المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ حيازة الأجنبي على الأجنبي الحاضر الرباع والعقار) - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٣٠

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ النقول عن المذهب المالكي:

- ‌ شهادة السماع في الدور المتقادم حيازتها:

- ‌ في الشهادة على السماع في الدار القريبة حيازتها:

- ‌ في الشهادة على الحيازة:

- ‌ ما جاء في الشهادات في المواريث:

- ‌ حيازة الأجنبي الحيوان والعروض)

- ‌ سؤال الحائز الأجنبي على الأجنبي من أين صار إليه الملك

- ‌ صفة الحيازات ومراتبها)

- ‌ صفة الشهادة على الحيازة)

- ‌(مسألة في الحيازة على الغائب)

- ‌ حيازة الأجنبي على الأجنبي الحاضر الرباع والعقار)

- ‌ النقول عن المذهب الشافعي:

- ‌ النقول من مذهب الحنابلة:

- ‌قرار رقم 68وتاريخ 21/ 10 / 1399 ه

- ‌الفتاوى

- ‌الذبح لغير الله

- ‌ الحلف بغير الله

- ‌ حكم الإسلام في الذي يستعين بالجن في معرفة المغيبات

- ‌ الصلاة خلف من يحلف بغير الله ويلبس التمائم

- ‌ الحلف بالقرآن

- ‌الحلف بشيخ من الصالحين

- ‌ الحلف بالضريح

- ‌ كيف يكون المرء قوي الإيمان مطبقا لأوامر الله خائفا من عقابه

- ‌ الخوف من الله

- ‌ حكم السجود على المقابر والذبح عليها

- ‌ إقامة المساجد على قبور أولياء الله الصالحين

- ‌ حكم الإسلام في الأضرحة الموجودة

- ‌ تخصيص موضع من المسجد لدفن من بنى المسجد وغيره

- ‌حكم الدعاء ببركة الصالحين وحكم الحجب والمحو

- ‌من أفطر أياما بدون عذر في رمضان سابق

- ‌من عجز عن الصيام دائما وجب عليه الإطعام

- ‌صلاة المرأة في بيتها مع الإمام الذي تسمع صوته

- ‌ اعتماد الحساب في إثبات الأهلة

- ‌استعمال معجون الأسنان للصائم

- ‌استعمال ما يزيل رائحة الفم

- ‌الصيام في السفر

- ‌قضاء صيام من أصيب بمرض مزمن ثم شفي

- ‌تقبيل الزوجة في نهار رمضان

- ‌إمامة النساء

- ‌من أفطر جاهلا قبل غروب الشمس

- ‌من عاد إليها الدم وهي صائمة

- ‌الإفطار في رمضان من أجل الامتحان

- ‌قضاء الصيام عن الميت

- ‌الصوم مع الدولة التي تقيم فيها

- ‌إذا تبين طلوع الفجر في رمضان بالأذان وغيره وجب الصيام

- ‌من لم يعلم بدخول شهر رمضان إلا بعد طلوع الفجر

- ‌من رؤي يشرب أو يأكل في نهار رمضان وجب الإنكار عليه

- ‌من رأى منكرا وجب عليه الإنكار

- ‌المال المتبرع به لعمل الخير ليس فيه زكاة

- ‌إذا أرضعت المرأة طفلا رضاعا شرعيا صار ولدها

- ‌حكم بيع الذهب بالذهب

- ‌العمل في مصانع الخمور حرام

- ‌إذا استحالت عشرة الزوج جاز للمرأة طلب الطلاق

- ‌الصوم والإفطار يتبعان بلد الإقامة

- ‌تقلع بنا الطائرة قبل الغروب بساعة وتمضي الساعةوالشمس لم تغرب

- ‌أعالج في المستشفى وأتناول دواء يسببلي الجوع الشديد هل أفطر أم أصبر

- ‌إذا احتلم الصائم في نهار رمضان هل يبطل صومه أم لا

- ‌هل الاحتلام يفسد الصوم، وإذا سال الدممن جسم الإنسان هل يفطر وهل القيء يفسد الصوم

- ‌ما حكم صيام النصف من شعبان

- ‌قيمة زكاة الفطر

- ‌التبليغ خلف الإماموما فيه من المحاذير

- ‌معنى التبليغ:

- ‌إذا كان صوت الإمام لا يبلغ المصلين:

- ‌الأصل في مشروعية التبليغ خلف الإمام

- ‌حكم التبليغ لغير حاجة:

- ‌قصد تكبيرة الإحرام من الإمام والمأموم:

- ‌المحاذير في التبليغ:

- ‌النتيجة:

- ‌مراجع البحث

- ‌دفع الدعوى

- ‌تمهيد:

- ‌الفروق بين دفع الخصومة ودفع الدعوى:

- ‌حكم الدعوى:

- ‌ حكم دفع الدعوى باعتبار مشروعيته:

- ‌ حكم دفع الدعوى باعتبار الأثر المترتب عليه:

- ‌أمثلة:

- ‌ أمثلة الدفع المتضمن إقرارا:

- ‌ أمثلة الدفع الذي لا يتضمن إقرارا:

- ‌شروط دفع الدعوى:

- ‌تأخر الجواب بالدفع:

- ‌المشكلة الاقتصاديةوكيف تحل في ضوء الكتاب والسنة

- ‌مقدمة:

- ‌ثانيا: أباح الإسلام التملك المشروع وحدد له أسبابا

- ‌ثالثا: أقر الإسلام الملكيتين الخاصة والعامة

- ‌خامسا: حث الإسلام على العمل

- ‌تاسعا: حرم الإسلام كل صور التعامل التجاري التي يكون فيها ظلم في التوزيع

- ‌مصادر ومراجع البحث

- ‌الآيات والبراهينعلى صدقنبوة خاتم المرسلين

- ‌المقدمة:

- ‌أولا: القرآن الكريم وبعض وجوه الإعجاز فيه

- ‌وجوه إعجاز القرآن الكريم

- ‌الوجه الأول: فصاحته وبلاغته وقوة تأثيره

- ‌الوجه الثاني: إعجاز تشريعاته:

- ‌الوجه الثالث: انطباق آيات على ما جاء به العلم الحديث:

- ‌الوجه الرابع: تضمنه أخبارا غيبية لا يعرفها إلا علام الغيوب:

- ‌ثانيا: خلقته وخلقه وجميل سيرته تؤكد صدق نبوته:

- ‌ثالثا: استجابة دعائه صلى الله عليه وسلم:

- ‌رابعا: المعجزات الحسية التي ظهرت على يديه صلى الله عليه وسلم ونقلها عنه أصحابه:

- ‌خامسا: إخباره صلى الله عليه وسلم بمغيبات كثيرة ثم تحققت كما أخبر

- ‌سابعا: بشارات الكتب السابقة به صلى الله عليه وسلم:

- ‌انتشار ترجمات معاني القرآن الكريم في مشرق العالم ومغربه

- ‌القرآن الكريم في أوروبا:

- ‌أول ترجمة للقرآن الكريم في أوربا

- ‌القرآن الكريم في ألمانيا:

- ‌محاولات ألمانية لتعميم طبع القرآن الكريم في ألمانيا

- ‌أول طبعة للقرآن الكريم في ألمانيا:

- ‌طبعات قديمة للقرآن الكريم في ألمانيا:

- ‌عرض سريع للترجمات الأوربية والشرقية لمعاني القرآن الكريم:

- ‌الترجمات الشرقية لمعاني القرآن الكريم

- ‌قرارات وتوصيات المؤتمر الإسلامي العالمي لمناقشة الأوضاع الحاضرة في الخليج

- ‌وثيقة مكة المكرمةالصادرة عن المؤتمر الإسلامي العالميلمناقشة الأوضاع الحاضرة في الخليج

- ‌من قرارات مجلس المجمع الفقهي الإسلامي

- ‌ الحكم الشرعي في تحديد النسل

- ‌ تنظيم النسل

- ‌حكم تزوج الكافر للمسلمة وتزوج المسلم للكافرة

- ‌ منع الحمل وتحديد النسل

- ‌وصية موجهة للمرابطينفي الحدود ضد اعتداء دولة العراق

- ‌حكم قيادة المرأة للسيارة

- ‌كشاف مجلة البحوث الإسلامية من العدد السادس عشر إلي الثلاثين

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ حيازة الأجنبي على الأجنبي الحاضر الرباع والعقار)

عالم فهو على حقه إذا قدم ولا حيازة عليه وإن طالت الحيازة فيه كانت الغيبة قريبة أو بعيدة (تنبيه) وهو محمول على غير العلم حتى يقيم الحائز بينة أنه كان عالما في غيبته بحيازته لماله (فرع) وقال مطرف وأصبغ ونرى السبعة الأيام والثمانية وما أشبه ذلك طولا من الغيبة وعذرا في ترك القدوم والطلب والتوكيل. وإن كان عالما إلا أنا نستحب له أن يشهد في غيبته إذا علم بحيازة ماله عنه وإن ترك الإشهاد لم يوهن ذلك حجته إلا أن يطول الزمان جدا مثل السبعين سنة أو الثمانين وما قاربها ويكون مع ذلك سماع مستفيض بأنها ملك للذين هي بأيديهم تداولوها هم ومن كان قبلهم بما يحاز به الملك فيكون ذلك كالحيازة على الحاضر وإن كانت الغيبة بعيدة قال ابن حبيب وبقولهما أقول.

ص: 37

كـ - وقال ابن فرحون (1). (فصل في‌

‌ حيازة الأجنبي على الأجنبي الحاضر الرباع والعقار)

.

وفي مختصر الواضحة قال أصبغ ما حازه الأجنبي على الأجنبي بحضرته وعلمه أي الحيازات كانت من سكنى فقط أو ازدراع أو هدم أو بنيان صغر شأنه أو عظم أو غير ذلك من وجوه الحيازات كلها فذلك يوجبه لحائزه ويقطع حجة صاحبه وهي كالشهادة على الملك كما يكون الرهن شاهدا لصاحبه بحيازته إياه وكما يكون الستر شاهدا للمرأة بإرخائه عليها وكذلك أجمع أهل العلم عليه إذا كان على هذا التفسير الذي فسرنا ورأوا العشر سنين وما قاربها يعني كالثمان والتسع حيازة فيما بين المتداعيين قال ابن القاسم وكان مالك لا يوقت الحيازة لا عشر سنين ولا غيرها وكان يرى ذلك على قدر ما ينزل من الأمر ورأى فيه الإمام رأيه وتابعه ابن الماجشون على ذلك قد يكون بعضه أقوى من بعض مثل أن يكون الطالب مجاورا لحائزه مقيما معه ببلده عالما بإحداثه في ذلك وبما هدم وبنى لا ينكر ولا يدفع فإن هذه حالة إقرار لا شيء له معها فيما ادعى من ذلك وأثبت أصله وإن لم يكن على ما وصفنا وكان غائبا عنه أو كان المطلوب مدعيا لشراء لم يثبته وما أشبه هذا فذلك للطالب الذي له البينة على أنه له أو لأبيه أو لمن

(1) تبصرة الحكام، جـ2، (85)

ص: 37

أخذ ذلك عنه إذا حلف أنه لم يخرج منه ولم يزل من يده أو من أخذ عنه بما يخرج به بالمال ومن يدريه يحلف على نفسه بالبت وفيما سواه بعلمه وذهب ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم وأصبغ إلى توقيت ذلك بعشر سنين وما قارب العشر وهذا في العقار والرباع والأرضين وسيأتي الكلام على الحيوان والعروض إن شاء الله تعالى والدليل على ما ذهب إليه ابن القاسم قوله صلى الله عليه وسلم: «من حاز على خصمه شيئا عشر سنين فهو أحق به» واستدل أئمتنا رحمهم الله تعالى بالعرف والعادة ويشترط في الحيازة أن يكون المحوز عليه غير خائف من الحائز ولا بينه وبينه قرابة ولا مصاهرة ولا مصادقة ولا شركة على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى (تنبيه) وفي الطرر على التهذيب لأبي الحسن الطنجي عن أبي الحسن الصغير قال عند قوله في التهذيب ومن أقامت بيده دار سنين ذوات عدد يحوزها ويمنعها ويكريها ويهدم ويبني فأقام رجل بينة أن الدار داره وأنها لأبيه أو جده وثبتت المواريث فإن كان المدعي حاضرا يراه يبني ويهدم ويكري فلا حجة له وذلك يقطع دعواه قوله حاضرا يراه لا بد هنا من العلم بشيئين وهما العلم بأنه ملكه والعلم بأنه يتصرف فيه ولا يفيد العلم بأحدهما دون الآخر لأنه إذا علم بالتصرف قد يقول ما علمت أنه ملكي كما يقول الرجل الآن قد وجدت الوثيقة عند فلان فيقبل قوله ويحلف والعلم بهذين الوصفين قاله في الوثائق المجموعة وابن أبي جمراء (مسألة) وفى فقه وثائق ابن العطار ولا يقطع قيام البكر غير العانس ولا قيام الصغير ولا قيام المولى عليه في رقاب الأملاك ولا في أحداث الاعتمار بحضرتهم إلا أن يبلغ الصغير ويملك نفسه من الولي عليه وتعنس الجارية ويحاز عليهم عشرة أعوام من بعد ذلك وهم عالمون بحقوقهم لا يعترضون من غير عذر فينقطع حينئذ قيامهم وما لم يعوقوا بحقوقهم لم ينقطع قيامهم.

