المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كيفية وحي الله إلى ملائكته: - مباحث في علوم القرآن لمناع القطان

[مناع القطان]

فهرس الكتاب

- ‌مباحث في علوم القرآن

- ‌مقدمة

- ‌التعريف بالعلم وبيان نشأته وتطوره:

- ‌القرآن

- ‌مدخل

- ‌تعريف القرآن:

- ‌أسماؤه وأوصافه:

- ‌الفرق بين القرآن والحديث القدسي:

- ‌الفرق بين الحديث القدسي والحديث النبوي:

- ‌ الوحي:

- ‌إمكانية الوحي ووقوعه:

- ‌معنى الوحي:

- ‌كيفية وحي الله إلى ملائكته:

- ‌كيفية وحي اللله إلى رسله

- ‌كيفية وحي المَلَكِ إلى الرسول:

- ‌شُبَهُ الجاحدين على الوحي:

- ‌متاهات المتكلمين:

- ‌المكي والمدني

- ‌مدخل

- ‌عناية العلماء بالمكي والمدني وأمثلة ذلك وفوائده

- ‌مدخل

- ‌أمثلة:

- ‌فوائد العلم بالمكي والمدني:

- ‌معرفة المكي والمدني وبيان الفرق بينهما:

- ‌الفرق بين المكي والمدني:

- ‌مميزات المكي والمدني

- ‌مدخل

- ‌ضوابط المكي ومميزاته الموضوعية:

- ‌ضوابط المدني ومميزاته الموضوعية:

- ‌معرفة أول ما نزل وآخر ما نزل

- ‌مدخل

- ‌أول ما نزل:

- ‌آخر ما نزل:

- ‌أوائل موضوعية:

- ‌فوائد هذا المبحث:

- ‌أسباب النزول

- ‌مدخل

- ‌عناية العلماء به:

- ‌ما يُعْتَمد عليه في معرفة سبب النزول:

- ‌تعريف السبب:

- ‌فوائد معرفة سبب النزول:

- ‌العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب:

- ‌صيغة سبب النزول:

- ‌تعدد الروايات في سبب النزول:

- ‌تعدد النزول مع وحدة السبب:

- ‌تقدم نزول الآية على الحكم:

- ‌تعدد ما نزل في شخص واحد:

- ‌الاستفادة من معرفة أسباب النزول في مجال التربية والتعليم:

- ‌المناسبات بين الآيات والسور:

- ‌نزول القرآن

- ‌مدخل

- ‌نزول القرآن جملة:

- ‌نزول القرآن مُنَجَّمًا:

- ‌حكمة نزول القرآن منجما

- ‌مدخل

- ‌ الحكمة الأولى: تثبيت فؤاد رسول الله، صلى الله عليه وسلم

- ‌ الحكمة الثانية: التحدي والإعجاز

- ‌ الحكمة الثالثة: تيسير حفظه وفهمه

- ‌ الحكمة الرابعة: مسايرة الحوادث والتدرج في التشريع

- ‌ الحكمة الخامسة: الدلالة القاطعة على أن القرآن الكريم تنزيل من حكيم حميد

- ‌الاستفادة من نزول القرآن مُنَجَّمًا في التربية والتعليم:

- ‌جمع القرآن وترتيبه

- ‌مدخل

- ‌ جمع القرآن بمعنى حفظه على عهد النبي، صلى الله عليه وسلم:

- ‌ جمع القرآن بمعنى كتابته على عهد الرسول، صلى الله عليه وسلم:

- ‌ جمع القرآن في عهد أبي بكر، رضي الله عنه:

- ‌ جمع القرآن في عهد عثمان، رضي الله عنه:

- ‌الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان:

- ‌شُبَه مردودة:

- ‌‌‌ترتيب الآياتوالسور:

- ‌ترتيب الآيات

- ‌ ترتيب السور:

- ‌سور القرآن وآياته:

- ‌الرسم العثماني:

- ‌تحسين الرسم العثماني:

- ‌الفواصل ورءوس الآي:

- ‌نزول القرآن على سبعة أحرف

- ‌مدخل

- ‌اختلاف العلماء في المراد بها الترجيح بينها

- ‌حكمة نزول القرآن على سبعة أحرف:

- ‌القراءات والقراء

- ‌مدخل

- ‌كثرة القرَّاء والسبب في الاقتصار على السبعة:

- ‌أنواع القراءات وحكمها وضوابطها:

- ‌فوائد الاختلاف في القراءات الصحيحة

- ‌مدخل

- ‌الوقف والابتداء

- ‌أقسام الوقف:

- ‌التجويد وآداب التلاوة

- ‌مدخل

- ‌آداب التلاوة:

- ‌تعلُّم القرآن والأجرة عليه:

- ‌القواعد التي يحتاج إليها المفسر

- ‌مدخل

- ‌ الضمائر:

- ‌ التعريف والتنكير:

- ‌ الإفراد والجمع:

- ‌ مقابلة الجمع بالجمع أو بالمفرد:

- ‌ ما يُظَن أنه مترادف وليس من المترادف:

- ‌ السؤال والجواب:

- ‌ الخطاب بالاسم والخطاب بالفعل:

- ‌ العطف:

- ‌الفرق بين الإيتاء والإعطاء:

- ‌ألفاظ:

- ‌لفظ "فعل

- ‌لفظ "كان

- ‌لفظ "كاد

- ‌لفظ "جعل

- ‌لعل" و"عسى

- ‌الفرق بين المحكم والمتشابه

- ‌مدخل

- ‌الإحكام العام والتشابه العام:

- ‌الإحكام الخاص والتشابه الخاص:

- ‌الاختلاف في معرفة المتشابه:

- ‌التوفيق بين الرأيين بفهم معنى التأويل:

- ‌التأويل المذموم:

- ‌العام والخاص

- ‌مدخل

- ‌تعريف العام وصيغ العموم:

- ‌أقسام العام:

- ‌الفرق بين العام المراد به الخصوص والعام المخصوص:

- ‌تعريف الخاص وبيان المخصص:

- ‌تخصيص السٌّنَّة بالقرآن:

- ‌صحة الاحتجاج بالعام بعد تخصيصه فيما بقي:

- ‌ما يشمله الخطاب:

- ‌الناسخ والمنسوخ

- ‌مدخل

- ‌تعريف النسخ وشروطه:

- ‌ما يقع فيه النسخ:

- ‌ما به يُعرف النسخ وأهميته:

- ‌الآراء في النسخ وأدلة ثبوته:

- ‌أقسام النسخ:

- ‌أنواع النسخ في القرآن:

- ‌حكمة النسخ:

- ‌النسخ إلى بدل وإلى غير بدل:

- ‌شُبَهُ النسخ:

- ‌أمثلة للنسخ:

- ‌المطلق والمقيد

- ‌مدخل

- ‌تعريف المطلق والمقيد:

- ‌أقسام المطلق والمقيَّد وحكم كل منها:

- ‌المنطوق والمفهوم

- ‌مدخل

- ‌تعريف المنطوق وأقسامه:

- ‌دلالة الاقتضاء ودلالة الإشارة:

- ‌تعريف المفهوم وأقسامه:

- ‌الاختلاف في الاحتجاج به:

- ‌إعجاز القرآن

- ‌مدخل

- ‌تعريف الإعجاز وإثباته:

- ‌وجوه إعجاز القرآن:

- ‌القدر المعجز من القرآن:

- ‌الإعجاز اللغوي:

- ‌الإعجاز العلمي

- ‌الإعجاز التشريعي:

- ‌أمثال القرآن

- ‌مدخل

- ‌تعريف المثل:

- ‌أنواع الأمثال في القرآن:

- ‌فوائد الأمثال:

- ‌ضرب الأمثال بالقرآن:

- ‌أقسام القرآن

- ‌مدخل

- ‌تعريف القَسَم وصيغته:

- ‌فائدة القسم في القرآن:

- ‌المُقسم به في القرآن:

- ‌أنواع القسم:

- ‌أحوال المقسَم عليه:

- ‌القسم والشرط:

- ‌جدل القرآن

- ‌مدخل

- ‌تعريف الجدل:

- ‌طريقة القرآن في المناظرة:

- ‌أنواع من مناظرات القرآن وأدلته:

- ‌قصص القرآن

- ‌مدخل

- ‌معنى القصص:

- ‌أنواع القصص في القرآن:

- ‌فوائد قصص القرآن:

- ‌تكرار القصص وحكمته:

- ‌القصة في القرآن حقيقة لا خيال:

- ‌أثر القصص القرآني في التربية والتهذيب:

- ‌ترجمة القرآن

- ‌مدخل

- ‌معنى الترجمة:

- ‌حكم الترجمة الحرفية:

- ‌الترجمة المعنوية

- ‌مدخل

- ‌حكم الترجمة المعنوية:

- ‌الترجمة التفسيرية:

- ‌القراءة في الصلاة بغير العربية

- ‌مدخل

- ‌قوة الأمة الإسلامية هي سبيل انتصار الإسلام وسيادة لغة القرآن:

- ‌التفسير والتأويل

- ‌مدخل

- ‌معنى التفسير والتأويل:

- ‌الفرق بين التفسير والتأويل:

- ‌شرف التفسير:

- ‌شروط المفسر وآدابه

- ‌مدخل

- ‌شروط المفسِّر:

- ‌آداب المفسِّر:

- ‌نشأة التفسير وتطوره

- ‌مدخل

- ‌التفسر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه

- ‌التفسير في عصر التابعين:

- ‌التفسير في عصور التدوين:

- ‌التفسير الموضوعي:

- ‌طبقات المفسرين:

- ‌التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي:

- ‌الاختلاف فيه:

- ‌تجنب الإسرائيليات:

- ‌حكم التفسير بالمأثور:

- ‌التفسير بالرأي:

- ‌حكم التفسير بالرأي:

- ‌الإسرائيليات:

- ‌تفسير الصوفية:

- ‌التفسير الإشاري:

- ‌غرائب التفسير:

- ‌التعريفات بأشهر كتب التفسير

- ‌أشهر الكتب المؤلفة في التفسير بالمأثور:

- ‌أشهر الكتب المؤلفة في التفسير بالرأي

- ‌مدخل

- ‌أشهر كتب التفسير في العصر الحديث:

- ‌تفسير الفقهاء

- ‌مدخل

- ‌ أحكام القرآن – للجصاص:

- ‌ أحكام القرآن – لابن العربي:

- ‌ الجامع لأحكام القرآن – لأبي عبد الله القرطبي:

- ‌ تراجم لبعض مشاهير المفسرين

- ‌ابن عباس

- ‌مجاهد بن جبر:

- ‌الطبري:

- ‌ابن كثير:

- ‌فخر الدين الرازي:

- ‌الزمخشري:

- ‌الشوكاني:

- ‌المراجع:

- ‌محتويات الكتاب:

الفصل: ‌كيفية وحي الله إلى ملائكته:

بأن الإلهام: وجدان تستيقنه النفس فتنساق إلى ما يُطلب على غير شعور منها من أين أتى؟ وهو أشبه بوجدان الجوع والعطش والحزن والسرور"1.

وهو تعريف للوحي بالمعنى المصدري، وبدايته وإن كانت توهم شبهه بحديث النفس أو الكشف، إلا أن الفرق بينه وبين الإلهام الذي جاء في عجز التعريف ينفي هذا.

1 انظر كتاب: الوحي المحمدي، للشيخ محمد رشيد رضا، ص44.

ص: 30

‌كيفية وحي الله إلى ملائكته:

1-

جاء في القرآن الكريم ما ينص على كلام الله لملائكته: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} 1.

وعلى إيحائه إليهم: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا} 2.

وعلى قيامهم بتدبير شئون الكون حسب أمره: {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} 4.

وهذه النصوص متآزرة تدل على أن الله يُكَلِّمُ الملائكة دون واسطة بكلام يفهمونه.

ويؤيد هذا ما جاء في الحديث عن النوَّاس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله تعالى أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي، أخذت السموات منه رجفة -أو قال: رعدة- شديدة خوفًا من الله عز وجل، فإذا سمع ذلك أهل السموات صعقوا وخرُّوا لله سجَّدًا، فيكون أول من يرفع رأسه جبريل، فيُكَلِّمُهُ الله من وحيه بما أراد، ثم يمر جبريل على الملائكة، كلما مر

1 البقرة: 30.

2 الأنفال: 12.

3 الذاريات: 4.

4 النازعات: 5.

ص: 30

بسماء سأله ملائكتها: ماذا قال ربنا يا جبريل؟ فيقول جبريل: "قال الحق وهو العلي الكبير" فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل، فينتهي جبريل بالوحي إلى حيث أمره الله عز وجل"1.

فهذا الحديث يبين أن كيفية الوحي تكلم من الله، وسماع من الملائكة، وهول شديد لأثره، وإذا كان ظاهره -في مرور جبريل وانتهائه بالوحي- يدل على أن ذلك خاص بالقرآن فإن صدره يبين كيفية عامة، وأصله في الصحيح:"إذا قضى الله الأمر في السماء ضرب الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان"..

