الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تترسم الإنسانية خُطاها، وتبني عليها في كل عصر ما يلائمها، فاكتسب بذلك صلاحيته لكل زمان ومكان، فهو دين الخلود، وما أروع ما قاله داعية الإسلام في القرن الرابع عشر:"الإسلام نظام شامل، يتناول مظاهر الحياة جميعًا، فهو دولة ووطن، أو حكومة وأمة، وهو خُلُقٌ وقوة، أو رحمة وعدالة، وهو ثقافة وقانون، أو علم وقضاء، وهو مادة وثروة، أو كسب وغِنَى، وهو جهاد ودعوة، أو جيش وفكرة، كما هو عقيدة صادقة، وعبادة صحيحة سواء بسواء"1.
والإنسانية المعذَّبة اليوم في ضميرها، المضطربة في أنظمتها، المتداعية في أخلاقها، لا عاصم لها من الهاوية التي تتردى فيها إلا القرآن:{فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} 2.
والمسلمون هم وحدهم الذين يحملون المشعل وسط دياجير النظم والمبادئ الأخرى، فحري بهم أن ينفضوا أيديهم من كل بهرج زائف، وأن يقودوا الإنسانية الحائرة بالقرآن الكريم حتى يأخذوا بيدها إلى شاطئ السلام. وكما كانت لهم الدولة بالقرآن في الماضي. فإنها كذلك لن تكون لهم إلا به في الحاضر.
1 من رسالة التعاليم: للإمام الشهيد حسن البنا.
2 طه: 123، 124.
تعريف القرآن:
"قرأ": تأتي بمعنى الجمع والضم، والقراءة: ضم الحروف والكلمات بعضها إلى بعض في الترتيل، والقرآن في الأصل كالقراءة: مصدر قرأ قراءة وقرآنًا. قال تعالى: {إنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وقَرُآنَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} 1. أي قراءته، فهو مصدر على وزن "فُعلان" بالضم:
1 القيامة: 17، 18.
كالغفران والشكران، تقول: قرأته قرءًا وقراءة وقرآنًا، بمعنى واحد. سمي به المقروء تسمية للمفعول بالمصدر.
وقد خص القرآن بالكتاب المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم فصار له كالعلم الشخصي.
ويطلق بالاشتراك اللفظي على مجموع القرآن، وعلى كل آية من آياته، فإذا سمعت من يتلو آية من القرآن صح أن تقول إنه يقرأ القرآن:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} 1..
وذكر بعض العلماء أن تسمية هذا الكتاب قرآنًا من بين كتب الله لكونه جامعًا لثمرة كتبه، بل لجمعه ثمرة جميع العلوم. كما أشار تعالى إلى ذلك بقوله:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} 2، وقوله:{مَا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِنْ شَيءٍ} 3..
وذهب بعض العلماء إلى أن لفظ القرآن غير مهموز الأصل في الاشتقاق، إما لأنه وضع علمًا مرتجلًا على الكلام المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم وليس مشتقًا من "قرأ"، وإما لأنه من قرن الشيء بالشيء إذا ضمه إليه، أو من القرائن لأن آياته يشبه بعضها بعضًا فالنون أصلية، وهذا رأي مرجوح، والصواب الأول.
والقرآن الكريم يتعذر تحديده بالتعاريف المنطقية ذات الأجناس والفصول والخواص. بحيث يكون تعريفه حدًّا حقيقيًّا، والحد الحقيقي له هو استحضاره معهودًا في الذهن أو مُشاهدًا بالحس كأن تشير إليه مكتوبًا في المصحف أو مقروءًا باللسان فتقول: هو ما بين هاتين الدفتين، أو تقول: هو من {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الحَمْدُ للَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ} 4
…
إلى قوله: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} 5..
1 الأعراف: 204.
2 النحل: 89.
3 سياق الآية يدل على أن المراد بالكتاب هنا اللوح المحفوظ. ولكن القرآن ثبت في اللوح المحفوظ، "والآية من سورة الأنعام: 38".
4 الفاتحة: 1، 2.
5 الناس: 6.