المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌اختلاف العلماء في المراد بها الترجيح بينها - مباحث في علوم القرآن لمناع القطان

[مناع القطان]

فهرس الكتاب

- ‌مباحث في علوم القرآن

- ‌مقدمة

- ‌التعريف بالعلم وبيان نشأته وتطوره:

- ‌القرآن

- ‌مدخل

- ‌تعريف القرآن:

- ‌أسماؤه وأوصافه:

- ‌الفرق بين القرآن والحديث القدسي:

- ‌الفرق بين الحديث القدسي والحديث النبوي:

- ‌ الوحي:

- ‌إمكانية الوحي ووقوعه:

- ‌معنى الوحي:

- ‌كيفية وحي الله إلى ملائكته:

- ‌كيفية وحي اللله إلى رسله

- ‌كيفية وحي المَلَكِ إلى الرسول:

- ‌شُبَهُ الجاحدين على الوحي:

- ‌متاهات المتكلمين:

- ‌المكي والمدني

- ‌مدخل

- ‌عناية العلماء بالمكي والمدني وأمثلة ذلك وفوائده

- ‌مدخل

- ‌أمثلة:

- ‌فوائد العلم بالمكي والمدني:

- ‌معرفة المكي والمدني وبيان الفرق بينهما:

- ‌الفرق بين المكي والمدني:

- ‌مميزات المكي والمدني

- ‌مدخل

- ‌ضوابط المكي ومميزاته الموضوعية:

- ‌ضوابط المدني ومميزاته الموضوعية:

- ‌معرفة أول ما نزل وآخر ما نزل

- ‌مدخل

- ‌أول ما نزل:

- ‌آخر ما نزل:

- ‌أوائل موضوعية:

- ‌فوائد هذا المبحث:

- ‌أسباب النزول

- ‌مدخل

- ‌عناية العلماء به:

- ‌ما يُعْتَمد عليه في معرفة سبب النزول:

- ‌تعريف السبب:

- ‌فوائد معرفة سبب النزول:

- ‌العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب:

- ‌صيغة سبب النزول:

- ‌تعدد الروايات في سبب النزول:

- ‌تعدد النزول مع وحدة السبب:

- ‌تقدم نزول الآية على الحكم:

- ‌تعدد ما نزل في شخص واحد:

- ‌الاستفادة من معرفة أسباب النزول في مجال التربية والتعليم:

- ‌المناسبات بين الآيات والسور:

- ‌نزول القرآن

- ‌مدخل

- ‌نزول القرآن جملة:

- ‌نزول القرآن مُنَجَّمًا:

- ‌حكمة نزول القرآن منجما

- ‌مدخل

- ‌ الحكمة الأولى: تثبيت فؤاد رسول الله، صلى الله عليه وسلم

- ‌ الحكمة الثانية: التحدي والإعجاز

- ‌ الحكمة الثالثة: تيسير حفظه وفهمه

- ‌ الحكمة الرابعة: مسايرة الحوادث والتدرج في التشريع

- ‌ الحكمة الخامسة: الدلالة القاطعة على أن القرآن الكريم تنزيل من حكيم حميد

- ‌الاستفادة من نزول القرآن مُنَجَّمًا في التربية والتعليم:

- ‌جمع القرآن وترتيبه

- ‌مدخل

- ‌ جمع القرآن بمعنى حفظه على عهد النبي، صلى الله عليه وسلم:

- ‌ جمع القرآن بمعنى كتابته على عهد الرسول، صلى الله عليه وسلم:

- ‌ جمع القرآن في عهد أبي بكر، رضي الله عنه:

- ‌ جمع القرآن في عهد عثمان، رضي الله عنه:

- ‌الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان:

- ‌شُبَه مردودة:

- ‌‌‌ترتيب الآياتوالسور:

- ‌ترتيب الآيات

- ‌ ترتيب السور:

- ‌سور القرآن وآياته:

- ‌الرسم العثماني:

- ‌تحسين الرسم العثماني:

- ‌الفواصل ورءوس الآي:

- ‌نزول القرآن على سبعة أحرف

- ‌مدخل

- ‌اختلاف العلماء في المراد بها الترجيح بينها

- ‌حكمة نزول القرآن على سبعة أحرف:

- ‌القراءات والقراء

- ‌مدخل

- ‌كثرة القرَّاء والسبب في الاقتصار على السبعة:

- ‌أنواع القراءات وحكمها وضوابطها:

- ‌فوائد الاختلاف في القراءات الصحيحة

- ‌مدخل

- ‌الوقف والابتداء

- ‌أقسام الوقف:

- ‌التجويد وآداب التلاوة

- ‌مدخل

- ‌آداب التلاوة:

- ‌تعلُّم القرآن والأجرة عليه:

- ‌القواعد التي يحتاج إليها المفسر

- ‌مدخل

- ‌ الضمائر:

- ‌ التعريف والتنكير:

- ‌ الإفراد والجمع:

- ‌ مقابلة الجمع بالجمع أو بالمفرد:

- ‌ ما يُظَن أنه مترادف وليس من المترادف:

- ‌ السؤال والجواب:

- ‌ الخطاب بالاسم والخطاب بالفعل:

- ‌ العطف:

- ‌الفرق بين الإيتاء والإعطاء:

- ‌ألفاظ:

- ‌لفظ "فعل

- ‌لفظ "كان

- ‌لفظ "كاد

- ‌لفظ "جعل

- ‌لعل" و"عسى

- ‌الفرق بين المحكم والمتشابه

- ‌مدخل

- ‌الإحكام العام والتشابه العام:

- ‌الإحكام الخاص والتشابه الخاص:

- ‌الاختلاف في معرفة المتشابه:

- ‌التوفيق بين الرأيين بفهم معنى التأويل:

- ‌التأويل المذموم:

- ‌العام والخاص

- ‌مدخل

- ‌تعريف العام وصيغ العموم:

- ‌أقسام العام:

- ‌الفرق بين العام المراد به الخصوص والعام المخصوص:

- ‌تعريف الخاص وبيان المخصص:

- ‌تخصيص السٌّنَّة بالقرآن:

- ‌صحة الاحتجاج بالعام بعد تخصيصه فيما بقي:

- ‌ما يشمله الخطاب:

- ‌الناسخ والمنسوخ

- ‌مدخل

- ‌تعريف النسخ وشروطه:

- ‌ما يقع فيه النسخ:

- ‌ما به يُعرف النسخ وأهميته:

- ‌الآراء في النسخ وأدلة ثبوته:

- ‌أقسام النسخ:

- ‌أنواع النسخ في القرآن:

- ‌حكمة النسخ:

- ‌النسخ إلى بدل وإلى غير بدل:

- ‌شُبَهُ النسخ:

- ‌أمثلة للنسخ:

- ‌المطلق والمقيد

- ‌مدخل

- ‌تعريف المطلق والمقيد:

- ‌أقسام المطلق والمقيَّد وحكم كل منها:

- ‌المنطوق والمفهوم

- ‌مدخل

- ‌تعريف المنطوق وأقسامه:

- ‌دلالة الاقتضاء ودلالة الإشارة:

- ‌تعريف المفهوم وأقسامه:

- ‌الاختلاف في الاحتجاج به:

- ‌إعجاز القرآن

- ‌مدخل

- ‌تعريف الإعجاز وإثباته:

- ‌وجوه إعجاز القرآن:

- ‌القدر المعجز من القرآن:

- ‌الإعجاز اللغوي:

- ‌الإعجاز العلمي

- ‌الإعجاز التشريعي:

- ‌أمثال القرآن

- ‌مدخل

- ‌تعريف المثل:

- ‌أنواع الأمثال في القرآن:

- ‌فوائد الأمثال:

- ‌ضرب الأمثال بالقرآن:

- ‌أقسام القرآن

- ‌مدخل

- ‌تعريف القَسَم وصيغته:

- ‌فائدة القسم في القرآن:

- ‌المُقسم به في القرآن:

- ‌أنواع القسم:

- ‌أحوال المقسَم عليه:

- ‌القسم والشرط:

- ‌جدل القرآن

- ‌مدخل

- ‌تعريف الجدل:

- ‌طريقة القرآن في المناظرة:

- ‌أنواع من مناظرات القرآن وأدلته:

- ‌قصص القرآن

- ‌مدخل

- ‌معنى القصص:

- ‌أنواع القصص في القرآن:

- ‌فوائد قصص القرآن:

- ‌تكرار القصص وحكمته:

- ‌القصة في القرآن حقيقة لا خيال:

- ‌أثر القصص القرآني في التربية والتهذيب:

- ‌ترجمة القرآن

- ‌مدخل

- ‌معنى الترجمة:

- ‌حكم الترجمة الحرفية:

- ‌الترجمة المعنوية

- ‌مدخل

- ‌حكم الترجمة المعنوية:

