المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شبه الجاحدين على الوحي: - مباحث في علوم القرآن لمناع القطان

[مناع القطان]

فهرس الكتاب

- ‌مباحث في علوم القرآن

- ‌مقدمة

- ‌التعريف بالعلم وبيان نشأته وتطوره:

- ‌القرآن

- ‌مدخل

- ‌تعريف القرآن:

- ‌أسماؤه وأوصافه:

- ‌الفرق بين القرآن والحديث القدسي:

- ‌الفرق بين الحديث القدسي والحديث النبوي:

- ‌ الوحي:

- ‌إمكانية الوحي ووقوعه:

- ‌معنى الوحي:

- ‌كيفية وحي الله إلى ملائكته:

- ‌كيفية وحي اللله إلى رسله

- ‌كيفية وحي المَلَكِ إلى الرسول:

- ‌شُبَهُ الجاحدين على الوحي:

- ‌متاهات المتكلمين:

- ‌المكي والمدني

- ‌مدخل

- ‌عناية العلماء بالمكي والمدني وأمثلة ذلك وفوائده

- ‌مدخل

- ‌أمثلة:

- ‌فوائد العلم بالمكي والمدني:

- ‌معرفة المكي والمدني وبيان الفرق بينهما:

- ‌الفرق بين المكي والمدني:

- ‌مميزات المكي والمدني

- ‌مدخل

- ‌ضوابط المكي ومميزاته الموضوعية:

- ‌ضوابط المدني ومميزاته الموضوعية:

- ‌معرفة أول ما نزل وآخر ما نزل

- ‌مدخل

- ‌أول ما نزل:

- ‌آخر ما نزل:

- ‌أوائل موضوعية:

- ‌فوائد هذا المبحث:

- ‌أسباب النزول

- ‌مدخل

- ‌عناية العلماء به:

- ‌ما يُعْتَمد عليه في معرفة سبب النزول:

- ‌تعريف السبب:

- ‌فوائد معرفة سبب النزول:

- ‌العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب:

- ‌صيغة سبب النزول:

- ‌تعدد الروايات في سبب النزول:

- ‌تعدد النزول مع وحدة السبب:

- ‌تقدم نزول الآية على الحكم:

- ‌تعدد ما نزل في شخص واحد:

- ‌الاستفادة من معرفة أسباب النزول في مجال التربية والتعليم:

- ‌المناسبات بين الآيات والسور:

- ‌نزول القرآن

- ‌مدخل

- ‌نزول القرآن جملة:

- ‌نزول القرآن مُنَجَّمًا:

- ‌حكمة نزول القرآن منجما

- ‌مدخل

- ‌ الحكمة الأولى: تثبيت فؤاد رسول الله، صلى الله عليه وسلم

- ‌ الحكمة الثانية: التحدي والإعجاز

- ‌ الحكمة الثالثة: تيسير حفظه وفهمه

- ‌ الحكمة الرابعة: مسايرة الحوادث والتدرج في التشريع

- ‌ الحكمة الخامسة: الدلالة القاطعة على أن القرآن الكريم تنزيل من حكيم حميد

- ‌الاستفادة من نزول القرآن مُنَجَّمًا في التربية والتعليم:

- ‌جمع القرآن وترتيبه

- ‌مدخل

- ‌ جمع القرآن بمعنى حفظه على عهد النبي، صلى الله عليه وسلم:

- ‌ جمع القرآن بمعنى كتابته على عهد الرسول، صلى الله عليه وسلم:

- ‌ جمع القرآن في عهد أبي بكر، رضي الله عنه:

- ‌ جمع القرآن في عهد عثمان، رضي الله عنه:

- ‌الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان:

- ‌شُبَه مردودة:

- ‌‌‌ترتيب الآياتوالسور:

- ‌ترتيب الآيات

- ‌ ترتيب السور:

- ‌سور القرآن وآياته:

- ‌الرسم العثماني:

- ‌تحسين الرسم العثماني:

- ‌الفواصل ورءوس الآي:

- ‌نزول القرآن على سبعة أحرف

- ‌مدخل

- ‌اختلاف العلماء في المراد بها الترجيح بينها

- ‌حكمة نزول القرآن على سبعة أحرف:

