الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بينما تبلغ النسبة أكثر من (25 %) في موزمبيق وملاغاش وبورندي. . مع ملاحظة أن عدد الدول الإفريقية ذات الأقليات الإسلامية هي (29) دولة.
وتعد الأقليات المسلمة في الشرق الإفريقي أكبر الأقليات، ويبلغ عددها أكثر من 18 مليونا ونسبتها حوالي (60 %) من الأقليات الإسلامية في إفريقية، وهي موزعة على خمس دول:(كينيا، أوغندا، موزمبيق، ملاوي، مالاغاش).
أما في وسط إفريقيا فيبلغ عدد المسلمين نحو 4. 5 مليون مسلم وهو يعادل (12. 5 %) من مجموع الأقليات المسلمة في إفريقيا، وهي موزعة على أربع دول وهي:(الكونغو، رواندا، بورندي، زائير).
وفي غرب إفريقيا يبلغ عدد المسلمين نحو 5. 6 مليون مسلم وهو يعادل نحو (20 %) من مجموع أقليات إفريقيا المسلمة، وهم موزعون في (غانا، ليبريا، الجابون، غينيا الاستوائية).
أما في جنوب إفريقيا فيعتبر عدد المسلمين قليلا جدا، ونسبتهم إلى السكان لا تزيد عن (5 %) وهم في حدود 1. 8 مليون مسلم.
الواقع اللغوي والثقافي في إفريقيا جنوب الصحراء:
لا نستطيع أن نفصل بين الجامعات الإسلامية الإفريقية والواقع اللغوي والثقافي في القارة الإفريقية. . ويكون من العبث أن نتكلم عن رسالة هذه الجامعات، أو مشكلاتها، دون أن نقف على أرضية واضحة تصور هذا الواقع تصوريرا حيا.
إن السكان في إفريقية جنوب خط الاستواء تنتشر بينهم (350 لغة) يطلق عليها البانتو تشكل أسرة لغوية واحدة.
وكلمة "البانتو" معناها الناس، ومن أشهر لغات البانتو (ليناجالا) وهي اللغة الرئيسة في زائير الآن، وبدأت زائير في اعتبارها لغة رسمية، ويتكلمها أصلا عدة ملايين من السكان.
وفي غرب إفريقية تتعدد اللغات ومن أشهرها "اليوروبا" لغة سكان جنوب غرب نيجيريا ويتكلمها نحو 15 مليون نسمة، ولغة "الإيبو" في جنوب شرقي نيجيريا ويتكلمها نحو 9 ملايين نسمة، وهناك "الماندي" بلهجاتها المختلفة من البمباويا والديولا المعروفة في غينيا وما جاورها والولوف في السنغال، والفولاني التي تنتشر من السنغال إلى شمال نيجيريا، غير أن أكثر اللغات انتشارا في غرب إفريقية بحيث أصبحت لغة تفاهم مشترك هي لغة الهوسا.
و"الهوسا" اسم لغة قبل أن تكون اسم قبيلة أو جماعة معينة، ثم أصبحت بعد ذلك علما على معظم سكان شمال نيجيريا وما جاورها من النيجر.
و"الهوسا" من أهم لغات غرب إفريقيا بعامة، فهي اللغة الأم لما يتراوح بين 15، 20 مليون نسمة بالإضافة إلى 15 مليونا آخرين ليسوا من الهوسا، ومع ذلك يتكلمونها رغبة من الإدارة الاستعمارية في تنميتها كلغة تفاهم مشترك لكل الإقليم الشمالي من نيجيريا.
ولا يمكن لأي لغة من لغات جنوب نيجيريا أن تحتل نفس المكانة التي للهوسا في الشمال، ويرجع هذا إلى أن الشمال كان يعتنق الإسلام قبل ظهور الأوروبيين، وبطبيعة الحال لم يكن هناك مجال أمام البعثات التبشيرية لتعمل في الشمال (1).
(1) د / محمد سعودي: مرجع سابق ص 148، 149.
أما في شرق إفريقيا فهناك العديد من اللغات كالأنكولي والسوكوما والبمبا والتونجا غير أن السواحلية هي لغة التفاهم المشترك.
وتعتبر اللغة السواحلية إحدى اللغات المليونية، واللفظ السواحيلي مشتق من اللفظ العربي السواحل جمع ساحل، ومعناها هنا سكان السواحل، ويقصد هنا السواحل الشرقية لإفريقيا، ويستخدم اللفظ عامة لكل سكان هذه السواحل، وهم خليط من الإفريقيين والعرب والإيرانيين (1).
وتعتبر اللغة العربية هي اللغة الإفريقية الأكبر حيث تغطي كل إفريقية الشمالية وشمال شرق، ومساحة ضخمة من الصحراء الكبرى حتى إقليم السافانا، وتصل إلى منحنى نهر النيجر وإلى نهر السنغال، ويتكلمها ما يزيد على مائة وعشرين مليون نسمة، أو نحو ثلث سكان القارة الإفريقية (2).
ومن البديهي أن أوروبا التي استعمرت معظم القارة الإفريقية طيلة قرن من الزمان، واستمرت حتى بعد خروجها تواصل وجودها الثقافي والاجتماعي بأشكال مختلفة. . ولا تزال تصارع لمنع تقريب إفريقيا أو أسلمتها أو أفرقتها.
