المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وانصرف الطير والوحش يطلب البلدان الدفيّة، وأحرز الناس القوت لشتاءهم - كنز الدرر وجامع الغرر - جـ ١

[ابن الدواداري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المصنف

- ‌نستفتح الكلام بحديث ورد عن خير الأنام

- ‌فصل فى حدث العالم وإثبات الصانع جلّ ذكره

- ‌فصل [ولا يجوز أن يكون له ولد لوجوه

- ‌فصل [ولا يجوز عليه النوم لوجوه

- ‌فصل [فإن قيل فالملائكة لا تنام فقد شاركت البارئ فى هذه الحالة؛ فالجواب

- ‌فصل [والبارئ سبحانه ليس بجسم، وقالت الكرّاميّة

- ‌ذكر أوّل مقامة من مقامات ابن الجوزى يليق ذكرها هاهنا

- ‌فصلفى بداية المخلوقات

- ‌فصلفى حدّ الزمان والأيّام

- ‌فصلفى ذكر خلق السموات والآثار العلويّات

- ‌فصلالقول فى البروج

- ‌فصلفى قسمة الزمان الأربعة فصول وذكر الرياح الأربع

- ‌فصلفى ذكر الشمس والقمر والنجوم الثابتة والسيّارة وغيرها

- ‌رجع ما انقطع:

- ‌وأمّا القمر:

- ‌ذكر منازل القمر

- ‌ذكر النجوم والكواكب الثابتة وغيرها

- ‌فصلفى ذكر البيت المعمور

- ‌فصلفى ذكر سدرة المنتهى وشجرة طوبا

- ‌فصلفى ذكر العرش العظيم والكرسى الكريم

- ‌فصلفى ذكر الملائكة المقرّبين والروحانيّين والكروبيّين

- ‌فصلفى ذكر الجنّة وما لله على عباده فى خلقها من المنّة

- ‌ذكر خلق الأرضين وما فيها من المخلوقينومدّة التصوير والتكوين

- ‌فصلفى ذكر أشهر الأمم

- ‌فصلفى معرفة التأريخ وما قيل فيه

- ‌فصلفى ذكر أوّل المخلوقات

- ‌(83) ذكر البيت الحرام

- ‌ذكر مساحة الأرض ومقدار طولها والعرض

- ‌ذكر الأقاليم السبع وهى المعمور من الأرض

- ‌ذكر إقليم الهند: الأول

- ‌ذكر إقليم الحجاز: الثانى

- ‌ذكر إقليم الشام: الثالث

- ‌ذكر إقليم العراق: الرابع

- ‌ذكر إقليم الروم: الخامس

- ‌ذكر إقليم الترك: السادس

- ‌ذكر إقليم الصين: السابع

- ‌ذكر البلدان وما فيها من السكّان

- ‌فصلفى فضل دمشق وما جاء من الأخبار وتبعها من الآثار

- ‌(113) فصلفى ذكر الجبال والهضبات والرمال

- ‌رجع ما انقطعذكر تتمّة الجبال

- ‌ذكر الهضاب والتلال والتلاع والرمال

- ‌ذكر القلاع المشهورة

- ‌فصل فى ذكر البحار والجداول والأنهار

- ‌ذكر البحر الشرقى وعجائبه

- ‌ذكر لمعا من المعادن التى كالخزائن

- ‌ذكر البحر الرومى وعجائبه

- ‌ذكر مبادئ البحار

- ‌ذكر الجزائر وما فيها من العجائب والجواهر

- ‌ذكر الجزر والمدّ وما قيل فى ذلك

- ‌ذكر العيون والأنهار وما ورد فيها من الأخبار

- ‌ذكر ما ورد من الأثر من كلام علىّ عليه السلام

- ‌ذكر النيل وما ورد فيه من الأقوال

- ‌ذكر الفرات ومبدأها ومنتهاها

- ‌ذكر دجلة ومبتدأها ومنتهاها

- ‌ذكر سيحون وهو نهر الهند

- ‌ذكر جيحون وهو نهر بلخ

- ‌ذكر سيحان وجيحان وهما نهران أيضا

- ‌ذكر أنهار الشام

- ‌ذكر أنهار العراق

- ‌ذكر ما فى الدنيا من العجائب وفنون الغرائبذكر عجائب المشرق

- ‌ذكر عجائب العراق

- ‌وأمّا عجائب بلاد الموصل

- ‌وأمّا عجائب بلاد اليمن

- ‌وأمّا عجائب الشآم ومصر والمغرب

- ‌رجع ما انقطع

- ‌ذكر عجائب المغرب

- ‌ذكر الطبائع

- ‌ذكر سكّان الأرض من أوّل زمان

- ‌ذكر من ملكها وقطع سبلها وسلكها

- ‌ذكر الحنّ والبنّ والطمّ والرمّ

- ‌ذكر إبليس والزهرة وهاروت وماروتمن تأريخ جدع بن سنان

- ‌(216) رجع ما انقطع

- ‌ذكر إبليس وأولاد وجنوده وحشوده

- ‌(221) ذكر أولاده الخمسة

- ‌ذكر الجن رواية ابن الجوزى

- ‌ذكر الجنّ وعدّة قبائلهم وأصنافهم

- ‌ذكر الأمم المخلوقة من رواية المسعودى

- ‌ذكر الأمم المخلوقة بإزاء منازل القمر

- ‌ومن عجائب الدنيا

- ‌(238) ذكر النار أجارنا الله من عذابها

- ‌ذكر من تحت الأرض من السكانوهل ذلك خلا أم ملا حسب الإمكان

- ‌المقامة الرابعة والأربعون لابن الجوزى رحمه الله

- ‌تفسير الغريب من هذه المقامة

- ‌ذكر المنظوم والمنثور فى الأثمار والزهور

- ‌المحاضرة الأولة: وهى الربيعية

- ‌رجع الكلام إلى التّنين المسمّى بظنين

- ‌(257) النرجس

- ‌البنفسج

- ‌الآس

- ‌الريحان

- ‌البان

- ‌الأقحوان

- ‌السوسن

- ‌الياسمين

- ‌(264) الشقيق

- ‌النيلوفر

- ‌النسرين

- ‌الثامر

- ‌الجلّنار

- ‌(268) المنثور

- ‌(269) رجع الكلام إلى التنين المسمى ظنين

- ‌التفاح

- ‌السفرجل

- ‌الكمثرى

- ‌(273) المشمش

- ‌الخوخ الزهرى

- ‌الرمان

- ‌الكروم والأعناب

- ‌(276) العنب الأبيض

- ‌العنب الأسود

- ‌(277) التين

- ‌النخيل وأثمارها

- ‌ولنعود لذكر النخيل

- ‌البسر الأحمر

- ‌اللوز الأخضر

- ‌الجوز الأخضر

- ‌النبق

- ‌الفستق

- ‌الموز

- ‌العنّاب

- ‌القسطل

- ‌الأترجّ

- ‌النارنج

- ‌الباذنجان

- ‌القثّاء

- ‌الخيار

- ‌البطيخ الأصفر

- ‌البطيخ الأخضر

- ‌الفول الأخضر

- ‌الكتّان

- ‌فصل الربيع

- ‌فصل الصيف

- ‌فصل الخريف

- ‌فصل الشتاء

- ‌رجع الكلام إلى التنّين المسمّى ظنين

- ‌المحاضرة الثانية: الأوائليةوما لخص منها فى هذا التأريخ

- ‌(333) ذكر أشراف الكتّاب من أوّل زمان

- ‌ذكر كتّاب الإسلام

- ‌ذكر من كتب بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر الكتّاب الذين صاروا خلفاء

