المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع الثالث في الأجسام الدهنية - مسالك الأبصار في ممالك الأمصار - جـ ٢٢

[ابن فضل الله العمري]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الثانى والعشرون]

- ‌مقدمة

- ‌وصف مخطوطة الكتاب

- ‌منهجنا في التحقيق

- ‌[النباتات]

- ‌كزبرة

- ‌كزبرة الثّعلب

- ‌كشوت

- ‌كمأة

- ‌كمافيطوس

- ‌كمادريوس

- ‌كمّون

- ‌كندس

- ‌لبلاب

- ‌لبسان

- ‌لحية التّيس

- ‌لسان الحمل

- ‌لسان الثور

- ‌لوبيا

- ‌لوسيماخوس

- ‌لوف

- ‌لينابوطس

- ‌ماهوبدانه

- ‌ماهيزهره

- ‌مازريون

- ‌ماميثا

- ‌ماش

- ‌مثنان

- ‌مخلّصة

- ‌مزرنجوش

- ‌مرو

- ‌مزمار الراعي

- ‌نانخواه

- ‌ناركيوا

- ‌نرجس

- ‌نسرين

- ‌نعنع

- ‌نمّام

- ‌نيلوفر

- ‌هايسمونا

- ‌هليون

- ‌هندبا

- ‌هيوفاريقون

- ‌وجّ

- ‌ورد

- ‌ياسمين

- ‌يبروح

- ‌يتّوع

- ‌ينبوت

- ‌أسترغار

- ‌بيش

- ‌بيش موش بيشا

- ‌تنبل

- ‌تربد

- ‌حزاء

- ‌ريباس

- ‌سنبل

- ‌طاليسفر

- ‌قرنفل

- ‌كاشم رومي

- ‌كنهان

- ‌وخشيزق

- ‌أرجيقنه

- ‌أنتلة سوداء

- ‌أوقيموبداس

- ‌سقولوفندريون

- ‌سليخة

- ‌عاقر قرحا

- ‌فروقوديلاون

- ‌فشغ

- ‌قرثمن

- ‌كبيكج

- ‌لوسيماخيوس

- ‌مورفا

- ‌يربطون

- ‌بربه شانه

- ‌بشنين

- ‌صام ثوما

- ‌قضّاب

- ‌كتّان

- ‌كصنثيون

- ‌[الكلام على المعادن]

- ‌النوع الأول: الفلزات

- ‌الذهب

- ‌الفضة

- ‌النّحاس

- ‌الحديد

- ‌الرصاص

- ‌الأسرب

- ‌الخارصيني

- ‌النوع الثاني في الأحجار

- ‌إثمد

- ‌أرميون

- ‌إسفيداج

- ‌الإسرنج

- ‌إقليميا الذهب

- ‌إقليميا الفضة

- ‌أكتمكت

- ‌بادزهر

- ‌باهت

- ‌بسّد

- ‌بلّور

- ‌بورق

- ‌بيجادر

- ‌تدمر

- ‌تراب صيدا

- ‌تراب الشاردة

- ‌تنكار

- ‌توبال

- ‌توتيا

- ‌جالب النوم

- ‌جبسين

- ‌جزع

- ‌جمست

- ‌جوزجندم

- ‌حجر

- ‌حجر أبيض

- ‌حجر الباه

- ‌حجر النحر

- ‌حجر البحيرة

- ‌حجر البرام

- ‌حجر البسر

- ‌حجر البقر

- ‌حجر أحمر

- ‌حجر الحبارى

- ‌حجر الحبش

- ‌حجر الحصاة

- ‌حجر الحمّام

- ‌حجر الحوت

- ‌حجر الحيّة

- ‌حجر أخضر

- ‌حجر الخطّاف

- ‌حجر أرمني

- ‌حجر الرّحاء

- ‌حجر إسفنج

- ‌حجر آسمانجوني

- ‌حجر أسود

- ‌حجر السامور

- ‌حجر السلوان»

