المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(113) فصلفى ذكر الجبال والهضبات والرمال - كنز الدرر وجامع الغرر - جـ ١

[ابن الدواداري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المصنف

- ‌نستفتح الكلام بحديث ورد عن خير الأنام

- ‌فصل فى حدث العالم وإثبات الصانع جلّ ذكره

- ‌فصل [ولا يجوز أن يكون له ولد لوجوه

- ‌فصل [ولا يجوز عليه النوم لوجوه

- ‌فصل [فإن قيل فالملائكة لا تنام فقد شاركت البارئ فى هذه الحالة؛ فالجواب

- ‌فصل [والبارئ سبحانه ليس بجسم، وقالت الكرّاميّة

- ‌ذكر أوّل مقامة من مقامات ابن الجوزى يليق ذكرها هاهنا

- ‌فصلفى بداية المخلوقات

- ‌فصلفى حدّ الزمان والأيّام

- ‌فصلفى ذكر خلق السموات والآثار العلويّات

- ‌فصلالقول فى البروج

- ‌فصلفى قسمة الزمان الأربعة فصول وذكر الرياح الأربع

- ‌فصلفى ذكر الشمس والقمر والنجوم الثابتة والسيّارة وغيرها

- ‌رجع ما انقطع:

- ‌وأمّا القمر:

- ‌ذكر منازل القمر

- ‌ذكر النجوم والكواكب الثابتة وغيرها

- ‌فصلفى ذكر البيت المعمور

- ‌فصلفى ذكر سدرة المنتهى وشجرة طوبا

- ‌فصلفى ذكر العرش العظيم والكرسى الكريم

- ‌فصلفى ذكر الملائكة المقرّبين والروحانيّين والكروبيّين

- ‌فصلفى ذكر الجنّة وما لله على عباده فى خلقها من المنّة

- ‌ذكر خلق الأرضين وما فيها من المخلوقينومدّة التصوير والتكوين

- ‌فصلفى ذكر أشهر الأمم

- ‌فصلفى معرفة التأريخ وما قيل فيه

- ‌فصلفى ذكر أوّل المخلوقات

- ‌(83) ذكر البيت الحرام

- ‌ذكر مساحة الأرض ومقدار طولها والعرض

- ‌ذكر الأقاليم السبع وهى المعمور من الأرض

- ‌ذكر إقليم الهند: الأول

- ‌ذكر إقليم الحجاز: الثانى

- ‌ذكر إقليم الشام: الثالث

- ‌ذكر إقليم العراق: الرابع

- ‌ذكر إقليم الروم: الخامس

- ‌ذكر إقليم الترك: السادس

- ‌ذكر إقليم الصين: السابع

- ‌ذكر البلدان وما فيها من السكّان

- ‌فصلفى فضل دمشق وما جاء من الأخبار وتبعها من الآثار

- ‌(113) فصلفى ذكر الجبال والهضبات والرمال

- ‌رجع ما انقطعذكر تتمّة الجبال

- ‌ذكر الهضاب والتلال والتلاع والرمال

- ‌ذكر القلاع المشهورة

- ‌فصل فى ذكر البحار والجداول والأنهار

- ‌ذكر البحر الشرقى وعجائبه

- ‌ذكر لمعا من المعادن التى كالخزائن

- ‌ذكر البحر الرومى وعجائبه

- ‌ذكر مبادئ البحار

- ‌ذكر الجزائر وما فيها من العجائب والجواهر

- ‌ذكر الجزر والمدّ وما قيل فى ذلك

- ‌ذكر العيون والأنهار وما ورد فيها من الأخبار

- ‌ذكر ما ورد من الأثر من كلام علىّ عليه السلام

- ‌ذكر النيل وما ورد فيه من الأقوال

- ‌ذكر الفرات ومبدأها ومنتهاها

- ‌ذكر دجلة ومبتدأها ومنتهاها

- ‌ذكر سيحون وهو نهر الهند

- ‌ذكر جيحون وهو نهر بلخ

- ‌ذكر سيحان وجيحان وهما نهران أيضا

- ‌ذكر أنهار الشام

- ‌ذكر أنهار العراق

- ‌ذكر ما فى الدنيا من العجائب وفنون الغرائبذكر عجائب المشرق

- ‌ذكر عجائب العراق

- ‌وأمّا عجائب بلاد الموصل

- ‌وأمّا عجائب بلاد اليمن

- ‌وأمّا عجائب الشآم ومصر والمغرب

- ‌رجع ما انقطع

- ‌ذكر عجائب المغرب

- ‌ذكر الطبائع

- ‌ذكر سكّان الأرض من أوّل زمان

- ‌ذكر من ملكها وقطع سبلها وسلكها

- ‌ذكر الحنّ والبنّ والطمّ والرمّ

- ‌ذكر إبليس والزهرة وهاروت وماروتمن تأريخ جدع بن سنان

- ‌(216) رجع ما انقطع

- ‌ذكر إبليس وأولاد وجنوده وحشوده

- ‌(221) ذكر أولاده الخمسة

- ‌ذكر الجن رواية ابن الجوزى

- ‌ذكر الجنّ وعدّة قبائلهم وأصنافهم

- ‌ذكر الأمم المخلوقة من رواية المسعودى

- ‌ذكر الأمم المخلوقة بإزاء منازل القمر

- ‌ومن عجائب الدنيا

- ‌(238) ذكر النار أجارنا الله من عذابها

- ‌ذكر من تحت الأرض من السكانوهل ذلك خلا أم ملا حسب الإمكان

- ‌المقامة الرابعة والأربعون لابن الجوزى رحمه الله

- ‌تفسير الغريب من هذه المقامة

- ‌ذكر المنظوم والمنثور فى الأثمار والزهور

- ‌المحاضرة الأولة: وهى الربيعية

- ‌رجع الكلام إلى التّنين المسمّى بظنين

- ‌(257) النرجس

- ‌البنفسج

- ‌الآس

- ‌الريحان

- ‌البان

- ‌الأقحوان

- ‌السوسن

- ‌الياسمين

- ‌(264) الشقيق

- ‌النيلوفر

- ‌النسرين

- ‌الثامر

- ‌الجلّنار

- ‌(268) المنثور

- ‌(269) رجع الكلام إلى التنين المسمى ظنين

- ‌التفاح

- ‌السفرجل

- ‌الكمثرى

- ‌(273) المشمش

- ‌الخوخ الزهرى

- ‌الرمان

- ‌الكروم والأعناب

- ‌(276) العنب الأبيض

- ‌العنب الأسود

- ‌(277) التين

- ‌النخيل وأثمارها

- ‌ولنعود لذكر النخيل

- ‌البسر الأحمر

- ‌اللوز الأخضر

- ‌الجوز الأخضر

- ‌النبق

- ‌الفستق

- ‌الموز

- ‌العنّاب

- ‌القسطل

- ‌الأترجّ

- ‌النارنج

- ‌الباذنجان

- ‌القثّاء

- ‌الخيار

- ‌البطيخ الأصفر

- ‌البطيخ الأخضر

- ‌الفول الأخضر

- ‌الكتّان

- ‌فصل الربيع

- ‌فصل الصيف

- ‌فصل الخريف

- ‌فصل الشتاء

- ‌رجع الكلام إلى التنّين المسمّى ظنين

- ‌المحاضرة الثانية: الأوائليةوما لخص منها فى هذا التأريخ

- ‌(333) ذكر أشراف الكتّاب من أوّل زمان

- ‌ذكر كتّاب الإسلام

- ‌ذكر من كتب بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر الكتّاب الذين صاروا خلفاء

- ‌ذكر سائر أشراف الكتّابمن الصدر الأوّل فى الإسلام

- ‌ذكر الأعرقين من كل طبقةوالمتنافسين فى أحوال مختلفة

- ‌مصادر التحقيق

- ‌تصويبات ومستدركات

الفصل: ‌(113) فصلفى ذكر الجبال والهضبات والرمال

الأندلس وأخبارها ومدنها عند ذكرنا لخلفاء بنى أميّة بها، وكذلك القيروان عند ذكرنا لملوك الأغالبة مع ما نضيف إلى ذلك من الأخبار ونتبعه من الآثار، وذلك كلّه بحول الله وقوّته وبركة إلهامه وتوفيق العبد إلى ذلك بإنعامه.

(113) فصل

فى ذكر الجبال والهضبات والرمال

(1)

ذكر أبو الحسين ابن المنادى رحمه الله وقدامة بن جعفر الكاتب وأبو معشر رحمهما الله: أنّ عدد الجبال المشهورة مائة وثمانية وأربعون جبلا، قال قدامة فى كتاب الخراج: فى الإقليم الأوّل تسعة عشر جبلا، وفى الإقليم الثانى سبعة وعشرون جبلا، وفى الثالث أحد وثلاثون جبلا، وفى الرابع أربعة وعشرون جبلا، وفى الخامس تسعة وعشرون جبلا، وفى السادس ستّة وثلاثون جبلا، وفى السابع اثنان وثلاثون جبلا: قلت: ولم يذكر قدامة أسامى الجبال المذكورة، وقد ذكر العبد المشاهير منها على الحروف على الاصطلاح المعروف، فأقول:

أحد: وهو الذى كانت الوقعة عنده وهو من جبال المدينة، قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله (2) بإسناده عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحد جبل يحبّنا ونحبّه، انفرد بإخراجه البخارى رضى الله عنه، وقد رواه أبو هريرة أيضا، وقال الزهرى: وإنّما أراد أهل المدينة وهم الأنصار أى أهل أحد، وهذا عند علماء البيان والبديع جائز.

(1) مأخوذ من مرآة الزمان 19 آ، -8

(2)

قارن المعجم المفهرس 1/ 318؛ مسند أحمد بن حنبل 3/ 140

ص: 129

إضم: جبل بالحجاز ذكره الجوهرى بكسر الهمزة (1) وقد ذكرته الشعراء فقال بعضهم فيه (من بسيط):

ينبى بنا الطيب أحيانا وآونة

يضيئنا البرق مجتازا على إضم

تعار: (2) بكسر التاء، هو من جبال الحجاز، مشهور، والعرب تقول: لا أفعل كذا ما قام تعار.

ثبير: (3) وهو جبل منى ويقال له جبل الكيش، قال ابن عبّاس رضى الله عنه:

فدى إسماعيل عنده وفيه النحر، وكانت العرب تعظّمه فى الجاهليّة، قال الجوهرى:(4)

كانوا إذا انقضى الموسم وقفوا عنده وقالوا: أشرق ثبير كما نغير.

الثنين: (5) من جبال أنطاكية ويقال له الأقرع لأنّه لا ينبت (114) إلاّ فى أماكن وعليه حيّات كبار.

جبل الثلج: من جبال الشام فى أرض بانياس غربى دمشق وهو جبل شامخ يرى من مسيرة ثلاثة أيّام فى السهل ولم يبرح الثلج عليه لا يذهب صيفا ولا شتاء وقد كان مسكونا وعليه آثار العمارة، يقال: إنّه كان فى سكانه رجل كبير قد قرأ الكتب واطلع على علوم كثيرة فقال لأهله: متى أصبح هذا المكان وعليه نداوة فارحلوا عنه ومات الرجل فأصبحوا ذات يوم وعلى ظهور دوابّهم الندا فارتحلوا فنزل عليه الثلج فى اليوم التالى فطمّه واستمرّ، وقد ذكره الشعراء قال جرير (من البسيط):(6)

هل دعوة من جبال الثلج سمعه

أهل الإياد وحيا بالغباريس

(1) الصحاح 5/ 1862 آ

(2)

الصحاح 2/ 764 آ؛ معجم ما استعجم 1/ 313؛ معجم البلدان 1/ 854

(3)

الصحاح 2/ 604 آ

(4)

كما: كيما الصحاح، تحريف

(5)

معجم البلدان 1/ 336

(6)

ديوان جرير 322||سمعة: سمعة ديوان جرير

ص: 130

جبل ثور: (1) من جبال مكّة، وفيه الغار المذكور فى القرآن العظيم ويقال له ثور المحل، (2) وقال بعضهم: اسم الجبل المحل، نسب إلى ثور بن عبد مناه لأنّه نزله.