- ‌القراءات والقراء

- ‌مدخل

- ‌كثرة القرَّاء والسبب في الاقتصار على السبعة:

- ‌أنواع القراءات وحكمها وضوابطها:

- ‌فوائد الاختلاف في القراءات الصحيحة

- ‌مدخل

- ‌الوقف والابتداء

- ‌أقسام الوقف:

- ‌التجويد وآداب التلاوة

- ‌مدخل

- ‌آداب التلاوة:

- ‌تعلُّم القرآن والأجرة عليه:

- ‌القواعد التي يحتاج إليها المفسر

- ‌مدخل

- ‌ الضمائر:

- ‌ التعريف والتنكير:

- ‌ الإفراد والجمع:

- ‌ مقابلة الجمع بالجمع أو بالمفرد:

- ‌ ما يُظَن أنه مترادف وليس من المترادف:

- ‌ السؤال والجواب:

- ‌ الخطاب بالاسم والخطاب بالفعل:

- ‌ العطف:

- ‌الفرق بين الإيتاء والإعطاء:

- ‌ألفاظ:

- ‌لفظ "فعل

- ‌لفظ "كان

- ‌لفظ "كاد

- ‌لفظ "جعل

- ‌لعل" و"عسى

- ‌الفرق بين المحكم والمتشابه

- ‌مدخل

- ‌الإحكام العام والتشابه العام:

- ‌الإحكام الخاص والتشابه الخاص:

- ‌الاختلاف في معرفة المتشابه:

- ‌التوفيق بين الرأيين بفهم معنى التأويل:

- ‌التأويل المذموم:

- ‌العام والخاص

- ‌مدخل

- ‌تعريف العام وصيغ العموم:

- ‌أقسام العام:

- ‌الفرق بين العام المراد به الخصوص والعام المخصوص:

- ‌تعريف الخاص وبيان المخصص:

- ‌تخصيص السٌّنَّة بالقرآن:

- ‌صحة الاحتجاج بالعام بعد تخصيصه فيما بقي:

- ‌ما يشمله الخطاب:

- ‌الناسخ والمنسوخ

- ‌مدخل

- ‌تعريف النسخ وشروطه:

- ‌ما يقع فيه النسخ:

- ‌ما به يُعرف النسخ وأهميته:

- ‌الآراء في النسخ وأدلة ثبوته:

- ‌أقسام النسخ:

- ‌أنواع النسخ في القرآن:

- ‌حكمة النسخ:

- ‌النسخ إلى بدل وإلى غير بدل:

- ‌شُبَهُ النسخ:

- ‌أمثلة للنسخ:

- ‌المطلق والمقيد

- ‌مدخل

- ‌تعريف المطلق والمقيد:

- ‌أقسام المطلق والمقيَّد وحكم كل منها:

- ‌المنطوق والمفهوم

- ‌مدخل

- ‌تعريف المنطوق وأقسامه:

- ‌دلالة الاقتضاء ودلالة الإشارة:

- ‌تعريف المفهوم وأقسامه:

- ‌الاختلاف في الاحتجاج به:

- ‌إعجاز القرآن

- ‌مدخل

- ‌تعريف الإعجاز وإثباته:

- ‌وجوه إعجاز القرآن:

- ‌القدر المعجز من القرآن:

- ‌الإعجاز اللغوي:

- ‌الإعجاز العلمي

- ‌الإعجاز التشريعي:

- ‌أمثال القرآن

- ‌مدخل

- ‌تعريف المثل:

- ‌أنواع الأمثال في القرآن:

- ‌فوائد الأمثال:

- ‌ضرب الأمثال بالقرآن:

- ‌أقسام القرآن

- ‌مدخل

- ‌تعريف القَسَم وصيغته:

- ‌فائدة القسم في القرآن:

- ‌المُقسم به في القرآن:

- ‌أنواع القسم:

- ‌أحوال المقسَم عليه:

- ‌القسم والشرط:

- ‌جدل القرآن

- ‌مدخل

- ‌تعريف الجدل:

- ‌طريقة القرآن في المناظرة:

- ‌أنواع من مناظرات القرآن وأدلته:

