الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنّ حركات الكواكب الدائمة توجب الكون الطبيعى الدائم، وليس فى الحركات حركة تامّة غير المستديرة لأنّ المتحرّك بها لا يسكن لأنّه لا نهاية لحركتها بخلاف الحركات المختلفات لأنّها غير تامّة ولها نهايات فإذا انتهت سكنت، وضربوا لها مثلا فقالوا: وحركة النار والهواء إلى فوق وحركة الماء والتراب إلى أسفل، ولهم فى هذا اصطلاح عجيب، ويقال إنّ هذا كلّه كلام أفلاطن لأنّه أقام برصد الأفلاك سبعين سنة.
فصل
القول فى البروج
(1)
قال الله تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنّاها لِلنّاظِرِينَ»} (2) وآيات أخرى، قال الحسن البصرى: البروج القصور وفى السماء قصور مثل قصور الأرض، وقال أبو إسحاق الثعلبى فى تفسير قوله تعالى:{تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً»} (3)، قال: يعنى: منازل الكواكب السبعة السيّارة، وهى اثنا عشر برجا: الحمل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدى، والدلو، والحوت، فالحمل والعقرب بيتا المريخ، والثور والميزان بيتا الزهرة، والجوزاء والسنبلة بيتا عطارد، والسرطان بيت القمر، والأسد بيت الشمس، والقوس والحوت بيتا المشترى، والجدى والحوت بيتا زحل.
قال: وهذه البروج مقسومة على الطبائع الأربع فيكون نصيب كلّ واحد
(1) مأخوذ من مرآة الزمان 42 ب، -11
(2)
القرآن الكريم 15/ 16
(3)
القرآن الكريم 25/ 61؛ قارن جامع البيان 19/ 19؛ الجامع لأحكام القرآن 13/ 65؛10/ 9
منها ثلاثة بروج (34) وتسمّى المثلّثات: فالحمل والأسد والقوس مثلّثة ناريّة، والثور والسنبلة والجدى مثلّثة أرضيّة، والجوزاء والميزان والدلو مثلّثة هوائيّة، والسرطان والعقرب والحوت مثلّثة مائيّة.
قال: واختلف أهل التفسير فى معنى البروج فروى عن عطيّة العوفى فى تفسير الآية، قال: هى قصور فيها الحرس، دليله قوله تعالى:{وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ»} (1)، قال الأخطل:
(من البسيط):
كأنها برج رومىّ يشيّده
…
بان بجصّ وآجرّ وأحجار
(2)
وقال قتادة ومجاهد: هى النجوم، وقال عطاء: هى السرج وهى أبواب السماء التى تسمّى المحرّة، هذا كلام الثعلبى. قلت: وقد نصّ ابن عبّاس فى رواية الوالبى عنه أنّها البروج المعروفة التى أشرنا إليها.
وقال أبو حنيفة الدينورى: الناس يجمعون على أنّها اثنا عشر برجا لا يختلفون فى ذلك، وإنّ الله تعالى قسمها ترابيع وتثاليث، وهى مقسومة على الكواكب السبعة كما ذكرنا، قال الدينورى: وتسمّيها كلّ أمّة بلسانها ويتّفقون فى المعنى وكلّهم يبتدئ بالحمل على الترتيب المذكور، وقال أبو محمد عبد الجبّار المعروف بالخرقى فى كتاب التبصرة له: فالحمل ثلاثة عشر كوكبا، والخارج عن الصورة خمسة كواكب وصورته صورة كبش مقدمه إلى جهة المغرب ومؤخّره إلى المشرق وهو ملتفت إلى خلفه حتى صار خرطمه على ظهره، ومن كواكبه الشرطين من منازل القمر.
(1) القرآن الكريم 4/ 78؛ قارن الجامع لأحكام القرآن 5/ 282
(2)
ديوان الأخطل 1/ 163، -4، رقم 14، بيت 10 - -بان: بز ديوان الأخطل
والبرج الثانى: الثور، ثلاثة وثلاثون كوكبا، والخارج عن الصورة أحد عشر كوكبا، وهو على صورة النصف المقدّم من الثور، وقد نكس رأسه للنطح وقد قطع بنصفين على سرته، مقدمه إلى المشرق ومؤخّره إلى المغرب، من كواكبه الثريّا والدبران من منازل القمر.