جبل نهال: (3) من جبال الحجاز وهو مشتقّ من النهل وهو الانبساط على وجه الأرض لأنّه ممتدّا.

جبل جمدان: (4) بجيم، بين قديد والجحفة.

الجودىّ: وهو الذى أرست عليه السفينة، وتحته ضيعة يقال لها ثمانين نزل بها نوح عليه السلام، وذكره الجوهرى (5) فقال: والجودى جبل بأرض الجزيرة استوت عليه السفينة ولمّا نزل نوح بها كان فى ثمانين نفسا فسمّيت بذلك، وهو أوّل ضيعة بنيت على وجه <الأرض> (6) بعد الطوفان، وهى من أعمال الموصل، وبين هذا الجبل ودجلة ثمانى فراسخ، وآثار السفينة باقية عليه إلى الآن على ما قيل.

جبل حبشىّ: قال الجوهرى: (7) وحبشىّ بالضمّ جبل بمكّة أسفل منها، يقال أحابيش قريش لأنّهم اجتمعوا عنده وتحالفوا فى حلف الفصول.

الحجون: وهو الجبل على مسجد البيعة عند العقبة، قال الجوهرى:(8) قال الشاعر (من الطويل):

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا

أنيس ولم يسمر بمكّة سامر

وهو مقبرة قريش.

(1) الصحاح 2/ 606 ب

(2)

ثور المحل: ثور أطحل الصحاح

(3)

نهال: ثهلان مرآة الزمان، تحريف؛ الصحاح 4/ 1650 آ؛ معجم البلدان 1/ 941

(4)

معجم ما استعجم 2/ 391؛ معجم البلدان 2/ 115||الجحنة: عسفان معجم ما استعجم

(5)

الصحاح 1/ 458 ب

(6)

الأرض: مرآة الزمان

(7)

الصحاح 3/ 1000 آ

(8)

الصحاح 5/ 2097 ب

ص: 131

حراء: بالمدّ، قال الجوهرى:(1) كان النبىّ صلى الله عليه وسلم يتعبّد فى غار حراء ويخلو فيه، وقال مسلم: وهو الجبل الذى تحرّك لمّا صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم (115) وأصحابه عليه، وقال البخارى رحمه الله: إنّما كان ذلك جبل أحد.

حزازة: (2) من جبال مكّة، كانت عنده وقعة مشهورة بين نزار واليمن.

حضن: وهو بأعلى نجد، قال الجوهرى رحمه الله:(3) وفى المثل يقال: أنجد من رأى حضنا، معناه من عاين هذا الجبل أعنى حضنا فقد دخل فى ناحية نجد، ومن عظم هذا الجبل ضرب به المثل، فقالوا أيضا: ركن حضن لا يحتضن.

جبل دنباوند: (4) وهو بالمشرق ببلاد طبرستان يرى من مسيرة مائة فرسخ لارتفاعه وذهابه فى الجوّ صعدا، ويرتفع من أعاليه دخان عال. الثلوج يترادف عليه، ويخرج من تحته نهر عظيم أصفر كبريتى ذهبى اللون قال: ومسافة صعوده ثلاثة أيّام بلياليها ورأسه مدوّر يكون مقدار ألف ذراع يرى من أسفله شبه القبّة العظيمة المخروطة وفى أعلاه رمل أحمر تغوص فيه الإقدام ولا يصل إليه شئ من الطيور والوحوش لشدّة الرياح به والبرد فى أعاليه، وفى أعاليه ثلاثون نقبا يخرج منها الدخان العظيم يسمع لخروجه دوىّ شديد مثل الرعد وذلك صوت تلهّب النار فى باطنه، وقال: وفى رأسه الكبريت الأحمر الذى يصلح لعمل الكيمياء على زعم من زعم، وبين هذا الجبل وبين طبرستان عشرون فرسخا، ويقال إنّ الضحاك مسجون به وهو الضحاك الذى تسمّيه العرب السفاك حسبما يأتى من ذكره إن شاء الله تعالى.

(1) الصحاح 6/ 2312 آ؛ معجم البلدان 2/ 228

(2)

لعله خزازى؛ قارن الصحاح 2/ 874 آ

(3)

الصحاح 5/ 2102 آ

(4)

معجم البلدان 2/ 606؛ معجم ما استعجم 2/ 558؛ عجائب المخلوقات 1/ 158

ص: 132

دمان وورمان: (1) هذان جبلان أسودان مشهوران بالحجاز، وهما شامخان شديدان السواد وفيهما أنواع الثمر والسمّاق والرمّان والقرظ وهما لعرب مزينة (116) وهم قوم صدق.

رأس الجمجمة: وهو جبل عظيم أوّله باليمن من ناحية الشحر والأحقاف ويمتدّ فى البحر إلى الهند ومنه تطلق المراكب من بحر فارس ويمتدّ إلى المشرق ولا يدرى أين غايته فى البحر.

جبل جيم: من جبال الحجاز أيضا مذكور معروف.

وجرجان: قال الجوهرى رحمه الله: (2) هو قريب من عكاظ ومنه يوم حرب كان لبنى عامر على بنى تميم وهو من أيّام وقائع العرب المشهورة لما نذكره.

رضوى: من جبال تهامة وبينه وبين المدينة سبع مراحل وهو من البقيع على يوم، قال الجوهرى:(3) وهو من جبال المدينة والنسبة إليه رضوىّ، وهذا الجبل تزعم الكيسانيّة أنّ محمد بن الحنفيّة فيه وأنّه دخل فى شعب من شعابه ومعه أصحابه وهم فيه أحياء يرزقون وأنّه سيخرج وهو الإمام المنتظر. وقال قدامة الكاتب: ويقارب رضوى فى ارتفاعه جبل يقال له غرور يضاهى رضوى فى العلوّ والارتفاع وكثرة المياه والشجر والمراعى ويسكن فى الجبلين نهد وجهينة فى الوبر دون المدر.