ص: 38

ك - وجاء في مختصر خليل وشرحه للحطاب: (وإن حاز أجنبي (1): غير شريك وتصرف ثم ادعى حاضر ساكت بلا مانع عشر سنين لم تسمع ولا بينة إلا بإسكان ونحوه)

ش: ختم رحمه الله كتاب الشهادات بالكلام على الحيازة لأنها كالشاهد على الملك قال

(1) مواهب الجليل شرح مختصر خليل، الجزء السادس، ص (221) وما بعدها.

ص: 38

ابن رشد في رسم سلف من سماع ابن القاسم من كتاب الاستحقاق الحيازة لا تنقل الملك عن المحوز عنه إلى الحائز باتفاق ولكنها تدل على الملك كإرخاء الستور ومعرفة العفاص والوكاء وما أشبه ذلك فيكون القول معها قول الحائز مع يمينه لقول النبي صلى الله عليه وسلم «من حاز شيئا عشر سنين فهو له» . لأن المعنى عند أهل العلم في قوله صلى الله عليه وسلم: فهو له أي أن الحكم يوجبه له بدعواه فإذا حاز الرجل مال غيره في وجهه مدة تكون فيها الحيازة عاملة وهي عشرة أعوام دون هدم ولا بنيان أو مع الهدم والبنيان على ما نذكره من الخلاف في ذلك بعد هذا وإدعاء ملكا لنفسه بابتياع أو صدقة أو هبة وجب أن يكون القول قوله في ذلك مع يمينه انتهى. وسواء ادعى صيرورة ذلك من غير المدعي أو ادعى أنه صار إليه من المدعي أما في البيع فلا أعلم فيه خلافا وأما إن أقر أنه ملك المدعي وصار إليه بصدقة أو هبة ففيه خلاف ذكره في رسم إن خرجت من سماع عيسى من كتاب الاستحقاق وقول ابن رشد فيكون القول قول الحائز مع يمينه هو أحد القولين قال في الشامل وفي يمين الحائز حينئذ قولان، والقول بنفي اليمين عزاه في التوضيح لظاهر نقل ابن يونس وغيره، والقول باليمين عزاه لصريح كلام ابن رشد فهو أقوى وهو الظاهر والله أعلم. ثم قال ابن رشد والحيازة تنقسم إلى ستة أقسام أضعفها حيازة الأب عن ابنه ويليها حيازة الأقارب الشركاء بالميراث أو بغيره ويليها حيازة القرابة فيما لا شرك بينهم فيه والموالي والأختان الشركاء بمنزلتهم ويليها حيازة الموالى والأختان فيما لا شرك بينهم فيه ويليها حيازة الأجنبيين الشركاء وتليها حيازة الأجانب فيما لا شرك بينهم فيه وهي أقواها والحيازة تكون بثلاثة أشياء أضعفها السكنى والازدراع ويليها الهدم والبنيان والغرس والاستغلال ويليها التفويت بالبيع والهبة والصدقة والنحلة والعتق والكتابة والتدبير والوطء وما أشبه ذلك مما لا يفعله الرجل إلا في ماله والاستخدام في الرقيق والركوب في الدابة كالسكنى فيما يسكن والازدراع فيما يزرع والاستغلال في ذلك كالهدم والبنيان في الدور والغرس في الأرضين انتهى.

فبدأ المصنف بالكلام على القسم السادس وهي حيازة الأجنبي غير الشريك فقال وإن حاز أجنبي غير شريك واحترز بقوله أجنبي من القريب فإنه سيأتي حكمه وبقوله غير شريك من الأجنبي الشريك فإنه سيأتي أيضا حكمه ومفعول قوله حاز محذوف أي حاز عقارا من دار أو أرض وأما غير العقار فلا يفتقر في الحيازة إلى عشرة أعوام كما سيأتي

ص: 39

بيانه وقوله وتصرف بمعنى أنه يشترط في الحيازة أن يكون الحائز يتصرف في العقار المحوز وأطلق التصرف لينبه على أن حيازة الأجنبي غير الشريك يكفي فيها مطلق التصرف ولو كان ذلك السكنى والازدراع الذي هو أضعف أنواع الحيازة وهذا هو المشهور وقال في الرسم المذكور المشهور في المذهب أن الحيازة بينهم يعني بين الأجانب غير الشركاء تكون في العشرة الأعوام وإن لم يكن هدم ولا بنيان وعن ابن القاسم أنها لا تكون حيازة إلا مع الهدم والبنيان ولا خلاف أنها تكون حيازة مع الهدم والبنيان انتهى. وقوله ثم ادعى حاضر يعني أنه يشترط في كون الحيازة مانعة من سماع دعوى المدعي أن يكون المدعي حاضرا واحترز بذلك مما لو كان المدعي غائبا فإن له القيام وإن طالت المدة إذا كانت غيبته بعيدة كالسبعة الأيام قال في التوضيح وإن كانت الغيبة قريبة كأربعة أيام وثبت عذره عن القدوم والتوكيل من عجز ونحوه فلا حجة عليه وإن أشكل أمره فظاهر المذهب أنه على قولين قال ابن القاسم لا يسقط حقه لأنه قد يضعف عند القدوم قيل له فإن لم يتبين عجزه عن ذلك قال قد يكون معذورا من لا يتبين عذره وذكر ابن حبيب أنه يسقط حقه إلا أن يتبين عذره انتهى وانظر رسم الجواب من سماع عيسى من كتاب الاستحقاق وقوله ساكت يعني أنه يشترط أيضا في الحيازة أن يكون المدعي ساكتا في مدة الحيازة واحترز بذلك مما لو تكلم قبل مضي مدة الحيازة فإن حقه لا يبطل وقوله بلا مانع يعني أن سكوت المدعي في المدة المذكورة إنما يبطل حقه إذا لم يكن له مانع يمنعه من الكلام فلو كان هناك مانع يمنعه من الكلام فإن حقه لا يبطل وفسر ابن الحاجب المانع بالخوف والقرابة والصهر وقد احترز المصنف من القرابة والصهر بقوله أولا أجنبي فيكون المراد بالمانع في كلامه الخوف أي خوف المدعي من الذي في يده العقار لكونه ذا سلطان أو مستندا لذي سلطان فإن كان سكوته لذلك لم يطلب حقه قال الجزولي وكذلك إذا كان للحائز على المدعي دين ويخاف إن نازعه أن يطلبه ولا يجد من أين يعطيه انتهى. فتأمله ويدخل في المانع ما إذا كان المدعي صغيرا أو سفيها فإن سكوته لا يقطع دعواه قال ابن فرحون في تبصرته في الباب السادس والستين قال: قال ابن العطار: ولا يقطع قيام البكر غير المعنسة ولا قيام الصغير ولا قيام المولى عليه الاعتمار المذكور بحضرته إلا أن يبلغ الصغير ويملك نفسه المولى عليه وتعنس الجارية وتحاز عنهم عشرة أعوام من بعد ذلك وهم عالمون بحقوقهم لا يعترضون من غير عذر انتهى.

