الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كالطير وتطبقت بالجبل، ولهذا المعنى لا تسمر سفن البحر إلا بمسامير خشب.
ومن عجيب شأن هذا الحجر أنه إذا أصابته رائحة الثوم أو البصل بطل فعله، ولا يجذب الحديد حتى ينقع في الخل أو دم التّيس طريا. وإذا علّق على إنسان نفعه من وجع المفاصل، فإذا أمسك باليد نفع من الكزاز. ومن علقه في عنقه زاد في ذهنه، ولم يكد أن ينسى شيئا.
مغنيسيا
«1»
قال الرازي: المغنيسيا أصناف، فمنها تربة سوداء وفيها عيون بيض لها بصيص، ومنها قطع صلبة وفيها تلك العيون، ومنها مثل الحديد، ومنها حمراء.
وقال غيره: وهو حجر لا يتم عمل الزجاج إلا به، وهو ألوان كثيرة، وقد يستعمل في الأكحال. وقوته تقبض وتبرد وتجفف وتأكل الأوساخ.
ملح
«2»
قال ديسقوريدوس في الخامسة: أقوى ما يكون منه المعدني. وزعم بعض الناس أن المعدني الأندراني. وأقوى المعدني ما كان متحجرا صافي اللون كثيفا متساوي الأجزاء، وأقوى ما كانت فيه هذه الصفة ما كان من المواضع التي يقال لها أمونيا «3» ، وكان يتشقق، وكانت عروقه متساوية.
قال حنين: ملح أمونيا هو النوشادر المعدني، (188) والماء الملح البحري،
فإنه ينبغي أن يستعمل منه ما كان أبيض «1» متساوي الأجزاء؛ وقد يكون منه شيء جيد بقبرص الذي يقال له سالامنتي «2» ، والموضع الذي يقال له ماغرا. وقد يكون منه شيء جيد بصقلية، [و] بالبلاد التي يقال لها لينوي منه شيء جيد، إلا أنه دون الأول. وينبغي أن يختار منه ما كان موجودا في مواضع المياه القائمة.
وقال جالينوس في الحادية عشرة: الملح المحتفر والملح البحري قوتهما واحدة [بعينها] في نفس الجنس، وإنهما يختلفان في أن جوهر الملح المأخوذ من الأرض لا يعرض له ذلك. والملح المتولد في البحيرات، والنقائع التي فيها ملوحة، نوعه شبيه بنوع الملح البحري، وهذا الملح المتولد في البحيرات والنقائع إنما يكون عند ما يفنى الماء في الصيف فيها كأنه تحترق [مياهها، فتتحجر الحمأة الشديدة الحرارة]«3» بمنزلة الملح الذي يكون في طراغيسون بالقرب من منيس، وذلك أنه يجتمع هناك من مياه الحماءات الشديدة الحرارة شيء كثير، ومجتمعها واستنقاعها في موضع ليس بالواسع كثيرا، ولا يزال هذا الماء في جميع أوقات الصيف يفنى ويجف بحرارة الشمس أولا فأولا، ولأن في الموضع نفسه ملوحة طبيعية تصير جميع ما يبقى من الماء هناك ملحا يسمى باسم مشتق من اسم الموضع، ومن اسم ذلك الماء ملح طراغيسي، لأن الماء الذي في ذلك الموضع من الحماءات يسمى ماء طراغيسيا، وقوته قوة مجففة جدا، والأطباء يستعملونه في ذلك البلد للتجفيف.
وقد كنت قلت في الملح الذي بسدوم، وفي البحيرة المعروفة بالمنتنة، في
المقالة الرابعة من هذا الكتاب «1» ، قولا لا يحتاج معه من كان قد نظر فيه نظر عناية واهتمام إلا إلى التذكرة فقط، فمتى وصفت لك كيفية الملح في المذاقة والطعم وعرفتك «2» قوته على المكان. ومن شأن الكيفية المالحة أن تجمع وتحل مع «3» جوهر الجسم الذي تدنو منه.
وإنما (189) الخلاف بين الملح وبين البورق الإفريقي، أن البورق الإفريقي إنما الغالب عليه طعم واحد فقط، وهو الطعم المر البين فيه، وقوة ما هو من قوة محللة، وليس له قوة تجمع جوهر الجسم الذي يلقاه فيما هو منه رطب، حتى لا تدع فيه شيئا البتة «4» منه، ويجمع باقي جوهره الصلب بقبضه، ولذلك صار الملح يجفف الأجسام التي تعفن، وإنما تعفن من قبل رطوبة فيها فضل، وجوهرها جوهر منحل غير كثير «5» ، وبهذا السبب صارت الأجسام التي فيها رطوبة فضل بمنزلة العسل الفائق، والأجسام التي جرمها كبير «6» ، بمنزلة الحجارة ليس يمكن أن تعفن. والملح بهذا السبب ليس يمكن أن يستعمل في هذه الأجسام، لكن في الأجسام التي يخاف عليها أن تعفن.
