يعلم مستقرّ الليل، والخمسة الذين لم يركضون فى رحم وفيهم الروح: فآدم وحواء وعصاة موسى، وكبش إسماعيل، وناقة صالح عليهم السلام، وأمّا الشئ الذى عرج إلى السماء ولم ينزل فإدريس عليه السلام، والذى نزل من السماء ولم يعرج إليها فإبليس.
وأمّا الشئ الذى مات وما بلى (166) فالأنبياء صلوات الله عليهم، وأمّا الشئ الذى خلق من الماء فهو الخلق، وأمّا الشئ الذى حفظ فى الماء فيونس عليه السلام، والذى هلك من الماء فقوم نوح عليه السلام.
(1) القرآن الكريم 31/ 29
(2)
القرآن الكريم 81/ 18
(3)
القرآن الكريم 16/ 68
(4)
القرآن الكريم 2/ 74
وأمّا الشئ الذى خلق من الريح فعيسى عليه السلام، والشى الذى حفظ فى الريح فسليمان عليه السلام، والذى هلك من الريح فقوم عاد، وأمّا الشئ الذى خلق من الحجر فناقة صالح عليه السلام، والشئ الذى حفظ فى الحجر فالنبى صلى الله عليه وسلم، والذى هلك من الحجر فأصحاب الفيل.
وأمّا الشئ الذى خلق من النار فإبليس والجانّ، والشئ الذى حفظ فى النار فإبراهيم عليه السلام، والذى هلك فى النار فقربان هابيل ابن آدم عليه السلام.
وأمّا الشئ الذى خلق من الخشب فعصاة موسى عليه السلام، والشئ الذى حفظ فى الخشب فنوح والذين آمنوا معه فى السفينة، والذى هلك فى الخشب فزكريّا عليه السلام.
وأمّا سلطان ربّى فهو الكبير الأعلى وقدرته الملكوت، وعظمته الجبروت، وأمّا العاصفات فهى الرياح الأربع، والجاريات فهى السفن، والحاملات فالسحب، والفارقات فهى الكتب الأربع: التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، والمدبّرات فهم الملائكة الأربع جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل، فجبرائيل أمين الله على وحيه، وميكائيل فهو موكّل بالسحب، وإسرافيل فهو موكّل بالنفخة فى الصور، وعزرائيل موكّل بأرواح الخلق.
قال، فقال الأسقف: صدقت يابن عمّ محمّد! فمن أعظم الملائكة خلقا؟ قال:
إسرافيل، قال: وما خلق إسرافيل؟ قال: هو ملك فى السماء السابعة تحت قائمة من قوائم العرش واللوح بين عينيه والقلم وراء شحمة أذنه وسعة ما بين منكبيه مسيرة خمس مائة عام ورأسه تحت العرش ورجلاه فى تخوم الأرضين السابعة (1) نصفه من نار
(1) السابعة: السبعة، تحريف