- ‌قصص القرآن

- ‌مدخل

- ‌معنى القصص:

- ‌أنواع القصص في القرآن:

- ‌فوائد قصص القرآن:

- ‌تكرار القصص وحكمته:

- ‌القصة في القرآن حقيقة لا خيال:

- ‌أثر القصص القرآني في التربية والتهذيب:

- ‌ترجمة القرآن

- ‌مدخل

- ‌معنى الترجمة:

- ‌حكم الترجمة الحرفية:

- ‌الترجمة المعنوية

- ‌مدخل

- ‌حكم الترجمة المعنوية:

- ‌الترجمة التفسيرية:

- ‌القراءة في الصلاة بغير العربية

- ‌مدخل

- ‌قوة الأمة الإسلامية هي سبيل انتصار الإسلام وسيادة لغة القرآن:

- ‌التفسير والتأويل

- ‌مدخل

- ‌معنى التفسير والتأويل:

- ‌الفرق بين التفسير والتأويل:

- ‌شرف التفسير:

- ‌شروط المفسر وآدابه

- ‌مدخل

- ‌شروط المفسِّر:

- ‌آداب المفسِّر:

- ‌نشأة التفسير وتطوره

- ‌مدخل

- ‌التفسر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه

- ‌التفسير في عصر التابعين:

- ‌التفسير في عصور التدوين:

- ‌التفسير الموضوعي:

- ‌طبقات المفسرين:

- ‌التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي:

- ‌الاختلاف فيه:

- ‌تجنب الإسرائيليات:

- ‌حكم التفسير بالمأثور:

- ‌التفسير بالرأي:

- ‌حكم التفسير بالرأي:

- ‌الإسرائيليات:

- ‌تفسير الصوفية:

- ‌التفسير الإشاري:

- ‌غرائب التفسير:

- ‌التعريفات بأشهر كتب التفسير

- ‌أشهر الكتب المؤلفة في التفسير بالمأثور:

- ‌أشهر الكتب المؤلفة في التفسير بالرأي

- ‌مدخل

- ‌أشهر كتب التفسير في العصر الحديث:

- ‌تفسير الفقهاء

- ‌مدخل

- ‌ أحكام القرآن – للجصاص:

- ‌ أحكام القرآن – لابن العربي:

- ‌ الجامع لأحكام القرآن – لأبي عبد الله القرطبي:

- ‌ تراجم لبعض مشاهير المفسرين

- ‌ابن عباس

- ‌مجاهد بن جبر:

- ‌الطبري:

- ‌ابن كثير:

- ‌فخر الدين الرازي:

- ‌الزمخشري:

- ‌الشوكاني:

- ‌المراجع:

- ‌محتويات الكتاب:

الفصل: ‌شبه الجاحدين على الوحي:

فيحتمل أن يرجع إلى إحدى الحالتين المذكورتين في حديث عائشة، فيأتيه المَلَكُ في مثل الصلصلة وينفث في روعه، أو يتمثل له رجلًا وينفث في روعه، وربما كانت حالة النفث فيما سوى القرآن الكريم.

ص: 38

‌شُبَهُ الجاحدين على الوحي:

وقد حرص الجاهليون قديمًا وحديثًا على إثارة الشُّبَهِ في الوحي عتوًّا واستكبارًا، وهي شُبَهٌ واهية مردودة.

1-

زعموا أن القرآن الكريم من عند محمد صلى الله عليه وسلم ابتكر معانيه، وصاغ أسلوبه، وليس وحيًا يُوحَى.

وهذا زعم باطل، فإنه عليه الصلاة والسلام إذا كان يدَّعي لنفسه الزعامة ويتحدى الناس بالمعجزات لتأييد زعامته فلا مصلحة له في أن ينسب ما يتحدى به الناس إلى غيره، وكان في استطاعته أن ينسب القرآن لنفسه، ويكون ذلك كافيًا لرفعة شأنه، والتسليم بزعامته، ما دام العرب جميعًا على فصاحتهم قد عجزوا عن معارضته، بل ربما كان هذا أدعى للتسليم المطلق بزعامته لأنه واحد منهم أتى بمالم يستطيعوه.

