المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر الأعرقين من كل طبقةوالمتنافسين فى أحوال مختلفة - كنز الدرر وجامع الغرر - جـ ١

[ابن الدواداري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المصنف

- ‌نستفتح الكلام بحديث ورد عن خير الأنام

- ‌فصل فى حدث العالم وإثبات الصانع جلّ ذكره

- ‌فصل [ولا يجوز أن يكون له ولد لوجوه

- ‌فصل [ولا يجوز عليه النوم لوجوه

- ‌فصل [فإن قيل فالملائكة لا تنام فقد شاركت البارئ فى هذه الحالة؛ فالجواب

- ‌فصل [والبارئ سبحانه ليس بجسم، وقالت الكرّاميّة

- ‌ذكر أوّل مقامة من مقامات ابن الجوزى يليق ذكرها هاهنا

- ‌فصلفى بداية المخلوقات

- ‌فصلفى حدّ الزمان والأيّام

- ‌فصلفى ذكر خلق السموات والآثار العلويّات

- ‌فصلالقول فى البروج

- ‌فصلفى قسمة الزمان الأربعة فصول وذكر الرياح الأربع

- ‌فصلفى ذكر الشمس والقمر والنجوم الثابتة والسيّارة وغيرها

- ‌رجع ما انقطع:

- ‌وأمّا القمر:

- ‌ذكر منازل القمر

- ‌ذكر النجوم والكواكب الثابتة وغيرها

- ‌فصلفى ذكر البيت المعمور

- ‌فصلفى ذكر سدرة المنتهى وشجرة طوبا

- ‌فصلفى ذكر العرش العظيم والكرسى الكريم

- ‌فصلفى ذكر الملائكة المقرّبين والروحانيّين والكروبيّين

- ‌فصلفى ذكر الجنّة وما لله على عباده فى خلقها من المنّة

- ‌ذكر خلق الأرضين وما فيها من المخلوقينومدّة التصوير والتكوين

- ‌فصلفى ذكر أشهر الأمم

- ‌فصلفى معرفة التأريخ وما قيل فيه

- ‌فصلفى ذكر أوّل المخلوقات

- ‌(83) ذكر البيت الحرام

- ‌ذكر مساحة الأرض ومقدار طولها والعرض

- ‌ذكر الأقاليم السبع وهى المعمور من الأرض

- ‌ذكر إقليم الهند: الأول

- ‌ذكر إقليم الحجاز: الثانى

- ‌ذكر إقليم الشام: الثالث

- ‌ذكر إقليم العراق: الرابع

- ‌ذكر إقليم الروم: الخامس

- ‌ذكر إقليم الترك: السادس

- ‌ذكر إقليم الصين: السابع

- ‌ذكر البلدان وما فيها من السكّان

- ‌فصلفى فضل دمشق وما جاء من الأخبار وتبعها من الآثار

- ‌(113) فصلفى ذكر الجبال والهضبات والرمال

- ‌رجع ما انقطعذكر تتمّة الجبال

- ‌ذكر الهضاب والتلال والتلاع والرمال

- ‌ذكر القلاع المشهورة

- ‌فصل فى ذكر البحار والجداول والأنهار

- ‌ذكر البحر الشرقى وعجائبه

- ‌ذكر لمعا من المعادن التى كالخزائن

- ‌ذكر البحر الرومى وعجائبه

- ‌ذكر مبادئ البحار

- ‌ذكر الجزائر وما فيها من العجائب والجواهر

- ‌ذكر الجزر والمدّ وما قيل فى ذلك

- ‌ذكر العيون والأنهار وما ورد فيها من الأخبار

- ‌ذكر ما ورد من الأثر من كلام علىّ عليه السلام

- ‌ذكر النيل وما ورد فيه من الأقوال

- ‌ذكر الفرات ومبدأها ومنتهاها

- ‌ذكر دجلة ومبتدأها ومنتهاها

- ‌ذكر سيحون وهو نهر الهند

- ‌ذكر جيحون وهو نهر بلخ

- ‌ذكر سيحان وجيحان وهما نهران أيضا

- ‌ذكر أنهار الشام

- ‌ذكر أنهار العراق

- ‌ذكر ما فى الدنيا من العجائب وفنون الغرائبذكر عجائب المشرق

- ‌ذكر عجائب العراق

- ‌وأمّا عجائب بلاد الموصل

- ‌وأمّا عجائب بلاد اليمن

- ‌وأمّا عجائب الشآم ومصر والمغرب

- ‌رجع ما انقطع

- ‌ذكر عجائب المغرب

- ‌ذكر الطبائع

- ‌ذكر سكّان الأرض من أوّل زمان

- ‌ذكر من ملكها وقطع سبلها وسلكها

- ‌ذكر الحنّ والبنّ والطمّ والرمّ

- ‌ذكر إبليس والزهرة وهاروت وماروتمن تأريخ جدع بن سنان

- ‌(216) رجع ما انقطع

- ‌ذكر إبليس وأولاد وجنوده وحشوده

- ‌(221) ذكر أولاده الخمسة

- ‌ذكر الجن رواية ابن الجوزى

- ‌ذكر الجنّ وعدّة قبائلهم وأصنافهم

- ‌ذكر الأمم المخلوقة من رواية المسعودى

- ‌ذكر الأمم المخلوقة بإزاء منازل القمر

- ‌ومن عجائب الدنيا

- ‌(238) ذكر النار أجارنا الله من عذابها

- ‌ذكر من تحت الأرض من السكانوهل ذلك خلا أم ملا حسب الإمكان

- ‌المقامة الرابعة والأربعون لابن الجوزى رحمه الله

- ‌تفسير الغريب من هذه المقامة

- ‌ذكر المنظوم والمنثور فى الأثمار والزهور

- ‌المحاضرة الأولة: وهى الربيعية

- ‌رجع الكلام إلى التّنين المسمّى بظنين

- ‌(257) النرجس

- ‌البنفسج

- ‌الآس

- ‌الريحان

- ‌البان

- ‌الأقحوان

- ‌السوسن

- ‌الياسمين

- ‌(264) الشقيق

- ‌النيلوفر

- ‌النسرين

- ‌الثامر

- ‌الجلّنار

- ‌(268) المنثور

- ‌(269) رجع الكلام إلى التنين المسمى ظنين

- ‌التفاح

- ‌السفرجل

- ‌الكمثرى

- ‌(273) المشمش

- ‌الخوخ الزهرى

- ‌الرمان

- ‌الكروم والأعناب

- ‌(276) العنب الأبيض

- ‌العنب الأسود

- ‌(277) التين

- ‌النخيل وأثمارها

- ‌ولنعود لذكر النخيل

- ‌البسر الأحمر

- ‌اللوز الأخضر

- ‌الجوز الأخضر

- ‌النبق

- ‌الفستق

- ‌الموز

- ‌العنّاب

- ‌القسطل

- ‌الأترجّ

- ‌النارنج

- ‌الباذنجان

- ‌القثّاء

- ‌الخيار

- ‌البطيخ الأصفر

- ‌البطيخ الأخضر

- ‌الفول الأخضر

- ‌الكتّان

- ‌فصل الربيع

- ‌فصل الصيف

- ‌فصل الخريف

- ‌فصل الشتاء

- ‌رجع الكلام إلى التنّين المسمّى ظنين

- ‌المحاضرة الثانية: الأوائليةوما لخص منها فى هذا التأريخ

- ‌(333) ذكر أشراف الكتّاب من أوّل زمان

- ‌ذكر كتّاب الإسلام

- ‌ذكر من كتب بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر الكتّاب الذين صاروا خلفاء

- ‌ذكر سائر أشراف الكتّابمن الصدر الأوّل فى الإسلام

- ‌ذكر الأعرقين من كل طبقةوالمتنافسين فى أحوال مختلفة

- ‌مصادر التحقيق

- ‌تصويبات ومستدركات

الفصل: ‌ذكر الأعرقين من كل طبقةوالمتنافسين فى أحوال مختلفة

يتيمة الدهر لأبى منصور الثعالبى ومن سلك طرقهم من أمثالهم رحمة الله عليهم، (336) وذكرنا لذلك فى هذا الجزء الأوّل وإن كانوا فى غير محلّهم فلفوائد منها أن يسهل ذلك على من يقصد حفظهم، ومنها أن يسهل أيضا الكشف عنهم ومنها أن يفهم أسماؤهم وأزمانهم لتحقيق ما يأتى من ذكرهم فى تواريخهم.

