الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن الظلم والفواحش والعدوان والإثم، وأباح لنا الطيبات، وحرم علينا الخبائث، فكل ما جاءت به السنة فإنها تفصيل لهذا المأمور به، والمنهي عنه، والذي أحل لنا هو الذي حرم علينا (1).
هذا وإن قاعدة الزيادة على النص، واختلاف المناهج فيها قد أحدث أثرا في عدد من الفروع الفقهية كما سنلاحظه فيما يأتي إن شاء الله.
(1) ابن القيم: أعلام الموقعين جـ2 ص328 - 329.
(6)
بعض الآثار التي ترتبت على الاختلاف في قاعدة الزيادة على النص
ما يلي:
(أ)
فرضية النية للوضوء والغسل:
ويقول صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى (2)» الحديث.
من المسائل التي تخرجت على قاعدة الزيادة على النص، مسألة النية في الوضوء والغسل، فقد ذكرت الآية أفعال الوضوء، وأمرت الجنب بالاغتسال، ولم تتعرض للنية من قريب ولا من بعيد، ولكن الحديث في هذا المقام سبب خلافا بين العلماء، فهل جاء مبينا للآية ومقيدا لها، فيجمع بينهما، أو أن الحديث جاء زائدا على الآية الكرمية فلا داعي للأخذ به، ويكتفى للعمل بما جاء به القرآن؟ خلاف فقهي:
(1) سورة المائدة الآية 6
(2)
أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي جـ1 ص2. ومسلم في كتاب الإمارة باب إنما الأعمال بالنية، رقم الحديث 1907، جـ3، ص1515.
فذهب الشافعي إلى القول بفرضية النية في الوضوء والغسل، وكونها شرطا لا يصح وضوء ولا غسل بلا نية، وهو مذهب الإمام مالك، وبه أخذ أحمد وإسحاق وأبو ثور وداود الزهري وربيعة شيخ مالك.
وقال صاحب الحاوي هو قال جمهور أهل الحجاز.
وذهب أبو حنيفة إلى عدم فرضية النية، فيصح الوضوء والغسل بدونها، ولكنها مستحبة لتحصيل الثواب (1).
هذا وقد استدل الشافعي ومن معه بأدلة منها:
(أ) قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى (2)» . ووجه دلالة الحديث أن لفظ إنما للحصر، وليس المراد صورة العمل، حيث إن الصورة توجد بلا نية، وإنما المراد أن حكم العمل لا يثبت بلا نية.
(ب) وفوق ذلك كله قوله عز وجل:
{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (3).
والإخلاص عمل القلب وهو النية، والأمر يقتضي الوجوب. وعليه فنحن مأمورون بالطهارة، ولا تتحقق العبادة والإخلاص فيها إلا بقصد ونية، وهذا هو المطلوب (4).
أما الحنفية فقد استدلوا بقوله تعالى:
{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} (5) الآية.
حيث هي عددت الأعمال المطلوبة حال القيام إلى الصلاة وليس منها النية، فما ذكر في الآية هو فرائض الوضوء ليس غير، وإذا أثبتنا.
(1) عبد الله الموصلي الحنفي: الاختيار لتعليل المختار جـ1 ص7.
(2)
صحيح البخاري بدء الوحي (1)، صحيح مسلم الإمارة (1907)، سنن الترمذي فضائل الجهاد (1647)، سنن النسائي الطهارة (75)، سنن أبو داود الطلاق (2201)، سنن ابن ماجه الزهد (4227)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 43).
(3)
سورة البينة الآية 5
(4)
النووي: المجموع، جـ1 ص363، ابن قدامة: المغني جـ1 ص110 - 111.
(5)
سورة المائدة الآية 6