ساقى دما: سم جبل، قاله الجوهرى، وهو من جبال تهامة، وقيل من اليمن، وقيل من الشام، سمّى بذلك لأنّه ليس من يوم إلاّ ويسفك عليه دما.

(1) قارن معجم البلدان 4/ 921

(2)

الصحاح 6/ 2358 آ

(3)

الصحاح 6/ 2341 آ||ساقى: سياتى الصحاح، تحريف

ص: 133

جبل الستار: بالسين المهملة المكسورة فى الحجاز، وقد ذكره الجوهرى (1) فى شعر لامرئ القيس وقال إنّهما جبلان، وقيل إنّهم ثلاثة أجبل: قطنا (2) والستار ويذبل، قال: هؤلاء الثلاثة بحذاء بعضهم بعضا، فلذلك قيل واحد واثنان وثلاثة.

سلع: (3) جبل مشهور بالمدينة وقد أكثرت الشعراء ذكره فى أشعارهم.

شابة: بالشين المعجمة، جبل بنجد ذكره الجوهرى. (4)

شعبان جبل باليمن، ويقال له (117) شعب، وقال الجوهرى:(5) ويقال له ذو شعبين، نزله حسّان بن عمرو الحميرى وولده نسبوا إليه، فمن كان منهم بالكوفة يقال له شعبيّون، ومن هؤلاء عامر بن شراحيل الشعبى رحمه الله وعداده فى همذان لما نذكره، ومن كان منهم بالشام يقال لهم الشعبانيّون، ومن كان منهم باليمن يقال لهم الأشعوب وهم جميعا بنو حسّان بن عمرو، هذا لفظ الجوهرى، والشين مفتوحة فى الجميع إلاّ أنّه قال ذو شعب وذو شعبين، ولم يذكر شعبان، وكذا ذكر محمد <بن> (6) سعد وابن الكلبى رحمهم الله وقدامة وغيرهم، قال أبو سعد:

حدّثنا عبد الله بن محمّد بن مرّة الشعبانى، حدثنا أشياخ من شعبان منهم محمّد ابن أبى أميّة أنّ مطرا أصاب اليمن فاسترقّ موضعا فأبدى عن أزج عليه باب من الحجارة فكسر الغلق ودخل فإذا بهوّ عظيم فيه سرير من ذهب عليه رجل مشجا، قال: فشبرناه فإذا طوله اثنى عشر شبرا وعليه جباب من وشى منسوجة بالذهب وإلى جنبه محجن من ذهب وعلى رأسه تاج من ذهب فيه ياقوته

(1) الصحاح 2/ 676 ب؛ قارن ديوان امرؤ القيس 26

(2)

قطنا: قارن ديوان امرؤ القيس 26، حاشية 76

(3)

الصحاح 3/ 1231 آ

(4)

الصحاح 1/ 159 آ

(5)

الصحاح 1/ 156 آ

(6)

بن: مرآة الزمان

ص: 134

حمراء وهو أبيض الرأس واللحية له ضفيران وإلى جانبه لوح من ذهب مكتوب فيه بالحميريّة: باسمك اللهم ربّ حمير: أنا حسّان بن عمرو، القيل إذ لا قيل إلاّ الله، عشت بأمل ومتّ بأجل، فأتيت جبل ذى شعبين ليجرنى من الموت فكان حفرتى، قالوا: والى جانبه سيف عليه مكتوب بالحميريّة: أنا قبار، بى يدرك الثأر، وقالوا، ورأوا فى اللوح مكتوب أيضا: هلك فى هذا المكان اثنا عشر ألف قيل فكنت آخرهم.

جبل شامة (1) قريب من مكّة وكذا ظفيل وقد أشار إليه بلال وقال: هل تبدون لى شامة وظفيل.

شمام: (118)(2) من جبال الحجاز، مبنى على الكسر مثل قطام وحدام، ذكره الجوهرى

شعران: (3) بفتح الشين، ذكره الجوهرى أيضا وقال: سمّى بذلك لكثرة شجره وهو من جبال الموصل.

عاقل: (4) من جبال الحجاز، مذكور أيضا.

ضجنان: قال الجوهرى: (5) هو جبل بناحية مكّة وهو الذى كان يرعى عنده عمر بن الخطّاب رضى الله عنه غير الخطّاب، (6) وقد ذكره تأبّط شرّا فى شعره لما ظهر له به الغول، قتله لما يذكر من حبره عند ذكرنا له إن شاء الله.

(1) معجم البلدان 3/ 244؛ معجم ما استعجم 3/ 776؛ السيرة النبوية 1/ 589؛ تاج العروس 8/ 363

(2)

الصحاح 5/ 1961 ب

(3)

الصحاح 2/ 700 آ

(4)

الصحاح 5/ 1771 آ

(5)

الصحاح 6/ 2154 آ؛ معجم ما استعجم 3/ 856

(6)

غلط ابن الدودارى، ذكر تأبّط شرّا جبل صحصحان، قارن ديوانه 173، رقم 68،2

ص: 135

الظهران: بفتح الظاء: (1) حبل بين مكّة والمدينة وهو إلى مكّة-شرّفها الله تعالى-أقرب من المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، وقد نزله. سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية وعام الفتح لما نذكر من ذلك.

