الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ب- مفهوم شرط، كقوله تعالى:{وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} 1، فمعناه أن غير الحوامل لا يجب الإنفاق عليهن.
جـ- مفهوم غاية، كقوله تعالى:{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} 2، فمفهوم هذا أنها تحل للأول إذا نكحت غيره بشروط النكاح.
د- مفهوم حصر، كقوله تعالى:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} 3، مفهومه أن غيره سبحانه لا يُعبد ولا يُستعان به، ولذلك كانت دالة على إفراده تعالى بالعبادة والاستعانة.
1 الطلاق: 6.
2 البقرة: 230.
3 الفاتحة: 5.
الاختلاف في الاحتجاج به:
اختُلِف في الاحتجاج بهذه المفاهيم، والأصح في ذلك أنها حُجة بشروط، منها:
أ- ألا يكون المذكور خرج مخرج الغالب - فلا مفهوم للحجور في قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} 1؛ لأن الغالب كون الربائب في حجور الأزواج.
ب- ومنها ألا يكون المذكور لبيان الواقع - فلا مفهوم لقوله: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ} 2؛ لأن الواقع أن أي إله لا برهان عليه، وقوله:{لا بُرْهَانَ لَهُ بِه} صفة لازمة جيء بها للتوكيد والتهكم بمدعي إلهٍ مع الله لا أن يكون في الآلهة ما يجوز أن يقوم عليه برهان - ومثله قوله تعالى: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً} 3،
1 النساء: 23.
2 المؤمنون: 117.
3 النور: 33.
فلا مفهوم له يدل على إباحة إكراه السيد لأمته على البغاء إن لم تُرد التحصن، وإنما قال:{إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً} ؛ لأن الإكراه لا يتأتى إلا مع إرادة التحصن. وعن جابر بن عبد الله قال: "كان عبد الله بن أُبَيٍّ يقول لجارية له: اذهبي فأبغينا شيئًا، وكانت كارهة، فأنزل الله: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} 1، وعن جابر أيضًا: "أن جارية لعبد الله بن أُبَيٍّ، يقال لها "مُسيكة" وأخرى يقال لها "أميمة". فكان يريدهما على الزنا. فشكتا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله:{وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ}
…
الآية2.
والأمر في الاحتجاج بمفهوم الموافقة أيسر، فقد اتفق العلماء على صحة الاحتجاج به سوى الظاهرية. أما الاحتجاج بمفهوم المخالفة فقد أثبته مالك والشافعي وأحمد، ونفاه أبو حنيفة وأصحابه.
واحتج المثبتون بحجج نقلية وعقلية.
فمن الحجج النقلية: ما رُوِي أنه لما نزل قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} 3، قال النبي، صلى الله عليه وسلم:"قد خيرني ربي، فوالله لأزيدنه على السبعين".. ففهم النبي صلى الله عليه وسلم أن ما زاد على السبعين بخلاف السبعين4.
ومنها: ما ذهب إليه ابن عباس رضي الله عنهما من منع توريث الأخت مع البنت5 استدلالًا بقوله تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} 6، حيث إنه فهم من توريث الأخت مع عدم الولد امتناع توريثها مع البنت؛ لأنها ولد، وهو من فصحاء العرب، وترجمان القرآن.
1 النور: 33.
2 أخرجهما مسلم وغيره.
3 التوبة: 80.
4 نقله ابن جرير بأسانيد كثيرة.
5 نقله ابن جرير وغيره عن ابن عباس.
6 النساء: 176.
ومنها: ما رُوِي: "أن يعلى بن أمية" قال لعمر: ما بالنا نقصر وقد أمنا: وقد قال الله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ} 1، ووجه الاحتجاج به أنه فهم من تخصيص القَصر عند الخوف عدم القَصر عند الأمن، ولم يُنكر عليه عمر، بل قال:"لقد عجبتُ مما عجبتَ منه، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال لي: "هي صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته" 2، ويعلى بن أمية وعمر من فصحاء العرب، وقد فهما ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم أقرهما عليه.
ومن الحجج العقلية: أنه لو كان حكم الفاسق وغير الفاسق سواء في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} 3، في وجوب التثبت في الخبر لما كان لتخصيص الفاسق بالذكر فائدة. وقس على ذلك سائر الأمثلة.
1 النساء: 101.
2 رواه الإمام أحمد، ورواه مسلم وأهل السنن.
3 الحجرات: 6.