الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التبليغ خلف الإمام
وما فيه من المحاذير
بقلم د. عبد الله بن محمد الطريقي (1)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فقد لفت نظري ما شاهدت في الحرمين الشريفين وغيرهما من المساجد - خاصة الكبيرة - ما يفعله بعض المؤذنين من تبليغ التكبيرات والتحميد والسلام خلف الإمام، خاصة في هذا الزمن الذي توافرت فيه مكبرات الصوت وصار صوت الإمام واضحا كوضوح المبلغ أو قريب منه، حتى صار كبر المسجد وكثرة الجماعة لا يؤثر على سماع صوت الإمام بل قد يسمعه من بعد ولم يدخل في الصلاة مع الإمام كما يسمعه من قرب.
ومع أن فعل المبلغين هذا فيه تشويش على المصلين واقتطاع جزء من الصلاة يضيع بسبب الصوت المزعج مع ما يلحق ذلك من لحن في بعض التكبيرات أو التحميد، لهذا ولغيره اهتممت بهذه المشكلة وأحببت أن أقرأ ما كتبه العلماء الأفذاذ والذين حازوا
(1) وردت ترجمة للباحث في العدد 14 ص259
قصب السبق في هذا المجال، وقد وجدت منهم من أفردها بالبحث والتأليف والتصنيف كابن عابدين من الحنفية، وعبد الله أحمد الشهير بالطاهر من المالكية، مع ما هو مدون في بطون أمهات الكتب عن أحكام التبليغ خلف الإمام في كتب أئمة المذاهب الأربعة وغيرهم.
ولما تصفحت هذه الكتب وقرأت ما لم أكن أعرفه من قبل عن حكم التبليغ خلف الإمام أردت أن أجمع شتات ما قرأت وأرتبه وأظهر منه بنتيجة يستفيد منها من حصل له وقفة في حكم هذه المسألة كما حصل لي خاصة أنها تتعلق بالصلاة التي هي ثاني أركان الإسلام، وبها يستقيم دين الإنسان، والمحافظة عليها مطلوبة بنص القرآن، وتضييعها مدعاة للويل والعذاب والخسران.
ومن المحافظة عليها المحافظة على أركانها وشروطها وواجباتها والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يجلب النقص ويسيء إليها حيث يقول جل شأنه: {إِلَّا الْمُصَلِّينَ} (1){الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} (2). . إلى أن قال: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (3).
قال القرطبي (4) رحمه الله فالدوام خلاف المحافظة، فدوامهم عليها أن يحافظوا على أدائها لا يخلون بها ولا يشتغلون عنها بشيء من الشواغل، ومحافظتهم عليها أن يراعوا إسباغ الوضوء لها ومواقيتها ويقيموا أركانها ويكملوها بسننها وآدابها ويحفظوها من الإحباط باقتراب المأثم، فالدوام يرجع إلى نفس الصلوات، والمحافظة إلى أحوالها " ا. هـ وفقنا الله جميعا للمحافظة على الصلاة وأدائها على الوجه الأكمل الموافق لما شرعه الله،
(1) سورة المعارج الآية 22
(2)
سورة المعارج الآية 23
(3)
سورة المعارج الآية 34
(4)
تفسير القرطبي 18/ 290