جبل العرج: (2) بإسكان الراء: هو من جبال الحجاز بين مكّة والمدينة، قال الجوهرى: هو منزل وإليه ينسب العرجى الشاعر واسمه عبد الله بن عمرو بن عثمان ابن عفّان رضى الله عنه، وسيأتى ذكره فى باب الشعراء المولّدين إن شاء الله تعالى، وروى عبد الرحمن بن أخى الأصمعى عن عمّه بإسناده إلى عبد الله بن عمر العمرى رضى الله عنه وكان من أكابر أعيان العباد بالحجاز قال: حججت فبينا أنا فى بعض الطريق إذ سمعت امرأة من هودج تكلّمت بكلام أرقتت فيه، قال:

فدنوت منها وألصقت راحلتى براحلتها وقلت لها: يا أمة الله أما تستحين أما تخافين الله بهذا الكلام فى مثل هذه الطريق؟ قال: فهتكت سجان الهودج وبرزت بوجه بهر الشمس حسنا وقالت: تأمّل يا عمّ فإنّنى من اللواتى (3) قال فيهنّ العرجى (من الطويل):

أماطت كساء الخزّ عن حرّ وجهها

وأرخت على الخدّين بردا مهلهلا (4)

من اللواتى (5)

لم يحججن يبغين حسنة

ولكن ليقتلن السليم البرئ المغفّلا

(119)

قال: فقلت: لا عذّب الله هذا الوجه بالنار، قال عبد الرحمن:

فبلغت هذه الحكاية لابن المسيّب رضى الله عنه فقال: إنّه لمن ظرف عباد الحجاز أما إنه لو كان بعض بعضاء العراق لقال لها اغربى فعل الله بك وترك.

(1) معجم البلدان 3/ 581

(2)

الصحاح 1/ 329 آ

(3)

قارن كتاب الأغانى 1/ 404

(4)

ديوان العرجى 74، رقم 32||أرخت: أدنت الديوان

(5)

من اللواتى: من اللاء الديوان ||حسنة: حسنة الديوان

ص: 136

قلت: وسقنا هذه الحكاية هاهنا لما فيها من شعر العرجى عند ذكرنا له ولما فيها من الظرف والملاحة.

قال قدامة بن جعفر الكاتب فى كتاب الخراج: (1) وجبل العرج هذا يتّصل بالشام فبعضه يتّصل بلبنان وبعضه بجبل الثلج من أرض دمشق ويمتدّ إلى الروم، وقال النضر بن شميل: يأتى إلى الشام من ناحية الأبلّة ثم إلى الطور ثم إلى بيت المقدّس ثم يأبى طبرية ويمرّ بالبقاع وبعلبك ويمتدّ غربى حمص وحلب حتى يتّصل بجبل اللكام، ثم يمتدّ إلى ملطية إلى بحر الخزر، وفيه عدّة كثيرة من القلاع والحصون والمدن الكبار وتسكنه عدّة أمم من الناس.

عسيب: من جهال الحجاز أيضا، قال الجوهرى: هو جبل هذيل وأنشد لامرئ القيس (من الطويل): (2)

أجارتنا إن الخطوب تنوب

وإنى مقيم ما أقام عسيب

وسيأتى تتمّة هذا البيت وسببه عند ذكرنا لامرئ القيس إن شاء الله تعالى، قال الجوهرى: عسيب بفتح العين وسكون الباء، قال ابن الجوزى رحمه الله:

وقد رأيت ببلد الروم عند قيساريّة جبلا يقال له عسيب وعليه قبر يقال قبر امرئ القيس وهو أقرب إلى الصحّة لأنّ امرئ القيس مات ببلاد الروم وهو عائدا من عند ملك الروم بالنجدة لما نذكر من خبره، فأمّا عشيب بضمّ العين وشين معجمة: فجبل بالحجاز لقريش.

عير: (3) جبل بالحجاز أيضا.

(1) ناقص فى الصحاح؛ قارن معجم البلدان 3/ 678

(2)

ديوان امرؤ القيس 357، رقم 97

(3)

الصحاح 2/ 763 آ؛ معجم ما استعجم 3/ 984

ص: 137

عينين: هو من جبال المدينة بات به (120) رسول الله صلى الله عليه وسلم وقعة أحد.

غرّب: بغين معجمة، بين المدينة والشام فى بلاد كلب، قال الجوهرى:(1)

وعنده عين تسمى عين غرّبة.

غزوان: (2) جبل بالطائف معروف وعليه ديار بنى سعد وليس بالحجاز مكان يبرد فيه الماء ويجمد سواه.

لعلع: (3) من جبال الحجاز أيضا، ذكره الجوهرى وقال: كانت عنده وقعة مشهورة، وأنشد (من الطويل):(4)

لقد ذاق منّا عامر يوم لعلع

حساما إذا ما هزّ بالكفّ صمما

وأكثروا الشعراء أيضا من ذكره فى أشعارهم.

المحصّب: وهو من جبال مكّة ويشرف على ذى طوى، وقال الجوهرى:(5)

هو موضع بالحجاز وذكروه أيضا الشعراء المولّدين فى أشعارهم: كعمر بن أبى ربيعة المخزومى وأنظاره، وكذلك:

الجمار: بمنى، ويقال له قزح لأنّه أوّل ما رؤى عليه قوس قزح، قال الجوهرى:(6) وقوس قزح التى فى السماء غير مصروفة، قال: وقزح جبل المزدلفة.

مخاشن: (7) جبل بالحجاز.

المقطّم: جبل مصر، ويمتدّ إلى النوبة وهو جبل مبارك وتستحفّه بالديار المصريّة مقابر عدّة من الشهداء وجماعة كبيرة من الصحابة والتابعين دخلوا مصر

(1) الصحاح 1/ 191 ب

(2)

معجم البلدان 3/ 798؛ عجائب المخلوقات 1/ 169

(3)

الصحاح 3/ 1279 ب

(4)

ديوان حميد بن ثور 31

(5)

الصحاح 1/ 112 آ

(6)

الصحاح 1/ 306 ب

(7)

معجم البلدان 4/ 434

ص: 138

وتوفّوا بها ودفنوا فى سفحه، قال: ويمتدّ من النوبة إلى نعمان.

