الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصحيحة، التي تثبت أحكاما زائدة عن القرآن، حيث الزيادة على النص عندهم نسخ، بخلاف غيرهم، فإنهم لا يعتبرون الزيادة على النص نسخا - كما علمنا - فيأخذون بما رده الحنفية ويعملون بمقتضاه (1).
(1) انظر الشوكاني: إرشاد الفحول ص196.
(5)
بيان ابن القيم لمقصود الحنفية ورده عليهم:
هذا وقد بين ابن القيم مقصود الحنفية من اتجاههم هذا: بأن هذه الزيادة لو كانت ثابتة مع النص لذكرها النبي صلى الله عليه وسلم عقيب ذكره للنص، ولنقلها إلينا من نقل المزيد عليه، إذ غير جائز عليهم العلم بأن الحد مجموع الأمرين ثمن ينقلون بعضه دون بعض، وقد سمعوا الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر الأمرين، فامتنع حينئذ العمل بالزيادة إلا من الجهة التي ورد منها الأصل، فإذا وردت من جهة الآحاد، فإن كانت قبل النص، فقد نسخها المطلق، عاريا من ذكرها، وإن كانت بعده فهذا يوجب نسخ الآية بخبر الواحد، وهو ممتنع، فإن كان المزيد عليه ثابتا بخبر الواحد، جاز إلحاق الزيادة بخبر الواحد على الوجه الذي يجوز نسخه به، فإن كانت واردة مع النص في خطاب واحد، لم تكن نسخا وكانت بيانا.
وقد رد ابن القيم مقصودهم هذا باثنين وخمسين وجها، بدأها بقوله: إنكم أول من نقض هذا الأصل الذي أصلتموه، فإنكم قبلتم خبر الوضوء بنبيذ التمر، وهو زائد على ما في كتاب الله مغير لحكمه، فإن الله سبحانه جعل حكم عادم الماء التيمم، والخبر يقتضي أن يكون حكمه الوضوء بالنبيذ، فهذه الزيادة بهذا الخبر - الذي لا يثبت - رافعة لحكم شرعي، غير مقارنة له ولا مقاومة بوجه، وقبلتم خبر الأمر بالوتر مع رفعه لحكم.
شرعي، وهو اعتقاد كون الصلوات الخمس هي جميع الواجب، ورفع التأثيم بالاقتصار عليها، وإجزاء الإتيان في التعبد بفريضة الصلاة، والذي قال هذه الزيادة هو الذي قال سائر الأحاديث الزائدة على ما في القرآن، والذي نقلها هو الذي نقل تلك بعينه أو أوثق منه أو نظيره، والذي فرض علينا طاعة رسوله، وقبول قوله في تلك الزيادة، هو الذي فرض علينا طاعته وقبول قوله في هذه (1).
ثم ذكر الأوجه كلها وختم ذلك بقوله: إنكم تجيزون الزيادة على القرآن بالقياس، الذي أحسن أحواله أن يكون للأمة فيه قولان - أحدهما: إنه باطل مناف للدين، والثاني: إنه صحيح مؤخر عن الكتاب والسنة، فهو في المرتبة الأخيرة، ولا تختلفوا في جواز إثبات حكم زائد على القرآن به، فهلا قلتم: إن ذلك يتضمن نسخ الكتاب بالقياس. فإن قيل: قد دل القرآن على صحة القياس، واعتباره، وإثبات الأحكام به، فما خرجنا عن موجب القرآن، ولا زدنا على ما في القرآن إلا بما دلنا عليه القرآن.
قيل: فهلا قلتم مثل هذا سواء في السنة الزائدة على القرآن، وكان قولكم ذلك في السنة أسعد وأصلح من القياس الذي هو محل آراء المجتهدين وعرضة للخطأ، بخلاف قول من ضمنت له العصمة في أقواله، وفرض الله علينا اتباعه وطاعته. فإن قيل القياس بيان لمراد الله ورسوله من النصوص، وأنه أريد به إثبات الحكم المذكور في نظيره، وليس ذلك زائدا على القرآن، بل تفسير له وتبيين. قيل: فهلا قلتم إن السنة بيان لمراد الله من القرآن، تفصيلا لما أجمله، وتبيينا لما سكت عنه، وتفسيرا لما أبهمه، فإن الله سبحانه أمر بالعدل والإحسان، والبر والتقوى، ونهى
(1) ابن القيم: أعلام الموقعين جـ2 ص312 - 313.