الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما المرضى فعلى قدر قواهم، وأما أصحاب الماء فالشّرب منه للقوي من أربع حبات إلى ست حبات. والمازريون يفسد مزاج الجوف، وإن نقّع في الخل ووضع على الطحال أذبله. ويصلح بأن يطبخ منه أوقية بثلاثة أرطال حتى يسقى الثلث ويمرّس ويصفّى، ويصب عليه أوقية دهن لوز حلو، ويطبخ أيضا حتى يذهب الماء ويبقى الدهن، ويشرب الدهن ما بين وزن درهم إلى خمسة دراهم.
ويتّخذ من المازريون شراب وقت ما يزهر ينفع من به استسقاء ووجع الكبد، ومن له الوجع الذي يقال له الأعياء، وقد ينقي النّفساء التي يعسر تنقيتها.
ماميثا
«1»
قال ابن البيطار: قال أبو العباس النباتي «2» : ويقال مميثا. والاسمان مشهوران عند أكثر الناس. ووصفها ديسقورديدوس بصفتها، وذكر أنها تغش بالخشخاش السواحلي لغلط كثير من الناس فيها، أو كلاما هذا معناه.
وقال ابن البيطار: وقد رأيت الماميثا بالشام على ما وصفت، ورأيت منها نوعا صغيرا ينبت بين الصخور الجبلية. وأهل حلب يستعملونه في علاج العين، ويسميها بعضهم بالحضض، على أن الحضض معلوم عندهم، والأطباء أجمعون قد ذكروا الماميثا في كتبهم، ولم يصفها أحد منهم في كتابه بصفتها اتكالا على الصفة التي وصفها بها ديسقورديدوس في كتابه أو غير ذلك، إلا أن إسحاق بن
عمران الإفريقي «1» من المتأخرين فإنه وصفها.
وهي بأفريقية معروفة الصفة، وأهل البلاد يسمون بزرها بالسمسم الأسود، والسمسم في الحقيقة غيرها. وقد رأيته في الحقيقة ورأيتها ولا شبه بينهما، وقد تكون الماميثا ببلاد الأندلس (18) بجهة لبلة «2» وقرطبة وما والاها [ا] وبغرناطة «3» على الصفة أيضا، وهي في الصورة النبتة المعروفة بإشبيلية مميثا سواء بسواء، إلّا أن زهر هذا النوع يكون في البر منه ما يكون فيه نكتة إلى الحمرة، ومنه ما لا نكتة فيه، والصورة الصورة.
وأما الذي يستعمل بإشبيلية، فصحّ لي بالعمل والخبر، وطول المزاولة، أن الصالحين فيما مضى ازدرعوه في البساتين مما جلب إليهم من السواحل البحرية من بزر الخشخاش الساحلي «4» ، وذلك لظنهم في الخشخاش المذكور أنه الماميثا، والأمر بخلاف ظنّهم. وبحث في ذلك المتقدمون والمتأخرون، وجرى الغلط
إلى هذه الغاية.
على أني رأيت أبا الحسن مولى الحرة «1» رحمه الله كان ممن له تحقيق بهذا الشأن قد ظنّ أن الماميثا الإشبيلية المزروعة في البساتين مميثا صحيحة. وقد كنت أنا أظن ذلك قبل «2» ، وجعل الفرق بين الخشخاش الساحلي وبين الماميثا الإشبيلية النكتة النعمانية الموجودة في ورق الخشخاش الساحلي، وقال: إن هذا الفرق بين الماميثا البستانية- على ظنّه- وبين الخشخاش المقرّن، وهذا الفرق ليس بصحيح، فإن الخشخاش الساحلي، وإن كان كما قال، فإن منه في السواحل أيضا ما لا نكتة فيه، وزهره كله أصفر، وكذلك تجد الماميثا المحققة «3» أيضا النابتة في البراري في زهرها المنكّت وغير المنكّت، لكن الفرق الثالث الذي لا يشكل ولا يحتاج معه إلى فرق آخر.
وقد خفي على من مضى من الأطباء المحدثين، فلم يعلمه كثير من المتأخرين أن الخشخاش الساحلي فيه «4» الحبّة المنكّتة وغير المنكتة.
والماميثا المحققة النابتة في البر مستأنفة الكون، في كل سنة تتحطم عيدانها في الصيف، والمزروع من الخشخاش الساحلي بالبساتين المسمى ماميثا عند أهل إشبيلية، فإن الذي ينبت منه على الأصل تتحطم أغصانه وتبقى أرومته، ينبت منها في العام «5» المقبل فاعلم ذلك وتحققه، فقد أوضحت لك القول في هذا الدواء الكثير المنافع العظيم الفائدة في علاج العين وغيره.
وليعلم أن الخشخاش المقرّن [والماميثا]«1» لا فرق بينهما في صورة الورق والزهر والثمر ولون الصفرة التي في الأصل، إلّا أن ما أنبأتك به أولى وأحرى من اختصاص الماميثا بالبراري والأرض الطيبة، واختصاص الخشخاش بالسواحل البحرية برمليها وحجريها «2» . وكذلك قد أعلمتك أيضا أن ما الماميثا ما يكون في أسفل ورقه نكتة لكنه اللون، ومنه ما لا نكتة فيه، وكذلك الخشخاش أعلمتك (19) أنه قد يكون من أنواع الخشخاش ما يشبه الماميثا [إلّا]«3» أن زهر هذا لونه أحمر وشنفته «4» قائمة، فصار فيها خشونة بخلاف شنفة الخشخاش المقرّن.
وأما الماميثا فإن زهرتها معوجّة كالقرون، وهذا النوع من الخشخاش الأحمر، وقد ذكره ديسقوريدوس في الرابعة، وقد بينا ذلك في موضعه من كتابنا وبالله التوفيق.
قال ديسقوريدوس في الثالثة «5» : الماميثا نبات ينبت في المدينة التي يقال لها منبج «6» وغيرها، ورقه شبيه بورق الخشخاش المقرّن إلّا أن فيه رطوبة تعلق باليد، وهو قريب من الأرض، ثقيل الرائحة مرّ الطعم، كثير الماء، ولون الماء شبيه بلون الزّعفران.