ونعمان: (1) جبل، وفيه واد فى طريق الطائف يخرج إلى عرفات، ذكره الجوهرى، قال: ويقال له نعمان الأراك، وقال ابن قتيبة: ونعمان جبل بالقرب من عرفة ويتّصل بوادى القرى ونواحيه، قال: وفى الحديث: خلق الله آدم من دحا ومسح ظهره بنعمان السحاب وشبه بالسحاب لأنّه يشرف على جبلى نعمان ويعلوهما.

يذبل: جبل بين اليمامة والبصرة، وكذا ذكره الجوهرى، (2) وقد ذكره الشعراء أيضا ومنهم: أبو العلاء المعرّى.

يلملم: وهو ميقات أهل اليمن فى الإحرام.

(121)

أبو قبيس: بمكّة، يقال إنّه أوّل جبل خلق على وجه الأرض وقد تقدّم، وروى عكرمة عن ابن عبّاس أنّه قال: هو أوّل جبل وضع فى الأرض وكان يقال له فى الجاهليّة: الأمين، لأنّ ركن البيت كان فيه مستودعا أيّام الطوفان، وهو إحدى الأخشبين المطلين على مكة: هذا مشرف على الصفا. والآخر يقال له:

الأحمر والأعرق، (3) وفى الحديث: لا نزول مكّة حتى تزول أخشباها، والأخشب:

الجبل العظيم.

قلت: وروى عبد الملك بن هشام (4) فى كتاب التيجان المختصّ بأخبار حمير ملوك اليمن: أنّه سمّى بأبى قبيس لوافعة كانت فى عهد جرهم أوّل زمان، وكان ابن سيّدهم يدعى الحرث وكانت له ابنة عم تسمى ليلى وكانا متحابيان (5) بألفة الصبى والمربا، وكان أبو قبيس يهوى ليلى أيضا وليس من أكفائها وكان يقنع منها فى

(1) الصحاح 5/ 2044 ب

(2)

الصحاح 4/ 1701 ب

(3)

قارن النهاية لابن الأثير 1/ 294،12؛ لسان العرب 1/ 342، -9

(4)

قارن كتاب التيجان 188، -3 - 197

(5)

متحابيان: متحابين

ص: 139

الحين بسرقة النظرة وهى لا تعلم، وكانت ابنة خال للحرث تسمّى رضوى، فبينا هى فى طواف البيت إذ أدركها عطش كادت تتلف منه فلم تنظر بالطواف من تدلّ عليه غير الحارث فكلمته بدالية القرابة وسألته شربة من الماء قأتاها بذلك وذلك بمرأى من ليلى عند بعد ومرأى من أبى قبيس فحمله الهوى إلى مكالمة ليلى وقال:

أتنظرين يا ليلى لما فعل الحارث؟ قالت: وما فعل؟ قال: إنّه لما انطار ضوى الماء أنشدها شعرا يتضمّن تعلّقه بحبّها وأجابته أنّ بها أضعاف ما به، قال: ولم يكن القوم يعرفون قبل ذلك كذبا ولا اختلافا، قال: فرجعت إلى أحياء أبيها وقال لترحلنّ بنا أو أعدم نفسى الحياة، قال: فأمر بالرحيل من وقته فبلغ ذلك الحارث فأتا ابنة عمّه فحلفت لا عادت تفاوضه بكلام واستمرّ رحيل القوم فحقّق الحارث الحال فوجده من أبى قبيس فاخترط سيفه وقصده فهرب منه فى أبى قبيس وهو هذا الجبل ولم يطلع (122) له بعدها على أثر ولا علم له خبر، فنسب الجبل إليه وسمّى باسمه.

قلت: ولنذكر هاهنا تتمّة الخبر وما كان من أمر الحارث وابنة عمّه ليلى لإكمال الفائدة ولما فيه من رقّة الشعر، قال عبد الملك بن هشام: وكان ممّا ألفاه أبو قبيس على لسان رضوى والحارث من الشعر أنّه قال لليلى لمّا سألته عن قولهما فقال: إن الحرث لمّا ناولها الإناء الماء أنشد (من الطويل): (1)(2)

إذا نحن خفنا الكاشحين فلم نطق

كلاما ما تكلّمنا بأعيننا شزرا (3)

فنقضى ولم يفطن (4)

لنا كلّ حاجة

ولم نظهر الشكوى ولم نهتك السترا

ولو قذفت أحشاؤنا ما تضمّنت

من الشوق (5) والبلوى إذن قذفت جمرا

(1) كتاب الزهرة 1/ 92،16 دون نسبة؛

(2)

: الكامل 426، -1، منسوب إلى الرقاشى الفضل بن عبد الصمد

(3)

شزرا: سرا الزهرة

(4)

يفطن: يعلم الزهرة

(5)

الشوق: الوجد الزهرة

ص: 140

قال فأجابته رضوى تقول (من الكامل): (1)

ومراقبين (2)

يكاتمان هواهما

جعلا الصدور لما تجنّ قبورا

يتلاحظان تلاحظا فكأنّما

يتناسخان من الجفون سطورا

قال: ثم إنّ الحرث آلا على نفسه لا يذوق طعاما ولا شرابا حتّى تعود ليلى إلى الأحياء، قال: وآلت ليلى على نفسها أنّها لا تعود حتى تزول الأخشبين، قال، وعاد الحرث هائما لا يذوق شيئا وله أشعار كثيرة فى مدّة سبع أيّام حتى قضى نحبه، فمنها وقد وقف على منهل وكان يوما صائفا وقد حميت الرمضاء والعطش قد زاد به فقال (من الكامل):

لو كنت أطلب حظ نفسى فى الهوى

وطلابه يرزى بمطلبيه

لم أجتنب ذاك الجناب وأرتضى

حر الهجير على مقيلى فيه

وأصد عن تلك الموارد حائما

والقلب يعلم أنّها ترويه

حسبى بحظّى أن تصحّ بأنّه

لا حظّ لى فى حبّكم أبغيه

قال: وكان آخر شعر قاله وفاضت نفسه (من الطويل): (3)

ذكرتك ذكرى هائم بك تنتهى

إليك أمانيه وإن لم يكن وصل

(123)

