الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كفيل بأن يكون عقبة في سبيل تماسك إفريقية وترابطها (1).
(1) كامل الشريف: المغامرة الإسرائيلية في إفريقيا ص90.
إفريقية والصراع العقائدي:
كما تتميز إفريقية بكثافة في اللغات (واللهجات) تتميز كذلك بصراع عقائدي كبير يحاول القضاء على الإسلام الذي يعتبر المرشح الأول لتوحيد إفريقية!!
وتبذل القوى الصليبية كل جهدها لمنع الإسلام من الانتشار، بل إنها لتحاول اختراق المسلمين الأفارقة!! والحقيقة أن هناك خطرا كبيرا يواجه مسلمي إفريقيا جميعا. . إنه خطر القوافل التنصيرية التي تدعمها الفاتيكان وأمريكا وأوروبا وغيرها.
وفي إفريقية تصدر وترد عشرات من الصحف التبشيرية تباع بثمن رمزي، وتهدى في أغلب الأحايين لمن يظن فيهم ضعف الإيمان من المسلمين، بغية تنصيرهم أو تشكيكهم في الإسلام.
وقد نشرت المجلة التبشيرية الألمانية أن عدد جيش المبشرين البروتستانت وحدهم هو (104) آلاف مبشر في العالم.
ويبلغ عدد النساء والرجال من موزعي التوراة والإنجيل المشتركين في التبشير عددا يقترب من (93000)، وعدد المعاهد الكنسية (17671) معهدا ابتدائيا ومتوسطا وثانويا.
ويخضع لسلطة التبشير أكثر من خمسمائة جامعة وكلية ومعهد عال موزعة في أنحاء العالم، وتفوز إفريقيا منها بقدر لا بأس به (!!)، كما يخضع لسلطتهم (489) مدرسة لاهوتية متخصصة في تخريج المبشرين (1). والغريب في وضع التبشير في إفريقيا أنه قد لجأ في آخر تطوراته إلى أسلوبين:
(1) كامل الشريف: المغامرة الإسرائيلية في إفريقيا ص90.
- أسلوب التعاون مع الوثنيات الموجودة في القارة. . حتى يتمكن في المرحلة الأولى من التخلص من الإسلام وهو المنافس القوي.
- والأسلوب الثاني هو أسلوب التعاون مع اليهود. . وهو تعاون سعى إليه الطرفان معا. . سعت إليه إسرائيل، وسعى إليه التبشير. . انطلاقا من وحدة الهدف.
ومع أن بين النصرانية واليهودية حربا تاريخية، لم تهدأ إلا أخيرا فإن المبشرين واليهود يتحدون - مرحليا واستراتيجيا - ضد الإسلام الذي يوشك أن ينتظم القارة الإفريقية كلها ولئن كان التبشير النصراني في إفريقيا يشكل جزءا من ملامح الصورة القائمة التي تعكر صفو "الإسلام في إفريقيا اليوم". . فإن اليهود يشكلون بعدا آخر من أبعاد الجزء القاتم في الصورة. فبعد استقلال كثير من الدول الإفريقية، ذهبت إسرائيل تعرض خيرة اليهود في العالم وأموالهم لمساعدة هذه الدول.
واليهود عن طريق العلاقات السياسية والتجارية واستغلال الإعلام والدبلوماسية المرنة، يحققون أغراضهم في كسب بعض الحكام الأفارقة، لدرجة أن جريدة نيجيرية كتبت بتاريخ 13/ 10 / 1962م تقول بأن أية دولة في الشرق أو إفريقية لا تستطيع مساعدة نيجيريا ما عدا إسرائيل.
وثمة تعاون قائم بين إسرائيل وبعض الحكام الأفارقة - إن لم يكن بشكل سافر: سياسي أو إعلامي أو عسكري أو ثقافي - فهو بشكل سري، وخاصة في المجالات التجارية والثقافية، ولئن كانت بعض الدول الإفريقية قد غيرت موقفها من إسرائيل بعد ظهور طابعها الاستعماري وهزيمتها في حرب رمضان 1393هـ. فإن دولا أخرى لا تزال تربط نفسها بإسرائيل، ومنها أثيوبيا وغانا وروديسيا وتنزانيا. . وإسرائيل تستغل الوضع الاقتصادي الإفريقي المتخلف، وتقوم بتعليب كثير من اللحوم
والفواكه وغيرها من المواد الإفريقية الخام كما تستورد الخشب والماس ومواد السماد. "ولقد اهتم الإسرائيليون اهتماما خاصا بإقامة الفنادق وأماكن اللهو وسيطروا عليها إداريا، وسخروها لأغراضهم السياسية والاقتصادية، وكان يختفي وراء مظهرهم البريء شر وأنواع النشاط السري المخرب". إن إسرائيل لن تترك إفريقيا للعرب والإسلام بسهولة. كما أن المد الحضاري لا ينتشر بالعواطف والمجاملات، وبالتالي فيجب أن نخطط بجدية وسخاء لضمان إنقاذ إفريقيا من اليهود والصهيونية، وسيرها في ركاب حضارة الإسلام (1).
وتمثل الشيوعية خطرا داهما بالنسبة للإسلام في إفريقيا يسيء إلى ملامح صورة الإسلام في إفريقيا اليوم.
