الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأردية والفارسية.
ويرأس مركز الدراسات الإسلامية في جامعة راند الإفريقية، في " جوهانسبرغ " الدكتور " نودني "، ويقوم المركز بتدريس اللغة العربية واللغة الأردية، إلى جانب محاضرات في اللغات السواحلية!!
ولا تكاد توجد - حسب علمنا - جامعات أو كليات إسلامية أخرى في البلاد الإفريقية جنوب الصحراء!!
مشكلات الجامعات الإسلامية في البلاد الإفريقية جنوب الصحراء:
بينما كانت الجامعات الإسلامية الإفريقية العريقة تقوم بدور حضاري، وتبني قيما وأخلاقا وعقولا منتمية لإفريقية وللإسلام والعروبة، جاء نظام التعليم الاستعماري يحاول اقتلاع كل القيم والأخلاقيات الإيجابية والاتجاهات الفكرية الإفريقية المتكئة على الإسلام. . ويسعى إلى غرس الشعور بالإذعان في وجه كل من كان أوروبيا ورأسماليا.
كما أن تضمين عملية التعليم الاستعماري للعنصرية والتبجح الثقافي اللتين تضمرهما الرأسمالية قد زاد الوضع سوءا، فقد كانت الثقافة المدرسية عبارة عن تعليم من أجل الإخضاع، والاستغلال، وخلق التشوش الذهني، وتنمية التخلف (1)، لقد أفسد نظام التعليم الأوروبي تفكير الإفريقي وحساسيته وملأه بعقد شاذة (2).
ويعتبر (التعليم الاستعماري) وما أفرزه من أفكار وسلوكيات هو - بحق - أول مظهر من مظاهر أزمة التعليم في إفريقية، وهو واحد من أبرز المشكلات التي تواجه الجامعات الإسلامية الإفريقية.
(1) والتر رودني: أوروبا والتخلف في إفريقيا ص 352.
(2)
والتر رودني: أوروبا والتخلف في إفريقيا ص 364.
والمشكلة الثانية التي تواجه التعليم الجامعي في إفريقية هي مشكلة (اللغة) وقد بسطنا فيها القول من قبل، لكن الجدير بالذكر هنا أن مشكلة اللغة تفرض ظلالها على الجامعات الإفريقية في داخل العملية التعليمية نفسها، وتحول دون أن تؤدي الجامعات الإفريقية دورها الحضاري السليم في خدمة البيئة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والاستقلال الثقافي. . ففضلا عن تعدد اللغات الوطنية في الإقليم الواحد، هناك التناقض بين هذه اللغات واللغة الرسمية الذي يؤدي إلى ثنائية في الثقافة، وهناك الصراع المصيري مع لغة الاحتلال الأجنبي.
وبإيجاز شديد تعتبر "اللغة" مظهرا كبيرا من مظاهر أزمة التعليم الجامعي في إفريقية، وهي - بحق - مشكلة لا يمكن تجاهلها عند البحث في مشكلات الجامعات الإسلامية والحلول المقترحة لها.
ومن المشكلات كذلك (عدم كفاية الموارد المالية) التي تكفي التعليم الجامعي وتحقق له النهضة المنشودة وتمكنه من ملاحقة التطورات التعليمية الحديثة، فإن الموارد المالية المخصصة للتعليم في إفريقية تعد زهيدة جدا إذا قورنت بعدد السكان من ناحية، وبزيادة تطلع الإفريقيين للالتحاق بالتعليم الجامعي من ناحية ثانية، وأيضا إذا قورنت بمتوسط الإنفاق على التعليم في الدول المتقدمة من ناحية ثالثة، هذا بخلاف ما تتعرض له الدول الإفريقية من هزات اقتصادية من الكوارث الطبيعية كالسيول وموجات الجفاف، مما يؤدي إلى تقليص ميزانية التعليم وخفض أعداد المقبولين.
وإلى جانب هذه المشكلات تواجه الجامعات الإفريقية مشكلة (إعداد هيئة التدريس) وتدريبهم ليكونوا على المستوى العلمي المطلوب، وقد لا تتوافر الكوادر الأكاديمية المحلية اللازمة لهذا الإعداد إضافة إلى العجز
في الموارد المالية المخصصة لإعدادهم وتدريبهم في التخصصات الحديثة والدقيقة.