والبرج الثالث: الجوزاء، وهى التوأمان، ثمانية عشر كوكبا، والخارج عن الصورة سبعة (35) كواكب، وصورته صورة صبيّين قائمين واحدهما قد وضع يده على منكب الآخر، رأسهما وسائر كوكبهما فى الشمال والمشرق على طرف المجرّة وأرجلهما إلى المغرب.
والبرج الرابع: السرطان، سبعة كواكب والخارج عن الصورة أربعة كواكب، مقدمه إلى ناحية المشرق ومؤخره إلى المغرب والجنوب على أثر التوأمين فإنّهما مائلان إلى الجنوب فى نفس المجرّة.
والبرج الخامس: أسد، (1) سبعة وعشرون كوكبا، والخارج عن الصور ثمانية كواكب وصورته تامّة، ومن كواكبه قلب الأسد كوكب نيّر.
والبرج السادس: السنبلة، وتعرف بالعذراء، ستّة وعشرون كوكبا، والخارج عن الصورة ستّة كواكب صورتها صورة جارية ذات جناحين قد أرسلت ذيلها ورأسها على الصرفة وهى كوكب نيّر على كتفها الأيسر.
والبرج السابع: الميزان، ثمانية كواكب، وصورته كاسمه والخارج عن الصورة تسعة كواكب.
والبرج الثامن: العقرب، أحد وعشرون كوكبا، والخارج عن الصورة ثلاثة كواكب وصورتها تامّة ومن كواكبها قلب العقرب كوكب نيّر.
(1) أسد: الأسد.
والبرج التاسع: القوس، ويسمّى الرامى، أحد وثلاثون كوكبا خلف كواكب العقرب، وصورته صورة حيوان مركّب من إنسان وفرس كأنّه جسد دابّة إلى العنق ثم يبرز منه فى مغرز العنق نصف رجل قد وضع السهم فى القوس.
والبرج العاشر: الجدى ثمانية وعشرون كوكبا وهو على النصف على صورة النصف المقدّم من جدى والثانى مؤخر سمكة إلى ذنبها.
والبرج الحادى عشر: الدلو، ويعرف بساكب الماء، اثنان وأربعون كوكبا، الخارج عن الصورة ثلاث كواكب، وصورته صورة رجل قائم مادّ اليدين بأحدهما كوز قد قلبه وانصبّ الماء (39) إلى مقام رجليه وجرى الماء من تحتها إلى الجنوب ويسمّى الدالى أيضا.
والبرج الثانى عشر: الحوت، أربعة وثلاثون كوكبا، والخارج عن الصورة أربعة كواكب، وصورته صورة سمكتين قد وصل ذنب إحداهما بذنب الأخرى بخيط يسمّى خيط الكتّان، قال الخرقى: فجملة هذه الكواكب ثلاثمائة، وفى قول غيره ثلاثمائة وأربعون كوكبا.
قلت: (1) وقد ذكر المسعودى عن الحكماء المتقدّمين: أنّ الله تعالى جمع الذرارىّ فى الحمل وجعل الشمس ملكا وعطارد كالكاتب للشمس والمشترى كالقاضى للفلك والمرّيخ كالشرطى وبمن يحمل السلاح والقمر كالخازن والزهرة كالصاحبة وزحل كالشيخ المشير (2) والجوزهر مقدّم لأمر الملك.
وذكر (3) أنّ الكواكب الثابتة ألف وعشرون كوكبا تقطع البروج فى ثلاثة آلاف سنة وتقطع الفلك كلّه فى ستة وثلاثين ألف سنة، ويزعمون عن قولهم:
(1) أخبار الزمان 6،3
(2)
مشير: مشاور أخبار الزمان
(3)
وذكر: أخبار الزمان 6،10
أنّ الله تعالى جعل إليها تدبير العالم الأرضى وهى التى كانت تعمل الأعمال وبها كانت جميع الأمور وأنّ الله تعالى وكلّها لذلك ولتدبير الخلق الدنياوى، فلذلك كانت الأمم القديمة يعبدونها.
