الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فعدَّ من المهاجرين: الخلفاء الأربعة، وطلحة، وسعدًا، وابن مسعود، وحذيفة، وسالمًا، وأبا هريرة، وعبد الله بن السائب، والعبادلة1، وعائشة، وحفصة، وأم سلمة. ومن الأنصار: عبادة بن الصامت. ومعاذًا الذي يُكنَّى أبا حليمة، ومجمع بن جارية، وفضالة بن عبيد، ومسلمة بن مخلد، وصرَّح بأن بعضهم إنما كمَّله بعد النبي، صلى الله عليه وسلم2.
وذكر الحافظ الذهبي3 في "طبقات القرَّاء" أن هذا العدد من القرَّاء هم الذين عرضوه على النبي صلى الله عليه وسلم واتصلت بنا أسانيدهم، وأما مَن جمعه منهم ولم يتصل بنا سندهم فكثير.
ومن هذه النصوص يتبين لنا أن حفظة القرآن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا جمعًا غفيرًا، فإن الاعتماد على الحفظ في النقل من خصائص هذه الأمة، قال ابن الجزري4 شيخ القرَّاء في عصره:"إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور، لا على خط المصاحف والكتب أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة".
1 العبادلة الأربعة المشهورون بالإفتاء هم: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير.
2 انظر الإتقان جـ1 ص72.
3 اسمه محمد بن أحمد بن عثمان من كبار المحدِّثين في القرن الثامن، توفي سنة 748 هجرية.
4 هو محمد بن محمد الشهير بابن الجزري، صاحب كتاب "النشر في القراءات العشر" توفي سنة 833 هجرية.
ب-
جمع القرآن بمعنى كتابته على عهد الرسول، صلى الله عليه وسلم:
اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم كتَّابًا للوحي من أجلَّاء الصحابة. كعلي، ومعاوية، وأُبَي بن كعب، وزيد بن ثابت، تنزل الآية فيأمرهم بكتابتها، ويرشدهم إلى موضعها من سورتها، حتى تُظاهِر الكتابة في السطور، الجمع في الصدور.
كما كان بعض الصحابة يكتبون ما ينزل من القرآن ابتداء من أنفسهم، دون أن يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم فيخطونه في العسب، واللِّخاف، والكرانيف، والرقاع، والأقتاب، وقطع الأديم، والأكتاف1، عن زيد بن ثابت قال:"كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نُؤلِّف القرآن من الرقاع"2.
وهذا يدل على مدى المشقة التي كان يتحملها الصحابة في كتابة القرآن، حيث لم تتيسر لهم أدوات الكتابة إلا بهذه الوسائل، فأضافوا الكتابة إلى الحفظ.
وكان جبريل يعارض رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن كل سنة في ليالي رمضان، عن عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه جبريل في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة"3.
وكان الصحابة يعرضون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لديهم من القرآن حفظًا وكتابة كذلك.
ولم تكن هذه الكتابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مجتمعة في مصحف عام، بل عند هذا ما ليس عند ذاك، وقد نقل العلماء أن نفرًا منهم: علي بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل، وأُبَي بن كعب، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن مسعود – قد
1 العسب: جمع عسيب، وهو جريد النخل، كانوا يكشطون الخوص ويكتبون في الطرف العريض، واللِّخاف: جمع لخفة، وهي صفائح الحجارة، والكرانيف: جمع كرنافة، وهي أصول السعف الغلاظ، والرقاع: جمع رقعة، وقد تكون من جلد أو رق، والأقتاب: جمع قتب، وهو الخشب الذي يوضع على ظهر البعير ليُركب عليه، والأكتاف: جمع كتف، وهو العظم الذي للبعير أو الشاة، كانوا إذا جف كتبوا عليه.
2 أخرجه الحاكم في المستدرك بسند على شرط الشيخين، نؤلِّف القرآن: أي نجمعه: لترتيب آياته.
3 متفق عليه.
جمعوا القرآن كله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر العلماء أن زيد بن ثابت كان عرضه متأخرًا عن الجميع.
وقُبِضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن محفوظ في الصدور، ومكتوب في الصحف على نحو ما سبق، مفرَّق الآيات والسور، أو مرتب الآيات فقط وكل سورة في صحيفة على حدة، بالأحرف السبعة الواردة1، ولم يُجمع في مصحف عام، حيث كان الوحي يتنزل تباعًا فيحفظه القراء، ويكتبه الكتبة، ولم تدع الحاجة إلى تدوينه في مصحف واحد، لأنه عليه الصلاة والسلام كان يترقب نزول الوحي من حين لآخر، وقد يكون منه الناسخ لشيء نزل من قبل، وكتابة القرآن لم يكن ترتيبها بترتيب النزول بل تُكتب الآية بعد نزولها حيث يشير صلى الله عليه وسلم إلى موضع كتابتها بين آية كذا وآية كذا في سورة كذا، ولو جُمع القرآن كله بين دفتي مصحف واحد لأدى هذا إلى التغيير كلما نزل شيء من الوحي، قال الزركشي:"وإنما لم يُكتب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مصحف لئلا يُفضي إلى تغييره في كل وقت، فلهذا تأخرت كتابته إلى أن كمل نزول القرآن بموته، صلى الله عليه وسلم" وبهذا يُفسَّر ما رُوِيَ عن زيد بن ثابت، قال:"قُبِضَ النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن القرآن جُمع في شيء" أي لم يكن جُمع مرتب الآيات والسور في مصحف واحد، قال الخطابي:"إنما لم يجمع صلى الله عليه وسلم القرآن في المصحف لما كان يترقبه من ورود ناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته، فلما انقضى نزوله بوفاته ألهم الله الخلفاء الراشدين ذلك، وفاء بوعده الصادق بضمان حفظه على هذه الأمة2 فكان ابتداء ذلك على يد الصديق بمشورة عمر"3.
ويسمى هذا الجمع في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم:
أ- حفظًا،
ب- وكتابة: "الجمع الأول".
1 سيأتي بيان الأحرف السبعة.
2 إشارة إلى قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] .
3 انظر الإتقان جـ1 ص57.