الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل فى حدث العالم وإثبات الصانع جلّ ذكره
(1)
قلت: العالم اسم واقع على الكون الكلّى فهو اسم لما سوى البارئ سبحانه من الجواهر والأعراض ونحوها، واختلفوا فى اشتقاقه (14) فقال أهل اللغة:
اشتقاقه من العلم فهو اسم للخلق من ابتدائهم إلى انتهائهم، وقال أهل النظر:
اشتقاقه من العلم لظهور آثار الصنعة فيه فهو دالّ على صانعه ومنه المعلم وهو الأمر يستدلّ به على الطريق.
واختلف المفسّرون فى معناه على أقوال:
أحدها: إنّهم الملائكة المقرّبون والكروبيّون وأجناسهم، قاله ابن كعب.
والثانى: إنّهم بنو آدم، قاله ابن معاذ النحوى.
والثالث: إنّهم الإنس والجانّ، قاله خالد بن يزيد.
والرابع: إنّه عبارة عن جميع المخلوقات وهذا الأصحّ، قاله ابن عبّاس ومجاهد وعامّة العلماء لقوله تعالى:{رَبُّ السَّماااتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما»} (2) إلى غير ذلك من الآيات.
واختلفوا فى مبلغهم على أقوال:
أحدها: إنّهم ثمانون ألف عالم، قاله مقاتل: أربعون ألفا فى البحر وأربعون ألفا فى البرّ، وحكاه عن عبيد بن معمر.
والثانى: أربعون ألف عالم، الدنيا من شرقها إلى غربها عالم واحد، وما العمارة فى الخراب إلاّ كفسطاط فى الصحراء، قاله وهب.
والثالث: إنّه ألف عالم ستمائة فى البحر وأربع مائة فى البر، قاله سعيد ابن المسيّب.
(1) مأخوذ من مرآة الزمان 3 ب،10
(2)
القرآن الكريم 19/ 65
والرابع: ثمانية عشر ألف عالم، قاله الحسن.
والخامس: إنّه لا يقدر أحدا يحصيهم سوى الله تعالى وهذا الأصحّ لقوله تعالى: {وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاّ هُوَ»} (1).
فأمّا ما عدا ذلك من أقوال المتفلسفين وأرباب علم النجوم فسيأتى من ذكر ذلك طرفا فى مكانه إن شاء الله تعالى.
وأمّا إثبات الصانع، (2) فقال أحمد بن حنبل:(3) حدّثنا أبو معاوية بإسناده إلى عمران بن الحصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لبنى تميم: يا بنى تميم اقبلوا البشرى! قالوا بشرتنا فأعطنا فتغير وجه وقال: يا أهل اليمن اقبلوا البشرى إذ لم تقبلها بنو تميم، فقالوا: يا رسول الله قد بشرتنا فأخبرنا (15) كيف كان أوّل هذا الأمر؟ فقال: كان الله ولم يكن شئ، أو قيل: قبل كلّ شئ، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السموات والأرض وكتب فى اللوح المحفوظ، أو فى الذكر كلّ شئ، انفرد بإخراجه مسلم.
فإذا ثبت هذا فنقول: (4) مذهب جملة المسلمين أنّ الله تعالى كان ولم يكن معه شئ وأنّه أحدث العالم على غير مثال، ومذهب الأوائل أنّ العالم قديم على الفلك لم يزل دائر بشمسه وقمره وذلك محال، وقال أصحاب الرصديّات: الأفلاك والنجوم تدبّر أمر العالم، ونحن نرى أثر العجز عليها ظاهرا، أمّا النجوم فبالخسوف والكسوف والانتقال، وأمّا الأفلاك فبالدوران، وهذا آية القهر فالصانع قاهر وصانع العالم واحد.
(1) القرآن الكريم 74/ 31
(2)
ماخوذ من مرآة الزمان 3 ب، -11
(3)
مسند أحمد بن حنبل 4/ 431
(4)
مأخوذ من مرآة الزمان 3 ب، -6