ولا يقال إنه أراد بنسبة القرآن إلى الوحي الإلهي أن يجعل لكلامه حرمة تفوق كلامه حتى يستعين بهذا على استجابة الناس لطاعته وإنفاذ أوامره، فإنه صدر عنه كلام نسبه لنفسه فيما يسمى بالحديث النبوي ولم ينقص ذلك من لزوم طاعته شيئًا، ولو كان الأمر كما يتوهمون لجعل كل أقواله من كلام الله تعالى.

وهذا الادعاء يفترض في رسول الله أنه كان من أولئك الزعماء الذين يعبرون الطريق في الوصول إلى غايتهم على قنطرة من الكذب والتمويه، وهو افتراض يأباه الواقع التاريخي في سيرته عليه الصلاة والسلام، وما اشتهر به من صدق وأمانة شهد له بهما أعداؤه قبل أصدقائه.

ص: 38

لقد اتهم المنافقون زوجه عائشة بحديث الإفك، وهي أحب زوجاته إليه، واتهامها يمس كرامته وشرفه، وأبطأ الوحي، وتحرَّج الرسول صلى الله عليه وسلم وتحرَّج صحابته معه حتى بلغت القلوب الحناجر، وبذل جهده في التحري والاستشارة، ومضى شهر بأكمله، ولم يزد على أنه قال لها آخر الأمر:"أما إنه بلغني كذا وكذا، فإن كنتِ بريئة فيسيبرِّئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله" 1، وظل هكذا إلى أن نزل الوحي ببراءتها، فماذا كان يمنعه لو أن القرآن كلامه من أن يقول كلامًا يقطع به ألسنة المتخرصين، ويحمي عرضه؟ ولكنه ما كان ليذر الكذب على الناس، ويكذب على الله:{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ، لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ، ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ، فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} 2.

واستأذن جماعة في التخلف عن غزوة تبوك وأبدوا أعذارًا، وكان منهم مَن انتحل هذه الأعذار من المنافقين وأذن لهم، فنزل القرآن الكريم معاتبًا له لخطأ رأيه:{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} 3. ولو كان هذا العتاب صادرًا عن وجدانه تعبيرًا عن ندمه حين تبين له فساد رأيه لما أعلنه عن نفسه بهذا التعنيف الشديد والعتاب القاسي.

ونظير هذا معاتبته صلى الله عليه وسلم في قبول الفداء من أسرى بدر: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} 4. ومعاتبته في توليه عن عبد الله بن أم مكتوم الأعمى رضي الله عنه اهتمامًا بنفر من أكابر قريش في دعوتهم إلى الإسلام: {عَبَسَ وَتَوَلَّى، أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى، أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ

1 راجع حديث الإفك في الصحيحين وفي غيرهما، وتفسير القصة في سورة النور.

2 الحاقة: 44-47.

3 التوبة: 43.

4 الأنفال: 67، 68.

ص: 39

الذِّكْرَى، أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى، فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى، وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى، وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى، وَهُوَ يَخْشَى، فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى، كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ} 1..

والمعهود في سيرته صلى الله عليه وسلم أنه كان منذ نعومة أظفاره مثلًا فريدًا في حسن الخُلُق، وكريم السجايا، وصدق اللَّهجة، وإخلاص القول والعمل، وقد شهد له بهذا قومه عندما دعاهم في مطلع الدعوة وقال لهم:"أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلًا بظهر هذا الوادي تريد أن تُغير عليكم أكنتم مُصَدِّقِيَّ؟ " قالوا: نعم، ما جرَّبنا عليك كذبًا"2. وكانت سيرته العطرة مهوى أفئدة الناس إليه للدخول في الإسلام، عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: "لما قَدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، انجفل الناس إليه، وقيل: قَدِمَ رسول الله، قَدِمَ رسول الله، فجئتُ في الناس لأنظر إليه فلما استثبت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفت أن وجهه ليس بوجه كذَّاب"3.

وصاحب هذه الصفات العظيمة التي يُتَوِّجها الصدق ما ينبغي لأحد أن يمتري في قوله حينما أعلن نفسه بأنه ليس واضع ذلك الكتاب: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} 4.

