الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2-
المئون: التي تزيد آياتها على مائة أو تقاربها.
3-
والمثاني: هي التي تليها في عدد الآيات، سميت بذلك لأنها تُثنَّى في القراءة وتُكرَّر أكثر من الطوال والمئين.
4-
والمفصَّل: قيل: من أول سورة "ق"، وقيل: من أول "الحجرات"، وقيل غير ذلك، وأقسامه ثلاثة، طواله، وأوساطه، وقصاره.
فطواله: من "ق" أو "الحجرات" إلى "عم" أو "البروج"، وأوساطه: من "عم" أو "البروج" إلى "الضحى" أو إلى "لم يكن"، وقصاره: من"الضحى" أو "لم يكن" إلى آخر القرآن. على خلاف في ذلك.
وتسميته بالمفصَّل لكثرة الفصل بين سوره بالبسملة.
وتعداد السور: مائة وأربع عشرة سورة، وقيل: وثلاث عشرة بجعل الأنفال وبراءة سورة واحدة.
أما تعداد الآيات فستة آلاف ومائتا آية، واختلفوا فيما زاد عن ذلك.
وأطول الآيات آية الدَّيْن، وأطول السور سورة البقرة.
وهذه التجزئة تيسر على الناس الحفظ، وتحملهم على الدراسة، وتشعر القارئ لسورة من السور بأنه قد أخذ قسطاً وافيًا وطائفة مستقلة من أصول دينه وأحكام شريعته.
الرسم العثماني:
سبق الحديث عن جمع القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه وقد اتبع زيد بن ثابت والثلاثة القرشيون معه طريقة خاصة في الكتابة ارتضاها لهم عثمان، ويسمي العلماء هذه الطريقة "بالرسم العثماني للمصحف" نسبة إليه، واختلف العلماء في حكمه.
1-
فذهب بعضهم إلى أن هذا الرسم العثماني للقرآن توقيفي يجب الأخذ به في كتابة القرآن، وبالغوا في تقديسه، ونسبوا التوقيف فيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا أنه قال لمعاوية، أحد كتبة الوحي:"ألق الدواة، وحرِّف القلم، وانصب الياء، وفرِّق السين، ولا تعوِّر الميم، وحسِّن الله، ومد الرحمن، وجوِّد الرحيم، وضع قلمك على أذنك اليسرى، فإنه أذكر لك" ونقل ابن المبارك عن شيخه عبد العزيز الدباغ أنه قال له: "ما للصحابة ولا لغيرهم في رسم القرآن ولا شعرة واحدة، وإنما هو توقيف من النبي وهو الذي أمرهم أن يكتبوه على الهيئة المعروفة بزيادة الألف ونقصانها لأسرار لا تهتدى إليها العقول، وهو سر من الأسرار خص الله به كتابه العزيز دون سائر الكتب السماوية. وكما أن نظم القرآن معجز فرسمه أيضًا معجز".
والتمسوا لذلك الرسم أسرارًا تجعل للرسم العثماني دلالة على معان خفية دقيقة، كزيادة "الياء" في كتابة كلمة "أيد" من قوله تعالى:{وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} 1، إذ كتبت هكذا "بأييد" وذلك للإيماء إلى تعظيم قوة الله التي بنى بها السماء. وأنها لا تشبهها قوة على حد القاعدة المشهورة، وهي: زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى2.
وهذا الرأي لم يرد فيه شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يكون الرسم توقيفيًّا، وإنما اصطلح الكتبة على هذا الرسم في زمن عثمان برضًا منه، وجعل لهم ضابطًا لذلك بقوله للرهط القرشيين الثلاثة:"إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنه إنما نزل بلسانهم" وحين اختلفوا في كتابة "التابوت" فقال زيد: "التابوه" وقال النفر القرشيون: "التابوت" وترافعوا إلى عثمان قال: "اكتبوا "التابوت" فإنما أُنزل القرآن على لسان قريش".
1 الذاريات: 47.
2 انظر"مناهل العرفان" للزرقاني جـ2 ص370 وما بعدها.
2-
وذهب كثير من العلماء إلى أن الرسم العثماني ليس توقيفيًّا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه اصطلاح ارتضاه عثمان، وتلقته الأمة بالقبول، فيجب التزامه والأخذ به، ولا تجوز مخالفته. قال أشهب:"سُئل مالك: هل يُكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء؟ قال: لا، إلا على الكتبة الأولى" رواه أبو عمرو الداني في "المقنع" ثم قال: "ولا مخالف له من علماء الأمة"، وقال في موضع آخر: سُئل مالك عن الحروف في القرآن مثل الواو والألف، أترى أن تُغيَّر من المصحف إذا وُجِدا فيه كذلك قال: لا، قال أبو عمرو: يعني الواو والألف المزيدتين في الرسم المعدومتين في اللفظ نحو "أولوا" وقال الإمام أحمد: "تحرم مخالفة خط مصحف عثمان في واو أو ياء أو ألف أو غير ذلك"1.