- ‌الترجمة التفسيرية:

- ‌القراءة في الصلاة بغير العربية

- ‌مدخل

- ‌قوة الأمة الإسلامية هي سبيل انتصار الإسلام وسيادة لغة القرآن:

- ‌التفسير والتأويل

- ‌مدخل

- ‌معنى التفسير والتأويل:

- ‌الفرق بين التفسير والتأويل:

- ‌شرف التفسير:

- ‌شروط المفسر وآدابه

- ‌مدخل

- ‌شروط المفسِّر:

- ‌آداب المفسِّر:

- ‌نشأة التفسير وتطوره

- ‌مدخل

- ‌التفسر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه

- ‌التفسير في عصر التابعين:

- ‌التفسير في عصور التدوين:

- ‌التفسير الموضوعي:

- ‌طبقات المفسرين:

- ‌التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي:

- ‌الاختلاف فيه:

- ‌تجنب الإسرائيليات:

- ‌حكم التفسير بالمأثور:

- ‌التفسير بالرأي:

- ‌حكم التفسير بالرأي:

- ‌الإسرائيليات:

- ‌تفسير الصوفية:

- ‌التفسير الإشاري:

- ‌غرائب التفسير:

- ‌التعريفات بأشهر كتب التفسير

- ‌أشهر الكتب المؤلفة في التفسير بالمأثور:

- ‌أشهر الكتب المؤلفة في التفسير بالرأي

- ‌مدخل

- ‌أشهر كتب التفسير في العصر الحديث:

- ‌تفسير الفقهاء

- ‌مدخل

- ‌ أحكام القرآن – للجصاص:

- ‌ أحكام القرآن – لابن العربي:

- ‌ الجامع لأحكام القرآن – لأبي عبد الله القرطبي:

- ‌ تراجم لبعض مشاهير المفسرين

- ‌ابن عباس

- ‌مجاهد بن جبر:

- ‌الطبري:

- ‌ابن كثير:

- ‌فخر الدين الرازي:

- ‌الزمخشري:

- ‌الشوكاني:

- ‌المراجع:

- ‌محتويات الكتاب:

الفصل: ‌اختلاف العلماء في المراد بها الترجيح بينها

‌اختلاف العلماء في المراد بها الترجيح بينها

"اختلف أهل العلم في معنى الأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولًا"1، وأكثر هذه الآراء متداخل، ونحن نورد هنا ما هو ذو بال منها:

أ- ذهب أكثر العلماء إلى أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد، على معنى أنه حيث تختلف لغات العرب في التعبير عن معنًى من المعاني يأتي القرآن مُنَزَّلًا بألفاظ على قدر هذه اللغات لهذا المعنى الواحد، وحيث لا يكون هناك اختلاف فإنه يأتي بلفظ واحد أو أكثر.

واختلفوا في تحديد اللغات السبع.

فقيل: هي لغات: قريش، وهذيل، وثقيف، وهوازن، وكنانة، وتميم، واليمن.

وقال أبو حاتم السجستاني: نزل بلغة قريش، وهذيل، وتميم، والأزد، وربيعة، وهوازن، وسعد بن بكر.

ورُوِيَ غير ذلك2.

ب- وقال قوم: إن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب نزل عليها القرآن، على معنى أنه في جملته لا يخرج في كلماته عن سبع لغات هي أفصح لغاتهم، فأكثره بلغة قريش، ومنه ما هو بلغة هذيل، أو ثقيف، أو هوازن، أو كنانة، أو تميم، أو اليمن، فهو يشتمل في مجموعه على اللغات السبع.

وهذا الرأي يختلف عن سابقه، لأنه يعني أن الأحرف السبعة إنما هي أحرف سبعة متفرقة في سور القرآن، لا أنها لغات مختلفة في كلمة واحدة باتفاق المعاني.

1 وقال السيوطي: اختُلِفَ في معنى هذا الحديث على نحو أربعين قولًا، جـ1 ص45.

2 انظر "الإتقان" جـ1 ص47.

ص: 158

قال أبو عبيد: "ليس المراد أن كل كلمة تُقرأ على سبع لغات، بل اللغات السبع مفرَّقة فيه، فبعضه بلغة قريش، وبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة هوازن، وبعضه بلغة اليمن، وغيرهم، قال: وبعض اللغات أسعد به من بعض وأكثر نصيبًا"1.

