المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خامسا: حث الإسلام على العمل - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٣٠

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ النقول عن المذهب المالكي:

- ‌ شهادة السماع في الدور المتقادم حيازتها:

- ‌ في الشهادة على السماع في الدار القريبة حيازتها:

- ‌ في الشهادة على الحيازة:

- ‌ ما جاء في الشهادات في المواريث:

- ‌ حيازة الأجنبي الحيوان والعروض)

- ‌ سؤال الحائز الأجنبي على الأجنبي من أين صار إليه الملك

- ‌ صفة الحيازات ومراتبها)

- ‌ صفة الشهادة على الحيازة)

- ‌(مسألة في الحيازة على الغائب)

- ‌ حيازة الأجنبي على الأجنبي الحاضر الرباع والعقار)

- ‌ النقول عن المذهب الشافعي:

- ‌ النقول من مذهب الحنابلة:

- ‌قرار رقم 68وتاريخ 21/ 10 / 1399 ه

- ‌الفتاوى

- ‌الذبح لغير الله

- ‌ الحلف بغير الله

- ‌ حكم الإسلام في الذي يستعين بالجن في معرفة المغيبات

- ‌ الصلاة خلف من يحلف بغير الله ويلبس التمائم

- ‌ الحلف بالقرآن

- ‌الحلف بشيخ من الصالحين

- ‌ الحلف بالضريح

- ‌ كيف يكون المرء قوي الإيمان مطبقا لأوامر الله خائفا من عقابه

- ‌ الخوف من الله

- ‌ حكم السجود على المقابر والذبح عليها

- ‌ إقامة المساجد على قبور أولياء الله الصالحين

- ‌ حكم الإسلام في الأضرحة الموجودة

- ‌ تخصيص موضع من المسجد لدفن من بنى المسجد وغيره

- ‌حكم الدعاء ببركة الصالحين وحكم الحجب والمحو

- ‌من أفطر أياما بدون عذر في رمضان سابق

- ‌من عجز عن الصيام دائما وجب عليه الإطعام

- ‌صلاة المرأة في بيتها مع الإمام الذي تسمع صوته

- ‌ اعتماد الحساب في إثبات الأهلة

- ‌استعمال معجون الأسنان للصائم

- ‌استعمال ما يزيل رائحة الفم

- ‌الصيام في السفر

- ‌قضاء صيام من أصيب بمرض مزمن ثم شفي

- ‌تقبيل الزوجة في نهار رمضان

- ‌إمامة النساء

- ‌من أفطر جاهلا قبل غروب الشمس

- ‌من عاد إليها الدم وهي صائمة

- ‌الإفطار في رمضان من أجل الامتحان

- ‌قضاء الصيام عن الميت

- ‌الصوم مع الدولة التي تقيم فيها

- ‌إذا تبين طلوع الفجر في رمضان بالأذان وغيره وجب الصيام

- ‌من لم يعلم بدخول شهر رمضان إلا بعد طلوع الفجر

- ‌من رؤي يشرب أو يأكل في نهار رمضان وجب الإنكار عليه

- ‌من رأى منكرا وجب عليه الإنكار

- ‌المال المتبرع به لعمل الخير ليس فيه زكاة

- ‌إذا أرضعت المرأة طفلا رضاعا شرعيا صار ولدها

- ‌حكم بيع الذهب بالذهب

- ‌العمل في مصانع الخمور حرام

- ‌إذا استحالت عشرة الزوج جاز للمرأة طلب الطلاق

- ‌الصوم والإفطار يتبعان بلد الإقامة

- ‌تقلع بنا الطائرة قبل الغروب بساعة وتمضي الساعةوالشمس لم تغرب

- ‌أعالج في المستشفى وأتناول دواء يسببلي الجوع الشديد هل أفطر أم أصبر

- ‌إذا احتلم الصائم في نهار رمضان هل يبطل صومه أم لا

- ‌هل الاحتلام يفسد الصوم، وإذا سال الدممن جسم الإنسان هل يفطر وهل القيء يفسد الصوم

- ‌ما حكم صيام النصف من شعبان

- ‌قيمة زكاة الفطر

- ‌التبليغ خلف الإماموما فيه من المحاذير

- ‌معنى التبليغ:

- ‌إذا كان صوت الإمام لا يبلغ المصلين:

- ‌الأصل في مشروعية التبليغ خلف الإمام

- ‌حكم التبليغ لغير حاجة:

- ‌قصد تكبيرة الإحرام من الإمام والمأموم:

- ‌المحاذير في التبليغ:

- ‌النتيجة:

- ‌مراجع البحث

- ‌دفع الدعوى

- ‌تمهيد:

- ‌الفروق بين دفع الخصومة ودفع الدعوى:

- ‌حكم الدعوى:

- ‌ حكم دفع الدعوى باعتبار مشروعيته:

- ‌ حكم دفع الدعوى باعتبار الأثر المترتب عليه:

- ‌أمثلة:

- ‌ أمثلة الدفع المتضمن إقرارا:

- ‌ أمثلة الدفع الذي لا يتضمن إقرارا:

- ‌شروط دفع الدعوى:

- ‌تأخر الجواب بالدفع:

- ‌المشكلة الاقتصاديةوكيف تحل في ضوء الكتاب والسنة

- ‌مقدمة:

- ‌ثانيا: أباح الإسلام التملك المشروع وحدد له أسبابا

- ‌ثالثا: أقر الإسلام الملكيتين الخاصة والعامة

- ‌خامسا: حث الإسلام على العمل

- ‌تاسعا: حرم الإسلام كل صور التعامل التجاري التي يكون فيها ظلم في التوزيع

- ‌مصادر ومراجع البحث

- ‌الآيات والبراهينعلى صدقنبوة خاتم المرسلين

- ‌المقدمة:

- ‌أولا: القرآن الكريم وبعض وجوه الإعجاز فيه

- ‌وجوه إعجاز القرآن الكريم

- ‌الوجه الأول: فصاحته وبلاغته وقوة تأثيره

- ‌الوجه الثاني: إعجاز تشريعاته:

- ‌الوجه الثالث: انطباق آيات على ما جاء به العلم الحديث:

- ‌الوجه الرابع: تضمنه أخبارا غيبية لا يعرفها إلا علام الغيوب:

- ‌ثانيا: خلقته وخلقه وجميل سيرته تؤكد صدق نبوته:

- ‌ثالثا: استجابة دعائه صلى الله عليه وسلم:

- ‌رابعا: المعجزات الحسية التي ظهرت على يديه صلى الله عليه وسلم ونقلها عنه أصحابه:

- ‌خامسا: إخباره صلى الله عليه وسلم بمغيبات كثيرة ثم تحققت كما أخبر

- ‌سابعا: بشارات الكتب السابقة به صلى الله عليه وسلم:

- ‌انتشار ترجمات معاني القرآن الكريم في مشرق العالم ومغربه

- ‌القرآن الكريم في أوروبا:

- ‌أول ترجمة للقرآن الكريم في أوربا

- ‌القرآن الكريم في ألمانيا:

- ‌محاولات ألمانية لتعميم طبع القرآن الكريم في ألمانيا

- ‌أول طبعة للقرآن الكريم في ألمانيا:

- ‌طبعات قديمة للقرآن الكريم في ألمانيا:

- ‌عرض سريع للترجمات الأوربية والشرقية لمعاني القرآن الكريم:

- ‌الترجمات الشرقية لمعاني القرآن الكريم

- ‌قرارات وتوصيات المؤتمر الإسلامي العالمي لمناقشة الأوضاع الحاضرة في الخليج

- ‌وثيقة مكة المكرمةالصادرة عن المؤتمر الإسلامي العالميلمناقشة الأوضاع الحاضرة في الخليج

- ‌من قرارات مجلس المجمع الفقهي الإسلامي

- ‌ الحكم الشرعي في تحديد النسل

- ‌ تنظيم النسل

- ‌حكم تزوج الكافر للمسلمة وتزوج المسلم للكافرة

- ‌ منع الحمل وتحديد النسل

- ‌وصية موجهة للمرابطينفي الحدود ضد اعتداء دولة العراق

- ‌حكم قيادة المرأة للسيارة

- ‌كشاف مجلة البحوث الإسلامية من العدد السادس عشر إلي الثلاثين

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌خامسا: حث الإسلام على العمل

منصوص عليها في الحديث فالنهي عن الادخار كان " من أجل " الدافة يقول ابن حزم: " وفرض على الأغنياء من أهل كل بلد أن يقوموا بفقرائهم ويجبرهم السلطان على ذلك إن لم تقم الزكوات بهم ولا فيء سائر أموال المسلمين بهم، فيقام لهم بما يأكلون من القوت الذي لا بد منه، ومن اللباس للشتاء والصيف بمثل ذلك، وبمسكن يكنهم من المطر والصيف والشمس وعيون المارة برهان ذلك قوله تعالى:{وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} (1) وقوله تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (2)