فأما المحرّق من الملح فله من التحليل أكثر ما للملح الذي لم يحرق، وجرمه أيضا يصير ألطف بسبب القوة التي اكتسبها من النار، كما يعرض لسائر ما يحرق من جميع الأشياء على ما بينا، ولكنه ليس يمكن فيه أن يجمع، ويكثر جوهر الجسم الصلب الذي يلقاه كما يفعل الملح الذي لم يحرق.
وقال في موضع آخر قبله: وأما الملح المتولد في البحيرة المنتنة المعروفة ببحيرة الزفت، وهي بحيرة مالحة في غور «1» بلاد الشام، ويسمى ملح سدوم باسم الجبال المحيطة بالبحيرة، وهي بلاد سدوم، فقوته قوة تجفف أكثر من تجفيف سائر أنواع الملح، وهي مع ذلك ملطّفة، وذلك أن هذا الملح قد ناله من إحراق الشمس أكثر مما نال غيره من أنواع الملح، وليس هو مر الطعم فقط، لكنه مر المذاق، وذلك لأن موضع هذه البحيرة موضع غائر تحرقه الشمس «2» ، وهو لهذا السبب في الصيف أشد مرارة منه في الشتاء، فإن ألقيت في ماء هذه البحيرة ملحا لم يذب، لأن الذي قد خالط ذلك الماء من الملح مقدار كثير، وإن انغمس فيه إنسان تولد على بدنه عند خروجه (190) منه غبار رقيق من غبار الملح كالسورج «3» ، ولذلك صار ماء هذه البحيرة أثقل من كل ماء في مياه البحار، ومقدار ثقله على مياه البحار كمقدار ثقل ماء البحر على مياه الأنهار، ومن أجل ذلك إن أنت وقعت في ماء هذه البحيرة ثم رمت أن تغوص فيه إلى أسفل لم تقدر، وإن أنت أخذت حيوانا فربطت يديه ورجليه، وألقيته في ماء تلك البحيرة، لم يغرق ولم يرسب، لكثرة ما يخالط ماء هذه البحيرة من جوهر الملح الذي هو أرضي ثقيل.
وقال ديسقوريدوس: وقوة الملح قابضة تجلو وتنقّي وتحلل وتقلع اللحم الزائد في القروح وتكوي، وقد يمنع القروح الخبيثة من الانتشار، وقد يقع في أخلاط أدوية الجرب. وقد تقلع اللحم النابت [في العين]«4» وتذيب الظفرة، وقد
يصلح للحقن. وإذا خلط بزيت وتمسح به أذهب الإعياء والحكّة. وهو صالح للأورام البلغمية العارضة للذين بهم الاستسقاء، وإذا تكمّد به سكّن الوجع، وإذا خلط بالزيت والخل وتلطخ به أحد بقرب النار إلى أن يعرق سكّن الحكة؛ وكذلك يفعل أيضا بالجرب المتقرح وغير المتقرح والجذام والقوابي. وإذا خلط بالخل والعسل والزيت وتحنك به سكن الخنّاق، وإذا خلط بالعسل نفع ورم اللهاة والنغانغ. وقد يتضمد به مع الشعير محرقا بالعسل للآكلة والقلاع واللثة المسترخية. وقد يتضمد به أيضا مع بزر الكتان للدغة العقرب، ومع فوتنج الجبل والزوفا «1» لنهشة الأفعى الذكر، ومع الزفت والقطران أو العسل لنهشة الحية التي يقال لها قرسطس «2» ، وهي حية لها قرنان، ومع الخل والعسل لمضرة الحيوان المسمى أم أربعة وأربعين، ولدغ الزنابير، ومع شحم العجل للبثور التي يقال لها سورداقيا إذا خرجت في الرأس، أو اللحم الزائد في ظاهر البدن الذي يقال له يوميا، وإذا تضمد به مع الزبيب والعسل حلل الدماميل، وإذا خلط (191) بفودنج الجبل وخل أنضج الأورام البلغمية العارضة في الأنثيين. وقد ينفع من نهشة التمساح الذي يكون في نيل مصر، وإذا سحق وصيّر في خرقة كتان وغمس في خل حاذق، وضرب «3» به ضربا رقيقا العضو المنهوش من بعض الهوام نفع من النهشة، وإذا استعمل بالعسل نفع من كمنة «4» الدم التي تحت العين، وقد ينفع من مضرة الأفيون والفطر القتال إذا شرب بالسكنجبين، وإذا خلط بالعسل والدقيق نفع من التواء العصب، وإذا خلط بالزيت ووضع على حرق النار لم يدعه ينفط، وقد يوضع على النقرس على صفة ما ذكرنا فينتفع به،
ويستعمل بالخل لوجع الأذن، وإذا تضمد به مع الخل ولطخ به مع الزوفا منع الحمرة والنملة من الانتشار في البدن. وقد يحرق على هذه الصفة، يؤخذ فيصير في إناء من فخار جديد، ويستوثق من تغطية الإناء ليلا يندر الملح منه إذا أصابته حرارة النار، ويطمر الإناء في جمر، ويترك إلى أن يحمى الملح، ثم يخرج من النار.