وقد نجحت أوروبا في نشر لغاتها وتعميق ثقافاتها ولا سيما الإنجليزية والفرنسية، لدرجة أن أحد أعضاء البرلمان في غانا لم يتورع أن يقول في البرلمان أثناء مناقشة لغة عامة لغانا:
"إني أريد القول بأن الإنجليز قد تركوا لنا أشياء قد لا تناسبنا اليوم. ولكن لغتهم التي تركوها ربطت كل القبائل بعضها ببعض، وكذلك
(1) د / محمد عبد الغني سعودي: المرجع السابق ص 143.
(2)
د / محمد سعودي: مرجع سابق ص 150.
ربطت الثقافات المتعددة لسكان غانا بحيث جعلت من غانا أمة واحدة، وأظن أنه آن الآوان لأن ننمي الإنجليزية ونضيف إليها ونجعلها لغتنا لأنها الشيء الوحيد الذي يجمعنا معا كشعب واحد" (1).
وفي دراسة مسحية خاصة بموضوع اللغة - أيضا - أجريت على طلبة جامعة كيب كوست في غانا، فضل 72% منهم اللغة الإنجليزية على أية لغة غانية كأداة للتعليم. ويقول أجيمان الأستاذ الذي قام بهذا المسح:"ما زالت روح القبلية متأصلة فيهم، فهم يريدون أن تكون لغة قبيلتهم هي اللغة المختارة"(2).
والواقع الذي لا يمكن إنكاره أن اللغات الأوروبية استعملت وسيلة عامة للتفاهم، ولا سيما في أوساط الإفريقيين المتعلمين الذين ينتمون إلى أسس قبلية مختلفة، كما استعملت لغات لتدريس المواضيع المختلفة، ولا سيما في مراحل الدراسة العليا. ومع ذلك؛ فإن هذه اللغات الأوروبية التي استخدمت وسيلة لتحقيق اتصال واسع، فإنها في الوقت نفسه كانت إلى حد ما حاجزا أعاق التفاهم بين الإفريقيين أنفسهم. فالإفريقيين الذين تعلموا اللغة الإنجليزية اكتسبوا قيما ثقافية تختلف عن تلك التي اكتسبها أولئك الذين تعلموا اللغة الفرنسية.
وإلى جانب هذا، فقد كان من الآثار الرئيسة للنشاط الثقافي الأوروبي قيام نظم تربوية وإدارية حديثة، وبالتالي نشوء الحاجة إلى وحدة ثقافية تنسجم مع متطلبات الحركات القومية الحديثة، وهذه كلها عوامل تتطلب حظا من الوحدة اللغوية أوفر مما وجد في العهود التي سبقت اشتداد الاحتكاك بالأوروبيين الذي كان يحول دون انتشار اللغات الأوروبية،
(1) د / محمد عبد الغني سعودي: قضايا إفريقية (سلسلة عالم المعرفة) الكويت ص175.
(2)
د / محمد عبد الغني سعودي: قضايا إفريقية (سلسلة عالم المعرفة) الكويت ص174.
وقد انعكست الاستجابة لهذه الأوضاع المتغيرة في تطوير استخدام بعض اللغات الحديثة لتكون وسائل عامة للتفاهم، كما ذكرنا. وفي ازدياد انتشار بعض اللغات القديمة وكذلك في الاضمحلال التدريجي لبعض اللغات التي تتكلمها جاليات صغيرة.
وإن الصراع الآن على أشده بين اللغات الإفريقية الأصلية وعلى رأسها السواحلية والهوسا واللغة العربية، وبين اللغتين الأوروبيتين الإنجليزية والفرنسية.
ومهما يكن الأمر فإن إفريقية تعتبر من الناحية اللغوية من أشد المناطق صعوبة وتعقيدا في العالم. ويقدر عدد اللغات في إفريقية عادة بثمانمائة لغة، بينما تقدرها خريطة مدرسة اللغات الشرقية بجامعة لندن بنحو 1500 لغة، فضلا عن اللغات الأوروبية. غير أننا إذا ذكرنا أن هناك ألف لغة أو أكثر جنوب الصحراء فليس معنى هذا أن هناك ألف جزيرة لغوية كل منها منعزل عن الآخر، وأن أفراد هذه الجزر لا يستطيعون الاتصال ببعضهم، ذلك أن ثنائية اللسان، بل وتعدده كان منتشرا إبان الفترة الاستعمارية، وربما زاد الآن (1).
ومع ذلك فنحن مضطرون لأن نقرر بأن اللغة هي نقطة الضعف الكبرى في بناء الوحدة الثقافية والحضارية للقارة، ذلك أن القارة تضم عددا لا حصر له من اللغات واللهجات، وأيا ما كان الرقم الدقيق لعدد اللغات في إفريقية، فهذا في جملته معناه أن إفريقية وحدها تضم نحو نصف لغات العالم قاطبة.
ولو نسبنا هذا إلى عدد السكان في القارة، لكان متوسط قوة اللغة الواحدة في إفريقية لا يزيد عن ثلث المليون، إن لم يقل، وهذا وحده
(1) محمد عبد الغني سعودي: قضايا إفريقية ص 138، 139.