2-

وزعم الجاهليون قديمًا وحديثًا أنه عليه الصلاة والسلام كان له من حدة الذكاء، ونفاذ البصيرة، وقوة الفراسة، وشدة الفطنة، وصفاء النفس، وصدق التأمل، ما يجعله يدرك مقاييس الخير والشر، والحق والباطل، بالإلهام، ويتعرف على خفايا الأمور بالكشف والوحي النفسي، ولا يخرج القرآن عن أن يكون أثرًا للاستنباط العقلي، والإدراك الوجداني عبر عنه محمد بأسلوبه وبيانه.

وأي شيء في القرآن يعتمد على الذكاء والاستنباط والشعور؟

فالجانب الإخباري -وهو قسم كبير من القرآن- لا يماري عاقل في أنه لا يعتمد إلا على التلقي والتعلم.

1 عبس: 1-11.

2 رواه البخاري ومسلم.

3 رواه الترمذي بسند صحيح.

4 يونس: 15.

ص: 40

لقد ذكر القرآن أنباء من سبق من الأمم والجماعات والأنبياء والأحداث التاريخية بوقائعها الصحيحة الدقيقة كما يذكر شاهد العيان مع طول الزمن الذي يضرب في أغوار التاريخ إلى نشأة الكون الأولى بما لا يدع مجالًا لإعمال الفكر ودقة الفراسة، ولم يعاصر محمد صلى الله عليه وسلم تلك الأمم وهذه الأحداث في قرونها المختلفة حتى يشهد وقائعها وينقل أنباءها، كما لم يتوارث كتبها ليدرس دقائقها ويروي أخبارها:{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ، وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} 1.. {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا} 2.. {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} 3.. {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} 4..

ومنها أنباء دقيقة تتناول الأرقام الحسابية التي لا يعلمها إلا الدارس البصير، ففي قصة نوح:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} 5. وهذا موافق لما جاء في سفر التكوين من التوراة. وفي قصة أصحاب الكهف: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} 6.. وهي عند أهل الكتاب ثلاثمائة سنة شمسية، والسنون التسع هي فرق ما بين عدد السنين الشمسية والقمرية.

فمن أين أتى محمد صلى الله عليه وسلم بهذه الدقائق الصحيحة لو لم يكن يُوحى إليه وهو الرجل الأمي الذي عاش في أمة أمية لا تكتب ولا تحسب؟

وقد كان أهل الجاهلية الأولى أذكى من ملاحدة الجاهلية المعاصرة، فإن

1 القصص: 44، 45.

2 هود: 49.

3 يوسف: 3.

4 آل عمران: 44.

5 العنكبوت: 14.

6 الكهف: 25.

ص: 41

أولئك لم يقولوا إن محمدًا استقى هذه الأخبار من وحي نفسه كما يقول هؤلاء، بل قالوا إنه درسها وأُمليت عليه {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} 1. ولم يتلق رسول الله صلى الله عليه وسلم درسًا على معلم قط -كما سيأتي- فمن أين جاءته هذه الأنباء فجأة بعد أن بلغ الأربعين؟ {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} 2..

هذا في الجانب الإخباري.

أما في سائر العلوم التي تضمنها القرآن فإن قسم العقائد يتناول كذلك أمورًا تفصيلية عن بدء الخلق ونهايته، والحياة الآخرة وما فيها من الجنة ونعيمها، والنار وعذابها، وما يتبع ذلك من الملائكة وأوصافهم ووظائفهم - وهذه معلومات لا مجال فيها لذكاء العقل وقوة الفراسة البتة:{وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} 3.. {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 4..

ناهيك بما تضمنه القرآن من أحكام قاطعة عن أخبار المستقبل التي تجري على سُنن الله الاجتماعية، في القوة والضعف، والصعود والهبوط، والعزة والذلة، والبناء والدمار:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شيئًا} {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ، الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} 6

1 الفرقان: 5.

2 النجم: 4.

3 المدثر: 31.

4 يونس: 37.

5 النور: 55.

6 الحج: 40، 41.

ص: 42

{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} 1..

أضف إلى هذا أن القرآن الكريم قد حكى عن رسول الله اتباعه للوحي: {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي} 2. وأنه بشر لا يعلم الغيب ولا يملك من أمر نفسه شيئًا {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} 3. {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ} 4.