ص: 40

ويدخل في المانع أيضا ما إذا لم يعلم المدعي بالحيازة أو لم يعلم بأن العقار المحوز ملكه قال في الرسالة: ومن حاز دارا على حاضر عشر سنين تنسب إليه وصاحبها حاضر عالم قال الشيخ أبو الحسن الصغير في أواخر كتاب الشهادات لما تكلم على الحيازة في الرسالة وصاحبها حاضر عالم. الشيخ. أي عالم بالمعلومين بتصرف الحائز وبأنها ملكه قال في الوثائق المجموعة حاضر عالم بأنها ملكه وإذا كان وارثا ويدعي أنه لم يعلم فيحلف ويقضى له انتهى. ونقله ابن فرحون في تبصرته عن الطخيخي عن أبي الحسن الصغير بلفظ لا بد هنا من العلم بشيئين وهما العلم بأنه ملكه والعلم بأنه يتصرف فيه ولا يفيد العلم بأحدهما دون الآخر لأنه إذا علم بالتصرف قد يقول ما علمت أنه ملكي كما يقول الرجل الآن وجدت الوثيقة عند فلان فيقبل قوله ويحلف والعلم بهذين الوصفين قاله في الوثائق المجموعة وابن أبي زيد انتهى. (فرع) قال ابن ناجي في شرح الرسالة قال ابن العربي وانظر إذا قال علمت الملك ولم أجد ما أقوم به ووجدته الآن هل يعذر أم لا (قلت) اختار شيخنا أبو مهدي أنه يقبل وذلك عذر سواء كانت البينة التي وجد بينة استرعاء أم لا والصواب عندي أنه لا يقبل منه لأنه كالمقر والمعترف بأنه لا حق له فيه مدع رفعه. انتهى. زاد في شرح المدونة ثم وقعت بالقيروان بعد عشرة أعوام فكتب فيها لشيخنا أبي مهدي فأفتى بما صوبت انتهى.

قال الشيخ يوسف بن عمر في شرح قول الرسالة لا يدعي شيئا هذا إذا لم يمنعه مانع من القيام وأما إن خاف سطوة الحائز وأثبت ذلك فهو على قيامه وإن ادعى مغيب البينة وقال ما سكت إلا لانتظار بينتي فلا يقبل قوله والدعوة التي تنفعه إذا كان يخاصمه عند القاضي وأما غير ذلك فلا ينفعه انتهى ونحوه للجزولي ونصه وأما إذا قال علمت أنها ملكي ولكن منعني من القيام عدم البينة والآن وجدت البينة فإنه لا ينفعه ذلك ويقضى بها للحائز بعد يمينه إذ لا بد من يمين القضاء ثم قال بعد ذلك وأما إن قال علمت بأنها ملكي ولم أعلم بالحيازة فإنه لا يقبل قوله لأن العرف يكذبه وكذلك إن قال منعني من القيام عدم البينة والآن وجدتها فإنه لا ينفعه ولا قيام له انتهى. وفي أول مسألة من سماع أشهب من كتاب الاستحقاق ما يدل على أنه إذا ادعى عدم العلم بالحيازة ينفعه ذلك ويحلف وأنه محمول على عدم العلم وقال ابن ناجي في شرح قول الرسالة وصاحبها حاضر عالم ظاهر كلام الشيخ أن الحاضر محمول على عدم العلم بالملكية حتى يثبت

ص: 41

وعزاه بعض من لقيناه لابن سهل وهو ظاهر التهذيب وقيل إنه محمول على العلم حتى يتبين خلافه وهو قول ابن رشد وقيل بالأول إن كان وارثا وبالثاني إن لم يكن قاله في الوثائق المجموعة وبه القضاء عندنا هكذا كان يتقدم لنا أنها ثلاثة أقوال والحق أن الذي في الوثائق المجموعة إنما هو التنبيه على فرع متفق عليه وهو إذا ادعى الوارث الجهل بملكية موروثه فإنه يقبل قوله مع يمينه ثم قال بعده قال ابن العربي وانظر إذا قال علمت المالك إلى آخر الفرع المتقدم ويشير بالفرع المتفق عليه إلى ما نقله أبو الحسن وابن فرحون عن الوثائق المجموعة في كلامهما المتقدم وقوله عشر سنين يعني أن مدة الحيازة التي تبطل دعوى المدعي عشر سنين وهذا التحديد يذكره في المدونة عن ربيعة ونصه ولم يحدد مالك في الحيازة في الريع عشر سنين. ولا غير ذلك وقال ربيعة حوز عشر سنين يقطع دعوى الحاضر إلا أن يقيم بينة أنه إنما أكرى أو أسكن أو أخدم أو أعار ونحوه ولا حيازة على غائب وذكر ابن المسيب وزيد بن أسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حاز شيئا عشر سنين فهو له» . انتهى. قال في التوضيح وبهذا أخذ ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم وأصبغ ودليله ما رواه أبو داود في مراسيله عن زيد بن أسلم وذكر الحديث ثم قال ولابن القاسم في الموازية السبع والثمان وما قارب العشرة مثل العشرة انتهى.

