الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وفى أيّامها عملت الطلسمات بمصر، قلت: سنذكر من هذا فصولا جيّدة تدلّ على لتقصّى وجودة الاستخراج من تواريخ قبطيّة عتيقة وقعنا عليها ووفّقنا الله تعالى لما أثبتناه فى هذا التأريخ من عجائبها وحكمها وكهنتها وسحرتها وعمارة أهرامها وبرابيها مع معظّم آثار الديار المصريّة ومدنها القديمة بالواحات ومن بناها من ملوك مصر القديمة مفصّلا مبرهنا، (173) وذلك كلّه يكون بمعونة الله فى الجزء الثانى منه إن شاء الله تعالى.
قال ابن الجوزى أيضا: وأمّا المقابيس التى بنيت بالديار المصريّة فى الإسلام فأوّل من بنى مقياسا بها عبد العزيز بن مروان لمّا كان بمصر بناه بناحية حلوان، قال: وهذا المقياس بناه المأمون، وقيل إنّما بناه أسامة بن زيد التنّوخى ودثر فجدّده المأمون، وكان أسامة بناه فى أيّام سليمان بن عبد الملك، قال: وبنا أحمد ابن طولون مقياسا بالجيزة والآخر بقوص، قال: وهو إلى الآن.
قلت: أمّا هذا المقياس القائم الآن يقاس فيه الماء بالجزيرة المعروفة بالروضة فعنى بعمارته المتوكّل جعفر بن الواثق، وكان المتولّى أمر بنائه الفرغانى لما نذكر من ذلك، وهذا هو المعروف عند المؤرّخين والمتّفق عليه وما عدا ذاك فلم يكن له يومئذ أثر والله أعلم.
ذكر الفرات ومبدأها ومنتهاها
(1)
قال علماء اللغة: الفرات أصلها من الفرت وهو الشقّ، قال الجوهرى:(2)
والفرات اسم نهر بالكوفة والفرات الماء العذب، قال الله تعالى:{ماءً فُراتاً»} (3).
واختلفوا فى مخرجها على قولين: أحدهما: أنّها من جبل ببلد الروم يقال له
(1) مأخوذ من مرآة الزمان 31 آ،8
(2)
الصحاح 1/ 259 ب؛1/ 260 آ
(3)
القرآن الكريم 77/ 27
أفرد حس بينه وبين قاليقا (1) سيرة يوم، والثانى: أنّها تخرج من أطراف أرمينية ثم تجرى إلى بلاد الروم ويجتمع إليها أعين كثيرة ويصبّ إليها خليج من بحيرة المارزبون وليس ببلاد الروم بحيرة أكبر منها دورها أكثر من شهر، ثم تمرّ الفرات بأرض ملطية على مسيرة ميلين منها، ثم تمرّ على شميصات (2) وتجوز من تحت قلعة الروم والبيرة وجسر منبج وبالس وقلعة جعبر والرقّة والرحبة وقرقيسيا وعانة والحديثة وهيت والأنبار، ومن تحت الأنبار يأخذ منها نهر عيسى ونهر الملك فصبّان فى دجلة ثم تمرّ الفرات بالطوف (174)(3) ثم بالحلّة ثم بالكوفة وتنتهى إلى البطائح وتصبّ فى البحر الشرقى.
قالوا: ومقدار جريانها على وجه الأرض أربعمائة فرسخ وقد كانت تمرّ ببلاد الحيرة ونهرها بيّن إلى الآن ويعرف بالعتيق، وعنده كانت وقعة القادسيّة الآتى ذكرها، وكان البحر المعروف بالنجف فى ذلك العهد جاريا، وكان مرسى السفن من بلاد الهند والصين ذلك المكان تحمل فيه الأمتعة إلى ملوك الحيرة لمّا كانت عامرة لما نذكر من ذلك، ولمّا استحال الماء وانقطع عن الحيرة وعن مصبّه فى البحر صار ذلك البحر برّا وصار بين الحيرة والبحر مسافة، والنجف بالتحريك المكان الذى لا يعلوه الماء، قال الجوهرى:(4) وكذا النجفة بالتحريك مكان لا يعلوه الماء مستطيلا، ويقال إنّ اسم هذا المكان فى الأصل نج وكان أهل الحيرة يستقون منه الماء فأصبحت امرأة على العادة لتستقى فرأته يابسا فقالت نج جف ثم خفّفوه.
وقد روى فى فضل الفرات حديث، قال ابن الجوزى رحمه الله: حدّثنا جدّى رحمه الله بإسناده إلى الأعمش عن أبى وائل عن ابن مسعود عن النبىّ صلى الله عليه وسلم
(1) قاليقا: قاليقلا مرآة الزمان، تحريف
(2)
شميصات: سميساط
(3)
بالطوف: بالطفوف مرآة الزمان
(4)
الصحاح 4/ 1429 ب