وقد كان عليه الصلاة والسلام عاجزًا عن إدراك حقيقة ما وقع بين خصمين شاهدين أمامه ليقضي بينهما وهو يسمع أقوالهما فهو بلا شك أشد عجزًا عن إدراك ما فات وما هو آت: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم خصومة بباب حجرته فخرج إليهم فقال: "إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي، فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأحسب أنه صدق، فأقضي له بذلك، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار، فليأخذها أو ليتركها"5.

قال الدكتور محمد عبد الله دراز: "هذا الرأي هو الذي يروجه الملحدون اليوم باسم "الوحي النفسي" زاعمين أنهم بهذه التسمية قد جاءونا برأي علمي جديد، وما هو بجديد، وإنما هو الرأي الجاهلي القديم، لا يختلف عنه في جملته ولا في تفصيله، فقد صوَّروا النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا ذا خيال واسع وإحساس عميق فهو إذن شاعر، ثم زادوا فجعلوا وجدانه يطغى كثيرًا على حواسه حتى يُخيل إليه أنه يرى ويسمع شخصًا يكلمه، وما ذاك الذي يراه ويسمعه إلا صورة أخيلته ووجداناته فهو إذن الجنون أو أضغاث الأحلام، على أنهم لم

1 الأنفال: 53.

2 الأعراف: 203.

3 الكهف: 110.

4 الأعراف: 188.

5 رواه البخاري ومسلم وأصحاب السُّنَن.

ص: 43

يطيقوا الثبات طويلًا على هذه التعليلات، فقد اضطروا أن يهجروا كلمة "الوحي النفسي" حينما بدا لهم في القرآن جانب الأخبار الماضية والمستقبلة، فقالوا: لعله تلقفها من أفواه العلماء في أسفاره للتجارة، فهو إذن قد علمه بشر، فأي جديد ترى في هذا كله؟ أليس كله حديثًا معادًا يضاهون به قول جهال قريش؟ وهكذا كان الإلحاد في ثوبه الجديد صورة منتسخة، بل ممسوخة منه في أقدم أثوابه، وكان غذاء هذه الأفكار المتحضرة في العصر الحديث مستمدًا من فتات الموائد التي تركتها تلك القلوب المتحجرة في عصور الجاهلية الأولى:{كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ} 1..

وإن تعجب فعجب قولهم مع هذا كله إنه كان صادقًا أميناً، وإنه كان معذورًا في نسبة رؤاه إلى الوحي الإلهي، لأن أحلامه القوية صورتها له وحيًا إلهيًّا، فما شهد إلا بما علم، وهكذا حكى الله لنا عن أسلافهم حيث يقول:{فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} 2.. فإن كان هذا عذره في تصوير رؤاه وسماعه فما عذره في دعواه أنه لم يكن يعلم تلك الأنباء لا هو ولا قومه من قبل هذا، بينما هو قد سمعها -بزعمهم من قبل- فليقولوا إذن إنه افتراه ليتم لهم بذلك محاكاة كل الأقاويل، ولكنهم لا يريدون أن يقولوا هذه الكلمة لأنهم يدعون الإنصاف والتعقل، ألا فقد قالوها من حيث لا يشعرون"3.

3-

وزعم الجاهليون قديمًا وحديثًا أن محمدًا قد تلقى العلوم القرآنية على يد معلم.

وهذا حق، إلا أن المعلم الذي تلقى عنه القرآن هو مَلَك الوحي، أما أن يكون له معلم آخر من قومه، أو من غير قومه فلا.

إنه عليه الصلاة والسلام قد نشأ أميًّا وعاش أميًّا، في أمة أمية لم

1 البقرة: 118.

2 الأنعام: 33.

3 راجع: النبأ العظيم.

ص: 44

يُعرف فيها أحد يحمل وسام العلم والتعليم، وهذا واقع يشهد به التاريخ، ولا مرية فيه.

أما أن يكون له معلم من غير قومه فإن الباحث لا يستطيع أن يقع في التاريخ على كلمة واحدة تشهد بأنه لقي أحدًا من العلماء حدثه عن الدين قبل إعلان نبوته.

