الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الغافقي: جيد للقروح التي تهيج بأطراف المجذومين، ينقيها ويجبرها.
وقال أرسطو «1» : هو حجر شريف، يلقى على الرصاص والنحاس والحديد فيجعلها فضة بإذن الله تعالى.
وقال الإسكندر: إنا لما علمنا أن الذهب يحتاج إلى لون له بريق، فلوناه بالطلق. وهو يدخل في كثير من العلاجات الطبية والطّلسم والتبريح.
طوسوطوس
«2»
قال أرسطو «3» : هذا الحجر تولده في معدن الفضة والنحاس «4» وهو حجر أخضر فيه طبع الدهنج والتوتيا لما ذكرنا أن التوتيا لا يكون إلا في معدن الفضة؛ والدهنج لا يكون إلا في معدن النحاس وخاصيته أنه إذا نقع في ماء وشرب يقتل وقد فعل هذا قوم بعسكر الإسكندر نقب مثانتهم فماتوا، وهو يفعل فعل الدهنج، وإن ألقي في الكحل ذهب بالبياض العتيق، وإن لم يكن البياض عتيقا أضر بالعين.
طين مختوم
لم يتكلم عليه أحد كجالينوس فإنه قال في التاسعة: الطين المختوم المجلوب من جزيرة (248) لميوس «5» ويسمى مغرة طينية «6» ، ويسمى خواتيم طينية
بسبب الطابع الذي تطبعه به المرأة الموكلة بالهيكل المنسوب إلى أنطامس «1» ، فإن هذه المرأة تأخذ هذا الطين بضرب من الإجلال والإكرام من غير ذبيحة، لكنها تقرّب قرابين توصلها «2» إلى ذلك الموضع، ثم تأتي بما تأخذه من ذلك التراب إلى المدينة فتبله بالماء وتعمل منه طينا رقيقا، ولا تزال تضربه ضربا شديدا، ثم تدعه بعد ذلك، حتى يرسب، فإذا رسب صبّت ما فوقه من الماء، وتأخذ ما منه سمين لزج، وتترك ما [هو] حجري رملي مما لا ينتفع به. ثم إنها تجففه حتى يصير كالشمع اللين، وتجعله قطعا صغارا وتختمها بخاتم منقوش عليه صورة أنطامس، وتضعها في الظل حتى تجف، فيصير منها هذا الدواء المعروف عند جميع الأطباء بالخواتيم اللمنية، وهي «3» خواتيم البحيرة، والطين المختوم للخاتم الذي يطبع به، وبالمغرة للونه؛ والفرق بينهما أنه لا يلطخ يد من [يقلبه و]«4» يمسه كالمغرة.
وذلك التل المأخوذ منه التراب المذكور أحمر اللون، وليس فيه شجر ولا نبات ولا حجارة سوى التربة وحدها، وهي ثلاثة أصناف: أحدها هذا، ولا يقربه سوى تلك المرأة، والثاني المغرة وهي التي يستعملها النجارون في ضرب الخيط على الخشب، والثالث تراب أرض ذلك التل، وهو تراب يجلو، ويستعمله كثير ممن يغسل الكتان والثياب.
قال جالينوس «5» : فلما قرأت كتاب ديسقوريدوس، وكتب غيره، ووجدت
فيها أنه يخلط في ذلك المذكور دم التيوس، تاقت نفسي إلى مباشرة ذلك بأن أعرف مقدار الخلط، كما دعتني إلى السفر إلى قبرص بسبب المحتفرات هناك، والى [الغور ب]«1» فلسطين بسبب قفر اليهود وغيره، مما هناك من الأشياء التي تحتاج إلى المباشرة والنظر، فلم أكسل عن السير إلى جزيرة لميوس «2» . فلما خرجت من أنطاكيا، ووصلت «3» إلى ماقدونيا، ثم انحدرت (149) إلى البحر القريب منها «4» ثم بعد ذلك وصلت إلى قاسوس «5» نحوا من مائتي ميل، ثم إلى جزيرة لميوس نحوا من سبعمائة ميل «6» . ثم رجعت إلى إسكندرية نحو سبعمائة «7» ميل أخرى، ثم رجعت إلي اسكندرية ولم أذكر ذلك جزافا، بل غرضي أنه إذا أراد أحد أن يسافر إلى ذلك المكان «8» ليستعد له عدته «9» .
وفي الوقت الذي وصلت فيه إلى الجزيرة المذكورة، خرجت مع المرأة المذكورة إلى التل المذكور، فألقت هناك عددا معلوما من الحنطة والشعير، وفعلت أشياء أخر كعادتهم في دينهم، ثم حملت من التربة وقر عجلة كما هي وصارت بها
إلى المدينة، وعجنت ذلك الطين، وعملت منه طينا مختوما على العادة. فلما نظرت إلى ذلك، رأيت أن أسأل: هل كان فيما مضى من الدهور أحد خلط في هذا الطين دم التيوس أو المعز؟ فلما سألت ضحك مني جميع من سمع سؤالي ذلك وأنكروه إنكارا عظيما.
