الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عناية العلماء بالمكي والمدني وأمثلة ذلك وفوائده
مدخل
…
عناية العلماء بالمكي والمدني وأمثلة ذلك وفوائده:
وقد عَنِيَ العلماء بتحقيق المكي والمدني عناية فائقة، فتتبعوا القرآن آية آية، وسورة سورة، لترتيبها وفق نزولها، مراعين في ذلك الزمان والمكان والخطاب، لا يكتفون بزمن النزول، ولا بمكانه، بل يجمعون بين الزمان والمكان والخطاب، وهو تحديد دقيق يعطي للباحث المنصف صورة للتحقيق العلمي في علم المكي والمدني، وهو شأن علمائنا في تناولهم لمباحث القرآن الأخرى.
إنه جهد كبير أن يتتبع الباحث منازل الوحي في جميع مراحله، ويتناول آيات القرآن الكريم فيعيِّن وقت نزولها، ويحدد مكانه، ويضم إلى ذلك الضوابط القياسية لأسلوب الخطاب فيها، أهو من قبيل المكي أم من قبيل المدني؟ مستعينًا بموضوع السورة أو الآية، أهو من الموضوعات التي ارتكزت عليها الدعوة الإسلامية في مكة أم من الموضوعات التي ارتكزت عليها الدعوة في المدينة؟
وإذا اشتبه الأمر على الباحث لتوافر الدلائل المختلفة رجَّح بينها فجعل بعضها شبيهًا بما نزل في مكة، وبعضها شبيهًا بما نزل في المدينة.
وإذا كانت الآيات نزلت في مكان ثم حملها أحد من الصحابة فور نزولها لإبلاغها في مكان آخر ضبط العلماء هذا كذلك، فقالوا: ما حُمل من مكة إلى المدينة، وما حُمل من المدينة إلى مكة.
قال أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري في كتاب "التنبيه على فضل علوم القرآن": "من أشراف علوم القرآن علم نزوله وجهاته، وترتيب ما نزل بمكة والمدينة، وما نزل بمكة وحكمه مدني، وما نزل بالمدينة وحكمه مكي، وما نزل بمكة في أهل المدينة، وما نزل بالمدينة في أهل مكة، وما يشبه نزول المكي في المدني، وما يشبه نزول المدني في المكي، وما نزل بالجُحفة، وما نزل ببيت المقدس، وما نزل بالطائف، وما نزل بالحديبية، وما نزل ليلًا، وما نزل نهارًا،
وما نزل مشيعًا1، وما نزل مفردًا، والآيات المدنيات من السور المكية، والآيات المكيات في السور المدنية، وما حُمل من مكة إلى المدينة، وما حُمل من المدينة إلى مكة، وما حُمل من المدينة إلى أرض الحبشة، وما نزل مُجملًا، وما نزل مفسرًا، وما اختلفوا فيه، فقال بعضهم مدني وبعضهم مكي، فهذه خمسة وعشرون وجهًا من لم يعرفها ويميز بينها لم يحل له أن يتكلم في كتاب الله تعالى"2.
وحرص العلماء على الدقة، فرتبوا السور حسب منازلها سورة بعد سورة، وقالوا سورة كذا نزلت بعد سورة كذا، وازدادوا حرصًا في الاستقصاء. ففرقوا بين ما نزل ليلًا وما نزل نهارًا، وما نزل صيفًا وما نزل شتاء، وما نزل في الحضر وما نزل في السفر.
وأهم الأنواع التي يتدارسها العلماء في هذا المبحث:
1-
ما نزل بمكة.
2-
ما نزل بالمدينة.
3-
ما اختُلِفَ به.
4-
الآيات المكية في السور المدنية.
5-
الآيات المدنية في السور المكية.
6-
ما نزل بمكة وحكمه مدني.
7-
ما نزل بالمدينة وحكمه مكي.
8-
ما يشبه نزول المكي في المدني.
9-
ما يشبه نزول المدني في المكي.
1 كالذي رُوِي في بعض السور والآيات مثل سورة الأنعام، وسورة الفاتحة، وآية الكرسي.
2 انظر "الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي جـ1، ص8، الطبعة الثالثة للحلبي.