الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبيضها، فجاء بها العفاريت سريعا، فدعا بجام «1» من قوارير شديد الصفاء، غليظه؛ وجعل وكر العقاب فيه، وتركه في مكانه، فعادت العقاب إلى وكرها فوجدته مغطى، فضربته بمخلبها فلم يعمل فيه شيئا، فطارت وعادت إليه من الغد وفي منقارها حجر، فألقته على الجام فانشق نصفين من غير صوت، فدعا سليمان العقاب، وقال: أخبرني عن الموضع الذي حملت منه هذا الحجر. فقال:
يا نبي الله، من جبل بالمغرب يسمى السامور، فبعث سليمان الجن فحملوا إليه مقدار كفايته، فكان بعد ذلك يقطع الأحجار ولا يسمع لها صوت.
حجر السلوان»
يشرب للسلو، مجرب. ولأمراض كثيرة، ومنه نوع قاتل.
حجر السّم
«3»
حجر كالجزع، لكنه ليس بجزع. يوجد بخزائن الملوك. خاصيته: أنه يتحرك عند حضور السم.
حكى الوزير نظام الملك الحسن بن علي «4» - قدس الله روحه- في كتابه سير الملوك: أن سليمان بن عبد الملك قال ذات يوم: مملكتي ليست تقصر عن مملكة سليمان بن داود عليهما السلام، إلّا أن الله سخّر له الجن والريح والطير؛ وليس لأحد من الملوك على وجه الأرض مثل مالي من الأموال والعدة.
فقال بعض الحاضرين: أهم شيء يحتاج [إليه] الملوك ليس عندك يا أمير المؤمنين.
فقال: وما هو؟
قال: وزير يكون وزيرا ابن وزير كما أنك خليفة بن خليفة بن خليفة.
فقال: هل تعرف وزيرا هذه صفته؟
فقال: نعم جعفر بن برمك، فإنه ورث الوزارة أبا عن جد إلى زمن أزدشير، ولهم كتب مصنفة في الوزارة يعلمونها لهم، لا يصلح لوزارتك غيره.
فكتب سليمان إلى والي بلخ وأمره بإرسال جعفر إلى دمشق بالإعزاز والتجمّل، وإن احتاج إلى مائة ألف دينار.
فلما وصل إلى دمشق، ودخل على سليمان وقبّل الأرض، رأى سليمان صورته فاستحسنها، (109) وتحرك له، وأمره بالجلوس بين يديه؛ فما كان إلا يسيرا حتى عبس سليمان وجهه، وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله! قم من عندي، فأقامه الحاجب، وخرج به من عنده.
ولم يعرف أحد سبب ذلك، حتى خلا سليمان بندمائه، فقال بعضهم: يا أمير المؤمنين! طلبت جعفر من خراسان بإعزاز فلما حضر أبعدته!
قال: لولا أنه جاء من أرض بعيدة لضربت عنقه، لأنه حضر بين يدي ومعه السم القاتل.
قال ذاك القائل: أتأذن لي يا أمير المؤمنين أن أكشف هذا؟ فأذن له، فذهب إلى جعفر، وقال: إنك لما حضرت عند أمير المؤمنين كان معك شيء من السم؟
قال: نعم! وهو معي الآن تحت فص خاتمي هذا، لأن آبائي احتملوا من الملوك مشاقّ كثيرة لما طلبوا منهم الأموال وعذبوهم بأنواع العذاب، فإني خشيت أن أكلف شيئا مما كلفوا أولئك ولا يكون لي به طاقة، فعند ذلك أمص خاتمي هذا واستريح من إهانتهم وعذابهم.
فرجع النديم إلى سليمان وأخبره بما سمع من جعفر، فتعجب سليمان من حزمه وفطنته ونظره في العواقب، فأمر بإحضاره مرة أخرى بطريق الإجلال، وأقعده إلى جنبه، وخلع عليه خلعة الوزارة، ووضع الدواة بين يديه، حتى وقع بحضور سليمان عدة توقيعات.
فلما أتى على ذلك مدة وانبسط جعفر في خدمة سليمان سأله في بعض الأيام، وقال: كيف عرف أمير المؤمنين السم مع العبد؟ فقال له: معي خرزتان شبيهتان بالجزع لا أفارقهما أبدا، من خاصيتهما أنهما يتحركان من السم إذا حضرتا في مكان فيه سم، فلما دخلت عليّ تحركتا، وحين قعدت بين يديّ اضطربتا، فكانت تقع إحداهما على الأخرى، فلما قمت من عندي سكنتا. ثم أخرجهما وعرضهما على جعفر، وكانتا خرزتين كالجزع.
قلت «1» : أما هذا جعفر بن برمك فمنكور عندي، وإنما جعفر هو ابن يحيى ابن خالد بن برمك، ولم يكن تلك الأيام أبوه موجودا فضلا (110) عنه.
والمشهور أن خالد بن برمك هو الذي خدم بني أمية.
وأما هذا الحجر فلا نعرفه في زماننا، وإنما المشهور أن قرنا يعرف بالخرتون «2» هو الذي يتحرك للسموم.
وحكى لي والدي: أنه رأى في يد إسماعيل بن العلم ناظر الصاغة نصاب سكين منه. وحكى: أنه كان نصاب سكين عند الصاحب تاج الدين بن حنا.