الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووجه الدلالة - في هذا الحديث - أن الأعرابي يدعي ملكية الفرس محل النزاع، والرسول صلى الله عليه وسلم لم ينكر ما يدعيه الأعرابي، ولكنه صلى الله عليه وسلم دفع دعوى الأعرابي بدعوى مقابلة وهي انتقال الفرس إليه صلى الله عليه وسلم بطريق الشراء من الأعرابي، وقد أنكر الأعرابي دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أثبت صلى الله عليه وسلم صحة دفعه بشهادة خزيمة رضي الله عنه، وهذا ما يعرف بدفع الدعوى.
2 -
ما رواه معمر عن الزهري أو قتادة أو كليهما: «أن يهوديا جاء يتقاضى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد قضيتك. قال اليهودي: بينتك، قال: فجاء خزيمة الأنصاري فقال: أنا أشهد أنه قد قضاك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما يدريك؟ قال: إني أصدقك بأعظم من ذلك - أصدقك بخبر السماء، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين (1)» .
ووجه الدلالة: أن المدعي - في هذا الحديث هو اليهودي، والمدعى عليه هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع ذلك فلم تطلب البينة من اليهودي عملا بقاعدة:" البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه " وقاعدة: " بينة الخارج مقدمة على بينة الداخل "؛ وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينكر دعوى اليهودي، كما لم يقر ببقاء الحق في ذمته صلى الله عليه وسلم ولكنه صلى الله عليه وسلم دفع دعوى اليهودي بدعوى أخرى ناسخة لدعوى اليهودي، وهي أداؤه صلى الله عليه وسلم الحق الذي في ذمته لليهودي، التي شهد بصحتها خزيمة رضي الله عنه وهذا هو معنى دفع الدعوى في صورته المتفق عليها بين الفقهاء.
(1) انظر تحقيق أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم تحقيق الدكتور محمد ضياء الرحمن الأعظمي، وقال المحقق ذكره عبد الرزاق في مصنفه (8 - 367)
ب -
حكم دفع الدعوى باعتبار الأثر المترتب عليه:
ولذلك أقسام هي:
1 -
حكم دفع الدعوى باعتبار صحته: متى وجد الدفع الصحيح من المدعى عليه صار المدعى عليه مدعيا، والمدعي يصير مدعى عليه، وحينئذ يسير القاضي معه
الخصوم كسيره في الدعوى الأصلية، فيسأل المدعي الأصلي - الذي أصبح في مركز المدعى عليه - عن جوابه على دعوى الدفع. . وهكذا كسيره في الدعوى الأصلية.
2 -
حكم دفع الدعوى باعتبار عدم صحته: إذا أجاب المدعى عليه بدفع غير صحيح - بأن لم يستوف الدفع شروطه أو أحدها - فإن الجواب - حينئذ - يكون صحيحا. وعلى القاضي أن يفهم المدعى عليه بأن له أن يجيب جوابا صحيحا وإلا اعتبره ناكلا عن الجواب ويقضي عليه.
3 -
حكم دفع الدعوى باعتبار ثبوته: إذا أقر المدعي بما دفع به خصمه المدعى عليه لزمه ما أقر به، واندفعت دعواه الأصلية وصرف القاضي النظر عنها، وكان للدافع الاحتجاج بالحكم الصادر بقبول دفعه أمام أي قاض يجدد المدعي دعواه عنده.
أما إذا أنكر فإن القاضي يسأل الدافع عما لديه من بينات تثبت دفعه، فإن أثبته بحجة شرعية اندفعت دعوى المدعي الأصلي. وإن عجز عن الإثبات أفهمه القاضي بأن له طلب اليمين النافية لدفعه يطلبها من المدعي الأصلي فإذا طلبها وجه القاضي اليمين الشرعية إلى المدعي الأصلي، فإن نكل عن اليمين قامت دعوى الدفع وصرف القاضي النظر عن الدعوى الأصلية لسقوطها بقيام دعوى الدفع
4 -
حكم دفع الدعوى باعتبار انتقائه: إذا عجز المدعي - دفعا - عن إثبات ما دفع به، وحلف خصمه على نفي دعوى الدفع، فإن دعوى الدفع تصبح ساقطة، أما سير القاضي حينئذ - فإنه يتجه إلى واحد من اتجاهين اثنين:
الاتجاه الأول: وذلك فيما إذا تضمن دفع الدافع إقرارا بالدعوى - كدفع دعوى الدين بالأداء أو الإيداء لذات الدين - فإن القاضي يفصل الخصومة بإلزام الدافع بما أقر به (1).
الاتجاه الثاني: وذلك فيما إذا لم يتضمن دفع الدافع إقرارا بما يدعيه المدعي - وصورة هذا الدفع أن يجيب المدعى عليه بأن المدعي كان قد أبرأه من هذه الدعوى - فإن القاضي - حينئذ - يسير في نظر الدعوى الأصلية، كما لو لم يكن هناك دفع (2).
قاعدة: فيما يعتبر إقرارا من الدفوع وما لا يعتبر: لم يذكر الفقهاء رحمهم الله قاعدة تفصل بين الدفع الذي يقتضي إقرارا بالدعوى والدفع الذي لا يقتضي إقرارا بالدعوى (3) ولكن بعضهم ضرب لذلك مثالا يشبه القاعدة فقال: البراءة من دعوى المال ليس إقرارا بالمال (4)، وهذا فرع عن القاعدة المقررة وهي " طلب الصلح والإبراء عن الدعوى لا يكون إقرارا، وطلب الصلح والإبراء عن المال يكون إقرارا (5) وذلك لأن المقصود من الإبراء من دعوى المال هو قطع النزاع، فلا يفيد ثبوت الحق، بخلاف طلب الإبراء من الحق ذاته، فإنه يفيد ثبوته (6).
(1) انظر محاضرات في المرافعات الشرعية د / عبد العظيم شرف الدين ص85
(2)
انظر محاضرات في المرافعات الشرعية د / عبد العظيم شرف الدين ص85
(3)
نظرية الدعوى 2/ 194
(4)
الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 261
(5)
الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 261
(6)
محاضرات في المرافعات الشرعية ص86، درر الحكام شرح مجلة الأحكام 4/ 88