- ‌حجر السّم

- ‌حجر بارقي

- ‌حجر بولس

- ‌حجر الأثداء

- ‌حجر الدجاج

- ‌حجر الديك

- ‌حجر أصفر

- ‌حجر أغبر

- ‌حجر حبشي

- ‌حجر خزفي

- ‌حجر الشياطين

- ‌حجر الصرف

- ‌حجر الصنوبر

- ‌حجر عاجي

- ‌حجر غاغاطيس

- ‌حجر عراقي

- ‌حجر عسلي

- ‌حجر العقاب

- ‌حجر فرامي

- ‌حجر الفأر

- ‌حجر قبطي

- ‌حجر القمر

- ‌حجر القير

- ‌حجر القيء

- ‌حجر الكرك

- ‌حجر الكلب

- ‌حجر لبني

- ‌حجر المثانة

- ‌حجر مشقّق

- ‌حجر المطر

- ‌حجر النار

- ‌حجر الناقة

- ‌حجر الإنسان

- ‌حجر هندي

- ‌حجر يهودي

- ‌حجر يتولد في الماء الراكد

- ‌حجر يقوم على الماء وضدّه

- ‌خبث الطين وغيره

- ‌خرسواسون

- ‌خزف

- ‌خماهان

- ‌خصية إبليس

- ‌خوساي

- ‌خوص

- ‌درّ

- ‌دهنج

- ‌ديفروحس

- ‌ديماطي

- ‌رخام

- ‌رمل

- ‌زاجات

- ‌زبد البحر

- ‌زبد البحيرة

- ‌زجاج

- ‌زرنيخ

- ‌زفت

- ‌زفتي

- ‌زمرّد

- ‌زنجار

- ‌زنجفر

- ‌زهرة الملح

- ‌زهرة النحاس

- ‌زنوس

- ‌شادروان

- ‌سبج

- ‌سرطان بحري

- ‌سلسيس

- ‌سنباذج

- ‌شاذنه وشاذنج وحجر الدم

- ‌شب

- ‌شك

- ‌سنج

- ‌صدف

- ‌صدف البواسير

- ‌صمغ البلاط

- ‌طارد النوم

- ‌طاليقون

- ‌طلق

- ‌طوسوطوس

- ‌طين مختوم

- ‌طين مصر

- ‌طين شاموس

- ‌طين جزيرة المصطكي

- ‌طين قيموليا

- ‌طين كرمي

- ‌طين أرمني

- ‌طين نيسابوري

- ‌عقيق

- ‌عنبر

- ‌عنبري

- ‌فرسلوس

- ‌قرطاسيا

- ‌فيروزج

- ‌فيلقوس

- ‌فيهار

- ‌قرياطيسون

- ‌قروم

- ‌قفر

- ‌قلى

- ‌قيراطير

- ‌قيشور

- ‌كرسيان

- ‌كرسباد

- ‌كرماني

- ‌كدامى

- ‌كلس

- ‌كهرباء

- ‌لازورد

- ‌لاقط الذهب

- ‌لاقط الرصاص

- ‌لاقط الشّعر

- ‌لاقط الصوف

- ‌لاقط الظّفر

- ‌لاقط العظم

- ‌لاقط الفضة

- ‌لاقط القطن

- ‌لاقط المسن

- ‌لحاغيطوس

- ‌لحام الذهب

- ‌لوفقرديس

- ‌لينج

- ‌ماس

- ‌مانطس

- ‌ماهاني

- ‌ماورز

- ‌مراد

- ‌مرجان

- ‌مرداسنج

- ‌مرطيس

- ‌مرقشيثا

- ‌مرمر

- ‌مرهيطس

- ‌مسن

- ‌مسحقونيا

- ‌مسهل الولادة

- ‌مغرة

- ‌مغناطيس

- ‌مغنيسيا

- ‌ملح

- ‌مها

- ‌مولوبدانا

- ‌موميا

- ‌نطرون

- ‌نفط

- ‌نؤورة

- ‌نوشادر

- ‌نوني

- ‌هادي

- ‌ودع

- ‌ياقوت

- ‌يشب

- ‌يقظان

- ‌فائدة

- ‌النوع الثالث في الأجسام الدهنية

- ‌خاتمة تتعلق بما تقدم

- ‌تتمة لا تقطع السياق

- ‌إشارة غير مقصودة

- ‌تتميم لما سبق

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌النوع الثالث في الأجسام الدهنية

تيس كبير حين النحر لوقته، يفعل به ذلك مرارا، فإنه ينصلح.