جـ- وذكر بعضهم أن المراد بالأحرف السبعة أوجه سبعة: من الأمر، والنهي، والوعد، والوعيد، والجدل، والقصص، والمثل. أو من: الأمر، والنهي، والحلال، والحرام، والمُحْكم، والمتشابه، والأمثال.

عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان الكتاب الأول ينزل من باب واحد، وعلى حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب، على سبعة أحرف: زجر، وأمر، وحلال، وحرام، ومُحْكم، ومتشابه، وأمثال"2.

د- وذهب جماعة إلى أن المراد بالأحرف السبعة، وجوه التغاير السبعة التي يقع فيها الاختلاف، وهي:

1-

اختلاف الأسماء بالإفراد، والتذكير وفروعهما:"التثنية، والجمع، والتأنيث" كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} 3، قرئ "لأماناتهم" بالجمع، وقرئ "لأمانتهم" بالإفراد.. ورسمها في الصحف "لأَمَنَتِهِمْ" يحتمل القراءتين، لخلوها من الألف الساكنة، ومآل الوجهين في المعنى الواحد، فيراد بالجمع الاستغراق الدال على الجنسية، ويراد بالإفراد الجنس الدال على معنى الكثرة، أي جنس الأمانة، وتحت هذا جزئيات كثيرة.

2-

الاختلاف في وجوه الإعراب، كقوله تعالى:{مَا هَذَا بَشَرًا} 4، قرأ الجمهور بالنصب، على أن "ما" عاملة عمل "ليس" وهي لغة أهل الحجاز وبها نزل القرآن، وقرأ ابن مسعود:" مَا هَذَا بَشَرٌ " بالرفع، على لغة بني تميم، فإنهم لا يعملون "ما" عمل "ليس" وكقوله:

1 انظر "الإتقان" جـ1 ص47.

2 أخرجه الحاكم والبيهقي.

3 المؤمنون: 8.

4 يوسف: 31.

ص: 159

{فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} 1 -"برفع "آدم" وجر "كلمات" "- وقُرِئ بنصب "آدم" ورفع "كلمات": "فَتَلَقَّى آدَمَ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٌ".

3-

الاختلاف في التصريف: كقوله تعالى: {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} 2، قُرِئ بنصب "ربَّنا" على أنه منادى مضاف، و"بَاعِد" بصيغة الأمر، وقُرِئ "ربُّنا" بالرفع، و"باعَد" بفتح العين، على أنه فعل ماض، وقُرِئ "بعِّد" بفتح العين مشددة مع رفع "ربُّنا" أيضًا.

ومن ذلك ما يكون بتغيير حرف، مثل "يعلمون، وتعلمون" بالياء والتاء، و"الصراط" و"السراط" في قوله تعالى:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} 3.

4-

الاختلاف بالتقديم والتأخير، إما في الحرف، كقوله تعالى:{أَفَلَمْ يَيْأَسِ} 4 وقُرِئ "أفلم يأيس" وإما في الكلمة كقوله تعالى: {فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} 5، بالبناء للفاعل في الأول، وللمفعول في الثاني، وقُرِئ بالعكس، أي بالبناء للمفعول في الأول، وللفاعل في الثاني.

أما قراءة "وجاءت سكرة الحق بالموت" بدلًا من قوله تعالى: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} 6، فقراءة أحادية أو شاذة، لم تبلغ درجة التواتر.

5-

الاختلاف بالإبدال: سواء أكان إبدال حرف بحرف. كقوله تعالى: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا} 7، قُرِئ بالزاي المعجمة مع ضم النون، وقُرِئ بالراء المهملة مع فتح النون، أو إبدال لفظ بلفظ، كقوله تعالى:{كَالْعِهْنِ المَنْفُوش} 8، قرأ ابن مسعود وغيره "كالصوف المنفوش"، وقد يكون هذا الإبدال مع التقارب في المخارج كقوله تعالى:{وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} 9، قُرِئ "طلع" ومخرج الحاء والعين واحد، فهما من حروف الحلق.

1 البقرة: 37.

2 سبأ: 19.

3 الفاتحة: 6.

4 الرعد: 31.

5 التوبة: 111.

6 سورة ق: 19.

7 البقرة: 259.

8 القارعة: 5.

9 الواقعة: 29.

