الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معنى دفع الدعوى: لم يذكر الفقهاء رحمهم الله تعريفا جامعا مانعا لدفع الدعوى، مكتفين بأنه نوع من أنواع الدعاوى ولا فرق بينه وبين بقية الدعاوى، إلا أنه يأتي من جهة المدعى عليه؛ ولذا سموا هذه الدعوى القادمة من جهة المدعى عليه: دعوى الدفع.
ولكن بعض الفقهاء - في العصر الحديث - قال: " دفع الدعوى هو: دعوى من قبل المدعى عليه، أو من ينتصب المدعى عليه خصما عنه، يقصد بها إبطال دعوى المدعي ".
وقال بعضهم: " هو الإتيان بدعوى من قبل المدعى عليه تدفع دعوى المدعي " وقال آخرون عن دفع الدعوى بما لا يبعد عن القولين السابقين.
ولا شك أن هذه الأقوال لم تعرف الدفع تعريفا منطقيا، فهو وإن كان جامعا لدعاوى الدفع الصحيح فإنه لا يمنع من دخول دعوى الدفع غير الصحيح، كما لو دفع المدعى عليه بقوله: إن هذه العين محل النزاع قد وصلت إلى يدي بالشراء من فلان بن فلان الغائب، فإن هذا الجواب لا يعتبر دفعا صحيحا؛ لأنه لا ينعكس على ذات الدعوى والمدعي ويأتي تفصيل ذلك إن شاء الله.
الفروق بين دفع الخصومة ودفع الدعوى:
قال أحد الباحثين: " إن المفهوم الذي ذكره الفقهاء المسلمون للدفع يشمل تحته نوعين من الدفوع:
النوع الأول: الدفع الذي يقصد به إبطال نفس دعوى المدعي (1)، والغرض الذي يرمي إليه بها، وهذا هو الدفع الموضوعي للدعوى، حيث يتعرض فيه لصدق المدعي وكذبه، ويترتب على قبوله وضع حد نهائي لمطالب المدعي ومنعه من التعرض ثانية للمطلوب، ومثاله: أن يدعي المدعى عليه على المدعي - في دعوى العين - أنه اشتراها منه وقبضها منه، أو وهبها له وقبضها، أو أي سبب شرعي لانتقالها إلى يده (2).
النوع الثاني: الدفع الذي يقصد به دفع الخصومة عن المدعى عليه، بدون تعرض لصدق المدعي أو كذبه في دعواه، وهو ما يسميه الفقهاء: بدفع الخصومة، ومثاله: أن يدفع المدعى عليه بأن يده على الشيء المدعى ليست يد خصومة، كأن يدعي أنه مستأجرها أو مستعيرها أو غاصبها من فلان الحاضر أو الغائب، فإن أثبت ذلك حكم القاضي: بأن لا خصومة بين المتداعين (3) بدون تعرض للملكية، وللمدعي أن يدعي ملكية العين على الخصم في أي وقت يريد، والنوع الأول تختلف صوره باختلاف القضايا، وصوره كثيرة، لا يمكن حصرها، لأنه يتعلق بالحق المدعى به، والحقوق كثيرة، فكذلك ما يتعلق بها من الدفوع، وأما النوع الثاني: فمع أن الفقهاء لم يذكروا له إلا صورة واحدة إلا أننا نستطيع أن نتبين من خلال الشروط التي اشترطوها لصحة الدعوى صورا أخرى لهذا الدفع (4).
وخلاصة الفرق - بعد هذا - أن دفع الدعوى: يقصد به إبطال نفس الدعوى، أما دفع الخصومة فيقصد به دفع الخصومة دون أن يتعرض لصدق المدعي أو كذبه في دعواه
(1) وهو دفع الدعوى
(2)
المنهاج، وشرح المحلى وحاشية قليوبي 4/ 337
(3)
مجمع الأنهر 2/ 270، تبيين الحقائق 4/ 313، بدائع الصنائع 6/ 231
(4)
نظرية الدعوى 2/ 155