الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يسرق من صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها (1)» ووجه الدلالة أن السرقة من الكبائر، فإذا كانت السرقة من الصلاة أسوأ من كبيرة، فذلك دليل بطلانها.
ثم هناك حديث آخر وهو «أن حذيفة رأى رجلا لا يتم الركوع والسجود، قال: منذ كم صليت؟ قال: منذ أربعين سنة، قال: ما صليت، ولو مت مت على غير الفطرة (2)» .
ومما يحسن ذكره في ختام هذه المسألة ما ذكره في فتح الباري، نقدا للتعصب وتوجيها للنظر العلمي المجرد، وطمعا في إظهار الحق، فقال رحمه الله:
لا ينقضي عجبي ممن يتعمد ترك قراءة الفاتحة منهم، وترك الطمأنينة، فيصلي صلاة يريد أن يتقرب بها إلى الله تعالى، وهو يتعمد ارتكاب الإثم فيها، مبالغة في تحقيق مخالفته لمذهب غيره (3)
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده جـ5 ص310 والحاكم وقال هو على شرط الشيخين ووافقه الذهبي جـ1 ص229.
(2)
رواه البخاري في الصلاة، باب إذا لم يتم السجود جـ1 ص108 وفي الأذان باب إذا لم يتم الركوع جـ1 ص200 وباب إذا لم يتم السجود جـ1 ص206.
(3)
ابن حجر العسقلاني: فتح الباري جـ2 ص283.
(د)
اشتراط الطهارة في الطواف:
قال تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (1).
وقال صلى الله عليه وسلم: «خذوا عني مناسككم (2)» .
لقد بينت الآية أمر الله تعالى بمطلق الطواف، دون تقييد بشيء من القيود، سواء أكان على طهارة، أم سترا، مرة واحدة أم عددا من المرات، ثم جاء قوله صلى الله عليه وسلم وبين أن المناسك تؤخذ عنه صلى الله عليه وسلم، بعد أن يطبق أمر
(1) سورة الحج الآية 29
(2)
أخرجه مسلم بلفظ لتأخذوا مناسككم، باب لتأخذوا مناسككم في الحج جـ2 ص943، وأخرجه أبو داود في المناسك، باب رمي الجمار جـ1 ص456، وأحمد جـ3 ص337، 338.
الله عز وجل في هذه المناسك، وبهذا تكون السنة قد جاءت بزيادة لم ترد في القرآن، مما أحدث خلافا فقهيا بين العلماء، حول اشتراط الطهارة للطواف، أو عدم اشتراطها.
فذهب الحنفية إلى عدم اشتراط الطهارة لصحة الطواف، وعدوها واجبة في الأصح، حتى يصح الطواف بدونها (1).
وذهب الشافعية والمالكية وأحمد في المشهور عنه إلى أن الطهارة من الحدث الأكبر أو الأصغر شرط لصحة الطواف، فلا يصح إلا بها.
وحجة الحنفية أن الله قد أمر بالطواف مجردا من القيود بقوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (2)
والطواف هو: الدوران حول الكعبة من غير قيد الطهارة، واشتراط الطهارة زيادة على النص القرآني بخبر الواحد، فلا يصلح ناسخا (3).
وذلك ما ذكره في المبسوط حيث قال: " وحجتنا في ذلك، أن المأمور به بالنص هو الطواف"، قال تعالى:{وَلْيَطَّوَّفُوا} (4) وهو اسم للدوران حول البيت، وذلك يتحقق من المحدث والطاهر، واشتراط الطهارة فيه زيادة على النص، ومثل هذه الزيادة لا تثبت بخبر الواحد، ولا بالقياس، لأن الركنية لا تثبت إلا بالنص، فأما الوجوب فيثبت بخبر الواحد لأنه يوجب العمل ولا يوجب علم اليقين. (5).
أما حجة الجمهور فهي:
أولا: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «خذوا عني مناسككم (6)» وقد فسره صلى الله عليه وسلم بفعله الذي ورد في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: «إن أول شيء
(1) الكاساني: بدائع الصنائع جـ3 ص1102.
(2)
سورة الحج الآية 29
(3)
الكاساني: بدائع الصنائع جـ3 ص1102.
(4)
سورة الحج الآية 29
(5)
السرخسي: المبسوط جـ4 ص38.
(6)
سنن النسائي مناسك الحج (3062).