ص: 42

فتحصل في مدة الحيازة ثلاثة أقوال: الأول: قول مالك في المدونة أنها لا تحدد بسنين مقدرة بل باجتهاد الإمام وهكذا نقل ابن يونس فقال: ولم يحد مالك في الرباع عشر سنين ولا غير ذلك ولكن على قدر ما يرى أن بهذا قد حازها دون الآخر فيما يهدم ويبني ويسكن ويكري ا. هـ وهكذا نقله ابن شاس وابن عرفة وسيأتي لفظه. والقول الثاني: أن مدة الحيازة عشر سنين وهو القول الذي مشى عليه المصنف في كتاب الشهادات وعليه اقتصر في الرسالة قال في النوادر وبه أخذ ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم وأصبغ وهكذا عزاه ابن يونس وابن شاس وتقدم نحوه عن التوضيح ونقله ابن عرفة عن النوادر وقال ابن يونس قال ابن سحنون لما أمر الله نبيه بالقتال بعد عشر سنين كانت أبلغ شيء في الإعذار واعتمد أهل المذهب على الحديث المتقدم وعلى أن كل دعوى يكذبها العرف فإنها غير مقبولة ولا شك أن بقاء ملك الإنسان بيد الغير يتصرف فيه عشر سنين دليل على انتقاله عنه والله أعلم. والقول الثالث أن مدة الحيازة سبع

ص: 42

سنين فأكثر وهو قول ابن القاسم الثاني وقد ذكر ابن عرفة هذه الثلاثة الأقوال فقال وفي تحديد مدة الحيازة بعشر أو سبع. ثالثها لا تحديد بعدة باجتهاد الإمام وقال في المسائل الملقوطة. (مسألة) في قناة تجري منذ سنة في أرض رجل والذي تجري عليه ساكت لا تكون السنة حيازة للتغافل عن مثلها وسكوت أربع سنين طول وحوز من كتاب الشهادات لابن يونس انتهى. فتأمله مع ما تقدم وهل يكون قولا رابعا أولا والله أعلم. وقوله لم تسمع ولا بينة هو جواب الشرط يعني أن الحيازة إذا وقعت على الوجه المذكور فهي مانعة من سماع دعوى المدعي والظاهر أن المراد بعدم سماعها عدم العمل بها وبمقتضاها من أنه لا يتوجه على المدعى عليه يمين إذا أنكر. أنه لا تسمع ابتداء ولا يسأل المدعى عليه عن جوابها فإن ذلك غير ظاهر لاحتمال أن يقر المدعي ويعتقد أن مجرد حوزه يوجب له الملك وقد تقدم أن الحوز وحده لا ينقل الملك وإنما هو دليل على انتقال الملك وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يبطل حق امرئ مسلم وإن قدم» . قال ابن رشد في آخر الكلام على المسألة الرابعة من سماع يحيى من كتاب الاستحقاق وأن الحائز لا ينتفع بحيازته إلا إذا جهل أصل مدخله فيها وهذا أصل في الحكم بالحيازة انتهى. وسيأتي كلامه برمته في التنبيه الخامس في قول المصنف وإنما تفترق الدار من غيرها وقوله ولا بينة يعني أن الحيازة المذكورة مانعة من سماع دعوى المدعي ومن سماع بينته أيضا فإن قيل قوله لم تسمع دعواه يغني عن قوله ولا بينته لأنه إذا لم تسمع الدعوى لم تسمع البينة فالجواب والله أعلم إنما قال ولا بينته خشية أن يتوهم أن الدعوى المجردة عن البينة هي التي لا تسمع وأما إذا قامت بها البينة فتسمع كما تقول في دعوى العبد على سيده العتق والمرأة على زوجها الطلاق فإن دعواهما لا تسمع إذا كانت مجردة عن البينة أعني أنه لا يتوجه على السيد ولا على الزوج بسببهما يمين فإن أقاما البينة على دعواهما سمعت وأيضا فإنما قال ولا بينة ليفرع عليه قوله إلا بإسكان ونحوه والمعنى أنه لا تسمع بينة المدعي إلا أن تشهد البينة للمدعي بأنه أسكن الحائز أو أعمره أو ساقاه أو زارعه أو ما أشبه ذلك فإنه إذا أقام البينة على ذلك حلف المدعي على رد دعوى الحائز وقضى له هذا إن ادعى الحائز أن المالك باعه أو نحو ذلك وأما من لم يدع نقل الملك وإنما تمسك بمجرد الحيازة فلا يحتاج إلى يمين قاله في التوضيح وغيره (تنبيهات): الأول: الهدم والبناء مقيدان بما إذا لم يهدم ما يخشى سقوطه فإن ذلك لا ينقل الملك وكذا الإصلاح

ص: 43

اليسير قاله في التوضيح: الثاني): الحيازة على النساء عاملة إن كن في البلد ذكره ابن بطال في المقنع (الثالث) تقدم أنه لا حيازة على الغائب قال ابن بطال إلا أنه يستحب له إذا علم أن يشهد أنه على حقه وقاله الرجراجي. الرابع: قال ابن رشد في رسم سلف من سماع ابن القاسم من كتاب الاستحقاق وأما المدة. فينبغي أن يستوي فيها الوارث والموروث لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من حاز شيئا عشر سنين فهو له» وتضاف مدة حيازة الوارث إلى مدة حيازة الموروث مثل أن يكون الوارث قد حاز خمسة أعوام ما كان مورثه قد حازه خمسة أعوام فيكون ذلك حيازة عن الحاضر. (انتهى) الخامس: اختلف هل يطالب الحائز ببيان سبب ملكه. قال في التوضيح قال ابن أبي زمنين: لا يطالب وقال غيره: يطالب وقيل: إن لم يثبت أصل الملك المدعي فلا يسأل الحائز عن بيان أصل ملكه وإن ثبت الأصل للمدعي ببينة أو بإقرار الحائز سئل عن سبب ذلك وقال ابن عتاب وابن القطان، لا يطالب إلا أن يكون معروفا بالغصب والاستطالة والقدرة على ذلك انتهى باختصار وظاهر كلام ابن رشد في رسم سلف الحائز يطالب ببيان سبب ملكه لأنه حينئذ قال إذا حاز الرجل مال غيره في وجهه مدة تكون فيه الحيازة عاملة وادعاه ملكا لنفسه بابتياع أو صدقة أو هبة وجب أن يكون القول قوله في ذلك مع يمينه واختلف إذا كان هذا الحائز وارثا فقيل إنه بمنزلة الذي ورث ذلك عنه في أنه لا ينتفع بها دون أن يدعي الوجه الذي يصير به ذلك إلى مورثه وهو قول مطرف وأصبغ وقيل ليس عليه أن يسأل عن شيء لأنه يقول ورثنا. ذلك ولا أدري بماذا صار ذلك إليه وهو ظاهر قول ابن القاسم في رسم أن خرجت من سماع عيسى من هذا الكتاب وقول ابن الماجشون وقوله عندي بين فإنه ليس عليه أن يسأل عن شيء انتهى. وأفتى في نوازله بأن الحائز لا يطالب بشيء حتى يثبت القائم عليه الملك وسيأتي كلامه في التنبيه السادس وجزم في شرح آخر مسألة من نوازل عيسى بأنه إذا ثبت أصل الملك لغيره فلا بد من بيان سبب ملكه قال بأن يقول اشتريته منه أو وهب لي أو تصدق به علي أو يقول ورثته عن أبي أو عن فلان ولا أدري بأي وجه يصير إلي الذي ورثته منه وقال أما مجرد دعوى الملك دون أن يدعي شيئا من هذا فلا ينتفع به مع الحيازة إذا ثبت أصل الملك لغيره انتهى. (فرع) قال ابن سهل في مسائل الأقضية من ادعي عليه بأملاك فقال عندي وثائق غائبة ثم طولب عند حاكم آخر فأنكر تلك المقالة فقال ابن العطار ليس عليه إحضار الوثائق