وإنه لمدعاة للتساؤل أن يكون أكثر الزعماء الشيوعيين الذين ظهروا في إفريقيا ذوي علاقة طيبة بإسرائيل، وكان أكثرهم ينظر إلى إسرائيل على أنها تجربة تقدمية يجب أن يحتذى بها، والنظر إلى انتصارها على العرب على أنه انتصار للتقدمية على الرجعية (2).
فالشيوعية عائق عن المد الإسلامي في إفريقيا، وهي عنصر من ملامح الجزء القاتم الذي يعكر صفو إفريقية اليوم، وإن كانت التطورات الأخيرة في المعسكر الاشتراكي وعلى رأسه الاتحاد السوفيتي، والصين الشعبية، قد وصلت بالفكر الشيوعي إلى مرحلة الإفلاس. . وبالتالي يكاد الفكر الشيوعي ينحسر تأثيره في العالم، اللهم إلا من بعض الذين ارتبطت مصالحهم بهذا الفكر في العالم الثالث فلا يستطيعون منه فكاكا!!
(1) كامل الشريف: المغامرة الإسرائيلية في إفريقيا 116، 117.
(2)
كامل الشريف: المغامرة الإسرائيلية في إفريقيا ص 94 وما بعدها.
لقد كانت الفكرة الاشتراكية ذات وجود قوي في إفريقيا مع بزوغ فجر الاستقلال السياسي. . وفي إطارها، ومع تطويرها أيضا، ظهر (سنجور) فيلسوف الزنوجة. . الذي حاول إقامة مزج عقائدي (كوكتيل) يمزج فيه الإسلام أو المسيحية، والفكرة الماركسية، والزنوجة أي الخصائص الإفريقية. . بل وبعض الأفكار الوجودية التي استلهمها من علاقته الشخصية إبان وجوده بباريس من سارتر وإمي سيخار. . ويقول سنجور:
"منحنا الإسلام والمسيحية قيما روحية بديلة عن النزعة الحياتية الزنجية، وهما عقيدتان أكثر إحكاما وعقلانية أو إن شئت أكثر اتساقا مع العصر الحديث. أما وقد اخترناهما فقد أضحت مهمتنا أن نلائم بينهما وبين ظروفنا التاريخية والاجتماعية. إن مهمتنا هي أن نصبغهما بالصبغة الزنجية".
أما نكروما (غانا) فكان أكثر ميلا إلى الماركسية من صديقه وأستاذه سنجور (السنغال) ففي مراحل زعامته الأولى وشهرته الذائعة مع أيديلوجيته (النكرومية) كان الأثر الماركسي أظهر الآثار، بينما جاء ترتيب "الزنوجة الإفريقية" تاليا. . وحين تحدث نكروما عن الذين أثروا في أفكاره ونشاطاته الثورية ذكر أنهم: هيجل وماركس وانجلز ولينين ومازيني والزعماء الأمريكيون الزنوج وناركوزجارفي والاشتراكي دي بوا. . ثم يصف نفسه - بعد ذلك - بأنه مسيحي غير طائفي واشتراكي ماركسي.
على أن نكروما وتزمته الماركسي - مع الزنوجة - لم يصمدا أمام تطور التاريخ، وفي أوائل الستينات أظهر نكروما تطورا في فكره
الاشتراكي ليستطيع مواءمته مع الزنوجة والوحدة الإفريقية ونظرته لنفسه على أنه الفيلسوف المنقذ لكل القارة.
ومن أقواله في تحديد الأيديلوجية النكرومية:
" النكرومية أيديلوجيا لإفريقية الجديدة المستقلة والمتحررة تماما من الاستعمار، المنظمة على القارة كلها، والمؤسسة على مفهوم إفريقيا واحدة ومتحدة، مستمدة قوتها من العلم والتكنولوجيا الحديثة ومن الإيمان الإفريقي التقليدي بأن التقدم الحر لكل دولة رهن بالتقدم الحر للجميع".
والحقيقة أنه لا دعوة سنجود، ولا نكروما، حول (الزنوجة الممزوجة بالاشتراكية والوحدة الإفريقية والأديان) قد لقيت نجاحا وهما تماما مثل الناصرية في مصر، مجرد شعار هائج لا تأثير له في الضمير أو السلوك، فضلا عن أن رصيده الإصلاحي كان هزيلا جدا!!
وإن قصارى ما انتهت إليه هذه الأيديلوجيات (الوثنية) المتدثرة برداء "الزنوجة والأفرقة" أنها عطلت دولاب الانسجام والإنتاج والتفكير العقلي الهادئ. . وفي غانا نفسها "كان الشاب الغاني ينظر ساخرا إلى النكرومية".
كذلك فإن مصطلح الزنوجة "لا يعني شيئا على الإطلاق بالنسبة للجماهير كما وأنهم لا يستطيعون تقديم الجهد في محاولة تقديم تفسير جديد للنظريات الأوروبية عن الاشتراكية في السياق الإفريقي. وتبدو البيانات الأيديلوجية للقارة السياسيين أمرا عويصا حتى أن قلة من بين النخبة ذاتها هي القادرة على فهمها بوضوح. وبقدر ما يمكن اختصارها إلى شعارات مثل شعار (الشخصية الإفريقية) بقدر ما تبدو مبهمة