الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر ابن حوقل (1) حكاية طويلة ملخّصها أنّ رجلا ولد له ولد وكان له غلام يتّجر بماله، فمات الرجل بعد ما كبر الولد الغلام وبلغ حدود الرجال ووصل غلام أبيه فنازع الولد فى المال وقال: إنّه أبى دونك وإنّك ليس بولده، والمال لى أستحقّه دون استحقاقك! وأقاما يتحاكمان عند الحكّام سنة وأقام كلّ منهما البيّنة، ومن عاداتهم إذا امتدّت الحكومة سنة ولم تنفصل تولّى الملك الأمر بنفسه، قال: فأحضرهما بين يديه وأعيدت عليه الدعاوى وأحضر كلّ منهما بيّنته فلم يترجّح عند الملك لأحد منهما حقّ على الآخر فلم يجد ما يقضى به الترجيح بين البيّنتين فأفكر ساعة وقال للولد: أتعرف قبر أبيك؟ فقال: كنت غائبا لمّا مات، ولما قدمت قالوا هذا قبر أبيك، فقال للغلام المدّعى النبوّة: أتعرف قبر أبيك؟ قال: نعم أنا قدمت من سفرى قبل وفاته وتولّيت دفنه، فقال الملك: علىّ برمّته! فأحضرت، فقال: افصدوا الغلام الذى تولّى دفنه على هذه الرمّة ففصدوه فكان الدم يحيد عنها يمينا وشمالا لا يعلق منها بشئ، ثم أمر أن يفصد الولد ففصدوه عليها فعاد الدم يتعلّق بالرمّة وشربته شربا، فسلم الولد مال والده وعوقب المدّعى وقرّر فقرانه (2) مدّعى فأدّب وشهّد وكذلك بيّنته.
ذكر عجائب العراق
(3)
قال ابن الجوزى رحمه الله: قال جدّى عن حميد الدهقان الفلّوجة السفلى قال: (4) كان ببابل سبع مدائن فى كلّ مدينة أعجوبة ليست فى الأخرى، فكان فى المدينة الأوّلة هيئة مثال الأرض كلّها، وفيها صورة أنهار فإذا التوى أهلها
(1) صورة الأرض 2/ 391،6
(2)
فقرانه: وقرر أنه، تحريف
(3)
مأخوذ من مرآة الزمان 34 ب،1
(4)
المسالك 182،14
خرق أنهارها المصوّرة فيتفجّر عليهم الماء حتى (188) يغرقهم فلا يستطيعون سدّه حتى يطيعونه وينقادون إليه.
وكان فى المدينة الثانية حوض من رخام فإذا أراد الملك أن يجمعهم لطعامه يأتى منهم من أراد بما أحبّ من أنواع الأشربة فيصبّه فى ذلك الحوض الرخام فيختلط الجميع ثم تقوم السقاة فيصبّونه فى الأوانى فمن صبّ فى إنائه شراب كان شرابه بعينه لا يختلط بشئ.
وكان فى المدينة الثالثة طبل محكوم من خاصّيّته إذا غاب أحد من أهل تلك المدينة غيبة منقطعة وأرادوا أهله يعلموا أحىّ هو أو ميّت أتوا الطبل وضربوه فإن صوّت فهو حىّ وإن لم يصوّت فهو ميّت.
وكان فى المدينة الرابعة مرآة محكومة من الحديد الصينى ذات أخلاط مركّبة إذا غاب من أهل تلك المدينة غائب وأرادوا أهله يعلموا على أىّ حالة هو يأتوا إلى تلك المرآة فينظرونه على الحالة التى هو عليها.
وكان فى المدينة الخامسة إوزّة محكومة من نحاس على باب المدينة، فإذا دخلها غريب صوّتت تلك الإوزّة صوتا يسمعه أهل البلد فيعلمون أنّ غريبا طرقهم.
وكان فى المدينة السادسة صورة فاضيان جالسان على الماء فإذا تقدّم إليهما الخصمان ليتحاكمان يمشى المحقّ على الماء ولا تبتل قدماه ويغوص المبطل.
وكان فى المدينة السابعة شجرة عظيمة إذا جلس تحتها ألف رجل أظلّتهم وإن زادوا واحدا عادوا الجميع فى الشمس، ومن عجائب العراق إيوان كسرى.