ص: 44

انتهى انظر تمامها فيه (الثالث لا تسقط الحيازة ولو طالت الدعوى في الحبس بذلك أفتى ابن رشد في نوازله في جواب المسألة الخامسة من مسائل الوقف وهي مسألة تتضمن السؤال عن جماعة واضعين أيديهم على أملاكهم ومورثهم ومورث مورثهم نحوا من سبعين عاما يتصرفون فيها بالبناء والغرس والتعويض والقسمة وكثيرا من وجوه التفويت فادعى عليهم بوقفيتها شخص حاضر عالم بالتفويت المذكور والتصرف هو ومورثه من قبله ونصه ولا يجب القضاء بالحبس إلا بعد أن يثبت التحبيس وملك المحبس لم حبسه يوم التحبيس وبعد أن تتعين الأملاك المحبسة بالحيازة لها على ما تصح فيه الحيازة فإذا ثبت ذلك كله على وجهه وأعذر إلى المقوم عليهم فلم يكن لهم حجة إلا من ترك القائم وأبيه قبله عليهم وطول سكوتهما عن طلب حقهما مع علمهما بتفويت الأملاك فالقضاء بالحبس واجب والحكم به لازم انتهى. وأفتى بذلك أيضا في المسألة السادسة من مسائل الدعوى والخصومات في مسألة ابن زهر وهي مسألة تتضمن أن رجلا في ملكه ضيعة ورثها عن سلفه منذ سبعين عاما هو وأبوه، وهم يتصرفون فيها تصرف المالك في ملكه فقام عليه رجل وادعى أن الضيعة رهن بيده وبذلك ملكها سلفه قبله واستدعى عقد السماع بالرهن فأثبت الذي بيده الضيعة أن جده ابتاعها من جد القائم عليه فيها فأفتى أن شهادة الشراء أعمل ثم قام ذلك الرجل المشتري المدعي الرهنية بعينه وادعى أنها حبس عليه وأثبت عقد التحبيس بالشهادة على خطوط شهدائه فهل ترى قيامه أولا بالرهن يبطل قيامه بالحبس أم لا؟ فأجاب: كان من وجه الحكم أن لا يكلف الذي بيده الضيعة من أين صارت إليه حتى يثبت القائم ملك الراهن لها ورهنه إياها وموته وأنه وارثه أو وارث وارثه وكذلك الحكم في قيامه بالحبس سواء في مذهب مالك وجميع أصحابه غير أن قول المقوم عليه أن جده ابتاعها من جد القائم عليه إقرار منه له بملكها فإن كان هو المحبس وأثبت حفيده عقد التحبيس وأنه من عقبه لا عقب له غيره بالسماع إن عجز عن البينة القاطعة وأعذر إلى المقوم عليه فيما ثبت من ذلك فلم يكن عنده فيه مدفع فالواجب أن يسأل المقوم عليه فإن أقر أنها هي التي وقع ذكرها في كتاب التحبيس لم يجب على القائم فيها حيازة لاتفاقهما عليه وانظر إلى تاريخ كتاب صاحب التحبيس وتاريخ السماع بشراء جد المقوم عليه من جد القائم فإن وجد تاريخ الحبس أقدم قضي به وبطل الشراء ووجب الرجوع بالثمن وإن وجد تاريخ السماع بالشراء أقدم أو لم يعلم

ص: 45

أيهما أقدم قبل صاحبه قضي بالشراء وبطل التحبيس وهكذا الرواية في ذلك ثم قال في جواب ثان على المسألة بعينها إثر الجواب الأول - ما تضمنه عقد التحبيس الثابت لا يوجب أن يسأل من بيده شيء من ذلك من أين صار له ولا يعقل عليه ولا يكلف إثباتا ولا عقلا إلا من بعد أن يثبت القائم بالتحبيس ملك الحبس لما حبسه ويحوز ما أثبت تحبيسه حيازة صحيحة على الوجه الذي ذكرناه وهذا أصل لا اختلاف فيه أعني أن من بيده ملك لا يدعيه يكلف إثبات من صار له حتى يثبت المدعي ما ادعاه ويحوزه ولا يلزم المقوم عليه إذا أفضى ببقاء الملك بيده وحكم بقطع الاعتراض عنه بشيء من ثمن ما ادعى شراءه إذا مضى من طول المدة ما صدق فيه المبتاع على أداء ثمن ما ابتاعه في قول مالك وجميع أصحابه ولو لم يمض لم يحكم للمدعي أيضا بالثمن حتى يرجع عما ادعاه من التحبيس إلى تصديق دعوى المشتري على اختلاف أصحابنا المتقدمين أي واستفيد من هذه المسألة فوائد: منها: أنه مشى على أنه لا يسأل واضع اليد عن شيء حتى يثبت القائم الملك ومنها حكم شهادة السماع في الرهن. ومنها: القضاء بالتاريخ السابق. ومنها: إذا جهل السابق من تاريخ الشراء أو الحبس قضي بتاريخ الشراء وبطل الحبس وأفتى غيره أنه إذا جهل التاريخ قدم الحبس والله أعلم. ص (وفي الشريك القريب معهما قولان) ش يعني أنه اختلف في الشريك القريب إذا حاز العقار بالبناء والهدم هل تكون مدة الحيازة في حقه عشر سنين كالأجنبي أو لا يكفي في ذلك عشر سنين ولم يبين المصنف قدر مدة الحيازة على القول الثاني والقولان لابن القاسم ذكرهما في رسم الكبش من سماع يحيى من كتاب الاستحقاق فكان أولا يقول إن العشر سنين حيازة ثم رجع إلى أن ذلك لا يكون حيازة إلا أن يطول الأمر أزيد من أربعين سنة

ص: 46

(تنبيهات) الأول: ظاهر كلام المصنف وغيره أن القولين متساويان وقد علمت أن القول الذي رجع إليه ابن القاسم أن ذلك لا يكون حيازة ولا شك أن العمل على القول المرجوع إليه فتأمله (الثاني): علم من قول المصنف معهما أنه لا تحصل الحيازة بين القرابة الشركاء إذا لم يكن هدم ولا بنيان وهو كذلك كما سيأتي في كلام ابن رشد في شرح قول المصنف وإنما تفترق الدار من غيرها ويأتي أيضا هناك بيان حكم الحيازة بين القرابة الشركاء في غير العقار والله أعلم (الثالث): لم يذكر المصنف حكم القريب الذي ليس بشريك وذكر ابن رشد في رسم سلف من سماع ابن القاسم أن قول ابن القاسم اختلف في ذلك

