الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمقتصد: الذي يصلي في أثنائه، والظالم لنفسه: الذي يؤخر العصر إلى الاصفرار – وقيل: السابق: المحسن بالصدقة مع الزكاة، والمقتصد: الذي يؤدي الزكاة المفروضة فقط، والظالم: مانع الزكاة"1.
وقد يكون الاختلاف لاحتمال اللفظ الأمرين، كلفظ "عسعس" الذي يراد به إقبال الليل وإدباره، أو لأن الألفاظ التي عبر بها عن المعاني متقاربة، كما إذا فسر بعضهم "تبسل" بتحبس، وبعضهم بترهن؛ لأن كلًا منهما قريب من الآخر.
1 "الإتقان" جـ2 ص177.
تجنب الإسرائيليات:
وربما كان الاختلاف فيما لا فائدة فيه ولا حاجة بنا إلى معرفته مما وقع فيه بعض المفسرين في نقل إسرائيليات عن أهل الكتاب، كاختلافهم في أسماء أصحاب الكهف، ولون كلبهم، وعددهم، وقد قال الله تعالى:{قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِراً} 1، واختلافهم في قدر سفينة نوح وخشبها، وفي اسم الغلام الذي قتله الخضر، وفي أسماء الطيور التي أحياها الله لإبراهيم، وفي نوع شجرة عصا موسى، ونحو ذلك. فهذه الأمور طريق العلم بها النقل. فما كان منه منقولًا نقلًا صحيحًا عن النبي صلى الله عليه وسلم قُبِلَ، وإلا توقفنا عنه، وإن كانت النفس تسكن إلى ما نُقِلَ عن الصحابة؛ لأن نقلهم عن أهل الكتاب أقل من نقل التابعين2.
1 الكهف: 22.
2 في الحديث: "إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم".
حكم التفسير بالمأثور:
التفسير بالمأثور هو الذي يجب اتباعه والأخذ به؛ لأنه طريق المعرفة الصحيحة. وهو آمن سبيل للحفظ من الزلل والزيغ في كتاب الله. وقد رُوِي عن ابن عباس أنه قال: "التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير
لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه أحد إلا الله".
فالذي تعرفه العرب هو الذي يرجع فيه إلى لسانهم ببيان اللغة.
والذي لا يعذر أحد بجهله: هو ما يتبادر فهم معناه إلى الأذهان من النصوص المتضمنة شرائع الأحكام ودلائل التوحيد ولا لبس فيها، فكل امرئ يدرك معنى التوحيد من قوله تعالى:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} 1، وإن لم يعلم أن هذه العبارة وردت بطريق النفي والاستثناء فهي دالة على الحصر.
وأما ما لا يعلمه إلا الله: فهو المغيبات، كحقيقة قيام الساعة، وحقيقة الروح.
وأما ما يعلمه العلماء: فهو الذي يرجع إلى اجتهادهم المعتمد على الشواهد والدلائل دون مجرد الرأي، من بيان مُجْمل، أو تخصيص عام، أو نحو ذلك.
وقد ذكر ابن جرير الطبري نحو هذا. فقال: "فقد تبين ببيان الله جل ذكره: أن مما أنزل الله من القرآن على نبيه صلى الله عليه وسلم ما لا يوصل إلى علم تأويله إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك تأويل جميع ما فيه: من وجوه أمره -واجبه وندبه وإرشاده- وصنوف نهيه، ووظائف حقوقه وحدوده، ومبالغ فرائضه، ومقادير اللازم بعض خلقه لبعض، وما أشبه ذلك من إحكام آية التي لم يُدرك علمها إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته، وهذا وجه لا يجوز لأحد القول فيه إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم له تأويله بنص منه عليه، أو بدلالة قد نصبها دالة أمته على تأويله.
وإن منه ما لا يعلم تأويله إلا الله الواحد القهار، وذلك ما فيه من الخبر عن آجال حادثة، وأوقات آتية، كوقت قيام الساعة، والنفخ في الصور، ونزول عيسى ابن مريم، وما أشبه ذلك:{يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} 2.
1 محمد: 19.
2 الأعراف: 187.