الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر البحر الرومى وعجائبه
(1)
ذكر ابن حوقل فى كتاب الأقاليم قال: وأمّا بحر الروم (2) فإنّه يأخذ (146) من المحيط من المغرب فى الخليج الذى بين المغرب والأندلس حتى ينتهى إلى الثغور الشاميّة، ومقداره فى المسافة نحو من أربعة شهور وهو أحسن استقامة واستواء من بحر فارس، وذلك لأنّه إذا أخذت من فم هذا الخليج أدّتك ريح واحدة إلى أكثر هذا البحر، قال: وبين القلزم الذى هو لسان بحر فارس وبين بحر الروم على سمت الفرما اربع مراحل.
قلت: قصده عرض المسافة من الإسكندريّة إلى القلزم فهو أكثر من ذلك، وإن قصد من دمياط فأيضا أكثر ممّا ذكر، والنهار يقطع فى مرحلتين، والمسافة بينهما خمسة أيّام بعشرة مراحل، قال ابن الجوزى: ويزعم بعض المفسّرين فى قوله تعالى: {بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ»} (3) أنّه هذا الموضع القاطع بين البحرين.
وقال أبو معشر رحمه الله: بحر الرومى (4) يأخذ من خليج يخرج من البحر المحيط ويسمّى ذلك البحر نيطس، قال: وأضيق مكان فى ذلك الخليج من ساحل مدينة طنجة بالمغرب ويعرف بالزقاق عند مدينة سبتة، قال: ويبدأ البحر الرومى من مكان يقال له أصنام النحاس، ليس وراءه شئ، وعرض الزقاق ستّة أميال، وقيل إنّ هذا البحر مثل البركة، ولهذا إنّ ما بين الأندلس وبين القسطنطينيّة مائة ميل، وهذا البحر يمتدّ إلى أقصى بلاد المغرب وبلاد الفرنج، وعليه مدينة طرابلس الغرب، ثم يمتدّ إلى الإسكندريّة ودمياط والفرماء وغزّة وعسقلان ويافا
(1) مأخوذ من مرآة الزمان 26 آ،3
(2)
صورة الأرض 1/ 11،23 - 12،3
(3)
القرآن الكريم 55/ 20؛ قارن صورة الأرض 1/ 12،3
(4)
بحر الرومى: بحر الروم مرآة الزمان
وقيساريّة وحيفا وعكّة وصور وصيدا وبيروت وجبيل واطرابلس الشام، وانطرسوس وأدنة، والمصيصة وجبلة واللاذقيّة وبلد أنطاكية، ثم يمرّ على بلاد الأرمن تسيس إلى الروم إلى خليج القسطنطينيّة، وقيل طوله ستّة آلاف ميل وعرضه من المائة (147) إلى الستّمائة بحسب اختلاف الأماكن فى السعة والضيق.
وفيه جزائر يأتى ذكرها، وقيل إن ذو القرنين هو الذى فتح هذا الزقاق عند مدينة سبتة لأنّ مكان البحر كان واديا عظيما فيه أمم كثيرة ومدن وحصون ومزارع وقرى وآثارها باقية فيه، وكان أهلها عصاة على الإسكندر فأقام ينذرهم أربعين سنة فلم يطيعوه فأرسل عليهم الماء من الزقاق فغرقوا.
قلت: هذه رواية ضعيفة، إن كان قصدهم ذو القرنين الإسكندر اليونانى فإنّه لم تطول مدّته إلى أربعين سنة، وإن أعنوا ذو القرنين الأوّل فلعلّه.
قال: ويتشعّب منه خليج طوله خمس مائة ميل ويتّصل بمدينة رومية ويسمّى أروس، وقد زعم قوم: أنّ البحر الرومى متّصل بالبحر الحبشى واحتجّوا بأنّه وصل فى الزمان القديم قوم إلى جزيرة الأندلس فى مراكب فأغاروا عليهم ووجدوا فى مراكبهم النارنجيل وهو شجر لا يكون إلاّ فى للبحر الشرقى وهو شجر يشبه المقل وليفه يعمل به مراكب البحر الشرقى لأنّ مراكب البحر الرومى مسمرة بالمسامير والبحر الشرقى كثير الحجارة <و> المغناطيس فتشدّ المراكب بليف النارنجيل، قلت: وهذا القول بعيد لما بين البحر الشرقى والغربى من المسافات والبحار والجبال.
وأمّا خليج القسطنطينيّة: (1) فقد توهّم قوم أنّ الخليج المذكور إنّما يأخذ من البحر الرومى ويصبّ فى بحر باب الأبواب والأمر بالعكس لأنّ علماء الهيئة
(1) مأخوذ من مرآة الزمان 26 آ، -1
ذكروا أنّ فى ناحية الشمال بحر يقال له نيطس طوله ألف ميل وعرضه ثلاثمائة ميل وهو أحد البحور السبعة ومصبّه من ناحية الشمال من بحر آخر أكبر منه، وعلى سواحله خلق عظيم من ولد يافث (148) بن نوح عليه السلام، يمتدّ إلى خليج القسطنطينيّة، وطول هذا الخليج ثلاثمائة ميل وعرضه عشرة أميال، والقسطنطينيّة إلى جانبه من ناحية الشمال، وهو خليج عسر كثير العطب عظيم الأمواج، وقال ابن المنادى: البحر المعروف بنيطس من وراء القسطنطينيّة يجئ من بحر الخزر وعرض فوهته ستّة أميال، يمرّ على القسطنطينيّة ثم يصبّ فى بحر الروم ويمرّ ببلاد الأندلس فإذا انتهى إليها صار بين جبلين ويضيق حتى يصير عرضه مقدار السهم.
وأمّا بحر باب الأبواب، (1) قال علماء الهيئة: هذا البحر مستدير الشكل إلاّ أنّه إلى الطول أقرب، وطوله ثمان مائة ميل وعرضه ستّمائة ميل، وعليه الخزر والديلم وجرجان وطبرستان والترك وأمم كثيرة، وفيه التنّين، واختلفوا فيه على قولين: أحدهما: إنّه دابّة تكون فى البحر فتعظم فتؤذّى دوابّ البحر فيبعث الله تعالى عليها ريحا فيخرجها إلى وجه الماء فيتعلّق بها السحاب فيلقيها فى الأرض، والثانى: إنّها ريح سوداء تكون فى قعر البحر فتظهر إلى ظاهره ثم ترتفع إلى الجوّ وتلتحق بالسحب كالزوبعة إذا ثارت من الأرض واستدارت وثار معها الغبار فيتوهّم الناس أنّها حيّة عظيمة سوداء خرجت من البحر، والأوّل أقرب إلى الصحيح.
(1) مأخوذ من مرآة الزمان 26 ب،8