وأما الذهب، فإنه إذا تغير لونه وفسد، وضعف فعله، واضطرب حاله، فإنه يدخل النار، ويلقى عليه التنكار والزاج والكبريت، فإنه إصلاحه.

‌النوع الثالث في الأجسام الدهنية

«1»

زعموا (204) أن الرطوبات المحتقنة «2» تحت الأرض تسخن في الشتاء وتبرد في الصيف، بسبب أن الحرارة والبرودة ضدّان، فلا يجتمعان في مكان واحد؛ فإذا جاء الشتاء وبرد الجو فرّت الحرارة، وأسخنت باطن الأرض (وكهوف الجبال)«3» ، فاكتسبت الرطوبات المنصبة إلى تلك المواضع بواسطة الحرارة دهنية، فإذا أصابها نسيم الهواء، أو برودة الجو، فربما انعقدت، وربما بقيت على ميعانها، فتصير كبريتا أوزئبقا أو قيرا أو نفطا أو ما شاكل ذلك، بحسب اختلاف البقاع وتغيرات الأهوية.

وزعموا أن أول هذه القوى- أعني الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة- في تكوين المعادن، الزئبق، وذلك أن الرطوبة المخفية التي في باطن الأجسام الأرضية، والبخارات المحتبسة فيها، إذا تعاقب عليها حر الصيف وحرارة المعدن، لطفت وخفت وتصاعدت إلى سقوف الأهوية «4» والمغارات، وتعلقت هناك زمانا، فإذا تعاقب عليها برد الشتاء، غلظت وجمدت وتقاطرت إلى أسفل تلك المغارات

ص: 355

والأهوية، واختلطت بتربة تلك البقاع، ومكثت زمانا هناك، وحرارة المعدن تعمل دائما في إنضاجها وطبخها وتصفيتها، فتصير تلك الرطوبة المائية بما تخلّط بها من الأجزاء الترابية، وما يكتسب من ثقلها وغلظها بطول الوقوف وإنضاج الحرارة لها، كبريتا محرقا. فإذا اختلط الزئبق والكبريت مرة ثانية وتمازجا، والتأثير بحالة تركب من امتزاجهما «1» الجواهر «2» المعدنية وأنواعها، كما ذكرنا من قبل، فلا نعيده.

أما الزئبق، فإنه يتولد من أجزاء مائية، اختلطت بأجزاء أرضية لطيفة كبريتية، اختلاطا شديدا، حيث لا يتميز أحدهما من الآخر، وعليه غشاء ترابي «3» ، فإذا اتصلت إحدى القطعتين بالأخرى، انفتح الغشاء وصارت القطعتان واحدة، والغشاء محيط بها كقطرة الماء، (إذا وقعت على التراب فإنها قد تبقى (205) مدورة، وتحيط بها الأجزاء الترابية، وربما أصاب تلك القطرة قطرة أخرى، وانشق ذلك الغلاف «4» ، وصارت القطرتان [قطرة] واحدة، وأحاط بها الغلاف البرّاني) «5» . وأما بياضه فبسبب صفاء ذلك الماء، ونقاء التراب الكبريتي الذي ذكرناه.

قال أرسطو: الزئبق من جنس الفضة إلا أن الآفات دخلت عليه في معدنه، والآفات ما ذكرناه في الرصاص.