ص: 160

6-

الاختلاف بالزيادة والنقص: فالزيادة كقوله تعالى: {وَأعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} 1، قُرِئ "من تحتها الأنهار" بزيادة "من" وهما قراءتان متواترتان، والنقصان كقوله تعالى:"قالوا اتخذ الله ولدًا" بدون واو، وقراءة الجمهور {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} 2، وبالواو. وقد يمثل للزيادة في قراءة الآحاد، بقراءة ابن عباس:"وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبًا" بزيادة "صالحة" وإبدال كلمة "أمام" بكلمة "وراء" وقراءة الجمهور: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} 3، كما يمثل للنقصان بقراءة "والذكر والأنثى" بدلًا من قوله تعالى:{وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} 4.

7-

اختلاف اللهجات بالتفخيم والترقيق، والفتح والإمالة، والإظهار والإدغام، والهمز والتسهيل، والإشمام ونحو ذلك، كالإمالة وعدمها في مثل قوله تعالى:{وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} 5، قُرِئ بإمالة "أتى" و"موسى" وترقيق الراء في قوله:{خَبِيرًا بَصِيرًا} 6، وتفخيم اللام في "الطلاق" وتسهيل الهمزة في قوله:{قَدْ أَفْلَحَ} 7، وإشمام الغين ضمة مع الكسر في قوله تعالى:{وَغِيضَ الْمَاءُ} 8 وهكذا.

هـ- وذهب بعضهم إلى أن العدد سبعة لا مفهوم له، وإنما هو رمز إلى ما أَلِفَه العرب من معنى الكمال في هذا العدد، فهو إشارة إلى القرآن في لغته وتركيبه كأنه حدود وأبواب لكلام العرب كله مع بلوغه الذروة في الكمال، فلفظ السبعة يطلق على إرادة الكثرة والكمال في الآحاد، كما يُطلق السبعون في العشرات، والسبعمائة في المائتين، ولا يُراد العدد المعيَّن9.

1 التوبة: 100.

2 البقرة: 116.

3 الكهف: 79.

4 الليل: 3.

5 طه: 9.

6 الإسراء: 17.

7 المؤمنون: 1.

8 هود: 44.

9 انظر "الإتقان" جـ1 ص45.

ص: 161

و وقال جماعة: إن المراد بالأحرف السبعة، القراءات السبع.

والراجح من هذه الآراء جميعًا هو الرأي الأول، وأن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد. نحو: أَقْبِل وتعال، وهلم، وعَجِّل، وأسرع، فهي ألفاظ مختلفة لمعنى واحد، وإليه ذهب سفيان بن عيينة، وابن جرير، وابن وهب، وخلائق، ونسبه ابن عبد البر لأكثر العلماء ويدل له ما جاء في حديث أبي بكرة:"أن جبريل قال: يا محمد، اقرأ القرآن على حرف، فقال ميكائيل: استزده، فقال: على حرفين، حتى بلغ ستة أو سبعة أحرف، فقال: كلها شاف كاف، ما لم يختم آية عذاب بآية رحمة، أو آية رحمة بآية عذاب، كقولك: هلم وتعالى وأَقْبِل واذهب وأسرع وعَجِّل"1، قال ابن عبد البر:"إنما أراد بهذا ضرب المثل للحروف التي نزل القرآن عليها، وأنها معان متفق مفهومها، مختلف مسوعها، لا يكون في شيء منها معنى وضده، ولا وجه يخالف معنى وجه خلافًا ينفيه ويضاده، كالرحمة التي هي خلاف العذاب"2.

ويؤيده أحاديث كثيرة:

"قرأ رجل عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه فغيَّر عليه، فقال: لقد قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يُغيِّر علي، قال: فاختصما عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ألم تُقرئني آية كذا وكذا؟ قال: بلى! قال: فوقع في صدر عمر شيء، فعرف النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في وجهه، قال: فضرب صدره وقال: "ابعد شيطانًا" -قالها ثلاثًا- ثم قال: "يا عمر، إن القرآن كله صواب ما لم تجعل رحمة عذابًا أو عذابًا رحمة" 3.

وعن بسر بن سعيد: "أن أبا جهيم الأنصاري أخبره: أن رجلين اختلفا في آية من القرآن، فقال هذا: تلقيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الآخر: تلقيتها من

1 أخرجه أحمد والطبراني، بإسناد جيد، وهذا اللفظ لأحمد.

2 انظر "الإتقان" جـ1 ص47.

3 أخرجه أحمد بإسناد رجاله ثقات، وأخرجه الطبري.

ص: 162

رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:"إن القرآن نزل على سبعة أحرف، فلا تماروا في القرآن، فإن المراء فيه كفر"1.