‌ذكر الأعرقين من كل طبقة

والمتنافسين فى أحوال مختلفة

(1)

قال أصحاب الأخبار والنقلة للآثار: إنّ أعرق الأنبياء فى النبوّة- ولسيّدنا محمّد الشرف الرفيع، والجمال البديع-يوسف فإنّه يوسف صديق الله ابن يعقوب إسرائيل الله ابن إسحق ذبيح الله مع خلف فيه ابن إبراهيم خليل الله ولا يعرف نبى ابن نبى ابن نبى سواه صلوات الله عليهم.

أعرق الأكاسرة فى الملك شيرويه بن أبرويز بن هرمز بن أنو شروان بن قباذ بن فيروز بن يزدجرد بن بهرام جور بن يزدجرد الأثيم بن بهرام بن شابور بن هرمز بن نرشى بن بهرام بن بهرام بن شابور بن أردشير بن بابك، عدّة عشرين ملك إلى بابك جدّه.

وأعرق الخلفاء فى الخلافة المنتصر ابن المتوكّل ابن المعتصم ابن الرشيد ابن المهدى ابن المنصور وكذلك أخواه المعتزّ والمعتمد.

فمن عجائب التأريخ أنّ أعرق الأكاسرة فى الملك وهو شيرويه المذكور قتل أباه أبرويز واستولى على الملك فلم يعش بعده إلاّ ستة أشهر.

(1) -401 جمرد شئ: مأخوذ من لطائف المعارف 63 - 74

ص: 395

وأعرق الخلفاء فى الخلافة وهو المنتصر قتل أباه المتوكّل واستولى على الخلافة فلم يعش بعده إلاّ ستّة أشهر، وسيأتى ذكر ذلك مفصّلا معنعنا (1) إن شاء الله تعالى.

أعرق ملوك العرب فى الملك: النعمان بن المنذر بن امرئ القيس بن النعمان ابن امرئ القيس بن عمرو بن عدىّ اللخمى.

أعرق الناس فى الملك والخلافة من كلا طرفيه: يزيد بن الوليد بن عبد الملك ابن مروان، هو خليفة وأبوه (337) خليفة وجدّه خليفة وأبو جدّه خليفة وعمومته خلفاء، وأمّه شاه فرند بنت فيروز بن يزدجرد بن شهريار، وأمّها من بنات شيرويه، وأمّ فيروز بنت خاقان ملك الترك، وأمّ شيرويه مريم بنت قيصر ملك الروم سيرين (2) ابن ابردنير، ويزيد القائل (من الرجز):

أنا ابن كسرى وأبى مروان

وقيصر جدّى وجدّى خاقان

أعرق الوزراء فى الوزارة أبو (3) على بن الحسين بن القسم بن عبيد الله بن سليمان ابن وهب وأخوه أبو جعفر محمد بن القسم، فإنّ أبا علىّ وزر للمقتدر وأبا جعفر وزر للقاهر، وأباهما القسم وزر للمعتضد وللمكتفى بعده، وعبيد الله وزر للمعتضد أيضا، وسليمان وزر للمهتدى وبعده للمعتمد وكلّ من الحسين ومحمد وزير ابن وزير (4) ابن وزير ابن وزير، وفى أحدهما يقول الشاعر (من الرمل):

يا وزير ابن وزير اب

ن وزير ابن وزير

نسقا كالدرّ إذ ينظم

فى عقد النحور

أعرق الناس فى صحبة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الرحمن ابن أبى بكر ابن أبى قحامة فإنّ أربعتهم رأوا النبى صلى الله عليه وسلم وصحبوه.