3-
وذهب جماعة إلى أن الرسم العثماني اصطلاحي، ولا مانع من مخالفته! إذا اصطلح الناس على رسم خاص للإملاء وأصبح شائعًا بينهم. قال القاضي أبو بكر الباقلاني في كتابه "الانتصار": "وأما الكتابة فلم يفرض الله على الأمة فيها شيئًا. أولم يأخذ على كتَّاب القرآن وخُطَّاط المصاحف رسمًا بعينه دون غيره أوجبه عليهم وترك ما عداه، إذ وجوب ذلك لا يُدرك إلا بالسمع والتوقيف، وليس في نصوص الكتاب ولا مفهومه أن رسم القرآن وضبطه لا يجوز إلا على وجه مخصوص وحدٍّ محدود لا يجوز تجاوزه، ولا في نص السٌّنَّة ما يوجب ذلك ويدل عليه، ولا في إجماع الأمة ما يوجب ذلك، ولا دلت عليه القياسات الشرعية، بل السٌّنَّة دلت على جواز رسمه بأي وجه سهل، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر برسمه ولم يبيِّن لهم وجهًا معينًا ولا نهى أحدًا عن كتابته. ولذلك اختلفت خطوط المصاحف، فمنهم من كان يكتب الكلمة على مخرج اللفظ، ومنهم من كان يزيد وينقص لعلمه بأن ذلك اصطلاح، وأن الناس لا يخفى عليهم الحال، ولأجل هذا بعينه جاز أن يُكتب بالحروف الكوفية والخط
1 انظر "الإتقان" جـ2 ص167، و"البرهان" للزركشي جـ1 ص379.
الأول، وأن يُجعل الكلام على صورة الكاف، وأن تُعوَّج الألفات، وأن يُكتب على غير هذه الوجوه، وجاز أن يكتب المصحف بالخط والهجاء القديمين، وجاز أن يُكتب بالخطوط والهجاء المحدَثة، وجاز أن يُكتب بين ذلك، وإذا كانت خطوط المصحف وكثير من حروفها مختلفة متغايرة الصورة، وكان الناس قد أجازوا أن يكتب كل واحد منهم بما هو عادته، وما هو أسهل وأشهر وأولى. من غير تأثيم ولا تناكر، عُلِمَ أنه لم يؤخذ في ذلك على الناس حد محدود مخصوص، كما أُخِذَ عليهم في القراءة، والسبب في ذلك أن الخطوط إنما هي علامات ورسوم تجري مجرى الإشارات والعقود والرموز. فكل رسم دال على الكلمة مقيد لوجه قراءتها تجب صحته وتصويب الكاتب به على أية صورة كانت.. وبالجملة فكل من ادعى أنه يجب على الناس رسم مخصوص وجب عليه أن يقيم الحجة على دعواه، وأنَّى له ذلك".
وانطلاقًا من هذا الرأي يدعو بعض الناس اليوم إلى كتابة القرآن الكريم وفق القواعد الإملائية الشائعة المصطلح عليها، حتى تسهل قراءته على القارئين من الطلاب والدارسين، ولا يشعر الطالب في أثناء قراءته للقرآن باختلاف رسمه عن الرسم الإملائي الاصطلاحي الذي يدرسه.
والذي أراه أن الرأي الثاني هو الرأي الراجح، وأنه يجب كتابة القرآن بالرسم العثماني المعهود في المصحف.
فهو الرسم الاصطلاحي الذي توارثته الأمة منذ عهد عثمان رضي الله عنه والحفاظ عليه ضمان قوي لصيانة القرآن من التغيير والتبديل في حروفه، ولو أبيحت كتابته بالاصطلاح الإملائي لكل عصر لأدى هذا إلى تغيير خط المصحف من عصر لآخر، بل إن قواعد الإملاء نفسها تختلف فيها وجهات النظر في العصر الواحد، وتتفاوت في بعض الكلمات من بلد لآخر.
واختلاف الخطوط الذي يذكره القاضي أبو بكر الباقلاني شيء والرسم الإملائي شيء آخر، فاختلاف الخط تغير في صورة الحرف لا في رسم الكلمة.