الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوتها، فعجزهم - وهم الفصحاء البلغاء - فيه دلالة واضحة علي عجز من يأتي من بعدهم (1).
(1) انظر الباقلاني: إعجاز القرآن. 38.
وجوه إعجاز القرآن الكريم
وما من شك أن وجوه الإعجاز في القرآن الكريم كثيرة ومتنوعة. وما من شك أيضا أن العقول لم تصل حتى الآن إلى حصر وجوه الإعجاز كلها، فكلما زاد التدبر في آيات القرآن، وتقدم الإنسان بعلومه وكان ذلك مدعاة لأن تظهر وجوه للإعجاز لم تكن معروفة من قبل، وظهور الإعجاز العلمي خير دليل على هذا إذ لم تعرف البشرية هذا الوجه من الإعجاز إلا في عصور متأخرة.
وإليك بعض وجوه الإعجاز في القرآن الكريم:
1 -
فصاحته وبلاغته وقوة تأثيره.
2 -
إعجاز تشريعاته.
3 -
انطباق آياته على ما جاء به العلم الحديث.
4 -
تضمنه أخبارا غيبية لا يعرفها إلا علام الغيوب.
الوجه الأول: فصاحته وبلاغته وقوة تأثيره
.
تعرض القرآن الكريم لموضوعات كثيرة متباينة، وعبر عنها بتعبيرات متنوعة، ومع هذا تجد تناسقا بديعا بين العبارات والألفاظ، فليس أسلوب هذه الآية بليغا والأخرى غير بليغ، وليس هذا اللفظ فصيحا والآخر غير فصيح. كما أنه ليس فيه لفظ ينبو عن السمع أو يتنافر مع ما قبله أو ما بعده. ولا تجد عبارة أرقى في مستوى بلاغتها من عبارة بل كل عبارة مطابقة لمقتضى الحال الذي وردت من أجله حتى إنك لو رمت نزع نقطة من مكانها لتستبدل بها أحسن منها لا تستطيع، فعجيب نظم القرآن وبديع
تأليفه لا يتفاوت ولا يتباين مع تعرضه لأمور كثيرة من ذكر قصص ومواعظ واحتجاج، وحكم وأحكام، وأعذار وإنذار، وتبشير وتخويف، ووعد ووعيد، وأوصاف وتعليم، وأخلاق كريمة وشيم رفيعة، وسير مأثورة. فلو كان من عند البشر لوجدته مختلفا متفاوتا. ألا ترى أن كلام البليغ الكامل، والشاعر المبدع والخطيب المصقع يختلف على حسب اختلاف هذه الأمور، فمن الشعراء من يجود في المدح دون الهجو، ومنهم من يسبق في التقريظ دون التأبين. . بل إذا تأملت شعر الشاعر البليغ رأيت التفاوت في شعره على حسب الأحوال التي يتصرف فيها والمواضيع التي يطرقها بخلاف القرآن الكريم فإنه على حد واحد في حسن النظم وبديع التأليف والرصف لا تفاوت فيه.
وأما روعة هذا القرآن وهيبته وقوة تأثيره فقد اعترف بها جماعة قبل الإسلام وبعده فمنهم من أسلم لها لأول وهلة وآمن به، ومنهم من كفر:
فعن جبير بن مطعم «أنه سمع الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب: فلما بلغ الآية: إلى قوله. . . . قال كاد قلبي يطير (5)» ، وفي رواية: وذلك أول ما دخل الإيمان قلبي.
وعن عتبة بن ربيعة «أنه كلم النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من خلاف قومه فتلا عليه: حم فصلت. . إلى قوله: {صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} (6) فأمسك عتبة بيده على في النبي صلى الله عليه وسلم وناشده الرحم أن يكف» . وفي رواية: «فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ وعتبة مصغ ملق يديه خلف ظهره معتمدا عليهما حتى انتهى إلى السجدة فسجد صلى الله عليه وسلم وقام عتبة لا يدري بما يراجعه ورجع إلى أهله ولم يخرج إلى قومه حتى أتوه فاعتذر لهم، وقال: لقد كلمني بكلام والله ما سمعت أذناي بمثله قط فما دريت ما أقول له» .
(1) صحيح البخاري كتاب تفسير القرآن (4854)، صحيح مسلم الصلاة (463)، سنن النسائي الافتتاح (987)، سنن أبو داود الصلاة (811)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (832)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 83)، موطأ مالك النداء للصلاة (172)، سنن الدارمي الصلاة (1295).
(2)
سورة الطور الآية 1 (1){وَالطُّورِ}
(3)
سورة الطور الآية 2 (2){وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ}
(4)
سورة الطور الآية 35 (3){أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ}
(5)
سورة الطور الآية 37 (4){الْمُسَيْطِرُونَ}
(6)
سورة فصلت الآية 13