(1) معنعنا: وكذا

(2)

سيرين-ابردنير: تحريف

(3)

أبو-الحسين: أبو على الحسين لطائف المعارف

(4)

ابن وزير ابن وزير: ابن وزير، غلط ابن الدوادارى

ص: 396

أعرق الأشراف فى العما عبد الله بن عبّاس ابن عبد المطلّب فإنّ كلاّ منهم عمى فى آخر عمره.

أعرق الناس فى القتل عمارة بن حمزة بن مصعب بن الزبير بن العوّام بن خويلد، ولا يعرف فى العرب والعجم ستّة مقتولين فى نسق إلاّ فى آل الزبير.

وبيان ذاك أنّ عمارة وحمزة فتلا معا يوم قديد فى حرب الإباضيّة، وقتل مصعب بدير الجائليق فى معركة الحرب بينه وبين عبد الملك بن مروان لما نذكره، وقتل الزبير بوادى السباع فى حرب الجمل لما نذكره أيضا، وقتل العوّام فى حرب الفجار، وقتل خويلد فى حرب خزاعة.

أعرق القضاة فى الصدر الأوّل بلال (338) ابن أبى بردة ابن أبى موسى الأشعرى، فإنّ بلالا كان قاضيا على البصرة، وأباه أبا بردة كان قاضيا على الكوفة، وأبا موسى كان قاضيا لعمر بن الخطّاب رضى الله عنه قبل أن ولى له البلاد وفتح الفتوح، وكذلك سوّار بن عبد الله بن سوّار، كان قاضيا للرشيد على البصرة وأبو عبد الله بن سوّار كان قاضيا للمهدى وأبوه سوّار بن قدامة كان قاضيا للمنصور.

أعرق الناس فى الفقه إسماعيل بن حمّاد ابن أبى حنيفة كان فقيها وحمّاد كان فقيها وليس كأبيه وأبو حنيفة رحمه الله فى الفقه لم يسبق ولم يلحق.

أعرق الناس فى حجابة الخلفاء العبّاس بن الفضل بن الربيع فإنّ العبّاس حجب الأمين والفضل حجب الرشيد ثم وزر له بعد البرامكة لما نذكر من ذلك، والربيع حجب المنصور والمهدى، وفيهم يقول أبو نواس (من الكامل):

ص: 397

(1)

ساد الأنام (2)

ثلاثة ما منهم

إن حصّلوا إلاّ أغرّ قربع

ساد الربيع وساد فضل بعده

ونمت (3) بعبّاس الكريم فروع

عبّاس عبّاس إذا حمى الوغا (4)

والفضل فضل والربيع ربيع

أعرق الناس فى الجود: عمر بن عبد الله بن صفوان بن أميّة بن خلف كلّهم أجواد متناسقون وكلّ منهم له أفعال حسان فى الجاهليّة والإسلام.

أعرق الناس فى الغدر: عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس بن معدى كرب فإنّ عبد الرحمن غدر بالحجّاج بن يوسف لمّا ولاّه البلاد فخرج عليه وواقعه زهاء وثمانين وقعة وكان آخرها دائرة السوء عليه لما نذكره، وغدر محمّد بن الأشعث بأهل طبرستان وكان عبيد الله بن زياد ولاّه إياها فصالح أهلها وعقد لهم ثم عاد إليهم غادرا فأخذوا عليه الشعاب وقتلوا ابنه أبا بكر وفضحوه، وغدر الأشعث بن قيس ببنى الحارث بن كعب غزاهم (339) فأسروه فقدى نفسه بثلاثة ألف بعير فأعطاهم ألفين وبقيت عليه ألف فلم يؤدّها حتى جاء الإسلام فهدم ما كان فى الجاهليّة.

وكان بين قيس بن معدى كرب ومراد عهدا إلى أجل، فغزاهم فى آخر يوم من الأجل وكان ذلك يوم الجمعة وكان يهوديّا فقال: لا يحلّ لى القتال غدا لأنّه السبت فقاتلهم فقتلوه ومزقوا جيشه، وغدر معدى كرب بمهرة وكان بينهم وبينه عهدا فغزاهم ناقضا للعهد فقتلوه وبقروا بطنه فملأوه حجارة وحصى.