- ‌ذكر سائر أشراف الكتّابمن الصدر الأوّل فى الإسلام

- ‌ذكر الأعرقين من كل طبقةوالمتنافسين فى أحوال مختلفة

- ‌مصادر التحقيق

- ‌تصويبات ومستدركات

الفصل: وانصرف الطير والوحش يطلب البلدان الدفيّة، وأحرز الناس القوت لشتاءهم

وانصرف الطير والوحش يطلب البلدان الدفيّة، وأحرز الناس القوت لشتاءهم ودخلوا تحت السقوف واتّخذوا الجلود والجباب لأجل البرد، وتغير الهواء وأضرّ، وصارت الدنيا كأنّها كهلة مدبرة الشّباب قد تولّى عنها أيّام البشاشة وتولّتها ليال الكهولة.

ولم أجد فى هذا الفصل من ذكر شئ من محاسنه إلاّ أن يكون فى ذكر ثماره الكائنة فى زمانه كالبلح والخوخ والرمّان والموز وما أشبه ذلك، وقد تقدّم القول فيه، ولم تزل الدنيا ذلك دأبها ودأب أهلها إلى أن تنزل الشمس أوّل الجدى.

‌فصل الشتاء

يتناهى طول الليل وقصر النهار، ثم يأخذ النهار فى الزيادة، ونصرف الخريف ودخل الشتاء، واشتدّ البرد وخشن الهواء وتساقط ورق الأشجار ومات أكثر الحيوان وانجحر أكثره فى باطن الأرض وكهوف الجبال من شدّة البرد، وتناشت الغيوم وأظلم الجوّ وأكلح وجه الأرض وهزلت البهائم وضعفت قوى الأبدان ومنع الناس البرد من التصرّف وتمرمر عيش أكثر الحيوان وصارت الدنيا كأنّها عجوز هرمة قد دنا منها الموت وقرب الأجل، وأمّا ما يتّصل (293) بذلك من ذكر الأمطار والثلوج والروق وقوّة البرد وما يتعلّق به، فمن أحسن ما قيل فى ذلك لابن المعتزّ (من المنسرح):(1)

يوم من الزمهرير مقرور

عليه جيب السحاب بزرور

كأنّما حشو أفقه إبر

والأرض من تحته قوارير

وشمسه حرّة مخدّرة

ليس لها من ضياء نور

(1) محاضرات الأدباء 4/ 551 (منسوب إلى وهب الهمدانى)

ص: 340

وقوله (من السريع): (1)

قد منع الماء من اللمس

وأمكن الجمر من المسّ

فليس فلقى غير ذى رعدة

ومسلم يسجد للشمس

وللحاتمى (من الكامل): (2)

يوم خلعت به عذارى

فعريت من حلل الوقار

وضحكت فيه إلى الصبا

والشيب يضحك فى عذارى

وسماؤه تخبو الثرى

من درّ مكنون النجار

تبكى فيجمد دمعها

والبرق يكحلها بنار

وقوله (من الرجز):

كأنّما سماؤه تأكله

تبكى بدمع ما جرى حتّى انعقد

تبعته ريح الصبا فيبتدى

فى جوّه روحا فى الأرض جسد

ولكشاجم (من البسيط): (3)

أما ترى الثلج قد خاطت أنامله

ثوبا تزرّ (4) على الدنيا بأزرار

نار ولكنّها ليست بمبدية

نور وماء ولكن ليس بالجار

والراح قد عوزتنا فى صبيحتنا

<بيعا> ولو وزن دينار بدينار

فجد بما شئت من راح تكون لنا

نارا فإنّا بلا راح ولا نار

آخر (من الكامل):

انظر إلى فرح وتحت سماءه

ثلج يذوب على البسيط فيجمد

فكأنّه ندّاف قطن قد غدا

بالقوس يندفه إلى من يبرد

(1) ديوان ابن المعتز 3/ 306،2، رقم 181

(2)

من غاب 65 (منسوب إلى السرى الرفاء)؛ ديوان السرى الرفاء 135، -4

(3)

ديوان كشاجم 230،6، رقم 210،2 - 5

(4)

تزر: يزر الديوان

ص: 341

وللشريف (من المتقارب): (1)

تأمّل سحابا غدا جمده

يقبّل أرضا بدت كالعروس

ولم أرا (3)

من قبلة لاثما

بثغر يفارقه ادسوس

(294)

وقوله (من الطويل):

يحلّ لنا ترك الصلاة بأرضكم

وشرب الحميّا وهو شئ محرّم

فإن كنت ربّى مدخلى فى جهنّم

ففى مثل هذا اليوم طابت جهنّم

ومن هاهنا أخذ المجد المرياطى (من المحتثّ):

فى مثل هذا اليوم يا

سيدى تطيب جهنّم

وفيه يا ألف مولا

ى يستحلّ المحرّم

فجد بخمر وجمرا

ولا بعشرين درهم

وإن توانيت عنّى

فالروح منّى تعدم

فابعث براحك روحى

فليس والله تندم

فإنّنى كلّما طب

ت قلت درّا منظّم

ولست أمدح إلاّ

من فى نداه الغمّ

ومن الملح ذكر النار والاصطلاء بها من قوّة البرد لابن المعتزّ (من المنسرح): (2)

كأنّما النار فى تشظّيها

والفحم من فوقها يغطّيها

زنجيّة شبّكت أناملها

من فوق نارنجة لتخفيها

(1) طراز المجالس 130 (منسوب إلى ابن سارة)

(2)

مطالع البدرر 2/ 20 (دون نسبة)؛ سرور النفس 369،1 (منسوب إلى ابن المعتز)

(3)

ارا: أر||ادسوس: كذا

ص: 342

وقوله (من المنسرح):

اشرب على النار فى الكوانين

قد انقضت دولة الرياحين

كأنّما النار والرماد به

جمر عقيق فى أرض نسرين

ولابن وكيع (من الخفيف): (1)

فحم قدم الغلام فأدنى

فى كوانينه حياة النفوس

كان كالابنوس غير محلاّ

فغدا وهو مذهب الآبنوس

لقّى النار فى ثياب حداد

فكسته مصبّغات عروس

ومن أحسن ما يحاضر به فى وصف السحاب والمطر والرعد والبرق لابن المعتزّ (من الرجز): (2)

(295)