ص: 46

فجعله مرة كالقريب الشريك فيكون قد رجع عن قوله إن الحيازة لا تكون بينهم في العشرة الأعوام مع الهدم والبينان إلى أنه لا حيازة بينهم في ذلك إلا مع الطول الكثير وهو نص قوله في سماع يحيى المذكور ومرة رآهم بخلاف ذلك فلم يرجع عن قوله إن الحيازة تكون بينهم في العشرة الأعوام مع الهدم والبنيان وهو دليل قوله في السماع المذكور انتهى. (قلت) فعلم من كلام ابن رشد هذا أن القول بأن حكم القريب الذي ليس بشريك كحكم القريب الشريك هو الراجح لقوله إنه نص قول ابن القاسم وأن الثاني إنما هو مفهوم من كلام ابن القاسم فتأمله وتحصل من هذا أن الحيازة بين القرابة سواء كانوا شركاء أو غير شركاء لا تكون بالسكنى والازدراع وإنما تكون بالهدم والبناء في الأمد الطويل الذي يزيد على أربعين سنة على الأرجح من القولين والله أعلم (الرابع) محصل كلام ابن رشد في رسم سلف من سماع ابن القاسم من كتاب الاستحقاق وأن الحيازة لا تكون بين أب وابنه بالسكنى والازدراع والاستخدام والركوب اتفاقا وكذلك الأقارب الشركاء بميراث وغيره على الأظهر وكذا الشركاء الأجانب الذين الشركة بينهم فتكفي الحيازة عشرة أعوام وإن لم يكن هدم ولا بنيان على الشهود وإن حصل هدم وبناء وغرس فتكفي العشرة الأعوام في الشريك الأجنبي وفي الشريك القريب مع ذلك قولان وفي كون ذلك القريب غير الشريك والمولى والصهر الشريكان ثالثها في الصهر والمولى دون القريب وفي كون السكنى والازدراع في العشرة حيازة لمولى وصهر غير شريكين أو إن هدم وبنى أو إن طال جدا أقوال والله أعلم. ص (لا بين أب وابنه إلا بكهبة) ش قال ابن رشد في رسم سلف من سماع ابن القاسم من كتاب الاستحقاق وتحصل الحيازة في كل شيء بالبيع والهبة والصدقة والعتق والتدبير والكتابة والولاء ولو بين أب وابنه ولو قصرت المدة إلا أنه إن حضر مجلس البيع فسكت حتى انقضى المجلس لزمه البيع في حصته وكان له الثمن وإن سكت بعد العام ونحوه حتى استحق البائع الثمن بالحيازة مع يمينه وإن لم يعلم بالبيع إلا بعد وقوعه فقام حين علم أخذ منه وإن سكت العام ونحوه ولم يكن له إلا الثمن، وإن لم يقم حتى مضت مدة الحيازة لم يكن له شيء واستحقه الحائز، وإن حضر مجلس الهبة والصدقة والتدبير والعتق فسكت حتى انقضى المجلس لم يكن له شيء وإن لم يحضر ثم علم فإن قام حينئذ كان له حقه وإن سكت العام ونحوه فلا شيء له ويختلف في الكتابة هل تحمل على البيع أو على العتق قولان انتهى. مختصرا ص

ص: 47

(وإنما تفترق الدار من غيرها في الأجنبي ففي الدابة وأمة الخدمة السنتان ويزاد في عبد وعرض) ش يعني أنه إنما يفترق بين الدور وغيرها في مدة الحيازة إذا كانت الحيازة بين الأجانب وأما في حيازة القرابة بعضهم على بعض فلا يفرق بين الدور وغيرها قال ابن رشد في رسم سلف من سماع ابن القاسم من كتاب الاستحقاق إن الأقارب والشركاء بالميراث أو بغير الميراث لا خلاف أن الحيازة بينهم لا تكون بالسكنى والازدراع ولا خلاف أنها تكون بالتفويت بالبيع والصدقة والهبة والعتق والكتابة والتدبير والوطء وإن لم تطل المدة والاستخدام في الرقيق والركوب في الدواب كالسكنى فيما يسكن والازدراع فيما يزرع قال والاستغلال في ذلك كالهدم والبنيان في الدور وكالغرس في الأرضين ثم قال ولا فرق في مدة حيازة الوارث على وارثه بين الرباع والأصول والثياب والحيوان والعروض وإنما يفترق ذلك في حيازة الأجنبي بالاعتمار والسكنى والازدراع في الأصول والاستخدام والركوب واللباس في الرقيق والدواب والثياب فقد قال أصبغ إن السنة والسنتين في الثياب حيازة وإذا كانت تلبس وتمتهن وإن السنتين والثلاثة حيازة في الدواب إذا كانت تركب وفى الإماء إذا كن يستخدمن وفي العبيد والعروض فوق ذلك ولا يبلغ في شيء من ذلك كله بين الأجنبيين إلى العشرة الأعوام كما يصنع في الأصول انتهى. (تنبيهات) الأول: علم من كلام ابن رشد أن اللباس في الثياب كالسكنى في الدور وأنه لا تحصل حيازة بين الأقارب ولو طالت المدة وأن الاستقلال في الرقيق والدواب والثياب بمعنى قبض أجرة العبيد والدواب والثياب كالهدم والبنيان في العقار فلا تحصل الحيازة بين الأقارب في الرقيق والثياب والعروض إلا بالاستغلال ويختلف في مدتها على القولين السابقين اللذين أشار إليهما المصنف بقوله وفي الشريك القريب معهما قولان أو بالأمور المفوتة كالبيع والهبة والصدقة والعتق والوطء ويعلم هذا من كلام المصنف لأنه لما جعل ذلك مفوتا بين الأب وابنه علم أنه مفوت في حق غيرهما من باب أحرى والله أعلم. (الثاني): فهم من قول المصنف في الأجنبي أن القريب لا تفترق الدار من غيرها في حقه سواء كان شريكا أو غير شريك ففيه إشارة إلى ترجيح القول بتساويهما كما تقدم ذلك. (الثالث): تقدم في كلام ابن رشد الثياب يكفي في حيازتها السنة والسنتان ولم يتعرض لها المصنف بل قد يفهم من كلامه دخولها في العروض فتنبه لذلك (الرابع): التفصيل الذي ذكرناه عن ابن رشد لا يؤخذ من كلام المصنف ولم ينقله في التوضيح وهو أتم فائدة