وقال في بعض كتبه «6» : حجر الزئبق حجر ينحل في تركيبه، ويكون في

ص: 356

معدنه كما تكون سائر الأحجار. وهو جنس من الفضة لولا آفات دخلت عليه في أصل تكوينه، منها تخلخله، وأنه شبيه بالمفلوج. وله أيضا صرير ورائحة ورعدة، وهو يحمل «1» أجسام الأحجار كلها إلا الذهب، فإنه يغوص فيه.

وقال الطبري: الزئبق من آذربيجان من كورة تدعى السين «2» . وقال المسعودي: وبالأندلس معدن للزئبق ليس بالجيد.

وقال ابن سينا: منه ما يسقى من معدنه، ومنه ما هو مستخرج من حجارة معدنه بالنار، كاستخراج الذهب والفضة. وحجارة معدنه كالزنجفر.

قال: ويظن ديسقوريدوس وجالينوس أنه مصنوع كالمرتك، لأنه يستخرج بالنار، فيجب أن يكون الذهب مصنوعا أيضا.

وقال ديسقوريدوس: الزئبق يصنع من الجوهر الذي يقال له متينون على هذه الصفة: يؤخذ طبخهارة «3» من حديد ويصير في قدر من نحاس، ويجعل في أتون في الطبخهارة فساماراى «4» ، ويركب عليه إنبيق، ويطين حول الأنبيق، وتوضع القدر على جمر، فإن الدخان الذي يتصاعد إلى الأنبيق إذا اجتمع يكون زئبقا. وقد يوجد أيضا زئبق «5» في سقوف معادن الفضة، مدورا جامدا، كأنه قطر الماء إذا تعلق.

ومن الناس من يزعم أنه يوجد في الزئبق في معادن له خاصة. وقد يوعى

ص: 357

الزئبق في أوان متخذة من الزجاج والرصاص والآنك والفضة، (206) فإنه إن أوعي في أوان غير هذه الجواهر، أكلها وأفناها.

وقال جالينوس: لم أجرّبه أنه يقتل إذا شرب أم لا، ولا ما الذي «1» يفعل إذا وضع من خارج البدن.

وقال الرازي: الزئبق بارد مائي غليظ، فيه حدة وقبض، ويدل على ذلك جمعه للأجساد، وأنه يصلح ريحه، فإذا صعّد استحال فصار حارا حريفا محللا مقطعا، والدليل على ذلك إذهابه للجرب والقمل.

وقال ماسرجويه: تراب الزئبق ينفع من الجرب والحكة، إذا طلي عليها مع الخل.

وقال أرسطاطاليس: تراب الزئبق يقتل الفأر إذا عجن له في شيء من طعامه.

ودخان الزئبق يحدث أسقاما رديئة مثل الفالج ورعدة الأعضاء وذهاب السمع والعقل والغشاوة وصفرة اللون والرعشة وتشبيك الأعضاء وبخر الفم ويبس الدماغ. والموضع الذي يرتفع فيه دخانه تهرب منه الهوام، من الحيات والعقارب، وما أقام منه قتلها. والزئبق له خصوصية في قتل القمل والقردان المتعلقة بالحيوان.

وقال بلوس: أما الزئبق فقلّما يستعمل في أمور الطب لأنه من الأشياء القتّالة. ومن الناس من يحرقه حتى يصير كالرماد، ويخلط [هـ] مع أنواع أخر، ويسقيه أصحاب القولنج وأصحاب العلّة التي تسمى إبلاوس «2» .

وقال ديسقوريدوس: وإذا شرب قتل بثقله، لأنه يأكل ما يلقاه من الأعضاء

ص: 358

الباطنة بثقله، وقد ينفع من مضرته اللبن إذا شرب منه مقدار كثير يقيء، والخمر أيضا ينفع من مضرته إذا شرب بالأفسنتين وبزر الكرفس أو بزر النبات الذي يقال له أرمنين. وإذا شرب الخمر أيضا مع الفوذنج «1» الجبلي، أو مع الزوفا «2» ، ينفع من مضرته.