ولست بذكرى ساعة بعد ساعة

ولكنّها موصولة ما لها فصل

قال: ثم شهق شهقة فاضت فيها نفسه، قال: فبلغ خبره ليلى وعلمت أنّها ظلمته لما سعى به أبو قبيس فسألت كيف كان موته فأخبرت، فآلت على نفسها لا تتلمّص بزاد ولا تذوق ماء حتى يرد جمل أبيها ورده وكان لا يرد إلاّ عن عشر ليال، ولها أيضا أشعار كثيرة رقيقة فمن ذلك (من الطويل):

(1) كتاب الورقة 48،5، منسوب إلى محمد بن أبى أمية؛ عيون الأخبار 1/ 39،7؛4/ 85، -2؛ مختار من شعر بشار 63،7، دون نسبة

(2)

ومراقبين: وملاحظين الورقة||يكاتمان هواهما: تكاتما يهواهما عيون الأخبار|| الصدور: القلوب عيون الأخبار

(3)

كتاب الزهرة 200،2

ص: 141

ألا حبّذا البطحا (2) وطيب ترابها

وأرض خلاء يصدح الليل هامها

ونصّ المهارى العشيّان والضحى

إلى نفر وحى العيون كلامها

(1)

ومن شعرها واعتدّوا به فى الطبقة العليا فى معناه قولها (من الطويل): (3)

وما وجد ملواح عن الهيم حلّئت

عن الورد حتى جوفها يتصلصل (4)

تحوم وتغشاها العصىّ وحولها

أقاطيع أنعام تعلّ وتنهل

بأكثر (5)

منّى لوعة وتطلّعا

إلى الورد إلاّ أنّنى أتحمّل

قال: وفاضت نفسها فى اليوم الذى فاضت فيه نفس ابن عمّها الحارث وفى ساعته التى قضا فيها فدفنا جميعا فى لحد واحد، قال: ثم إنّ رضوى أيضا آلت على نفسها ما آلاه حتى لحقت بهما من غير هوى كان بها وإنّما قالت: أنا كنت السبب لذلك فأنا أحقّ بالموت منهما، قال عبد الملك بن هشام: فالحارث وليلى أوّلا متيّما فى العرب ماتا بعزّة النفس.

قلت: أما الشعر الأوّل الذى انتحله أبو قبيس على لسان الحارث الذى أوّله يقول:

إذا نحن خفنا الكاشحين فلم نطق. . .

(1) كتاب الزهرة 1/ 96،18؛1/ 269،8، دون نسبة؛ معجم البلدان 2/ 636، منسوب إلى أعرابى

(2)

البطحا: الدهنا كتاب الزهرة

(3)

كتاب الزهرة 1/ 308، -1؛ البيان والتبيين 3/ 55،2؛ كتاب الحيوان 3/ 104، -3؛ زهر الآداب 198،6؛ مختار من شعر بشار 55،7؛ كتاب العصا 319،6

(4)

عن: من الزهرة؛ البيان؛ الحيوان |؛ العصا||الورد: الماء الزهرة؛ البيان؛ الحيوان؛ العصا

(5)

بأكثر: بأعظم البيان؛ العصا||لوعة: غلة الزهرة؛ البيان؛ الحيوان؛ العصا

ص: 142

فقد أخذه سالم بن الوليد (1) فقال (من الطويل):

جعلنا ملامات (2)

المودّة بيننا

دقائق لحظ هنّ أخفى من السحر

فأعرف منها الوصل فى لين طرفها

وأعرف منها الهجر فى النظر الشزر

(124)

وقال العبّاس بن الأحنف (من الكامل): (3)

يا من يكاتمنى تغيّر قلبه

سأكفّ نفسى قبل أن تتبرّما

وأصدّ عنك وفى يديىّ بقيّة

من حبل ودّك قبل أن يتصرّما

يا للرجل لعاشقين توافقا

فتخاطبا من غير أن يتكلّما

حتى إذا خافا العيون وأشفقا

جعلا الإشارة بالأنامل سلّما

وقال البحترى (من الخفيف): (4)

يتبسّمن من وراء حواشى (5)

الربط

عن برد أقحوان الثغور

ويسارقن والرقيب قريب

لحظات يخلسن (6) سرّ الضمير

ضعف الدهر عن هوانا وما الدهر

على كلّ دولة بقدير

وكذلك معنى الشعر الثانى المنتحل على الحارث من أبى قبيس ليس بينهما فرق بل هو هذا المعنى بعينه، وكثير ما تمت الأحوال على أهل الضر، فورى عنها بضروب من العدد كقول أحمد بن أبى فنن (من الطويل):

(1) سالم: مسلم، غلط (2 - 3) ديوان مسلم بن الوليد 105 رقم 12،7 - 8

(2)

ملامات: علامات ديوان مسلم، تحريف

(3)

ديوان العباس بن الأحنف 237، رقم 469،1 - 4؛ زهر الآداب 948،9

(4)

ديوان البحترى 2/ 885،4، رقم 349،11 - 12

(5)

من وراء حواشى: من وراء شفوف الديوان

(6)

يخلسن: يعلن الديوان

ص: 143

(1)

ولما أبت (2) عيناى أن تملك البكاء

وأن يحبسا سحّ الدموع السواكب

ما ابت كيلا ينظر الدمع منكر

ولكن قليل ما بقاء التناؤب

أعرّضتمانى للهوى ونممتما

علىّ لبئس الصاحبان لصاحب

ولقى بشّار أبا العتاهية فقال له: يا أبا إسحق أنشدنى ما أحدث ما عملت فأنشده (من الكامل): (3)

ومسامر (4)

أضحى يسا

رقنى البكاء من الحياء

فإذا تفطّن لامنى

فأقول ما بى من بكاء

لكن ذهبت لأرتدى

فطرفت (5) عينى بالرداء

فقال: أحسنت إلاّ أنّك سرقته من قولى (من الوافر): (6)

كتمت عواذلى ما فى فؤادى

وقلت لهن ليتهم بعيد

(125)

