الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2-
قوة الإعجاز: فإيراد المعنى الواحد في صور متعددة مع عجز العرب عن الإتيان بصورة منها أبلغ في التحدي.
3-
الاهتمام بشأن القصة لتمكين عبرها في النفس، فإن التكرار من طرق التأكيد وأمارات الاهتمام. كما هو الحال في قصة موسى مع فرعون؛ لأنها تمثل الصراع بين الحق والباطل أتم تمثيل مع أن القصة لا تكرر في السورة الواحدة مهما كثر تكرارها.
4-
اختلاف الغاية التي تساق من أجلها القصة فتذكر بعض معانيها الوافية بالغرض في مقام، وتبرز معان أخرى في سائر المقامات حسب اختلاف مقتضيات الأحوال.
أسوق بعض أمثلة، توضح مرامي كاتب هذه الرسالة وكيفية بنائها" ثم أورد الأستاذ "أحمد أمين" أمثلة منتزعة من الرسالة تشهد بما وصفها به من هذه العبارة المجملة1. كادعاء صاحب الرسالة أن القصة في القرآن لا تلتزم الصدق التاريخي. وإنما تتجه كما يتجه الأديب في تصوير الحادثة تصويرًا فنيًّا، وزعمه أن القرآن يختلق بعض القصص وأن الأقدمين أخطئوا في عد القصص القرآني تاريخًَا يعتمد عليه.
والمسلم الحق هو الذي يؤمن بأن القرآن كلام الله، وأنه منزه عن ذلك التصوير الفني الذي لا يعنى فيه بالواقع التاريخي، وليس قصص القرآن إلا الحقائق التاريخية تصاغ في صور بديعة من الألفاظ المنتقاة، والأساليب الرائعة.
ولعل صاحب الرسالة درس فن القصة في الأدب، وأدرك من عناصرها الأساسية الخيال الذي يعتمد على التصور، وأنه كلما ارتقى خيالها ونأى عن الواقع كثر الشوق إليها، ورغبت النفس فيها، واستمتعت بقراءتها، ثم قاس القصص القرآني على القصة الأدبية.
وليس القرآن كذلك، فإنه تنزيل من عليم حكيم، ولا يرد في أخباره إلا ما يكون موافقًا للواقع، وإذا كان الفضلاء من الناس يتورعون من أن يقولوا زورًا ويعدونه من أقبح الرذائل المزرية بالإنسانية، فكيف يسوغ لعاقل أن يلصق الزور بكلام ذي العزة والجلال؟
والله تعالى هو الحق: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} 2.
وأرسل رسوله بالحق: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً} 3.
1 انظر نقد كتاب "الفن القصصي في القرآن" - للأستاذ محمد الخضر حسين- بلاغة القرآن ص94.
2 الحج: 62.
3 فاطر: 24.
القصة في القرآن حقيقة لا خيال:
ومن الجدير بالذكر أن أحد الطلاب الجامعيين في مصر قدم رسالة لنيل درجة "الدكتوراه" كان موضوعها: "الفن القصصي في القرآن"1، أثارت جدلًا طويلًا سنة 1367 هجرية، وكتب عنها أحد أعضاء اللجنة الذين اشتركوا في مناقشة الرسالة -وهو الأستاذ أحمد أمين- تقريرًا بعث به إلى عميد كلية الآداب، ونشر في مجلة "الرسالة" وقد تضمن التقرير نقدًا لاذعًا لما كتبه الطالب الجامعي، وإن كان أستاذه المشرف قد دافع عنه. وصدر الأستاذ "أحمد أمين" تقريره بالعبارة الآتية:
"وقد وجدتها رسالة ليست عادية، بل هي رسالة خطيرة، أساسها أن القصص في القرآن عمل فني خاضع لما يخضع له الفن من خلق وابتكار من غير التزام لصدق التاريخ. والواقع أن محمدًا فنان بهذا المعنى"، ثم قال: "وعلى هذا الأساس كتب كل الرسالة من أولها إلى آخرها، وإني أرى من الواجب أن
1 هو الدكتور محمد أحمد خلف الله.