وعن الأعمش قال: "قرأ أنس هذه الآية: "إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأصوب قيلًا"2، فقال له بعض القوم: يا أبا حمزة، إنما هي "وأقوم" فقال: أقوم وأصوب وأهيأ واحد"3.

وعن محمد بن سيرين قال: نُبِّئت أن جبرائيل وميكائيل أتيا النبي صلى الله عليه وسلم فقال له جبرائيل: اقرأ القرآن على حرفين، فقال له ميكائيل: استزده، قال: حتى بلغ سبعة أحرف، قال محمد:"لا تختلف في حلال ولا حرام، ولا أمر ولا نهي هو كقولك: تعال، وهلم، وأقبل"، قال: وفي قراءتنا: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً} 4، في قراءة ابن مسعود:"إن كانت إلا زقية واحدة"5.

ويُجاب عن الرأي الثاني "ب" الذي يرى أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب نزل عليها القرآن، على معنى أنه في جملته لا يخرج في كلماته عنها فهو يشتمل في مجموعه عليها - بأن لغات العرب أكثر من سبع، وبأن عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم كلاهما قرشي من لغة واحدة، وقبيلة واحدة، وقد اختلفت قراءتهما. ومحال أن ينكر عليه عمر لغته، فدل ذلك على أن المراد بالأحرف السبعة غير ما يقصدونه، ولا يكون هذا إلا باختلاف الألفاظ في معنى واحد، وهو ما نرجحه.

قال ابن جرير الطبري بعد أن ساق الأدلة، مبطلًا هذا الرأي: "بل الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، هن لغات سبع في حرف واحد، وكلمة واحدة،

1 رواه أحمد في "المسند" ورواه الطبري، ونقله ابن كثير في "الفضائل" والهيثمي في "مجمع الزوائد". وقال: رجاله رجال الصحيح.

2 المزمل: 6 بلفظ "وأقوم".

3 رواه الطبري، وأبو يعلى، والبزَّار، ورجاله رجال الصحيح.

4 يس: 29، 53.

5 رواه الطبري، ومحمد -هو ابن سيرين التابعي- فالحديث مرسل.

ص: 163

باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني، كقول القائل: هلم، وأَقْبِل، وتعال، وإليَّ، وقصدي، ونحوي، وقُرْبي، ونحو ذلك، مما تختلف فيه الألفاظ بضروب من المنطق وتتفق فيه المعاني، وإن اختلفت بالبيان به الألسن، كالذي روينا آنفًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمن روينا ذلك عنه من الصحابة، أن ذلك بمنزلة قولك:"هلم وتعال وأَقْبِل"، وقوله:"ما ينظرون إلا زقية" و"إلا صيحة".

وأجاب الطبري عن تساؤل مفتَرَض: ففي أي كتاب الله نجد حرفًا واحدًا مقروءًا بلغات سبع مختلفات الألفاظ متفقات المعنى؟ أجاب: بأننا لم ندع أن ذلك موجود اليوم وعن تساؤل مفترض آخر: فما بال الأحرف الأخر الستة غير موجودة؟ - بأن الأمة أُمِرَت بحفظ القرآن، وخُيِّرت في قراءته وحفظه بأي تلك الأحرف السبعة شاءت كما أُمِرَت، ثم دعت الحاجة إلى التزام القراءة بحرف واحد مخافة الفتنة في زمن عثمان، ثم اجتمع أمر الأمة على ذلك، وهي معصومة من الضلالة1.

ويُجاب عن الرأي الثالث "جـ" الذي يرى أن المراد بالأحرف السبعة سبعة أوجه: من الأمر، والنهي والحلال، والحرام، والمُحْكم، والمتشابه، والأمثال - بأن ظاهر الأحاديث يدل على أن المراد بالأحرف السبعة أن الكلمة تقرأ على وجهين أو ثلاثة إلى سبعة توسعة للأمة، والشيء الواحد لا يكون حلالًا وحرامًا في آية واحدة، والتوسعة لم تقع في تحريم حلال، ولا تحليل حرام، ولا في تغيير شيء من المعاني المذكورة.

والذي ثبت في الأحاديث السابقة أن الصحابة الذين اختلفوا في القراءة احتكموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستقرأ كل رجل منهم، ثم صوب جميعهم في قراءتهم على اختلافها، حتى ارتاب بعضهم لتصويبه إياهم، فقال صلى الله عليه وسلم للذي ارتاب منهم عند تصويبه جميعهم:"إن الله أمرني أن أقرأ على سبعة أحرف".