ومن المشكلات أيضا (تخلف المناهج الدراسية) عن نظيراتها في الدول المتقدمة، وتبعيتها للنظم الأجنبية من ناحية أخرى، وقد أسفر هذا الأمر عن ضرورة أن تتحمل الدول الإفريقية عبء تطوير البنية الأساسية في مجال التعليم بحيث تتفق مع الأهداف الوطنية (1).
وتعتبر مشكلة (الغزو العقائدي) الممثل في مؤسسات التنصير من أكبر مشكلات البلاد الإفريقية جنوب الصحراء، فهذه المؤسسات تسعى بقوة لتنصير القارة مباشرة أو على الأقل إبعادها عن الإسلام وصياغة حياتها على النمط الأوروبي في جوانبه الاستهلاكية والمادية والانحلالية فضلا عن الجوانب الثقافية السلبية.
ويقف (تخلف القارة التعليمي) بعامة، وفي التعليم الإسلامي بخاصة، عقبة من أكبر العقبات التي تحول دون تقدم البلاد الإفريقية جنوب الصحراء، كما يجعل من هذه البلاد أرضا قابلة للغزو الحضاري، ويحول بينها وبين الحفاظ على شخصيتها الحضارية. . وكمجرد نموذج تشير البيانات الإحصائية عن التعليم في سيراليون إلى:
أن نسبة الملتحقين بالتعليم الثانوي بأنواعه حوالي 25% من عدد الحاصلين على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية.
أن نسبة الملتحقين بالتعليم ما فوق الثانوي والكليات الجامعية نحو "5%" من عدد الحاصلين على شهادة إتمام الدراسة الثانوية. . فالنسبة هزيلة جدا كما ترى.
ومن المعلوم أن نسبة تعليم البنات، هي أقل من نسبة تعليم البنين،
(1) د / محمود نجيب حسني في كلمته في دورة اتحاد الجامعات الإفريقية 28/ 2 / 1989 م.
وأنها تتناقص كلما ارتفعنا بالسلم التعليمي (1).
وتوجد في سيراليون المعاهد الإسلامية العربية، وهي معاهد تعد المعلمين المسلمين للعمل بالمدارس الابتدائية، حيث يقومون بتدريس اللغة العربية والتربية الإسلامية، وطلابها كثيرون، من البنين والبنات.
وقد قامت جمهورية مصر العربية بإنشاء هذه المعاهد، وإمدادها بالمناهج والكتب الدراسية، وانتدبت لها أساتذة مصريين من وزارة التربية والتعليم وإدراة المعاهد الدينية بالأزهر، وذلك بعد حصول سيراليون على استقلالها سنة 1961 م، حيث عقد اتفاق ثقافي فني من البلدين، شمل كثيرا من النواحي التعليمية والثقافية. . ونعتقد أن هذه المعاهد تفتقر إلى الكثير من الخدمات وأساليب التطور.
كما أن هذه المعاهد لا تزيد عن أربعة معاهد إسلامية عربية، موزعة على أربع مدن كبرى، هي (ماجبورا كار، بو، كنما، صفدو). (وهي غير كافية لحاجة البلاد).
ومدة الدراسة بالمعهد الإسلامي العربي خمس سنوات دراسية.
أما الشهادة التي يمنحها المعهد، فهي "الشهادة المتوسطة للمعاهد الإسلامية العربية".
وتعقد امتحانات هذه الشهادة، عن طريق إدارة كل معهد وهيئة التدريس به. . وقد اعتمدت حكومة سيراليون شهادة المعاهد الإسلامية العربية منذ وقت قريب، إذ يعين الحاصلون عليها، مدرسين للغة العربية والتربية الإسلامية بالمدارس الابتدائية الرسمية، بالإضافة إلى تعيينهم بالمدارس الإسلامية الخاصة. . وفي حدود الإمكانات المتاحة فإن هذه
(1) نظم التعليم في العالم الإسلامي - د / عرفات عبد العزيز سليمان ص 397 - 1403 هـ / 1983 م نشر مصر.