(1) سورة الإسراء الآية 26

(2)

سورة النساء الآية 36

ص: 198

‌خامسا: حث الإسلام على العمل

وهذا يؤدي إلى زيادة الإنتاج وبالتالي الإسهام في حل المشكلة الاقتصادية. ويظهر ذلك في النقاط التالية:

الأولى: وردت آيات قرآنية وأحاديث نبوية تحث المسلم على العمل المشروع وتبين أنه فعل الأنبياء وأنه أفضل من الاستجداء. قال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (1). وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده (2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه (3)» وقال: «أفضل الصدقة ما ترك غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول (4)» . . . . .

الثانية: وردت نصوص كثيرة تبين شمول العبادة في الإسلام وأنها لا تقتصر على الشعائر والزكاة والصوم والحج، بل نعم كل نشاط إنساني يبتغي به فاعله وجه الله سبحانه ويدخل في ذلك النشاط الاقتصادي. قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (5)

(1) سورة الجمعة الآية 10

(2)

رواهما البخاري في كتاب البيوع باب كسب الرجل وعمله بيده 3/ 9.

(3)

رواهما البخاري في كتاب البيوع باب كسب الرجل وعمله بيده 3/ 9.

(4)

رواه البخاري في كتاب النفقات باب وجوب النفقة على الأهل والعيال 6/ 190.

(5)

سورة الذاريات الآية 56

ص: 198

وقال صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه (1)» .

وقد رأى الصحابة شابا مسرعا فقالوا: لو كان هذا في سبيل الله فقال عليه الصلاة والسلام: «إن كان خرج يسعى على ولدة صغارا فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان (2)» ، وقال صلى الله عليه وسلم:«إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في في امرأتك (3)» .

الثالثة: بين الله سبحانه وتعالى في كتابه وعلى لسان نبيه أن صلة العامل برب العمل تعلوها الأخوة الإسلامية، قال تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (4) وقال الرسول عليه الصلاة والسلام: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره. . كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه (5)» .

ثم جاءت النصوص بتشريعات واضحة بينت حقوق كل طرف وواجباته تجاه الآخر فأمرت العامل ورب العمل بالوفاء بما اتفقا عليه من شروط صحيحة قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (6) وقال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} (7) وأمرت رب العمل إعطاء العامل أجره وعدم التسويف. قال صلى الله عليه وسلم: «أعطوا

(1) رواه البخاري في كتاب بدء الوحي باب كيف كان بدء الوحي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم1/ 2

(2)

ذكره الألباني في صحيح الجامع الصغير وقال عنه: حديث صحيح 2/ 8 برقم 1441

(3)

رواه البخاري في كتاب الإيمان باب ما جاء أن الأعمال بالنية 1/ 20.

(4)

سورة الحجرات الآية 10

(5)

جزء من حديث رواه مسلم في كتاب البر والصلة باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله 4/ 1986

(6)

سورة المائدة الآية 1

(7)

سورة المؤمنون الآية 8

ص: 199

الأجير أجره قبل أن يجف عرقه (1)» كما أمرت رب العمل بالتيسير على العامل وعدم الإثقال عليه. قال صلى الله عليه وسلم: «يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله (2)» وأمر الإسلام العامل أن يكون أمينا متقنا له قال صلى الله عليه وسلم: «من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطا فما فوقه كان غلولا يأتي به يوم القيامة (3)» ، والمخيط الإبرة كما أمر الإسلام العامل الإتقان في العمل قال صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا (4).

(1) رواه ابن ماجه في كتاب الرهون باب أجر الأجراء. وقال في الزوائد: أصله في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة 2/ 817. وقال العجلوني في كشف الخفا رواه ابن ماجه بإسناد جيد 1/ 143

(2)

رواه مسلم في كتاب السلام باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم 4/ 1706

(3)

رواه مسلم في كتاب الإمارة باب تحريم هدايا العمل 3/ 1465

(4)

جزء من حديث رواه مسلم في كتاب الإيمان باب قول النبي صلى الله عليه وسلم من غشنا فليس منا 1/ 99

ص: 200

سادسا: أكدت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية أن الرزق بيد الله وأنه يجب على المسلم السعي في طلب الرزق وأن أسباب الرزق لا تقتصر على الأسباب المادية ويظهر ذلك في النقاط التالية:

الأولى: أن الله سبحانه تكفل بالرزق لكل مخلوق، قال تعالى:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} (1) وقد نهى الله سبحانه الآباء عن قتل الأبناء خشية الفقر، وبين لهم أن الرزق بيد الله وقدم ذكر الأولاد على الآباء في الرزق تنبيها على أن رزق الأب يتبع رزق الولد، قال تعالى:{وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} (2) فكأن الآية تقول يا من

(1) سورة هود الآية 6

(2)

سورة الإسراء الآية 31

ص: 200

تقتل ولدك خشية الفقر إن الله تكفل برزق الولد ورزقك تبعا له. وقال سبحانه في آية أخرى {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} (1) فهذه الآية أيضا تنهى الآباء عن قتل الأبناء وإن كانوا فقراء وتبين أن الله تكفل برزق الآباء وأبنائهم.

الثانية: حتى لا يفهم أحد أن الرزق يأتي بدون سعي. أمر الإسلام بالسعي والعمل وبين أن هذا لا يتنافى مع التوكل على الله سبحانه. قال صلى الله عليه وسلم: «لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا (2)» .

الثالثة: ومع أن الشارع أمر المسلم باتخاذ الأسباب المادية في الكسب فإنه بين لنا أن أسباب الرزق أعم وأشمل من الأسباب المادية فهي مرتبطة بأمور أخرى: كالتقوى، والصلاح والإقلاع عن المعاصي. وسؤال الله وحده. قال تعالى:{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} (3)، وقال تعالى:{وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ} (4) وقال تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} (5). وقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} (6){فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ} (7){ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} (8){وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ} (9){فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} (10).

(1) سورة الأنعام الآية 151

(2)

رواه الترمذي في كتاب الزهد باب في التوكل على الله 4/ 573 وقال: حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

(3)

سورة الأعراف الآية 96

(4)

سورة الأعراف الآية 58

(5)

سورة النحل الآية 112

(6)

سورة سبأ الآية 15

(7)

سورة سبأ الآية 16

(8)

سورة سبأ الآية 17

(9)

سورة سبأ الآية 18

(10)

سورة سبأ الآية 19

ص: 201

وقد شرعت صلاة الاستسقاء عند انحباس القطر. وفيها التوجه إلى الله ودعاؤه والتضرع والتذلل له. وهذا ما ثبت في هديه صلى الله عليه وسلم في صلاة الاستسقاء (1).

وقد حصلت للرسول صلى الله عليه وسلم ولصحابته رضي الله عنهم الخوارق في زيادة الرزق في بعض أوقات الشدة، وهي من معجزاته صلى الله عليه وسلم ومن كرامات الصحابة رضي الله عنهم. فعن جابر قال:«إنا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة فجاءوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق. فقال. أنا نازل ثم قام وبطنه معصوب بحجر ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم المعول فعاد كثيبا أهيل أو أهيم فقلت: يا رسول الله ائذن لي إلى البيت فقلت لامرأتي: رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم شيئا ما كان في ذلك صبر فعندك شيء؟ قالت: عندي شعير وعناق. فذبحت العناق وطحنت الشعير حتى جعلنا اللحم في البرمة. ثم جئت النبي صلى الله عليه وسلم والعجين قد انكسر والبرمة بين الأثافي قد كادت أن تنضج فقلت: طعيم لي. فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان قال: كم هو. فذكرت له قال: كثير طيب. قال: قل لها لا تنزع البرمة ولا الخبز من التنور حتى آتي فقال: قوموا فقام المهاجرون والأنصار فلما دخل على امرأته قال: ويحك جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالمهاجرين والأنصار ومن معهم. قلت: هل سألك؟ قلت: نعم فقال: ادخلوا ولا تضاغطوا فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللحم ويخمر البرمة والتنور إذا أخذ منه ويقرب إلى أصحابه ثم ينزع، فلم يزل يكسر الخبز ثم يغرف حتى شبعوا وبقي بقية. قال: كلي هذا وأهدي فإن الناس أصابتهم مجاعة (2)» وفي رواية أخرى في البخاري

(1) زاد المعاد لابن القيم 456 - 457.

(2)

رواه البخاري في كتاب المغازي باب غزوة الخندق 5/ 45 - 46. والكدية: قطعة صلبة من الأرض لا يعمل فهيا المعول. عاد كثيبا: أي صار المضروب رملا سائلا. البرمة: القدر من الحجر. الأثقية: الحجر توضع عليه القدر.