1 انظر "تفسير الطبري" جـ1 ص57 وما بعدها.

ص: 164

"ومعلوم أن تماريهم فيما تماروا فيه من ذلك، لو كان تماريًا واختلافًا فيما دلت عليه تلاواتهم من التحليل والتحريم والوعد والوعيد وما أشبه ذلك، لكان مستحيلًا أن يصوِّب جميعهم، ويأمر كل قارئ منهم أن يلزم قراءته في ذلك على النحو الذي هو عليه، لأن ذلك لو جاز أن يكون صحيحًا وجب أن يكون الله جل ثناؤه قد أمر بفعل شيء بعينه وفَرَضَه، في تلاوة من دلت تلاوته على فَرْضه، ونهى عن فعل ذلك الشيء بعينه وزَجَر عنه، في تلاوة الذي دلت تلاوته على النهي والزجر عنه، وأباح وأطلق فعل ذلك الشيء بعينه، وجعل لمن شاء من عباده أن يفعله فعله. ولمن شاء منهم أن يتركه تركه، في تلاوة من دلت تلاوته على التخيير.

وذلك من قائله -إن قاله- إثبات ما قد نفى الله جل ثناؤه عن تنزيله ومحكم كتابه فقال: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} 1.

وفي نفي الله جل ثناؤه ذلك عن محكم كتابه أوضح الدليل على أنه لم ينزل كتابه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم إلا بحكم واحد متفق في جميع خلقه لا بأحكام فيهم مختلفة"2.

ويُجاب عن الرأي الرابع "د" الذي يرى أن المراد بالأحرف السبعة وجوه التغاير التي يقع فيها الاختلاف3؛ بأن هذا وإن كان شائعًا مقبولًا لكنه لا ينهض أمام أدلة الأول التي جاء التصريح فيها باختلاف الألفاظ مع اتفاق المعنى، وبعض وجوه التغاير والاختلاف التي يذكرونها ورد بقراءات الآحاد، ولا خلاف في أن كل ما هو قرآن يجب أن يكون متواترًا، وأكثرها يرجع إلى

1 النساء: 82.

2 تفسير الطبري: جـ1 ص48، 49.

3 هذا الرأي هو أقوى الآراء بعد الرأي الذي اخترناه، وإليه ذهب "الرازي" وانتصر له من المتأخرين الشيخ محمد بخيت المطيعي، والشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني.

ص: 165

شكل الكلمة أو كيفية الأداء مما لا يقع به التغاير في اللفظ، كاختلاف في الإعراب، أو التصريف، أو التفخيم والترقيق والفتح والإمالة والإظهار والإدغام والإشمام فهذا ليس من الاختلاف الذي يتنوَّع في اللفظ والمعنى، لأن هذه الصفات المتنوعة في أدائه لا تخرجه عن أن يكون لفظًا واحدًا.

وأصحاب هذا الرأي يرون أن المصاحف العثمانية قد اشتملت على الأحرف السبعة كلها، بمعنى أنها مشتملة على ما يحتمله رسمها من هذه الأحرف، فآية:{وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} 1. التي تُقرأ بصيغة الجمع وتُقرأ بصيغة الإفراد جاءت في الرسم العثماني {لأَمَنَتِهِمْ} -موصولة وعليها ألف صغيرة- وآية: {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} 2، جاءت في الرسم العثماني {بَعِدْ} - موصولة كذلك وعليها ألف صغيرة، وهكذا..

وهذا لا يسلم لهم في كل وجه من وجوه الاختلاف التي يذكرونها.

كالاختلاف بالزيادة والنقص، في مثل قوله تعالى:{وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ} 3. وقُرِئ: "من تحتها الأنهار" بزيادة "من" وقوله: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} 4، وقُرِئ: "والذكر والأنثى" بنقص "ما خلق".

والاختلاف بالتقديم والتأخير في مثل قوله تعالى: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} 5، وقُرِئ:"وجاءت سكرت الحق بالموت".. والاختلاف بالإبدال في مثل قوله تعالى: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} 6، وقُرِئ:"وتكون الجبال كالصوف المنفوش".

ولو كانت هذه الأحرف تشتمل عليها المصاحف العثمانية لما كان مصحف عثمان حاسمًا للنزاع في اختلاف القراءات، إنما كان حسم هذا النزاع بجمع الناس على حرف واحد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ولولا هذا لظل

1 المؤمنون: 8.

2 سبأ: 19.