المعاهد تتمتع بسمعة علمية ودينية طيبة، تزايد معها الإقبال عليها (1) وأما المدارس الثانوية الإسلامية بسيراليون فهي قليلة ولكنها أكثر تنظيما من المدارس الابتدائية، وتشرف على إدارتها وزارة التعليم، وينطبق عليها ما ينطبق على المدارس الابتدائية من حيث الإدارة، ومناهجها تماثل بقية المدارس الثانوية الرسمية، ويقوم بالتدريس بها مدرسون سيراليون وغيرهم، وغالبيتهم من المسلمين، مع وجود بعض المسيحيين (2).
وبالنسبة إلى أن نسبة المسلمين في سيراليون تصل إلى 65% فإن هذه الخدمات تعتبر قليلة ولا سيما في مواجهة جهود المؤسسات النصرانية.
فإذا تركنا نموذج سيراليون واتجهنا إلى نموذج (جامبيا) - وحكومتها مخلصة للإسلام - عرفنا أن المدارس توجد في غامبيا على أربعة أنواع:
1 -
مدارس عربية أهلية لا تهتم بالعلوم الحديثة ويدخل فيها المجالس والمدارس القرآنية والمدارس العربية للجمعيات الإسلامية.
2 -
مدارس إسلامية حديثة (يوجد مدرسة ابتدائية ومدرسة ثانوية واحدة في العاصمة) وهو عدد محدود جدا بالنسبة لنصف مليون مسلم في جامبيا.
3 -
مدارس مسيحية.
4 -
مدارس حكومية (3).
وإذا كانت اللغة العربية تدرس الآن في جميع المدارس الثانوية في جامبيا كلغة أجنبية ثانية، فإن هناك - إمكانيات كبيرة في أن تصبح العربية اللغة الأولى، بل اللغة المحلية أيضا، والذي يدعو إلى ذلك عوامل كثيرة أهمها:
1 -
العربية لغة القرآن الكريم.
(1) نظم التعليم في العالم الإسلامي - د / عرفات عبد العزيز سليمان ص 419 - 1403 هـ / 1983 م نشر مصر.
(2)
نظم التعليم في العالم الإسلامي - د / عرفات عبد العزيز سليمان ص 440 - 1403 هـ / 1983 م نشر مصر.
(3)
دورة تدريب المعلمين في جامبيا (الاتحاد العالمي) ص 130.
2 -
الإنجليزية (أو الفرنسية) هي لغة المستعمر القديم، وتمثل شخصية غريبة.
3 -
العربية تحقق الإفريقية شخصيتها التاريخية.
4 -
والعربية تنقذ جامبيا خاصة من تعدد اللغات التي تصل إلى سبع لغات فيها، لدرجة أنه في أحيان كثيرة يصعب التفاهم بين السكان (!!) والمهم أن يجد المسلمون في هذا المجال!!
وفي جنوب إفريقيا أسس المسلمون أكثر من ثلاثمائة مسجد وثلاثمائة مدرسة إسلامية، وعددا من المؤسسات الإسلامية.
ومن المراكز والمؤسسات الإسلامية: جمعية المسلمين البيض، والمجلس الإسلامي، والمحكمة الشرعية الإسلامية، والمعهد الإسلامي الشرقي، ودائرة الدراسات العربية وحركة الشباب المسلمين، ومركز الدراسات الإسلامية. . أما المجلس الإسلامي فالمقر الرئيسي له في دربن، ويأخذ مجلس الإدارة على عاتقه دعوة العلماء والفقهاء لزيارة جنوب إفريقيا، ويقوم بمراسلة العالم الإسلامي والجامعات الإسلامية. والمجلس يشتمل على أكثر من مائة وخمسين جمعية إسلامية. . أما حركة الشباب المسلمين، فقد تأسست في دربن عام 1970 م، وبلغت فروعها خمسة وعشرين فرعا في مختلف أنحاء البلد، تعمل إلى جانب المنظمات الإسلامية في بعض البلاد المجاورة.
وكل هذه المؤسسات الشعبية تلقى عنتا حكوميا ومقاومة نصرانية شرسة، وفقرا ماليا وإمكانات محدودة، وصورا من ظلم التفرقة العنصرية. . وقد ذكر الأستاذ الداعية المعروف [أحمد ديدات] كثيرا منها في أحاديثه ومحاضراته.