وقال الرازي: أما الزئبق العبيط فلا أحسبه كثير مضرة، إذا شرب أكثر من وجع شديد في البطن والأمعاء ثم يخرج كهيئته، لا سيما إن تحرّك الإنسان. وقد سقيت منه فردا كان (207) عندي فلم أره عرض له إلّا ما ذكرت، وعلمت ذلك من تلويه وقبضه بفمه، ويديه على بطنه. وقد ذكر بعض الأطباء أنه يعرض [منه]«3» مثل أعراض المرتك، فإنه ينبغي أن يعالج بعلاجه. وأما إذا صبّ منه في الآذان، فإنه له نكاية شديدة. فأما المفتول «4» منه والمتصاعد «5» خاصة، فإنه قاتل رديء، حادّ جدا، يهيّج منه وجع شديد في البطن ومغس «6» وخلفه الدم.

قال أرسطو: من صب في أذنه زئبق فإنه يختلط عقله، ويحس بثقل عظيم في جانبيه، وربما أدى إلى الصرع والسكتة. وطريق إخراجه أن يعجل على فرد رجل «7» يميل رأسه إلى الشق الذي فيه الزئبق.

وأما الكبريت «8» ، فإنه يتولد من أجزاء مائية وهوائية وأرضية، إذا اشتد

ص: 359

اختلاط بعضها بالبعض، بسبب حرارة قوية ونضج تام، حتى يصير مثل الدهن، وينعقد بسبب برودة حرسه «1» .

قال: الكبريت له ألوان، فمنه الأحمر الجيد الجوهر، وليس هو بصافي اللون، ومنه الأبيض الذي هو كالغبار. فأما الأحمر فمعدنه في مغرب الشمس، لا ساكن في موضعه، بقرب بحر أقيانوس، على فراسخ؛ (فإذا أخذ من موضعه لم تر «2» له خاصية في الحال) . وهو نافع من الصرع «3» والسكتات والشقيقة، ويدخل في أعمال الذهب. والأبيض منه يسوّد الأجسام البيض، وقد يكون كامنا في العيون التي يجري منها الماء الجاري مشوبا بالماء، ويوجد لتلك المياه رائحة منتنة، فمن اغتمس في هذه المياه في أيام معتدلة الهواء، برأ من الدماميل والجراحات كلها، والأورام والجرب والسّلع «4» التي تكون من المرّة «5» السوداء، وينفع من رياح الأرحام.

وقال الشيخ الرئيس: إن الكبريت من أدوية البرص ما لم تمسه النار، وإذا خلط بصمغ البطم قلع الآثار التي على الأظفار، وبالخل على البهق، ويجلو القوباء، خصوصا مع علك البطم. وهو دواء النقرس مع النطرون والماء، (208) ويحبس الزكام بخورا، وتهرب من رائحته البراغيث والحيات والعقارب، سيما مع شيء من الدهن وحافر حمار. وهو يبيض الشعر بخورا، وإذا دخّن به تحت شجرة الأترج يسقط الأترج كله من الشجرة «6» .

ص: 360

وقال ابن سمجون: قال الخليل بن احمد: الكبريت عين تجري فإذا جمد ماؤها صار كبريتا أصفر وأبيض وأكدر. ويقال إن الكبريت الأحمر هو من الجواهر في وادي النمل الذي مرّ به سليمان بن داود- عليهما السلام وتلك النمل أمثال الدواب تحفر أسرابا، فتمر «1» على الكبريت الأحمر.

وقال أرسطاطاليس: الكبريت ألوان «2» كثيرة، فمنه الأحمر الجيد الحمرة الذي ليس بصاف، ومنه الأصفر الشديد الصفرة الصافي اللون، ومنه الأبيض القليل البياض الحاد الريح، ومنه المختلط بألوان كثيرة. والكبريت يكون كامنا في عيون يجري منها ماء حار، يصاب في ذلك الماء رائحة الكبريت. والكبريت الأحمر يسرج بالليل في معدنه كما تسرج النار، يضيء ما حوله على فراسخ، وإذا أخذ من معدنه ارتفعت تلك الخاصية. ويدخل في أعمال الذهب كثيرا، أو يحمّر البياض جدا ويصبغه.