ثم أحضر لي رجل من أهل تلك الجزيرة كتابا وضعه رجل كان في بلدهم من قديم الدهر، يذكر فيه وجوه استعمال هذا الطين المذكور ومنافعه، فدعاني ذلك الاجتهاد في تجربة هذا الدواء، وترك التكاسل عنه، وأخذت منه عشرين ألف قرص مختوم؛ وكان ذلك الرجل يداوي به الجراحات فيدملها، والقروح العتيقة العسرة الاندمال، ويداوي به نهش الأفاعي وغيرها من الهوام. وكان يسقي من يخاف عليه أن يسقى شيئا من الأدوية القتالة، ويسقى منه بعد شرب السم فينفعه. وكان يزعم أن الدواء المتخذ بحب الغار هو الذي يقع فيه الطين المختوم مقدارا ليس باليسير، قد امتحنه فوجده يهيج القيء إذا شربه الإنسان والسم الذي يتناوله في معدته بعد. ثم جربت أنا أيضا ذلك فيمن شرب أرنبا بحريا، وفيمن شرب الدراريج، بالحدس مني عليهم أنهم قد شربوه، فتقيؤا من ساعتهم السم كله من بعد شربهم الطين المختوم. (150) وقد يعرض لهم شيء من الأعراض اللاحقة لمن يتناول أرنبا بحريا أو دراريج، ولما تقيؤا تبين في القيء ما كان قد شربوه من الأدوية القتالة.
ولم يكن عندي علم من الدواء المتخذ بحب الغار «1» في الطين المختوم، هل معه دفع الأدوية القتالة؟ وقد ضمن ذلك الرجل المذكور عن تجربة له. وزعم أيضا أنه سقي من قد عضه الكلب الكلب بشراب ممزوج؛ وكان يزعم أنه يطلى على
القرحة الحادثة عن العضة من هذا الطين إذا أذيف بالخل الثقيف. وكذلك زعم أنه إذا أذيف بالخل يشفي نهش الهوام بعد أن يوضع من فوقه، أو يطلى به ورق بعض العقاقير، التي قوتها تضاد العفونة، وخاصة ورق سقرديون وورق القنطريون الدقيق وورق الفراسيون.
وأما الجراحات الخبيثة المتعفنة فإنا لما استعملنا في مداواتها هذا «1» الطين المختوم، نفعها نفعا بينا. وينبغي أن يكون استعماله بحسب رداءة الجراحة وخبثها، لأن الجراحة المنتنة المترهّلة الوسخة جدا يحتمل أن يطلى عليها الطين المختوم مذافا بخل ثقيف، ثخنه، مثل ثخن الطين المبلول، على مثال ما تداف الأقرصة المسماة بولويداس، وأقرصة قاسيون، وأقرصة أندرون «2» وغيرها، فإنها لما كانت تجفف تجفيفا شديدا، صارت تنفع الجراحات الخبيثة، لذلك بعد أن تذاف، إما بشراب حلو، أو بعقيد العنب، أو بالشراب المعسّل، أو بالأبيض أو بالأحمر، على حسب ما تدعو الحاجة إليه، وعلى هذا المثال يكون هذا الطين المختوم فيذاف بكل واحد من هذه الأنواع، فيكون منه دواء نافع في إلزاق الجراحات الطرية والمتقادمة والخبيثة والعسرة الاندمال.
وقال ديسقوريدوس في الخامسة: هذه التربة تستخرج من معادن ذاهبة في الأرض تشبه السّرب «3» ، وتخلط بدم عنز، والناس (151) الذين هناك يطبعونها بخاتم فيه تمثال عنز، يسمونه سفراحيس «4» ، ومعناه علامة الخاتم في الشيء المختوم. وإذا شرب ففيه قوة يضاد بها الأدوية القتالة؛ له مضادة قوية، وإذا تقدم
شربه وشرب الدواء القتال أخرجه بالقيء. ويوافق لدغ ذوات السموم القاتلة من الحيوان ونهشها. وقد نفع في أخلاط بعض الأدوية المركبة.
وقال ابن سينا في الأدوية القلبية: الطين المختوم معتدل المزاج في الحر والبرد، ومشاكل لمزاج الإنسان إلا أن يبسه أكثر من رطوبته، وفيه رطوبة شديدة الامتزاج باليبوسة، فلذلك فيه لزوجة وتغرية، لأن اليبوسة فيه أكثر، ففيه مع ذلك نشف، وفيه خاصية عجيبة في تقوية القلب وتفريحه، ويخرج إلى حد الترياقية المطلقة حتى يقاوم السموم كلها. وإذا شرب بعد السم أو قبله حمل الطبيعة على قذفه؛ ويشبه أن يكون خاصية تنوير الروح وتعديله، ويعينها ما فيه من اللزوجة والقبض، فيزيد الروح مع ذلك متانة، فيجتمع إلى التفريح التقوية.
وقال ماسرجويه: إذا سحق وخلط بالخل ودهن الورد والماء البارد وطلي على الورم الحار نفعه وأبرأه، ويحبس الدم من حيث خرج.
وقال مسيح: وينفع شرب سحيقه، [وشرب نقيعه]«1» وينفع من الوباء في زمنه.
وقال: الخوزي «2» أجوده «3» الذي ريحه مثل ريح الشبث «4» ، وإذا ذرّ به على فم الجرح السائل منه الدم قطعه.
وقال بولس: إذا حقن به الدوسنطاريا المتآكل بعد أن يغسل المعي قبل ذلك بماء العسل، ثم بماء مالح، أبراه.