باكية يضحك منها برقها

كمثل طرف العين أو بوق يحب

جاءت بها ريح الصبا حتى بدا

منها إلى العين كأمثال الشهب

تحسبه طورا إذا ما انصدعت

أحشاؤها عنه شجاعا يضطرب

وتارة تحسبه كأنّه

أبلق مال جلّه حين وثب

وقوله (من الطويل): (3)

كأنّ (4)

السحاب لجون دون سمائه

خليع من الفتيان يسحب مئزرا

إذا لحقته خيفة (5)

من رعوده

تذكّر فاستلّ الحسام المذكّرا

(1) ديوان ابن وكيع 80، رقم 41

(2)

ديوان ابن المعتز 1/ 41،1، رقم 10

(3)

ديوان ابن المعتز 1/ 108، -2، رقم 30

(4)

كأن-سمائه: كأن الرباب الجون دون سحابه الديوان

(5)

خيفة-تذكر: روعة من ورائه تلفت الديوان

ص: 343

وقوله (من الطويل): (1)

أرقت لبرق آخر الليل يلمع

يهبّ به طورا وتعبا فيهجم

سرا كاقتداء الطير والليل نازع

حشاشته والصبح قد كاد يطلع

وقول دعبل (من الطويل): (2)

أرقت لبرق آخر الليل منصب

خفى كبطن الحيّة المتقلّب

وقوله (من البسيط): (3)

ما زلت أكلوّ برقا فى جوانبه

كطرفة العين يخبو ثم يختطف

برق يجانس (4)

طبقا زار فى سحر

يقضى اللبانة من قلبى وينصرف

ومن محاسن هذا الباب قول أحمد الشيرازى (من المنسرح):

كأنّما كلّ قطرة وقعت

منها لآل بدت من الصدف

لو أنّ ماذاب منه يجمد لم

يصلح لغير العقود والسنف

فيها من الرعد كالذباذب والص

نج إذا ما ضربن فى شرف

وأشعل البرق فى جوانبها

مثل السيوف انتصبن من غلف

قد جمعت حالتين فى طلق

صوت عدول ودمغ ذى شغف

(1) التشبيهات:60،5 (دون نسبة)؛ البيان 2/ 328،7 (دون نسبة)؛ الزهرة 1/ 230،16 (دون نسبة)؛ ديوان حميد بن ثور 107 (3 فقط)؛ سمط اللآلئ 444

(2)

ديوان دعبل 1/ 65، -5، رقم 34

(3)

ديوان دعبل 1/ 150،2، رقم 147

(4)

يجانس-سحر: تجاسر من خفان لا معه الديوان

ص: 344

ولأبى العبّاس (من الطويل): (1)

خليلىّ هل للمزن مقلة عاشق

أم النار فى أحشائها وهى لا تدرى

أشارت إلى أرض العراق فأصبحت

وكاللؤلؤ المنثور أدمعها تجرى

سحاب حكت ثكلى أصيبت بواحد

فعاجت له نحو الرياض على قبر

(296)

تسربل وشيا من خزوز تطرزّت

مطارفها طراز من البرق كالتبر

فوشى بلا رقم ونقش بلايد

ودمع بلا عين وضحك بلا ثغر

ولابن الخيّاط (من الكامل): (2)

راحت تذكّر بالنسيم الراحا

وطفاء تكسر للجنوح جناحا

أخفى مسالكها الظلام فأرقدت

من برقها كى تهتدى مصباحا

وكأنّ صوت الرعد خلف سحابه

حاد اذا ونت الركاب (3) صباحا

ولأبى جعفر (من الرمل):

عارض أقبل فى جنح الدجى

يتهادى كتهادى ذى الوجا

بددت ريح الصبا لؤلؤه

فانبرى يوقد عنه سرجا

(1) حلبة 329 (منسوب إلى الزاهى وابن رشيق)؛ ديوان ابن رشيق رقم 71؛ زهر الأداب 195، -5 (منسوب إلى أبى العباس الناشئ Fruhe Muctazilitische Haresiographie 951،01 ؛(غرائب التنبيهات 52،1 (منسوب إلى الناشئ الأصغر)؛ يتيمة الدهر 1/ 247 (منسوب إلى أبى العباس النامى)

(2)

نهاية الأرب 1/ 82،8 (منسوب إلى ابن الخياط)؛ ناقص فى الديوان

(3)

الركاب: السحائب نهاية الأرب

ص: 345

ولكشاجم يصف الثلج (من الكامل): (1)

الثلج يسقط أم لجين يسبك

أم ذا حصى كافور (3) ظلّ يفرك

راحت له الأرض الفضاء كأنّها

من كلّ ناحية بثغر تضحك

شابت (4)

مفارقها فأظهر شيبها

طربا وعهدى بالمشيب ينسّك

وقال يستدعى ويذكر الثلج (من الخفيف): (2)

قد (5)

نظمنا السرور فى سمط أنس

وجعلنا الزمان للهو سلكا

ونزلنا (6)

الدنان فى يوم ثلج

عزل الغىّ (7) فيه رشدا ونسكا

فكأنّ السماء (8)

تنخل كافو

را علينا ونحن نعبق مسكا

ولابن طباطبا (من الكامل):

لو كنت شاهدنا عشيّة أنسنا

والمزن تبكينا بعينى مذنب

والشمس قد مدّت أديم شعاعها

فى الأرض راحلة لذيل المغرب

خلت الرذاذ برادة من فضّة

قد غربلت من فوق نطع مذهب

وللشريف (من المتقارب):

كأنّ السحاب أمام الدجى

جمال غدت روعة تجفل

يصيح من الرعد حاديها

وفى يده قبس يشعل

النظّام (من المتقارب):

كأنّ السحاب إذا أقبلت

نعام مشرّدة أو نعم

تجود بما عندها كالكريم

يبغّض لا وتوالى نعم

(1) ديوان كشاجم 378، رقم 369،1 - 3

(2)

من غاب 48 (منسوب إلى أبى الفتج البستى)؛ ديوان البستى 358، رقم 88

(3)

كافور: الكافور الديوان

(4)

شابت-شيبها: شابت دوائبها فبين ضحكها الديوان

(5)

قد-أنس: كم نظمنا عقود أنس وقصف من غاب

(6)

ونزلنا: وفتقنا من غاب

(7)

الغى: الكأس من غاب

(8)

السماء: الزمان من غاب

ص: 346

والسابق إلى تشبيهها بالنعام ربيعة بن مقروم الضبّى قوله (من المتقارب):

كأنّ السحاب دوين السماء

نعام تعلّق بالأرجل

(1)

ولابن المعتزّ (من الكامل): (2)

لله طيب صباح يوم

غيّبت عنه الشوامت

وتفاوحت أنفاسه

من طيب أرواح المنابت

حثّ السقاة مدامه

والزير يطرب كلّ صامت

يوم كأنّ سماءه

حجبت بأجنحة الفواخت

وكأنّ قطر سحابه

درّ على الأغصان نابت

وقوله (من السريع):

