الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
* وبفضل دعائه صلى الله عليه وسلم هدى الله أم أبي هريرة رضي الله عنه، فقد كانت تقول في رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما يدعوها ولدها إلى الإسلام ما يحزن ولدها ويبكيه، فأتى مرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم باكيا طالبا منه أن يدعو لأمه بالهداية فقال عليه الصلاة والسلام:«اللهم اهد أم أبي هريرة (1)» فخرج مستبشرا بدعوة رسول الله عليه الصلاة والسلام فما إن وصل البيت حتى أمرته أمه بعدم الدخول فعرف أنها تغتسل، فلما انتهت فتحت الباب وشهدت شهادة الحق، فعاد هذه المرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم باكيا من شدة الفرح يبشره بهداية أمه (2).
(1) صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة (2491)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 320).
(2)
انظر صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة 4/ 1938.
رابعا: المعجزات الحسية التي ظهرت على يديه صلى الله عليه وسلم ونقلها عنه أصحابه:
إذا كان الأنبياء والرسل السابقون قد أكرمهم الله تعالى بأن جعل على أيديهم بعض المعجزات الحسية المشاهدة وكانت بمثابة دليل على صدق نبوتهم، فإن الله تعالى قد أكرم نبينا بمعجزات حسية كثيرة تفوق من سبقه من الأنبياء، ونقلت إلينا بسند لا يرقى إليه أي شك، فمعجزاته صلى الله عليه وسلم قد أفردت فيها مصنفات مستقلة لكثرتها، والمقام هنا لا يتسع إلا لذكر بعضها على سبيل المثال لا على سبيل الحصر فمن ذلك:
(1)
انشقاق القمر: فقد «سأل أهل مكة رسول الله صلى الله عليه وسلم آية فأراهم انشقاق القمر مرتين (1)» .
وعن ابن مسعود قال: «انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقتين فستر الجبل فلقة، وكانت فلقة فوق الجبل، فقال صلى الله عليه وسلم: اللهم اشهد (2)» .
وقد سجل الله تعالى هذه الآية العجيبة في كتابه الكريم فقال: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} (3){وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} (4).
(1) أخرجه مسلم كتاب صفات المنافقين وأحكامهم باب انشقاق القمر 4/ 2159.
(2)
أخرجه مسلم كتاب صفات المنافقين باب انشقاق القمر 4/ 2159.
(3)
سورة القمر الآية 1
(4)
سورة القمر الآية 2
(2)
تكثير الماء ونبعه من بين أصابعه الشريفة
وقد حصل هذا أكثر من مرة وفي أماكن متعددة، وانتفع خلق كثير بهذا الماء.
عن أنس رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بإناء من ماء فأتي بقدح رحراح فيه شيء من ماء فوضع أصابعه فيه، قال أنس: فجعلت أنظر إلى الماء ينبع من أصابعه فحزرت من توضأ منه ما بين السبعين إلى الثمانين (1)» .
وعنه رضي الله عنه أنه قال: «كان نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالزوراء فدعا بقدح فيه ماء. فوضع كفه فيه. فجعل ينبع من بين أصابعه فتوضأ جميع أصحابه. فقيل له: كم كانوا يا أبا حمزة؟ قال: كانوا زهاء الثلاثمائة (3)» .
وحصل مثل هذا في الحديبية، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:«عطش الناس يوم الحديبية والنبي صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة فتوضأ فجهش الناس نحوه. فقال: ما لكم؟ قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك. فوضع يده في الركوة فجعل الماء يثور بين أصابعه كأمثال العيون فشربنا وتوضأنا. فقيل لجابر: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا. كنا خمس عشرة مائة (6)» .
وهذا تكرر أيضا في غزوة تبوك، حيث «كانت عين تبوك قليلة الماء جدا وغرف بعض الصحابة من العين قليلا من الماء حتى جمعوه في شيء، فغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه يديه ووجهه ثم أعاده فيها. قال معاذ راوي الحديث: فجرت العين بماء منهمر حتى استقى الناس (7)» .