3 التوبة: 10.

4 الليل: 3.

5 سورة ق: 19.

6 القارعة: 5.

ص: 166

الاختلاف في القراءة قائمًا، ولما كان هناك فرق بين جمع عثمان وجمع أبي بكر. والذي دلت عليه الآثار أن جمع عثمان رضي الله عنه للقرآن كان نسخًا له على حرف واحد من الحروف السبعة حتى يجمع المسلمين على مصحف واحد، حيث رأى أن القراءة بالأحرف السبعة كانت لرفع الحرج والمشقة في بداية الأمر. وقد انتهت الحاجة إلى ذلك، وترجح عليها حسم مادة الاختلاف في القراءة، بجمع الناس على حرف واحد، ووافقه الصحابة على ذلك. فكان إجماعًا. ولم يحتج الصحابة في أيام أبي بكر وعمر إلى جمع القرآن على وجه ما جمعه عثمان، لأنه لم يحدث في أيامهما من الخلاف فيه ما حدث في زمن عثمان، وبهذا يكون عثمان قد وُفِّقَ لأمر عظيم. رفع الاختلاف، وجمع الكلمة، وأراح الأمة.

ويُجاب عن الرأي الخامس "هـ" الذي يرى أن العدد سبعة لا مفهوم له، بأن الأحاديث تدل بنصها على حقيقة العدد وانحصاره:"أقرأني جبريل على حرف، فراجعته، فلم أزل استزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف""وإن ربي أرسل إليَّ أن اقرأ القرآن على حرف، فرددت عليه أن هوِّن على أمتي، فأرسل إليَّ أن اقرأ على سبعة أحرف"2. فهذا يدل على حقيقة العدد المعيَّن المحصور في سبعة.

ويُجاب عن الرأي السادس "و" الذي يرى أن المراد بالأحرف السبعة القراءات السبع، بأن القرآن غير القراءات، فالقرآن: هو الوحي المنزَّل على محمد صلى الله عليه وسلم للبيان والإعجاز، والقراءات: هي اختلاف في كيفية النطق بألفاظ الوحي، من تخفيف أو تثقيل أو مد أو نحو ذلك، قال أبو شامة:"ظن قوم أن القراءات السبع الموجودة الآن هي التي أريدت في الحديث، وهو خلاف إجماع أهل العلم قاطبة، وإنما يظن ذلك بعض أهل الجهل"3.

1 أخرجه البخاري ومسلم.

2 أخرجه مسلم.

3 انظر "الإتقان" جـ1 ص80.

ص: 167

وقال الطبري: "وأما ما كان من اختلاف القراءة في رفع حرف وجره ونصبه وتسكين حرف وتحريكه ونقل حرف إلى آخر مع اتفاق الصورة، فمن معنى قول النبي، صلى الله عليه وسلم: "أُمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف" بمعزل، لأنه معلوم أنه لا حرف من حروف القرآن مما اختلفت القراءة في قراءته بهذا المعنى يوجب المراء به كفر المماري به في قول أحد من علماء الأمة، وقد أوجب عليه الصلاة والسلام بالمراء فيه الكفر، من الوجه الذي تنازع فيه المتنازعون إليه، وتظاهرت عنه بذلك الرواية".

ولعل الذي أوقعهم في هذا الخطأ الاتفاق في العدد سبعة، فالتبس عليهم الأمر. قال ابن عمار:"لقد فعل مسبع هذه السبعة ما لا ينبغي له، وأشكل الأمر على العامة بإيهامه كل من قل نظره أن هذه القراءات هي المذكورة في الخبر، وليته إذ اقتصر نقص على السبعة أو زاد ليزيل الشُّبهة".

وبهذه المناقشة يتبين لنا أن الرأي الأول "أ" الذي يرى أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد هو الذي يتفق مع ظاهر النصوص، وتسانده الأدلة الصحيحة.

عن أُبَيِّ بن كعب قال: قال لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم:"إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: رب خفف عن أمتي، فأمرني، قال: اقرأ على حرفين، فقلت: رب خفف عن أمتي، فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب الجنة، كلها شاف كاف"1.

قال الطبري: "والسبعة الأحرف: هو ما قلنا من أنه الألسن السبعة، والأبواب السبعة من الجنة هي المعاني التي فيها، من الأمر والنهي والترغيب والترهيب والقصص والمثل، التي إذا عمل بها العامل، وانتهى إلى حدودها

1 رواه مسلم والطبري.

ص: 168