باكية فوق رصيع الثرا

كأنّها أجفان مهجور

تحسبها حين استوت فوقه

لا بسة دواح سمّور

جبابها منتظم حامل

كأنّه أسحاف كافور

(1) ناقص فى شعر ربيعة؛ قوائد الشعر 42؛ الأغانى 19/ 156 (منسوب إلى زهير ابن عروة المازنى)؛ الكامل 3/ 92،4 (منسوب إلى المازنى)؛ شعر عبد الرحمن بن حسان الأنصارى 34 - 2، رقم 36،3؛ التشبيهات 162، -1؛ زهر الآداب 196،8 (منسوب إلى حسان بن ثابت)؛ إرشاد الأريب 6/ 165،10 (منسوب إلى عبد الرحمن ابن حسان)؛ سمط اللآلئ 441؛ الأزمنة 2/ 247،2 (منسوب إلى بعض بنى مازن)؛ النقائض 159،7 و 935،9 (دون نسبة)؛ لسان العرب 1/ 387، -1 (منسوب إلى عبد الرحمن بن حسان وإلى عروة بن جلهمة)؛ الأنواء 172 (دون نسبة)؛ نظام الغريب 191

(2)

ديوان ابن المعتز 2/ 62 - 2، رقم 640

ص: 347

وللزاهى (من المتقارب): (1)

أعنّى (4)

على بارق ناصب

خفىّ كلمعك بالحاجب

كأنّ (5)

تقلّبه فى السماء

يدا حاسب أو يدا كاتب

وممّا يلتحق بهذا الباب من بدائع التشبيهات الملاح فى وصف الليل والصباح لابن المعتزّ (من الطويل):

ولاحت تباشير الصباح كأنّها

تفاريق شيب فى عذار ومفرق

كأنّ بقايا الليل والصبح طالع

بقيّة كحل بين أجفان أزرق

البحترى (من الكامل): (2)

ولقد شربت (6)

مع الكواكب راكبا

أعجازها بعزيمة كالكوكب

حتى تجلاّ الصبح من جنباته

كالماء يلمع من خلال (7) الطحلب

والغيش (8)

ينصل من دجاه كما انجلا

صبغ المشيب (9) عن القذال الأشيب

الأمير تميم (من الطويل): (3)

ألا سقّنيها (10)

قوّة ذهبيّة

فقد ألبس الآفاق جنح الدجى دعج

كأنّ الثريّا والظلام يحفّها (11)

فصوص لجين قد أحاط بها سبج

كأنّ (12)

طلوع الصبح تحت ظلامه

وقد جن زنجىّ تبسّم عن فلج

(1) نهاية الأرب 1/ 92،8 (دون نسبة)؛ زهر الآداب 837،8؛ سمط اللآلئ 444؛ الأشباه 2/ 127 - 4

(2)

ديوان البحترى 80،1، رقم 28،15،18،17

(3)

ديوان تميم بن المعتز 89،10

(4)

أعنى-كلمعك: أرقت لبرق عدا موهنا خفى كغمزك نهاية الأرب

(5)

كأن-كاتب: كأن تألقه فى السماء يدا كاتب أو يدا حاسب نهاية الأرب

(6)

شربت: أبيت الديوان

(7)

من خلال: من وراء الديوان

(8)

الغبش ينصل: والعيس تنصل الديوان

(9)

المشيب: الشباب الديوان

(10)

سقنيها: سقيانى الديوان

(11)

يحفها: يحثها الديوان

(12)

كأن-زنجى: كأن نجوم الليل تحت سواده إذا جنى زنجى الديوان

ص: 348

ومن أحلى ما سمعته لشرف الدين الديباجى (من الوافر):

أتا بالكأس نحوى ذو دلال

شغفت به من الحبش الملاح

فملت إليه فابتسم ابتساما

فقلت الليل يبسم عن صباح

(298)

ولابن وزير الجزيرة (من الكامل):

اشرب وطب قد شقّ صدر الغيهب

بأيدى الصباح بصارم متلهّب

واعجب لراكب أدهم قد راعه

لمّا تبدّا راكب للأشهب

فكأنّه صبغ الشّباب وقد غدا

يرتاع من صبغ العذار الأشيب

ومن المحفوظ (من الكامل):

ضحك المشيب بلمّتى

مثل الصباح إذا سفر

فكتمته والضحك ليس

يليق فى زمن الكبر

ومن محاسن ما يحاضر به فى ذهبيّة الشروق والمسكيّة والورديّة: قول الركن (من الوافر):

بدا قرن الغزالة والنواحى

موردة مسكيّة الغوالى

فقلت دم البطاح مع الدياجى

وذاك المسك بعض دم الغزال

قلت: وكنت فى سفر وقد أسفر علينا الصبح، وعطر نسيم السحر، فأهدا إلينا نشر العنبر، فقلت ونحن فى ذلك السرا، وفى الأجفان لذّة سنة الكرا (من البسيط):

وهبّ عند الصباح عرف

أهدا سرورا لكلّ سارّ

ما طاب هذا النسيم إلاّ

والجوّ من عنبر ونار

ص: 349

وما أحسن ما قال ابن المعتزّ (من البسيط): (1)

ساروا وقد خضعت شمس الأصيل لهم

حتّى (5) تعلّق <فى> ذيل الدّجى الشفق

يقول من قد رآه وهو ملتهب

إن دام هذا فإنّ الجوّ يحترق

ومن محاسن تشبيهاته فيما يتعلّق بذكر الصباح والنجوم والليل (من الوافر): (2)

(299)

كأنّ سماءنا لمّا تجلّت

خلال نجومها عند الصباح

رياض بنفسج خضل نداه

تفتّح بينه نور الأقاح

(6)

وقول ابن الزقّاق الذى يهزّ الأعطاف الرقاق (من الوافر): (3)

أديرها (7)

على الروض المندّا

وحكم الصبح فى الظلماء ماض

وكأس الراح ينظر من حباب

ينوب لنا عن الحدق المراض

وما غربت نجوم الأفق لكن

نقلن من السماء إلى الرّياض

وقوله (من المنسرح): (4)

وأغيد طاف بالكؤوس ضحا

وحثّها والصباح قد وضحا

والروض أهدى (8)

لنا شقائقه

وآسه العنبرىّ قد نفحا

قلنا فأين الأقاح قال لنا

أودعته ثغر من سقا القدحا

فظلّ ساق (9)

المدام ينكر ما

قال فلمّا تبسّم افتضحا

(1) ديوان ابن المعتز 1/ 142 - 2، رقم 42

(2)

ديوان ابن المعتز 2/ 534،7، رقم 991

(3)

ديوان ابن الزقاق 197،2، رقم 61؛ نهاية الأرب 11/ 270،8 (منسوب إلى على بن عطية البلنسى)

(4)

ديوان ابن الزقاق 124،4، رقم 19

(5)

حتى-الشفق: حتى توقد فى ثوب الدجى الشفق الديوان

(6)

نور الأقاح: ورد الأقاحى الديوان

(7)

أديرها (كذا): أديراها الديوان

(8)

أهدى: يبدى الديوان

(9)

ساق: ساقى ||ينكر يجحد الديوان

ص: 350

قلت: هذا من علوّ الطبقة فوق أن ينبّه عليه، واتّفق أن حضر هذا ابن الزقّاق فى غزوة مع الأمير أبى زكريا يحيى بن عاينة فعمل الأمير بسيفه العجائب وعاد من المجال والدم يقطر من حافتى سيفه فارتجل ابن الزقّاق وقال:

والسيف دامى المضربين كجدول

فى حفّتيه شقائق النعمان

قال: فطرب كلّ من حضر من أولى الفهم ورمى إليه الأمير بالسيف وقال:

لا تخرج هذا من يدك حتى تعرضه على من يعرف قيمته فإنّك ربّ قلم.