ص: 202

أيضا (. . . «وهم ألف فأقسم بالله لقد أكلوا حتى تركوه وانحرفوا وإن برمتنا لتغط كما هي (1)». وعن إياس بن سلمة عن أبيه قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فأصابنا جهد حتى هممنا أن ننحر بعض ظهرنا. فأمر نبي الله صلى الله عليه وسلم فجمعنا مزاودنا فبسطنا له نطعا فاجتمع القوم على النطع. قال: فتطاولت لأحزره كم هو؟ فحزرته كربضة العنز ونحن أربع عشرة مائة، قال: فأكلنا حتى شبعنا جميعا، ثم حشونا جربنا. فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: هل من وضوء؟ قال: فجاء رجل بإداوة له فيه نطفة فأفرغها في قدح فتوضأنا كلنا ندغفقه دغفقة أربع عشرة مائة. قال: ثم جاء بعد ذلك ثمانية فقالوا: هل من طهور؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فرغ الوضوء (2)» هذه بعض معجزاته صلى الله عليه وسلم في زيادة الطعام والماء. وقد حصل مثل ذلك لبعض الصحابة أحيانا كرامة لهم أيضا. فعن جابر رضي الله عنه قال: (غزونا جيش الخبط وأمر أبو عبيدة فجعنا جوعا شديدا فألقى البحر حوتا ميتا لم نر مثله يقال له: العنبر فأكلنا منه نصف شهر فأخذ أبو عبيدة عظما من عظامه فمر الراكب تحته. . . .).

(1) رواه مسلم في كتاب اللقطة باب استحباب خلط الأزواد إذا قلت والمواساة فيها 3/ 1354 - 1355. جهد: بفتح الجيم المشقة. المزاود: جمع مزود وهو الوعاء الذي يحمل فيه الزاد. نطعا: أي سفرة من أديم، أو بساطا. فتطاولت لأحزره: أي أظهرت طولي لأحرزه، أي لأقدره وأخمنه. كربضة العنز: أي كمبركها أو كقدرها وهي رابضة. والعنز: الأنثى من المعز إذا أتى عليها حول. جربنا: الجرب جمع جراب وهو الوعاء من الجلد يجعل فيه الزاد. بإداوة: هي المطهرة. فيها نطفة: أي قليل من الماء. ندغفقه دغفقة: أي نصبه صبا شديدا

(2)

رواه مسلم في كتاب اللقطة باب استحباب خلط الأزواد إذا قلت والمواساة فيها 3/ 1354 - 1355. جهد: بفتح الجيم المشقة. المزاود: جمع مزود وهو الوعاء الذي يحمل فيه الزاد. نطعا: أي سفرة من أديم، أو بساطا. فتطاولت لأحزره: أي أظهرت طولي لأحرزه، أي لأقدره وأخمنه. كربضة العنز: أي كمبركها أو كقدرها وهي رابضة. والعنز: الأنثى من المعز إذا أتى عليها حول. جربنا: الجرب جمع جراب وهو الوعاء من الجلد يجعل فيه الزاد. بإداوة: هي المطهرة. فيها نطفة: أي قليل من الماء. ندغفقه دغفقة: أي نصبه صبا شديدا

ص: 203

وزيادة الرزق بالخوارق ليس مطردا ولا أساسا إلا أنه يبين رفض الوجهتين الرأسمالية والماركسية اللتين لا تؤمنان إلا بالماديات فقط.

وفي الصورة المقابلة للتقوى والصلاح والطاعة نجد البطر والطغيان والظلم وكفران النعمة ومنع الزكاة سببا في زوالها. وقد بين لنا الله سبحانه في أكثر من موضع في كتابه ذلك.

فحكى لنا سبحانه عن قارون وطغيانه وبطره وجبروته وكيف كانت نتيجة هذا الخلق الذميم سلب الرزق بل الخسف والعذاب. قال تعالى: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} (1){وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (2){قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} (3){فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (4){وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ} (5){فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ} (6) وحكى لنا سبحانه عن صاحب الجنتين من النخيل والأعناب لما طغى وكفر وتبطر كيف أهلك الله سبحانه جنتيه. قال تعالى {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا} (7){كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا} (8){وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} (9){وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا} (10){وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا} (11).

فكانت نتيجة هذا الكفر والبطر والطغيان هلاك وزوال النعمة عنه، قال تعالى:

(1) سورة القصص الآية 76

(2)

سورة القصص الآية 77

(3)

سورة القصص الآية 78

(4)

سورة القصص الآية 79

(5)

سورة القصص الآية 80

(6)

سورة القصص الآية 81

(7)

سورة الكهف الآية 32

(8)

سورة الكهف الآية 33

(9)

سورة الكهف الآية 34

(10)

سورة الكهف الآية 35

(11)

سورة الكهف الآية 36

ص: 204

{وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا} (1).