(1) البخاري كتاب الوضوء 1/ 58، ومسلم كتاب الفضائل 4/ 1783.
(2)
انظر مسلم كتاب الفضائل باب في معجزات النبي عليه الصلاة والسلام 4/ 1783، 2279، والبخاري كتاب أحاديث الأنبياء باب علامات النبوة في الإسلام 4/ 169.
(3)
الزوراء مكان بالمدينة عند السوق والمسجد كما جاء في نص هذه الرواية. (2)
(4)
انظر البخاري باب علامات النبوة في الإسلام 4/ 170.
(5)
الركوة: إناء صغير من جلد يشرب فيه. (4)
(6)
الجهش: أن يفرغ الإنسان إلى غيره. (5)
(7)
مسلم كتاب الفضائل ج4/ 1784.
(3)
تكثيره الطعام: وقد حصل هذا أكثر من مرة فقد أصاب الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الجوع الشديد في غزوة الخندق، وعرف جابر رضي الله عنه ذلك في وجه الرسول صلى الله عليه وسلم فعمد إلى بيته وطحن صاعا من شعير وذبح بهيمة له وجعل اللحم في البرمة (1)، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وأشار عليه أن يأتي بنفر من أصحابه معه ليأكلوا. قال جابر: فصاح النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أهل الخندق إن جابرا قد صنع سؤرا فحي هلا بكم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تنزلن برمتكم ولا تخبزن عجينكم حتى أجيء وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم الناس، فأخرجت (3) من برمتكم ولا تنزلوها. وهم ألف فأقسم بالله لقد أكلوا حتى تركوه وانحرفوا وإن برمتا لتغط كما هي وإن عجيننا ليخبز كما هو» .
(1) البرمة: القدر من الحجر والجمع برم مثل غرفة وغرف.
(2)
أخرجه البخاري باب غزوة الخندق 5: 46.
(3)
(2) له عجينا فبصق فيه وبارك، ثم عمد إلى برمتنا فبصق وبارك. ثم قال: ادع خابزة فلتخبز معك واقدحي اقدحي: أي اغرفي.
(4)
انظر البخاري كتاب المناقب 4/ 171.
(5)
عكة: بضم العين إناء من جلد يجعل فيه السمن والعسل. (4)
(6)
أي جعلته إداما للمفتوت. (5)
(4)
حنين الجذع على فراقه صلى الله عليه وسلم:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة فقيل له: يا رسول الله ألا نجعل لك منبرا؟ قال: إن شئتم، فجعلوا له منبرا، فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر فصاحت النخلة صياح الصبي ثم نزل صلى الله عليه وسلم فضمه إليه يئن أنين الصبي الذي يسكن. قال: كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها (3)» .
(5)
ومنها انقياد الشجر له وطاعته إياه:
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا واديا أفيح فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته. فاتبعته بأداوة من ماء. فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها. فقال: انقادي علي بإذن الله فانقادت معه كالبعير المخشوش (6) مما بينهما، لأم بينهما (يعني جمعهما) فقال: التئما علي بإذن الله فالتأمتا» . . . وبعد أن انتهى من قضاء حاجته يقول جابر: فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا وإذا الشجرتان قد افترقتا فقامت كل واحدة منهما على ساق (7).
(1) انظر البخاري كتاب المناقب 4/ 173.
(2)
وفي رواية أخرى: جذع. (1)
(3)
وفي رواية: سمعنا صوتا كصوت العشار، والعشار الناقة التي أتى على حملها عشرة أشهر. (2)
(4)
صحيح مسلم الزهد والرقائق (3014).
(5)
واديا أفيح: أى واسعا. (4)
(6)
(5) الذي يصانع قائده حتى أتى الشجرة الأخرى فأخذ بغصن من أغصانها فقال: انقادي علي بإذن الله فانقادت معه كذلك حتى إذا كان بالمنصف بالمنصف: أي نصف المسافة.
(7)
انظر صحيح مسلم كتاب الزهد والرقائق 4: 2306.