ومن محاسن هذا الشاعر قوله (من الكامل): (1)

وتنهدت (4)

وقد استحرّ تنهدى

فوشا بذاك الندّ هذا المجمر

ومن أحسن ما يحاضر به فى تزيّن السماء بالكواكب وانطباعها فى المياه قول ابن طباطبا (من الكامل): (2)

(300)

كم ليلة ساهرت أنجمها على

عرصات أرض ماؤها كسمائها

قد سيّرت فيها النجوم كأنّما

فلك السماء يدور فى أرجائها

أحسن بها لججا إذا جاء الدجى

كانت نجوم الليل من حصبائها

تصفو وترسب فى اصطفاق مياهها

لا مستغاث لها سوى إيمائها

والبدر يخفق وسطها فكأنّه

قلب لها قد زيغ فى أحشائها

وللبحترى (من البسيط): (3)

إذا النجوم تراءت فى جوانبها

حسبت (5) أنّ سماء ركّبت فيها

(1) ديوان ابن الزقاق 162،5، رقم 42؛2

(2)

حلبة 339، -7؛ نهاية الأرب 1/ 286،7؛ مطالع البدور 1/ 36، 11؛ مختار شعر بشار 321 (دون نسبة)

(3)

ديوان البحترى 4/ 418،4، رقم 915،21

(4)

وتنهدت: وتنفست الديوان ||تنهدى: تنفسى الديوان

(5)

حسبت-سماء: ليلا حسبت سماء الديوان

ص: 351

وهو القائل (من المنسرح): (1)

قم سقّنيها والظّلام منهزم

والصبح باد كأنّه علم

والطير قد طربت فأفضحت ال

ألحان وجدا لكنّها عجم

وميّلت رأسها الثريّا لإس

رار إلى الغرب وهى تحتشم

فى الشرق كأس وفى مغاربها

قرط وفى أوسط السماء قدم

وممّا يلتحق بهذا الباب من رقائق الأشعار فى ذكر الأنهار الكبار: للنيل، لسيدوك الواسطى (من البسيط):(2)

قم فانتصف من صروف الدهر والنوب

واجمع بكأسك شمل الأنس والطرب

أما ترى الليل قد ولّت عساكره

مهزومة وجيوش الصبح فى الطّلب

والبدر فى الأفق الغربىّ تحسبه

قد مدّ جسرا على الشطين من ذهب

ومن ملح الصقلّى فيه (من الوافر): (3)

شربنا من غروب الشمس شمسا

مشعشعة إلى وقت الطلوع

وضوء الشمع فوق النيل باد

كأطراف الأسنّة فى الدروع

(1) سرور النفس 62،7 (منسوب إلى ابن المعتز)؛ ديوان ابن المعتز 3/ 367، رقم 304؛ ديوان الصنوبرى، تكملة الديوان، رقم 111؛ قطب السرور 685 (منسوب إلى ابن المعتز)؛ معاهد التنصيص 1/ 139 (منسوب إلى الصنوبرى)

(2)

حلبة 339،6 (منسوب إلى سيدوك الواسطى)؛ غرائب التنبيهات 27، -3 (منسوب إلى تمار الواسطى)؛ نوادر المخطوطات 1/ 23،11 (منسوب إلى ابن تمار الواسطى)؛ معجم البلدان، مادة دجلة (منسوب إلى ابن تمار الواسطى)

(3)

غرائب التنبيهات 33،6 (منسوب إلى أبى الحسن الصقلى)؛ نوادر المخطوطات 1/ 22،7 (منسوب إلى أبى الحسن على بن أبى البشر الكاتب)؛ معجم البلدان، مادة نيل (منسوب إلى أبى الحسن الكاتب)

ص: 352

أبو الصلت (من المنسرح): (1)

(301)

كأنّما النيل والشموع به

أفق سماء تألّقت شهبا

قد كان من فضّة فصيّره (5)

توقّد الماء فوقه ذهبا

ومن البديع لابن وكيع (من الكامل): (2)

يوم لنا بالنيل مختصر

ولكلّ يوم مسرّة قصر

والسفن تصعد كالخيول بنا

فيه وجيش الماء منحدر

فكأنّما أمواجه عكر

وكأنّما داراته صرر

(6)

ولغيره (من الكامل): (3)

نهر إذا <ما> عب فيه ناهل

فكأنّه من ريق حبّ ينهل

متسلسل فى لونه فكأنّه

دمع بخدّى ثاكل يتسلسل

وإذا الرياح جربن فوق متونه

فكأنّه درع جلاه صيقل

ولابن المعتزّ (من الوافر): (4)

كأنّ النيل حين جرى بمصر (7)

وساح بها وكسّرت التراع

وفاض (8)

على الرّبا من كلّ فجّ

سمادات كواكبها ضياع

(1) ديوان الحكيم أبى الصلط 55،7؛ غرائب التنبيهات 33، -4 (منسوب إلى أبى الصلط)

(2)

ديوان تميم بن المعز 241، -3؛ غرائب التنبيهات 61،4 (منسوب إلى تميم بن المعز)؛ نهاية الأرب 1/ 281،7 (منسوب إلى تميم بن المعز)؛ خطط المقريزى 1/ 271؛ معجم البلدان، مادة نيل

(3)

يتيمة الدهر (منسوب إلى القاضى التنوخى)؛ نهاية الأرب 1/ 284،9 (منسوب إلى القاضى التنوخى)

(4)

حلبة 305، -6 (منسوب إلى كشاجم)؛ ديوان كشاجم 328

(5)

فصيره-الماء: فصار سما وتحسب النار الديوان

(6)

صرر: سرر الديوان

(7)

بمصر-بها: تفصت به مصر الديوان

(8)

وفاض-سمادات: وأحدق بالقرى من كل وجه سماوات الديوان

ص: 353

وللبحترى (من المتقارب): (1)

شربنا على النيل لمّا بدا

بموج يزيد ولا ينقص

فشبّهت تكسير أمواجه

بأرداف جارية ترقص

ولابن الرومى وأجاد (من السريع):

أما ترى الوقت والآفة

والنيل فى غاية إسعافه

كأنّه الرقّ ونوتيّنا

يكتب واوات بمجدافه

ولابن المعتزّ بيت فيه (من الرجز):

كأنّنا الفلك على الأمواج

عقارب دبّت عن زجاج

الدجلة: للحاتمى (من الكامل): (2)