ففاضت (7)

عبرة أشفقت منها

كأنّ مسيل وابلها فريد

فقالوا قد بكيت (8)

فقلت كلاّ

وهل يبكى من الطرب الجليد

ولكنى أصاب سواد عينى

عويد قذا له طرف حديد

فقالوا ما لدمعهما سواء

أكلتى (9) مقلتيك أصاب عود

لقبل دموع عينك خبّرتنا

بما جمجمت زفرتك الصعود

(1) أمالى القالى 1/ 70، -5

(2)

ما ابت: تثاءبت الأمالى، لعله تحريف ||قليل: قليلا الأمالى

(3)

ديوان أبى العتاهية 475، رقم 2،4 - 6

(4)

ومسامر-يسارقنى: كم من صديق لى أسارقه الديوان

(5)

فطرفت: فأصبحت الديوان

(6)

الأغانى (بولاق) 3/ 139،19؛ (دار الكتب 4/ 29،3)؛ أمالى القالى 1/ 49، -1؛ الزهرة 1/ 313،15 - 20

(7)

ففاضت: فجالت الأمالى ||كأن مسيل: تسيل كأن الأمالى

(8)

بكيت: جزعت الأمالى

(9)

كلتى: كلتا الأمالى

ص: 144

ومن ما ذكر فى هذا الشعر الطرب شعر رقيق يكاد يكون للروح اللطيف شقيق وهو (من البسيط): (1)

أتهجرون فتى أغرى بكن تيها

حقّا لدعوة صبّ أن تجيبوها

أهدى إليكم على بعد تحيّته

حيّوا بأحسن منها أو فردّوها

زمّوا المطايا (2)

غداة البين وارتحلوا

وخلّقونى على الأطلال أبكيها

شيّعتهم (3)

فاسترابونى فقلت لهم

إنّى بعثت مع الأجمال أحدوها

قالوا فما نفس (4)

يعلو كذا صعدا

وما لعينيك لا ترقى مآقيها

قلت التنفّس من تدآب (5)

سيركم

والعين تذرف دمعا من قذا فيها

حتى إذا ارتحلوا والليل معتكر

خفضت فى جنحه صوتى أناديها

يا من بها أنا هيمان ومختبل

هل لى إلى الوصل من عقبى أرجّيها

نفسى تساق إذا سيقت ركابيكم (6)

فإن عزمتم على قتلى فسوقوها

وأمّا شعر ليلى الذى أوّله تقول:

وما وجد ملواح عن الهيم حلئت. . .

فنظيره قول جميل بن معمر العذرى (من الطويل):

(1) أمالى القالى 1/ 79،5:(3 - 4)، (6 - 10)؛ حماسة الظرفاء 2/ 119، -1:(5)، (6)، (8)، (11)؛ كتاب الزهرة 1/ 313، -1:(5 - 7)؛ مختار من شعر بشار 261: (5 - 7)، سمط اللآلئ 265،3:(5)

(2)

المطايا: المطى سمط اللالئ

(3)

شيعتهم: تبعتهم حماسة الظرفاء

(4)

نفس: فنفسك حماسة الظرفاء||يعلو كذا صعد: يعلوك ذا صعدا الأمالى؛ هكذا صعدا حماسة الظرفاء||وما لعينيك: وما لعينك الأمالى؛ ودمع عينك حماسة الظرفاء؛ أم ما لعينك الزهرة

(5)

من تدآب: من إدمان حماسة الظرفاء؛ للآداب نحوكم الزهرة||والعين تذرف دمعا: ودمع عينى جار حماسة الظرفاء؛ وما عينى جار الزهرة

(6)

ركابيكم: ركابكم حماسة الظرفاء

ص: 145

(1)

وما صاديات حمن يوما وليلة

على الماء يغشين (2) العصىّ حوان

لواغب لا يصدرن عنه لوجهة

ولا هنّ من برد الحياض دوان (3)

يرين حباب الماء والموت دونه

منهنّ لأصوات السقاة روان (4)

(126)

بأكثر منى غلّة وصبابة

إليك ولكن الغدوّ عدانى

وقال أبو الهذيل ابن العلاّف: (5) لا يجوز فى دور الفلك ولا فى تركيب الطبائع، ولا فى القياس، ولا فى الحسّ، ولا فى الممكن، ولا فى الواجب: أن يكون محبّ ليس لمحبوبه إليه ميل.

وكان ليوسف بن القسم بن صبيح غلام أسود (6) نشأ فى بادية الأعراب فتولّع بجارية لبعض أهله فشكى إلى مولاه فضربه وحبسه وحلف ألاّ يطلقه إلاّ بعد شفاعة من شكاه فقيل للعبد وهو مسجون: أتحبّك طلابتك كما تحبّها أنت فقال (من الطويل):

كلانا سواء فى الهوى غير أنّها

تجلد أحيانا وما بى تجلّد

تخاف وعيد الكاشحين وإنّما

أحنّ (7) إليها حين أصى وأبعد

قال: فبلغ مولاه يوسف شعره فقال: وإن فيه لهذا الفضل فركب من وقته واحتال حتى أوصله إلى الجارية.

أخذ الناشئ هذا فقال (من الكامل): (8)

عيناك شاهدتان إنّك من

حرّ الهوى مجدين ما أجد

بك ما بنا لكن على مضض

تتجلّدين وما بنا جلد

(1) ديوان جميل 205، -4

(2)

يغشين: يخشين الديوان ||حوان: حوانى الديوان، تحريف

(3)

دوان: دوانى الديوان، تحريف

(4)

روان: روانى، تحريف

(5)

ابن العلاف: العلاف، غلط

(6)

أخبار الشعراء 162 - 4

(7)

أحن-أبعد: حنونى عليها حين أنهى وأبعد أخبار الشعراء

(8)

حياة الناشئ 100، رقم 29؛ مختار من شعر بشار 297،4؛ وراجع van Ess،Fruhe،nuctazilitische Haresiographie 751، - 7،

ص: 146