ص: 48

فتأمله والله أعلم. (الخامس) في المدة التي يسقط بها طلب الدين قال: في المسائل الملقوطة من الكتب المبسوطة المنسوب لولد ابن فرحون الساكت عن طلب الدين ثلاثين سنة لا قول له ويصدق الغريم في دعوى الدفع ولا يكلف الغريم ببينة لا مكان موتهم أو نسيانهم للشهادة انتهى من منتخب الحكام لابن أبي زمنين وفي كتاب محمد بن ياسين في مدعي دين سلف بعد عشرين سنة أن المدعي عليه مصدق في القضاء إذ الغالب أن لا يؤخر السلف مثل هذه المدة كالبيوعات انتهى كلام المسائل الملقوطة، وقال والده ابن فرحون في تبصرته في الباب الثاني والستين في القضاء في شهادة الوثيقة والرهن على استيفاء الحق (فرع) وفي مختصر الواضحة في آخر باب الحيازة قال عبد الملك وقال لي مطرف وأصبغ إذا ادعى رجل على رجل حقا قديما وقام عليه بذكر حقه وذلك القيام بعد العشرين سنة أخذ به وعلى الآخر البراءة منه وفي مفيد الحكام أن ذكر الحق المشهود فيه لا يبطل إلا بطول الزمان كالثلاثين سنة والأربعين وكذلك الدين وإن كانت معروفة في الأصل إذا طال زمانها هكذا ومن هي له وعليه حضور فلا يقوم عليه بدينه إلا بعد هذا بطول الزمان فيقول قد قضيتك وباد شهودي بذلك فلا شيء على المدين غير اليمين قال وكذلك الوصي يقوم عليه اليتيم بعد طول الزمان وينكر قبض ماله من الوصي فإن كانت مدة يهلك في مثلها شهود الوصي فلا شيء عليه وإلا فعليه البينة بالدفع انتهى، وقال البرزلي في أثناء مسائل البيوع رأيت جوابا وأظنه للمازري في الديون فقال إذا طال الزمان على الطالب وبيده وثائق وأحكام وهو حاضر مع المطلوب ولا عذر له يمنعه من الطلب من ظلم ونحوه وسكت عن الطلب فاختلف المذهب في حد السكوت القاطع لطلب الديون الثابتة في الوثائق والأحكام هل حد ذلك عشرون سنة وهو قول مطرف أو ثلاثون سنة وهو قول مالك واتفقا جميعا على أن ذلك دلالة قاطعة لطلب الطالب وقوله عليه الصلاة والسلام:«لا يبطل حق امرئ مسلم وإن قدم» معلل بوجود الأسباب المانعة من الطلب بالغيبة البعيدة وعدم القدرة على الطلب مع الحضور حتى إذا ارتفعت هذه الأسباب من الطلب كان طول المدة السكوت والحضور دلالة يقوى بها سبب المطلوب بدليل قوله صلى الله عليه وسلم «من حاز شيئا على خصمه عشر سنين فهو أحق به» فأطلق عليه الصلاة والسلام ذكر الحيازة فهو عام في كل ما يحاز من ريع ومال معين وغيره ومن اجتهد فحد في الرياع العشر سنين وحد في الدين العشرين والثلاثين رأى أن ذلك راجع

ص: 49

إلى حال الطالب مع المطلوب فمن غلب على حاله كثرة المشاحنة وأنه لا يمكن أن يسكت عن خصمه عشر سنين جعلها حدا قاطعا ومن جعلها عشرين سنة أو ثلاثين أي أنها أقصى ما يمكن السكوت في بيع المتحمل فجعلها حدا قاطعا لإعذار الطالبين لأن الغالب من الحال أنه قضاء وقد قضى بتغليب الأحوال عمر بن الخطاب وقاله مالك فيمن له شيء وترك غيره يتصرف فيه ويفعل فيه ما يفعل المالك الدهر الطويل فإن ذلك مما يسقط الملك ويمنع الطالب من الطلب قاله مالك وابن وهب وابن عبد الحكم وأصبغ وإذا كان طول المدة مع حضور الطالب وسكوته مانعا له من الطلب فالطلب ممنوع في سائر المطالب دون وثائق وأحكام وأرباع بدليل أن السكوت في ذلك يعد كالإقرار المنطوق به من الطالب للمطلوب بأنه لاحق له عليه ولا تباعة ولا طلب (قلت) هذا الجواب يقتضي أن ما بعد الثلاثين مجمع عليه وإذا أجراه على مسائل الحيازة ففيها قريب القرابة والبعيد والمتوسط والمقاطع لقريب والمواصل له فيجري عليها وفي بعضها ما يبلغ الخمسين وأكثر مع أني أحفظ لابن رشد في شرحه أنه إذا تقرر الدين وثبت لا يبطل وإن طال لعموم الحديث المتقدم واختاره التونسي إذا كان ذلك بوثيقة مكتوبة وهي في يد الطالب والطلب بسببها لأن بقاءها بيد ربها دليل على أنه لم يقبض دينه إذ العادة إذا قبض دينه أخذ عقده أو مزقه بخلاف إذا كانت الديون بغير عقود ولو وجدت بغير المطلوب وإلا ففيها قولان حكاهما ابن رشد وخرجهما على القولين في الرهن إذا وجد بيد الراهن هل هو إبراء له أم لا لجواز وقوعه وسقوطه أو التسور عليه ونحو ذلك وقياسه على باب الحيازة فيه نظر لما أصل ابن رشد أن ترجيح الحيازة إنما هو فيما جهل أصله وأما إذا ثبت أصله بكراء أو إعارة أو إعمار أو غير ذلك فلا يزال الحكم كذلك وإن طال الزمن والدين إن ثبت أصله أيضا وإن كان في هذا الأصل خلاف في كتاب الولاء من المدونة لكن مذهب ابن القاسم ما ذكره خلافا لقول الغير وعليه جرى عمل القضاة في هذا الزمان بتونس ما لم تقترن قرائن تدل على دفع الدين مع طول الزمان فيعمل عليها في البراءة والله أعلم انتهى ويشير والله أعلم بقوله وقياسه على باب الحيازة فيه نظر لما أصل ابن رشد أن ترجيح الحيازة إنما هو فيما جهل أصله إلى ما قاله في شرح المسألة الرابعة من سماع يحيى من كتاب الاستحقاق ولتذكر المسألة وكلامه عليها ونصها مسألة قال يحيى وسألت ابن القاسم عن رجل أصدق امرأة عن ابنه منزلا فلما دخل ابنه

ص: 50