لم أنس دجلة والصبا متصوّب

والبدر فى أفق السماء معرّب

فكأنّه فى الأرض ثوب أزرق

وكأنّه فيها طراز مذهّب

(302)

وأنشدنى بعضهم (من السريع):

أقول للدجلة لمّا طغت

إذ زاد حسنا ماؤها الأزرق

أراك سلّمت الوزير الذى

فى راحتيه الجود لا يعبق

قالت لقد بالغت فى حتفه

وإنّما القرعة لا تغرق

(1) حلبة 306،5 (منسوب إلى تميم بن المعز)؛ ديوان تميم بن المعز 255، -2؛ ديوان الوأواء، رقم 323؛ غرائب التنبيهات 62،7 (منسوب إلى الوأواء)

(2)

نوادر المخطوطات 1/ 22، -5 (منسوب إلى القاضى التنوخى)؛ يتيمة الدهر؛ غرائب التنبيهات 27،4 (منسوب إلى القاضى التنوخى)؛ المصون 48، -4 (منسوب إلى أبى نضلة مهلهل بن يموت بن المزرع)؛ معجم البلدان، مادة دجلة

ص: 354

ولابن نحرير البغدادى (من الطويل): (1)

خليلىّ ما أحلا صبوحى بدجلة

وأطيب منها بالصراة غبوقى

على قمرى أفق وأرض تقابلا

فمن شائق حلو الهوى ومشوق

شربت على الماءين من ماء وكرمة (4)

فكانا كدرّ ذائب وعقيق

فما زلت أسقيه وأشرب ريقه

وما زال يسقينى ويشرب ريقى

فقلت لبدر التمّ تعرف ذا الفتى

فقال نعم هذا أخى وشقيقى

وقال ظافر الحدّاد وقد ركب دجلة مع عين الدولة وقد جعد الهواء وجه الماء (من الكامل): (2)

عشية أهدت لعينك منظرا

نظم السرور به لقلبك وافدا

وضا كمخضرّ العذار وجدولا

نقشت عليه يد الجنوب مباردا

النخل كالغيد إحسان تزيّنت

ولبسن من أثمارهن قلائدا

وملح ظافر وعجائبه وفوائده لا تكاد تحصى ومصداق ذلك قوله (من البسيط): (3)

كأنّما الليل يخشى الفجر يغرقه

فكلّما همّ ان ينشقّ يشعبه

أو النجوم عطاش وهو موردهم

فكلّما فاض نور منه يشربه

منها:

وما تغنّت حمامات العشاء لنا

إلاّ وجاء بها فى الصبح مطربه

(1) دمية القصر 1/ 340

(2)

ديوان ظافر الحداد 92،5؛ غرائب التنبيهات 114،2 (11 فقط)

(3)

ديوان ظافر الحداد 64، -1،9 - 10،13

(4)

ماء وكرمة: ماء كرمة دمية القصر

ص: 355

وله فى جزيرة مصر (من المتقارب):

كأنّ الجزيرة إذ أوقدت

وطرفى لها باهت وشاخص (1)

سماء مع الماء مخلوطة

كواكبها ذهب خالص

وللقاضى ابن قادوس فيها وأجاد (من الوافر):

ترى سرج الجزيرة حين تبدو

كأحداق تغازل فى المغازل

كأنّ مجرّة الجوزاء حطّت

فأثبتت المنازل فى المنازل

ومن أغرب ما سمعت له رحمه الله بيتان فى ذمّ بادهنج قليل الهواء (من الكامل): (2)

لك بادهنج كاللهيب له

نفس يهيّج لوعة الحرق

مات الهوى به فاجتمعنا

نبكى عليه بأدمع العرق

(303)

وأجاد ابن المعتزّ فى تشبيه غروب القمر على الماء (من الكامل): (3)

عاد الزمان إلى السرور فمرحبا

يا صاحباى فسقّيانى واشربا

من قهوة ما خامرت ذا لوعة

إلاّ تعرّض للحتوب تطرّبا

قام الغلام يديرها فى كأسها

فرأيت بدر التمّ يحل كوكبا

والبدر يجنح للغروب كأنّه

قد سلّ فوق الماء سيفا مذهبا

وما أحسن ما قال الشريف (من البسيط):

لله ليلتنا والبدر يضحك فى

وجه المدام كلا الغرين من حبب

والبدر ألقى عليه من أشعّته

فصاغ منهنّ أوراقا من الذّهب

(1) وشاخص: وكذا

(2)

مطالع البدور) Vgl،Journa of Arabic Literatur Vlll 7791 8 Nr ،2 ؛6 - ،46 /1 منسوب إلى أبى الفتح بن قادوس)

(3)

ديوان ابن المعتز 3/ 230، رقم 23؛ غرائب التنبيهات 28،7 (منسوب إلى منصور بن كيغلع)؛ نوادر المخطوطات 1/ 22،10

ص: 356

ولصاحب الأندلس (من الرمل):

طال عمر الليل عندى

مذ تولّعت بصدّى

يا غزالا نقض العه

د ولم يوف بوعدى

أنسيت العهد مذ بت

نا على مفرش ورد

واعتنقنا كوشاح

وانتظمنا نظم عقد

ونجوم الليل تحكى

ذهبا فى لا زورد

ولأبى هلال العسكرى (من البسيط): (1)

قم سقّنيها ولا تنقص ولا تزد

وعدّ عن ذكر أمس أو حديث غد

وانظر إلى البدر قد ألقى أشعّته

كأنّه فضّة سالت على البلد

ومن هاهنا أخذ ابن سناء الملك قوله (من البسيط): (2)

ليل الحمى بات بدرى فيك معتنقى

وبات بدرك ملقيّا على الطرق

ومن أحسن ما سمعته فى الغيم على الشمس للمجد المرياطى (من السريع):

(304)

انظر إلى الشمس وقد حجبت

فزاد عشقا فى سناها العيان

كأنّها مجمر نار وقد

لاح عليها من غمام دخان

فاغد لما أبصرته حاكيا

من سحب الندّ وشمس الدنان

وللجمال الدمشقى (من البسيط):

يوم لعمرك محوق من الطرب

الريح تلعب فوق النهر بالحبب

والشمس تبدو كمرآة مذهبة

ولا غلاف لها إلا من السحب

إن أدرجت فيه فالآفاق عابسة

أو أخرجت لاح وجه الشمس من حجب

(1) ناقص فى الديوان

(2)

ديوان ابن سناء الملك 496، -2

ص: 357

وكلّ ذلك مما يستخفّ بناؤه، والسابق إلى هذا الباب ابن المعتزّ بقوله (من الوافر):(1)

تظلّ الشمس ترمقنا بطرف

خفىّ لحظه من خلف ستر

تحاول فتق غيم وهو بأبا

كعنّين يحاول فتق بكر

عبد الله بن فتح (من الكامل):

غيم كثيف لا تشقّ جيوبه

أحداقنا منها رمته بأسهم

متعرّض قدّام شمس نهاره

كالماء تبصر فيه نقش الدرهم

وممّا أنشد لعلاء الدين بن دفتر خان فى الغمام على القمر ما لم أسمع مثله (من الكامل):