وقال ماسرجويه: هو ثلاثة ضروب، أحمر وأبيض وأصفر، وكلها حار يابس لطيف.

وقال إسحاق بن عمران: هو أربعة ضروب، أحمر وأسود وأبيض، وهو حجر رخو من جواهر الأرض، والمطبوخ منه أغبر إلى السواد، والمحترق منه أسود.

وقال الرازي: الكبريت حار يتولد من البخار اليابس الدخاني إذا ماس شيئا من البخار الرطب، لأن البخار بخاران، بخار رطب، وبخار حار لطيف يابس، فيطبخ البخار الرطب كطبخ حرارة الشمس لرطوبة الماء، حتى يحيله قارا أو نفطا أو ما أشبه ذلك. والكبريت من البخار الدخاني والرطب امتزجا وطبخهما حر

ص: 361

الشمس حتى صار ما فيه من الرطوبة دهنا لطيفا حارا خفيفا، ولذلك أسرع إيقاده «1» لأنه شديد الحر «2» ، فتسرع إليه النار بمرة، لأن النار تطلب من الرطوبة آخرها لقربها منه بطريق واحد، والدليل على ذلك أن الأشياء الرطبة الباردة اليابسة لا تحرق لمضادتها النار بطرفيها، والأشياء الباردة لا تحرق لأنها لا رطوبة فيها، وإنما غذاء النار الرطوبة لأنها صاعدة لا تقيم في أسفل إلّا معلقة بماء يجذبها إلى أسفل، كما لا يقيم الحجر في الجو إلّا بما يعمده.

وقال جالينوس في كتاب الأدوية الموجودة بكل مكان: الكبريت النهري هو كبريت القصّارين. وقال مرة أخرى: كبريت القصارين هو كبريت الماء. وقال في المقالة السابعة من مفرداته: كل كبريت قوته قوة جلائه، لأن مزاجه وجوهره لطيف، ولذلك صار يقاوم ويضاد سم ذات السموم والهوام. واستعماله بأن يسحق ويذر على موضع اللسعة، أو يعجن بالدقيق، ويوضع عليه؛ أو يعجن بالبول أو بزبل أو عسل أو علك البطم. وقد يسقى منه للجرب وللعلة التي يتقشر معها الجلد، والقوابي إذا عولجت به مع علك البطم يشربها «3» مرارا كثيرة، فإنه يجلو، ويقلع هذه العلل كلها من غير أن يدفع شيئا منها إلى عمق البدن.

وقال ديسقوريدوس في الخامسة: يعلم أن أجوده ما لم يقرب من النار، وكان صافي اللون صقيلا، ليس بمتحجر، وأما إذا قرب من النار فينبغي أن يختار منه الأحمر الذي فيه دهنية. وقد يكون كثيرا في المواضع التي يقال لها موم

ص: 362

ملصق «1» والمواضع التي يقال لها لينارا «2» . والصنف الأول يسخّن ويحلل وينضج السعال ويخرج القيح الذي في الصدر سريعا، وإذا صيّر في بيضة وشرب أو تدخن به نفع من الربو، وإذا تدخنت به المرأة طرح الجنين، وإذا خلط بصمغ البطم قلع الجرب والقوابي والبهق، وإذا خلط بالراتينج أبرأ لسعة العقرب، وإذا خلط بالنطرون وغسل به البدن سكن الحكة العارضة فيه. (210) وإذا أخذ منه مقدار فوجلياريوس «3» وشرب بماء، أو بيضة حسوا، نفع من اليرقان. ويصلح الزكام والنزلة، وإذا ذرّ على البدن قطع العروق «4» ، وإذا لطخ على النقرس مع النطرون والماء نفع منه، وإذا تدخن به نفع من الطرش، وقد يقطع النزيف. وإذا خلط بالعسل والخمر ولطخ على شدخ «5» الآذان أبرأه.

وقال أرسطوطاليس: والكبريت الأحمر ينفع من داء الصرع والسكتات والشقيقة إذا أسعط به.