أعرق الناس فى الشعر آل حسّان، قال المبرّد، وهو أبو العباس محمد بن يزيد بعيد المصوت فى الأعيان من الأدباء والنحويين الذين يؤخذ عنهم ويقتبس منهم،

(1) ديوان أبى نواسى 415،2

(2)

الأنام: الملوك الديوان

(3)

ونمت: وعلت الديوان

(4)

حمى الوغا: احتمد الوغى الديوان

ص: 398

والناس فى سبب تلقيبهم إياه بالمبرّد على قولين أحدهما: أنّه استحقّ ذلك لقول الشاعر فيه (من البسيط):

إنّ المبرّد ذو برد على أدبه

فى الجدّ منه إذا ما شبت أو لعبه

وقلّ ما أبصرت عيناك من رجل

إلاّ ومعناه أن فكرت فى لقبه

والآخر أنّه لقّب بذلك على الضدّ كما لقّب الغراب بالأعور والمثل يضرب به فى حدّة البصر.

قال المبرّد: كان يقال: أعرق قوم فى الشعر آل حسّان فإنّهم يعدّون ستّة فى نسق كلّهم شاعر، وهم: سعيد ابن عبد الرحمن بن حسّان بن ثابت بن المنذر بن حرام حتى جاء آل أبى حفصة وتوارثوا الشعر كابر عن كابر وتناسق منهم عشرة على الولاء مذكورين بالشعر، أنشدوا الخلفاء وأجزوا الجوائز، فأوّلهم أبو حفصة مولى عثمان كان شاعرا، وهو القائل يوم الجمل وقد شهد الموقف مع مروان بن الحكم من قصيدة رجز:

إنّى لورّاد حياض الشرّ

معاودا للكرّ بعد الكرّ

(340)

ثم يحيى ابن أبى حفصة وهو القائل (من البسيط):

يا ليت أيّام لذات الصبى رجعت

هيهات ذلك شئ ليس مرتجعا

ثم سليمان بن يحيى وهو القائل (من الطويل):

وقائلة ما بال مالك ناقص (1)

وأموال أقوام سواك تزيد

فقلت لها إنّى أجود بما حوت

يداى وبعض القوم ليس يجود

ثم مروان بن سليمان وهو القائل (من الكامل):

أنّى يكون وليس <ذاك> (2)

بكائن

لبنى البنات وراثة الأعمام

ألقى سهامهم الإله فحاولوا

أن يشرعوا فيها بغير سهام

(1) ناقص: ناقصا لطائف المعارف

(2)

ذاك: لطائف المعارف

ص: 399

ثمّ أبو الجنوب ابن مروان وهو القائل يخاطب الرشيد فى خلافة الهادى (من الوافر):

أمير المؤمنين <اليوم> (1)

موسى

وأنت غدا أمير المؤمنينا

سنختار الخلافة بعد موسى

وإن رغمت أنوف الحاسدينا

رأيت أباك أورثها بنيه

وأنت كذاك تورثها البنينا

فطلبه الهادى فهرب إلى البادية.

ثم مروان ابن أبى الجنوب وهو القائل يخاطب المأمون (من الطويل):

ولو علمت فوق الخلافة غاية

تنال بمحمد فى الحياة لنالها

ويخاطب المعتصم أيضا (من البسيط):

لمّا دخلت على معصوم أمّته

خليفة الله أدنانى وأغنانى

مثل العطايا التى أعطى أبوه أبى

وجدّه المصطفى المهدىّ أعطانى

ثم يحيى بن مروان وهو القائل (من البسيط):

قل للاّلى جعلونى نصب أعينهم

لا تجعلونى من أغراضكم غرضا

ثم مروان بن يحيى وكان من أنصب الناس وأحضاهم (2) بالشعر، وهو القائل (من الطويل):

سلام على جمل وهيهات من جمل

ويا حبّذا جمل وإن صرمت حبلى

وهى قصيدة طويلة صنت الكتاب عن تتمّتها.