وحكى لنا الله سبحانه قصة أصحاب الجنة الذين أقسموا وتشاوروا فيما بينهم أن يجنوا محصول بستانهم في الليل حتى لا يعطوا الفقراء شيئا فلا يراهم أحد. قال تعالى: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ} (2){وَلَا يَسْتَثْنُونَ} (3).

وكان نتيجة اتفاقهم على عدم إعطاء الفقراء والمساكين حقهم وقسمهم وعدم الاستثناء في القسم أن سلب الله منهم هذه النعمة بهلاكها قال تعالى: {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ} (4){فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} (5)

(1) سورة الكهف الآية 42

(2)

سورة القلم الآية 17

(3)

سورة القلم الآية 18

(4)

سورة القلم الآية 19

(5)

سورة القلم الآية 20

ص: 205

سابعا: لم يجعل الإسلام هم المسلم ملء معدته والتمتع بالطيبات في هذه الحياة فحسب، بل إن للإنسان هدفا أسمى من ذلك هو عبادة الله سبحانه والتطلع إلى ما أعده الله من نعيم له في الآخرة. قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1). وقال تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} (2). وقال تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (3){وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} (4). وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه (5)» وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما شبع آل محمد من خبز

(1) سورة الذاريات الآية 56

(2)

سورة القصص الآية 77

(3)

سورة القصص الآية 79

(4)

سورة القصص الآية 80

(5)

رواه الترمذي في كتاب الزهد باب ما جاء في كراهية كثرة الأكل 4/ 590 وقال: حديث حسن صحيح

ص: 205

شعير يومين متتالين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم (1)» وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يكفل لي أن لا يسأل الناس شيئا وأتكفل له الجنة؟ فقال ثوبان أنا، فكان لا يسأل أحدا شيئا (2)» .

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يغرس في نفوس المسلمين القناعة مع حثهم على السعي والعمل كما بينت. فقال صلى الله عليه وسلم: «من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا (3)» وقال صلى الله عليه وسلم: «قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه (4)» .

(1) رواه مسلم في كتاب الزهد والرقائق 4/ 2282 وفي الكتاب أحاديث كثيرة

(2)

رواه أبو داود في كتاب الزكاة باب كراهية المسألة وإسناد هذا الحديث صحيح كما قال النووي في رياض الصالحين ص 295 باب في القناعة والعفاف والاقتصاد في المعيشة

(3)

رواه الترمذي في كتاب الزهد الباب الرابع والثلاثون وقال: هذا حديث حسن غريب 4/ 574

(4)

رواه مسلم في كتاب الزكاة باب في الكفاف والقناعة 2/ 730

ص: 206

ثامنا: لما كان ظلم الإنسان في التوزيع سببا رئيسيا في ظهور المشكلة الاقتصادية تجد الآيات القرآنية التي تحدثت عن التوزيع تفصل فيه وقلما تترك مجالا للاجتهاد في هذا الجانب ويظهر ذلك في:

أ - توزيع الميراث: فكل الآيات التي تحدثت عن الميراث في القرآن الكريم كانت حديثا عن توزيع الميراث وقد جاءت مبينة قال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} (1){وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} (2)

(1) سورة النساء الآية 11

(2)

سورة النساء الآية 12

ص: 206

وقال تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (1).

ب - توزيع الزكاة: وقد ذكر الله سبحانه في القرآن الكريم مصارف الزكاة الثمانية قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (2) ولم يبق مجال لاجتهاد مجتهد في تحديد عدد مصارف الزكاة.

جـ - توزيع الغنائم: لما اختلف الصحابة في توزيع الغنائم يوم بدر بين الله تعالى أن توزيعها لله وللرسول لا لاجتهاداتهم قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (3). ثم بين الله في نفس سورة الأنفال مصارف الغنائم قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (4).

د - توزيع الفيء ذكر الله سبحانه في القرآن مصارفه ولم يترك المجال للاجتهاد في تحديدها، قال تعالى:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (5).

(1) سورة النساء الآية 176

(2)

سورة التوبة الآية 60

(3)

سورة الأنفال الآية 1

(4)

سورة الأنفال الآية 41

(5)

سورة الحشر الآية 7

ص: 207