ومن الناس من يأخذ الملح المعدني ويضعه في عجين، ويضعه على الجمر ويتركه إلى أن يحترق العجين. وقد يستقيم بأن يحرق سائر الملح على هذه الصفة: يؤخذ الملح فيغسل بالماء غسلة واحدة ثم يترك حتى يجف ثم يصير في قدر، ويغطى القدر، وتوقد تحته النار، ويجعل حول القدر من الجمر، ولا يزال الملح يحرك إلى أن يسكن من حركته «1» .
وقال أبو جريج: الملح يابس إذا خلط بالأغذية الباردة، كالجبن والسمك والكواميخ، أحالها عن طباعها حتى تصير حارة يابسة. ويعين على الإسهال والقيء، ويحلل الرياح، ويقلع البلغم اللزج من المعدة والصدر، ويغسل الأمعاء، ويهيج القيء ويكثره، ويعين الأدوية التي تقلع السوداء على قلعها من أقاصي البدن.
وقال الرازي في المنصوري: الملح يذهب بو خامة الطبيخ، ويهيج الشهوة ويشحذها، والإكثار منه (192) يحرق الدم، ويضعف البصر، ويقلل المني، ويورث الحكّة والجرب.
وقال في [دفع مضار]«2» الأغذية: الملح يعين على هضم الطعام، ويمنع سريان العفونة إلى الدم، ويذهب بوخامة الدسم؛ وهو لأصحاب الأبدان الكثيرة
الرطوبة موافق، وأما النحفاء فضار لهم.
وقال غيره: الملح أنواع، فمنه ملح العجين، ومنه نوع يحتفر من معدنه، ومنه الأندراني الشبيه بالبلور، ومنه أسود نفطي، سواده من أجل نفطية فيه، وإذا دخن حتى طارت عنه النفطية صار كالأندراني «1» . ومنه أسود ليس سواده لنفطية فيه، بل في جوهره، ومنه الهندي الأحمر اللون.
وقال البصري: ملح العجين حار في الدرجة الثالثة، وأما الملح الأسود الذي ليس سواده شديدا، ولا [له] رائحة النفط حار في المثانة، يسهّل البلغم والسوداء. وأما النفطي فيسهل الماء والسوداء والبلغم العفن، والأندراني فحار يابس في الثانية، وأما المر فحار يابس في الثالثة، وهو مسهل للسوداء بقوة. وأما الهندي الأحمر فحار يابس في الثالثة، مسهل للكيموسات المختلفة.
وقالت الخوز: الملح الهندي يسهّل الماء الأصفر، ويطرد الرياح، ويلين البطن، ويذهب البلغم، ويحد الفؤاد، وينفع من وجعه، ويشهي الطعام، ويذهب بالصّفرة من الوجه.
وقال غيره: الملح الأندراني يحد الذهن، والملح المرّ يسحق بشيء من صمغ الزيتون، ويحشى به الجرح الغض من ساعته فيلحمه.
وقال في التجربتين: الملح إذا حلّ بالخل وتمضمض به، قطع الدم المنبعث من اللثات «2» ، والمنبعث أيضا بعد قلع الضرس، وإذا سخنا وأمسكا في الفم نفعا من وجع الضرس، وإذا تغرغر بهما جلبا بلغما، ونقّيا الدماغ وورم النغانغ. (وإذا غمست فيه صوفة ووضعت على الجراحات الطرية قطعا دمها المنبعث)«3» ، وإذا