انظر إلى قمر عليه غمامة

وتزحزحت عنه فلاح لمبصر

كنعامة باضت <يبدو> (3)

بيضة

وتكشّفت عنها بريح صرصر

ولابن المعتزّ يصف القمر فى صبيحة مع الشمس (من السريع): (2)

قل لصريع الكأس قم نصطبح

فالكأس تحيى كلّ مخمور

ما أنت فى نومك يا سيدى

وقد أتى الصبح بمعذور

لا سيما والشمس قد قابلت

بدر الدجى فى الأفق بالنور

كأنّما تلك وهذا معا

جامان من تبر وبلّور

(1) ديوان ابن المعتز 2/ 580،3، رقم 1018

(2)

سرور النفس 62،2 (دون نسبة)

(3)

بدو: بدو الأصل

ص: 358

وقال (من لمتقارب): (1)

(305)

وكأمر سبقت إلى شربها

عذولى كذوب عقيق جرا

يشرّبها (4)

غصن ناعم

من البان مغرسه فى نقا

إذا شئت كلّمنى بالجفو

ن من مقلة كحلت بالهوى

ومصباحنا قمر نيّر (5)

كترس لجين يشقّ السما

وقال والقمر فى نصفه وهو السابق لهذا المعنى (من السريع): (2)

ماذقت طعم النوم لو تدرى

كأنّ أعضائى (6) على جمر

فى قمر مسترق نصفه

كأنّه مجرفة العطر

ولابن الرومى فى معناه (من السريع):

عانقت من أهوى وقد طالما

بتّ من الشوق على نار

وفوقنا البدر على نصفه

كأنّه شقّة دينار

ولابن المعتزّ فى محاقه (من الكامل): (3)

فى ليلة أكل المحاق هلالها

حتى بدا (7) مثل وقف العاج

والصبح يتلو المشترى فكأنّه

عريان يمشى فى الدجى بسراج

(1) ديوان ابن المعتز 1/ 12،4، رقم 1

(2)

ديوان ابن المعتز 2/ 582،4، رقم 1021

(3)

ديوان ابن المعتز 2/ 294،1، رقم 844

(4)

يشربها: يسير بها الديوان

(5)

نيّر: مشرق الديوان ||السما: الدجى الديوان

(6)

أعضائى: حتى الديوان

(7)

بدا: بدى الديوان

ص: 359

وللقرطبى (من الكامل): (1)

والبدر فى أفق (5)

السماء قد انطوت (6)

طرفاه حتّى عاد مثل الزورق

فتراه من تحت (7)

المحاق كأنّما

غرق الكثير وبعضه لم يغرق

ولابن دفتر خان (من الرجز):

وقمر يلوح رأس الشهر

مثل قلامة بدر من ظفر

ثم يرى مجرفة للعطر

وهو إذا تنعته بالبدر

مرآة هند ضبّبت بتبر

وأوّل من شبّهه بقلامة الظفر ابن المعتزّ (2) فى قصيدة ديرية تأتى فى مكانها إن شاء الله تعالى وكذلك بمجرفة العطر وقد تقدّم ذكره، (306) وجرت مذاكرة فأنشد بعض الحاضرين قول الأخطل (من الوافر):

وليل بتّ أكلوه كأنّى

أقلّب فيه فوق شبا الإثافى (3)

كأن هلاله مرآة تبر

لها شطر يلوح من الغلاف

وهذا لا يخفى سبقه فى الحسن، فأنشدت لابن المعتزّ (من البسيط):(4)

وليلنا (8)

طائر والأنس يعجله

حتى بدا الصبح مبيضّ القواديم (9)

وقام ناعى الدجى فوق <الجدار> كما

غنّا (10) على مرقب شاد بتنغيم (11)

والبدر يأخذه غبم ويتركه

كأنّه سافر عن خدّ ملطوم

(1) حلبة 338،5 (منسوب إلى سعيد بن عثمان)؛ ديوان ابن المعتز 3/ 330. رقم 227؛ التشبيهات من أشعار أهل الأندلس 19، رقم 3 (منسوب إلى سعيد بن عمرون)

(2)

قارن ديوان ابن المعتز 2/ 111، رقم 693،8

(3)

ناقص فى الديوان

(4)

ديوان ابن المعتز 2/ 226،2، رقم 797

(5)

أفق: جو الديوان

(6)

انطوت: انطوى الديوان

(7)

تحت: محق الديوان

(8)

وليلنا-يعجله: قد مت ألثمه والليل حارسنا الديوان

(9)

القواديم: المقاديم الديوان

(10)

غنا: نادى الديوان

(11)

بتنغيم: بتحكيم الديوان

ص: 360

وهذا فى نهاية من الحسن فتأمل إشارته للطم تشبّها بالمحو الذى فى القمر، وما أملح ما قالت الجارية التى أراد المتوكّل على الله شراءها فقال: كنّا نشتريها لولا خنس فيها وكلف فأنشدت تقول (من السريع): (1)

ما سلم الظبى على حسنه

كلا ولا البدر الذى يوصف

الظبى فيه خنس ظاهر

والبدر فيه كلف يعرف

فأمر بشرائها ولو بأغلا ثمن.

ومن أحسن ما سمعت فى قصر الليل وطوله:

فمن بديع النثر، ليلة فى لباس، بنى العبّاس، طرف يرعى النجوم مطروف، وفراش بشعار الهموم محفوف، النجوم شهود بسهاده، وتأمّله وعدم رقاده، هرم الليل وشمطت ذوائبه، وتقوس ظهره، وتصرم عمره، وأنشدوا (من البسيط):(2)

عهدى بنا ورداء الوصل يجمعنا

والليل أطوله كاللمح بالبصر

فاليوم ليلى قد غابوا فديتهم

ليل الضرير فصبحى غير منتظر

وفى قصره (من المنسرح): (3)

(307)

يا ليلة كاد من تقاصرها

يعثر فيها العشاء بالسحر

يسير (4)

فيها وصالها عجلا

فيلنقى هجرها على قدر

(1) المستطرف 1/ 79،7؛ الفاضل فى صفة الأدب الكامل 2/ 99،3؛ الأذكياء 261؛ تحفة اليمن 9، -1؛ روض الأخيار 288،11

(2)

يتيمة الدهر؛ رسالة الطيف 112،2 (منسوب إلى سيدوك الواسطى)؛ ديوان الصبابة 1/ 108؛ الحماسة الشجرية 214،8/ 2،739 رقم 670 (دون نسبة)؛ ديوان المعانى 1/ 348، -8 (دون نسبة)؛ من غاب 55 (منسوب إلى سيدوك الواسطى)؛ طراز المجالس 226 (منسوب إلى عبد الله القسوى الضرير)؛ ثمار القلوب 635 (منسوب إلى سيدوك الواسطى)؛ حلبة 344

(3)