2-

وثبت أن القرآن الكريم كُتِبَ في اللَّوح المحفوظ لقوله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ، فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} 2.

كما ثبت إنزاله جملة إلى بيت العزة من السماء الدنيا في ليلة القدر من شهر رمضان: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} 5..

وفي السٌّنَّة ما يوضح هذا النزول، ويدل على أنه غير النزول الذي كان على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن ابن عباس موقوفًا:"أُنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا ليلة القدر، ثم أُنزل بعد ذلك بعشرين سنة ثم قرأ: {وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} 6، {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} 7، 8، وفي رواية: "فُصِلَ القرآن من الذكر فوُضِعَ في بيت العزة من السماء الدنيا فجعل جبريل ينزل به على النبي، صلى الله عليه وسلم" 9.

1 أخرجه الطبراني.

2 البروج: 21، 22.

3 القدر: 1.

4 الدخان: 3.

5 البقرة: 185.

6 الفرقان: 33.

7 الإسراء: 106.

8 أخرجه الحاكم والبيهقي والنَّسائي.

9 أخرجه الحاكم وابن أبي شيبة.

ص: 31

ولذلك ذهب العلماء في كيفية وحي الله إلى جبريل بالقرآن إلى المذاهب الآتية:

أ- أن جبريل تلقفه سماعًا من الله بلفظه المخصوص.

ب- أن جبريل حفظه من اللَّوح المحفوظ.

جـ- أن جبريل أُلقي إليه المعنى - والألفاظ لجبريل، أو لمحمد، صلى الله عليه وسلم.

والرأي الأول هو الصواب، وهو ما عليه أهل السٌّنَّة والجماعة، ويؤيده حديث النوَّاس بن سمعان السابق.

ونسبة القرآن إلى الله في أكثر من آية: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} 1..

{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} 2.. {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} 3.

فالقرآن الكريم كلام الله بألفاظه لا كلام جبريل أو محمد.

أما الرأي الثاني فلا اعتبار له، إذ إن ثبوت القرآن في اللَّّوح المحفوظ كثبوت سائر المغيبات التي لا يخرج القرآن عن أن يكون من جملتها.

والرأي الثالث أنسب بالسٌّنَّة لأنها وحي من الله أُوحي إلى جبريل، ثم إلى محمد صلى الله عليه وسلم بالمعنى، فعبَّر عنه رسول الله بعبارته:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} 4.. ولذا جازت رواية السٌّنَّة بالمعنى لعارف بما لا يحيل المعاني دون القرآن..

1 النمل: 6.

2 التوبة: 6.

3 يونس: 15.

4 النجم: 3، 4.

ص: 32

ويُجاب على من قال: إنه كلام جبريل، بأن هذا قول فاسد لوجوه:

أحدها: أن المسلمين أجمعين إذا تلوا آية قالوا: قال الله تعالى، ولو كان هذا قول جبريل لقالوا: قال جبريل.

الثاني: أن هذا الذي بين دفتي المصحف بإجماع المسلمين هو كتاب الله، وعلى قولهم فإنه يكون كتاب جبريل.

الثالث: أن الله تعالى قال: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} 1. وعلى قولهم، ما نزَّله من ربك، إنما نزَّله من كلام نفسه.

الرابع: أن الله تعالى قال: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ} 2، وقال:{وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ} 3.. وعلى قولهم لا يكون هذا صحيحًا، وإنما يكون المسموع كلام جبريل.

ويُجاب على من قال: إنه كلام محمد بأن هذا باطل لتلك الوجوه الآنفة الذكر كلها. ومن وجه آخر، فإنهم وافقوا الوليد بن المغيرة في قوله:{إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} 4.. فدخلوا معه في الوعيد بقوله تعالى: {سَاُصْلِيهِ سَقَرَ} 5..

ويرد عليهم من الجواب ما أجاب الله تعالى به المشركين بقوله سبحانه: {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ، فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} 6..

وسبق أن ذكرنا الفرق بين القرآن والحديث القدسي والحديث النبوي.

فمن خصائص القرآن:

1-

أنه مُعْجِز.

2-

قطعي الثبوت.

3-

يُتَعَبَّدُ بتلاوته.

4-

ويجب أداؤه بلفظه، والحديث القدسي -على القول بنزول لفظه- ليس كذلك.

1 النحل: 102.

2 التوبة: 6.

3 البقرة: 75.

4 المدثر: 25.

5 المدثر: 26.

6 الطور: 33، 34.

ص: 33