وقال أيضا المسعودى عن الحكماء الأوائل: (1) إنّ الكواكب ملائكة وإنّه عز وجل جعل لها تدبير العالم ما لم يجعله لغيرها فلذلك عظّموها.
وقال المسعودى: (2) قال صاحب الطبيعة: إنّ الأفلاك لما تمّ خلقها كانت كالأجسام والكواكب كالأرواح لها، وذكر عن هرمس أنّه قال: لما خلق الله تعالى البروج قسم ذواتها فى سلطانها، فجعل للحمل اثنا عشر ألف سنة، وللثور إحدى عشرة ألف سنة، وللجوزاء عشرة آلاف سنة، وللسرطان تسعة آلاف سنة، وللأسد ثمانية آلاف سنة، وللسنبلة سبعة آلاف سنة، وللميزان ستة آلاف سنة، وللعقرب خمسة آلاف سنة، وللقوس (37) أربعة آلاف سنة، وللجدى ثلاثة آلاف سنة، وللدالى ألفى سنة، وللحوت ألف سنة، قال: ولم يكن فى عدد الحمل والثور والجوزاء حيوان مخلوق وذلك ثلاثة وثلاثين ألف سنة ولا فى الأرض عالم روحانى، فلمّا كان عالم سلطان السرطان تكوّنت فيه هوامّ الأرض، ولما استقام الأسد فى سلطانه تكوّنت الدوابّ ذوات الأربع، ولمّا دخل سلطان السنبلة تكوّن الإنسان أد مانوس وحيوانوس، وخلقت الأرض بسلطان الميزان.
قلت: هذا كلام خرافة لا يصحّ فى النقل ولا يتصوّر فى العقل وإنّما ذكرته كونه ذكر أيضا.
(1) أخبار الزمان 7،5
(2)
أخبار الزمان 7، -4
وقال المسعودى عن هرمس: (1) إنّ الكواكب حيّة ناطقة حسّاسة، ومنهم من قال إنّ لها حاسّيّة السمع والبصر واللمس وليس لها حاسّيّة الذوق والشمّ لأنّها مشتغلة عن ذلك بما سواه، ومنهم من قال إنّ سيرها اختيارى، ومنهم من قال إنّ سيرها اضطرارى، والله أعلم.
قلت: وقد ذكر الجوهرى فى صحاحه هذه البروج وأخلّ بالبعض فقال:
الحمل (2) أوّل البروج، والثور برج فى السماء، والجوزاء نجم يقال إنّها تعترض فى جوز السماء، أى فى وسطها وجوز كلّ شئ وسطه والجمع الأجواز، قال:
والسرطان (3) برج فى السماء، ولم يذكر الأسد، قال: والسنبلة برج فى السماء، ولم يذكر الميزان، قال: والعقرب (4) برج فى السماء وكذلك القوس والجدى والدلو والحوت، قال: والجدى نجم فى السماء إلى جانب القطب تعرف به القبلة، ولم يتعرّض الجوهرى لعدد الكواكب وصورها.
وأمّا ما يخصّ كلّ برج من البلدان (5) فقد قال علماء الهيئة: للحمل بابل وفارس وآذربيجان، وللثور همذان والأكراد، وللجوزاء جرجان (38) وكيلان وموقان، وللسرطان الصين وشرقى خراسان، وللأسد الترك والسغد وما والاها، وللسنبلة الشأم والجزيرة ودجلة والفرات، وللميزان الروم إلى إفريقية وصعيد مصر والحبشة والعرب وتهامة والحجاز واليمن، وللقوس بغداد إلى إصبهان، وللجدى نهر مكران وعمان والبحرين والهند، وللدلو الكوفة وبعض أطراف الحجاز، وللحوت طبرستان وله شركة فى الروم والجزيرة والشأم ومصر والاسكندريّة.
(1) أخبار الزمان 8 - 4
(2)
الحمل: الصحاح: /1677 ب--النور: الصحاح 6/ 607 آ--الجوزاء: الصحاح 2/ 868 ب
(3)
السرطان: الصحاح 3/ 1131 آ-- السنبلة: لم يذكرها
(4)
العقرب: الصحاح 1/ 188 آ--الجدى: الصحاح 6/ 2299 آ
(5)
مأخوذ من مرآة الزمان 43 ب، -12