(341)

ثم محمود بن مروان وهو القائل يخاطب المنتصر (من الطويل):

لقد طال عهدى بالإمام محمّد

وما كنت أخشى أن يطول به عهدى

فأصبحت ذا بعد ودارى قريبة

فيا عجبا من قرب دارى ومن بعدى

(1) اليوم: لطائف المعارف

(2)

أحضاهم: أحظاهم

ص: 400

ثم متوّج بن محمود بن مروان بن يحيى بن مروان ابن أبى الجنوب بن مروان ابن سليمان بن يحيى بن أبى حفصة، وكان ردئ الشعر لا يساوى بياضه، حكى الصولى قال: كنت يوما عند عبد الله بن المعتزّ فقرئ بحضرته شعر لمتوّج وكان رديئا فقال: أشبه لكم شعر آل أبى حفصة وتناقصه حالا بعد حال؟ فقلنا: إن شاء الأمير، فقال: كأنّه ماء سخّن لعليل فى قدح ثم استغنى عنه، فكان إلى أيّام مروان على حرارته ثمّ انتهى إلى أبى الجنوب وقد نقص حرّه، ثم انتهى إلى مروان وقد فتر، ثم انتهى إلى يحيى وقد تناقص فترة، ثم انتهى إلى أبى السمط وقد برد، ثم انتهى إلى محمود وقد ثخن لبرده، ثم انتهى إلى متوّج هذا وقد جمد وليس بعد الجمود شئ.

وممّا يحكى أنّ بشّار بن برد الآتى ذكره فى تأريخه إن شاء الله تعالى دخل على عقبة بن مسلم بن قتيبة فأنشده مديحا وعنده عقبة بن رؤبة فأنشده أرجوزة ثم أقبل على بشّار فقال: هذا طراز لا تحسنه يا أبا معاذ! فقال بشّار: والله لأنا أرجز منك ومن أبيك! ثمّ غدا على عقبة بن مسلم من الغد فأنشده أرجوزة التى منها يقول: (1)

يا طلل الحىّ بذات الضّمد

بالله خبر (2) كيف كنت بعدى

منها:

الحرّ يلحى (3)

والعصى للعبيد

وليس للملحف مثل الردّ

(1) ديوان بشار بن برد 2/ 156،2

(2)

خبر: حدث الديوان

(3)

يلحى: يوصى الديوان

ص: 401

وهى طويلة محشوّة غريب المعانى، فلمّا سمع ابن رؤبة ما فيها من الغريب (342) قال: أنا وأبى وجدّى فتحنا باب الغريب للناس وإنّى لخليق أن أنشده عليهم، فقال بشّار: ارحمهم يرحمك الله! فقال: أتستخفّ بى وأنا شاعر ابن شاعر ابن شاعر؟ قال بشّار: أنت اذا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا فضحك كلّ من حضر.

ولبشّار نوادر غريبة وأشعار عجيبة نذكرها إن شاء الله فى مكانها اللائق بها بمعونة الله وحسن توفيقه.

وإلى هاهنا فى هذا الجزء حططنا حمول الكلام للتعريس، وأنخنا مطايا العيس، ووافق الفراغ منه اليوم المبارك الثالث والعشرين من شهر ذى الحجّة سنة اثنين وثلاثين وسبع مائة الهجريّة النبويّة على صاحبها فضل الصلوات وأزكى التحيات بخطّ يد واضعه ومصنّفه وجامعه ومؤلّفه أضعف عباد الله وأفقرهم إلى الله أبو بكر ابن عبد الله بن أبيك صاحب صرخد كان عرف الوالد بالدوادارى انتسابا لخدمة الأمير المذكور سيف الدين بلبان الرومى، الدوادار الظاهرى تغمّدهم الله برحمته وأسكنهم جنّته بمنّه وكرمه ورأفته.

يتلو ذلك فى الجزء الثانى منه ما مثاله بعد التحميدة ذكر انقضاء مدّة العالم وابتدائه ويتلو ذلك بذكر خلق آدم عليه السلام، ومنه نستفتح الكلام والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله وصحبه أجمعين، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

ص: 402