حلبة 344،1 (دون نسبة)؛ ديوان الشريف الرضى 1/ 518،5؛ الحماسة الشجرية 214،6/ 2 738 رقم 669 (منسوب إلى الرضى،14 فقط)؛ ديوان ابن المعتز 3/ 301، رقم 169 (14 فقط)

(4)

يسير-قدر: تطول فى هجرنا وتقصر فى الوصل فما نلتقى على قدر حلبة

ص: 361

وفى طوله (من البسيط):

ما بال أنجم هذا الليل حائرة

أضلّت القصد أم ليست على فلك

ظلّت رهائن جنّ لا حراك بها

كأنّها جثث صرعى بمعترك

قم يا نديمى فهات الكأس مترعة

وسقّنيها ولا تسأل عن الدرك

وما أحسن قول ذى الرمّة ها هنا (من الطويل): (1)

ألمّت بنا والليل داح كأنّه

جناح حمام عنه قد نفض القطرا

فقلت لعطّار ثوبى فى رحالنا

وما احتملت يوما سوى ريحها عطرا

ولنعود إلى ذكر الجوّ والنجوم: ابن المعتزّ (من الرجز):

قم سفنى صافية

تطرد عن قلبى الفكر

أما ترى الصبح انجلى

عن منظر الطرف الأغر

والجوّ صاح قد حكى

بأنجم فيه غرر (2)

جام زجاج أزرق

قد نثرت فيه درر

وقوله (من الرجز): (3)

قم سقّنى صافية

تهتك ستر الغسق

أما ترى الصبح بدا

فى ثوب ليل خلق

أما ترى جوزاءه

كأنّها فى الأفق

منطقة من ذهب

فوق قباء أزرق

(1) ناقص فى الديوان

(2)

ديوان ابن وكيع 75، رقم 39

(3)

نهاية الأرب 1/ 66، -2 (منسوب إلى ابن وكيع)؛ ديوان ابن وكيع 83، رقم 52

ص: 362

وقوله فى غروب النجوم وأجاد (من الطويل): (1)

كأنّ نجوم الليل فى فجرها

وقد جدّ منها للغروب عوازم

عيون حماها الشوق أن تطعم الكرى

فأعينها مستضعفات نوائم

(308)

وقوله (من الرجز):

وليلة فى لونها

مثل سواد مفرقى

كأنّما سوادها

حشو العيون الرمق

كأنّما نجومها

فى مغرب ومشرق

دراهم قد نثرت

فوق بساط أزرق

وقوله فى الثريّا (من الطويل):

نجوم الثريا قد أسبلت مدامعى

وهيّجت لى ذكر البدور الطوالع

كأنّ الثريا وهى فى الليل أعين

تلاحظنا من تحت زرق البراقع

آخر (من الطويل): (2)

وليل أقمنا فيه نعمل كأسنا

إلى أن بدا للصبح فى الليل عسكر

ونجم الثريّا فى السماء كأنّه

على حلّة زرقاء جيب مدنّر

ولابن المعتزّ (من الطويل):

وليل جئتنا فيه خيل كؤوسنا

بميدان لهو والهموم تصرّع

ولاحت لعينىّ الثريّا كأنّها

على هامة الظلماء تاج مرصّع

(1) ديوان الحالديين 144؛ غرائب التنبيهات 45،2 (منسوب إلى أبى عثمان الخالدى)؛ معاهد التنصيص 2/ 104 (منسوب إلى أبى عثمان الخالدى)؛ يتيمة الدهر

(2)

حلبة 347،2 (منسوب إلى الحاتمى)

ص: 363

وله فى الثريّا والهلال (من البسيط):

قم سقّنى الراح يا نديمى

فإنّها مطراد الهموم

فقد تبدّا هلال شهر

قدومه أيمن القدوم

كأنّه فى السماء فخّ

ينتظر الصيد للنجوم

وقوله (من الكامل): (1)

وبدا (4)

الهلال بأفقه فكأنّه

نون معرّقة على فيروزج

وكأنّ أنجمه بقايا (5)

نرجس

خضل تطلّع فى (6) رياض بنفسج

السرىّ الموصلى وأجاد (من الوافر): (2)

ألا عدلى بباطية وكاس

وإبريق (7) وجامات وطاس

وذاكرنى بشعر أبى فراس (8)

على خمر كشعر أبى نواس

ونهر (9)

مرهفات الغيم فيه

عوار والرياض به كواسى

ولاح لنا الهلال كشطر طوق

على لبّات زرقاء اللباس

ومن البديع فى هذا المعنى (من المنسرح): (3)

أهلا وسهلا بالنأى والعود

وقدّ ساق كالغصن مقدود

قد انقضت دولة الصيام وقد

بشّر سقم الهلال بالعيد

يتلو الثريّا كفاغر شره

يفتح فاه لأكل عنقود

(1) ديوان ابن المعتز 3/ 251،1، رقم 67؛ ديوان تميم بن المعز 87

(2)

ديوان السرى الرفاء 152،5 - 7،9

(3)

نهاية الأرب 1/ 53،8 (15 و 16 فقط، دون نسبة)؛ ديوان ابن المعتز 2/ 100، رقم 686

(4)

وبدا-معرقة: وانظر إلى حسن الهلال كأنه نون مذهبة ديوان ابن المعتز

(5)

بقايا: فرادى ديوان ابن المعتز

(6)

فى: من ديوان ابن المعتز

(7)

وإبريق-طاس: ورع همى بابريق وصاس الديوان

(8)

أبى فراس على خمر: أبى نواس على روض الديوان

(9)

ونهر-فيه: وغيم مرهفات البرك فيه الديوان

ص: 364

وللسرىّ أيضا فى هذا المعنى (من المنسرح): (1)

جاءك شهر السرور شوّال

وغال شهر الصيام مغتال

سيرقب العيد والهلال معا

قوم لهم إن راأوه إهلال

كأنّه قيد فضّة حرج (2)

فض عن (3) الصائمين فاختالوا

وقالوا: بيد الكأس، تعرك أذن الوسواس، وأنشدوا (من الوافر):

إذا ما جاء شوّال عكفنا

على كأس وساطيه ردوم

وإن هم أضاف بنا عركنا

بأيدى الكاس آذان الهموم

وأنشدوا (من الهزج):

أشهر الصوم ما مثل

ك عند الله من شهر

وإنّى والذى فضّ

ل أوقاتك بالذكر

لمسرور بأن تفنى

على أنّك من عمرى

وأحسن الذى قال فى مدحه (من الخفيف):

إنّ شهرا يكون آخره العي

د ومنهاج والجيه السرور

لجدير بأن يظلّ على الأش

هر طول الزمان وهو أمير

وأحسن من هنّأ به إذ يقول (من الخفيف):

(310)

نلت فى الخير كلّ ما تشتهيه

وكفاك الإلاه ما تتّقيه

أنت فى الناس مثل ذا الشهر فى الأش

هر بل مثل ليلة القدر فيه

(1) من غاب 57 (منسوب إلى السرى)؛ ناقص فى الديوان

(2)

حرج: هزج من غاب

(3)

عن: على من غاب

ص: 365