وقال الدمشقي: وقوة الكبريت في الحرارة واليبوسة من الدرجة الرابعة يذهب بالبرص ويجلو الكلف ويذهب بضربان الآذان.

وقال في التجربتين: الكبريت إذا خلط بأدوية قروح الرأس العتيقة جلاها وأدملها، وإذا حلّ في زيت قد غلي فيه إشقيل «6» ، وغلّظ «7» بشيء من الشمع،

ص: 363

نفع من نوعي الجرب الرطب واليابس، ومن الحكة، منفعة بالغة. وإذا خلط بالطفل «1» وحل بالخل، أو بحماض الأترج، وطلي على السعفة العتيقة «2» حللها «3» وأدملها، إذا واظب عليها، وإذا عجن بالحناء، أو بسائر أدوية القوابي، جلاها وأذهبها؛ وكذلك إذا خلط بعصارة ورق المر، ثم فعل ذلك فعلا قويا، وإذا خلط بالقطران نفع من القروح الوسخة جدا والمترهلة [والأواكل]«4» ، وإذا خلط بالعاقر قرحا وعجنا بعسل، ثم حل بالخل، وطليت به القروح المتولدة في أجسام بدت بها العلة الكبرى، وفي قروح تشبه القوابي [خشنة]«5» يخدر بها الجلد، ويذهب حسه «6» ، نفع منها منفعة عجيبة.

وأما القفر «7» ، فقد ذكرنا فيما تقدم ما فيه كفاية، وذكرنا أن منه ما ينبع في بعض الجبال، ومنه ما ينبع في الماء، فيفور مع الماء الحار في العين، ويطفو كالدهن، فما دام مع الماء يكون لينا، فإذا فارق الماء وجف فيغرف بالقفاف ويطرح على الأرض، ثم يطرح في القدر، ويطرح عليه من الرمل مقدار معلوم ليختلط به، كما ذكر، ويحركونه تحريكا شديدا (211) متداركا، فإذا بلغ حد استحكامه «8» ، صب على وجه الأرض قطعا، فيجمد وتقيّر به السفن والحمّامات.

ص: 364

واما النفط «1» ، فقد ذكرنا قريبا أنه يطفو على الماء، وأن منه أبيض «2» ، ومنه أسود. قيل: وقد يصاعد «3» الأسود بالقرع والأنبيق، فيخرج أبيض، وينفع إذ ذاك من أوجاع المفاصل واللقوة والفالج وبياض العين والماء النازل فيها. وإذا شرب منه نصف مثقال نفع من المغص والرياح «4» ، ويخرج الأجنة الموتى والمشيمة، ويقتل الدود وحب القرع، وينفع الملسوع طلاء، فلينظر ما قيل فيه قبلا.

واما الموميائي «5» ، فقد ذكرناه فيما تقدم، وهو شبيه بالزفت والقفر، إلا أنه عزيز جدا. قيل: ومعدنه بأرض الموصل وبأرض فارس بأرّجان «6» ، فيما زعم بعضهم. وقد ذكرنا أنه ينفع من الكسر والوهن والخلع والوهن «7» والضربة والسقطة والفالج واللقوة، شربا وتمريخا، ومن الشقيقة والصداع البارد والصرع والدوار سعوطا بماء المرزنجوش، ويشرب قيراط منه لثقل اللسان والخنّاق والخفقان. وزعموا: أنه يخلط بالسمن ويجعل على موضع اللسع فيبرئه.

وأما العنبر «8» ، فقد ذكرناه أيضا، وذكرنا الخلاف فيه. وقد زعم بعض التجار أن بحر الزّنج قذف في بعض السنين قطعة عظيمة شبه تل. وأكثر ما يرى قدر الجمجمة، أكبرها زنة ألف مثقال. وكثيرا ما يبتلعه الحيتان «9» فتموت، وتلك الدّابة تدعى العنبر «10» . وقد ورد ذكر هذا الحوت في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وهو معروف.

ص: 365