حقيقة إنه رأى في طفولته بحيرى الراهب في سوق بصرى بالشام، ولقي في مكة ورقة بن نوفل إثر مجيء الوحي، ولقي بعد الهجرة علماء من اليهود والنصارى، لكن المقطوع به أنه لم يتلق عن أحد من هؤلاء شيئًا من الأحاديث قبل نبوته، أما بعد النبوة، فقد كانوا يسألونه مجادلين فيستفيدون منه ويأخذون عنه، ولو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ شيئًا عن واحد منهم لما سكت التاريخ عنه، لأنه ليس من الهنات الهينات التي يتغاضى عنها الناس، لا سيما الذين يقفون للإسلام بالمرصاد، والكلمات التي ذكرها التاريخ عن راهب الشام أو ورقة بن نوفل كانت بشارة بنبوته عليه الصلاة والسلام1 أو اعترافًا بها2.

ونقول لهؤلاء الذين يزعمون أن محمدًا كان يعلمه بشر: ما اسم هذا المعلم؟ وعندئذ نرى الجواب المتهافت المتداعي في "حدَّاد رومي"3 ينسبون إليه ذلك، فكيف يستساغ عقلًا أن تكون العلوم القرآنية صادرة من رجل لم تعرفه

1 قال بحيرى عندما رأى في رسول الله صلى الله عليه وسلم سيما النبوة: "إن هذا الغلام سيكون له شأن عظيم".

2 قال ورقة عندما سمع قصة النبي صلى الله عليه وسلم من صفة الوحي وقد أخذته خديجة إليه يرجف فؤاده: "هذا هو الناموس الذي أنزله الله على موسى، ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومك، قال: "أومخرجي هم؟ " قال: نعم، لم يأت أحد قط بمثل ما جئت به إلا أوذي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا".

3 كان غلامًا نصرانيًّا، واختلف أهل السيرة في اسمه فقيل: اسمه "سبيعة"، وقيل:"يعيش" وقيل: "بلعام".

ص: 45

مكة عالماً متفرغًا لدراسة الكتب، بل عرفته حدَّادًا منهمكًا في مطرقته وسندانه، عامي الفؤاد، أعجمي اللسان لا تعدو قراءته أن تكون رطانة بالنسبة إلى العرب:{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} 1.

ولقد كان العرب أحرص الناس على دفع هذا القرآن إمعانًا في خصومة محمد صلى الله عليه وسلم ولكنهم عجزوا ووجدوا السبل أمامهم مغلقة، وباءت كل محاولاتهم بالفشل، فما للملحدين اليوم -وقد مضى أربعة عشر قرنًا على ذلك- يبحثون في قمامات التاريخ ملتمسين سبيلًا من تلك السبل الفاشلة نفسها؟!

وبهذا يتبين أن القرآن الكريم لا يوجد له مصدر إنساني، لا في نفس صاحبه، ولا عند أحد من البشر، فهو تنزيل الحكيم الحميد.

ونشأة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيئة أمية جاهلية، وسيرته بين قومه، من أقوى الدلائل على أن الله قد أعده لحمل رسالته، وأوحى إليه بهذا القرآن هداية لأمته:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} 2. يقول الأستاذ محمد عبده في رسالة التوحيد: "من السنن المعروفة أن يتيمًا فقيرًا أميًّا مثله تنطبع نفسه بما تراه من أول نشأته إلى زمن كهولته، ويتأثر عقله بما يسمعه ممن يخالطه، لا سيما إن كان من ذوي قرابته، وأهل عُصبته، ولا كتاب يرشده، ولا أستاذ ينبهه، ولا عضد إذا عزم يؤيده، فلو جرى الأمر فيه على جاري السنن لنشأ على عقائدهم، وأخذ بمذاهبهم، إلى أن يبلغ مبلغ الرجال، ويكون للفكر والنظر مجال، فيرجع إلى مخالفتهم، إذا قام له الدليل على خلاف ضلالاتهم، كما فعل القليل ممن كانوا على عهده"3.

1 النحل: 103.

2 الشورى: 52، 53.

3 كأمية بن أبي الصلت، وزيد بن عمرو بن نفيل.

ص: 46