المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فقه الحياة أو الأحكام: - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ٢٧

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌سورة الذاريات

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌القسم على وقوع البعث

- ‌الاعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء المتقين وأوصافهم

- ‌الاعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (19):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة ضيف إبراهيم ومهمتهم في إهلاك قوم لوط

- ‌الاعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصص أنبياء آخرين مع أقوامهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إثبات وحدانية الله وعظيم قدرته

- ‌الاعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تهديد المشركين بالعذاب لتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الاعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزولنزول الآيتين (55، 54):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الطور

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌فضلها:

- ‌وقوع القيامة وإثبات العذاب في اليوم الموعود

- ‌الاعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء المتقين ونعم الله عليهم يوم القيامة

- ‌الاعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌متابعة التذكير والموعظة بالرغم من المكائد

- ‌الاعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إثبات الخالق وتوحيده بالأنفس والآفاق

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الإعراض عن الكفار لمكابرتهم في المحسوسات

- ‌الاعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة النجم

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌فضلها:

- ‌إثبات النبوة وظاهرة الوحي

- ‌الاعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌منع الإشراك وبيان عدم فائدة الأصنام

- ‌الاعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌توبيخ المشركين لتسميتهم الملائكة بنات الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء المسيئين والمحسنين وأوصاف المحسنين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (32):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌توبيخ بعض كبار المشركين الأغنياء لإعراضه عن اتباع الحقوتذكيره بما في صحف إبراهيم وموسى

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌سبب نزول الآيات (33 - 41):

- ‌سبب نزول الآية (43):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاتعاظ بالقرآن وبرسالة الرسول والتحذير من أهوال القيامة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة القمر

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌فضل السورة:

- ‌انشقاق القمر وموقف المشركين منه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إعادة قصص الأمم الخالية المكذبة للرسل

- ‌1 -قصة قوم نوح عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌2 -قصة عاد قوم هود عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌3 -قصة ثمود قوم صالح عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌4 -قصة قوم لوط عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌5 -قصة آل فرعون

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌توبيخ المشركين من كفار قريش وبيان جزاء المجرمين والمتقين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (45):

- ‌نزول الآية (47):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الرّحمن جلّ ذكره

- ‌مكيتها:

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌أعظم النعم الإلهية الدنيوية والأخروية

- ‌1 -نعمة القرآن والأشياء الكونية والأرضية

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌2 -توضيح أحوال بعض النعم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌فناء النعم والكون كله وبقاء الله تعالى

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الجزاء والثواب على الأعمال في الآخرة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تصدع السماء وأحوال المجرمين يوم القيامة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أنواع نعم الله على المتقين في الآخرة

- ‌1 -وصف الجنات

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌2 -وصف آخر للجنات

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الواقعة

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌فضلها:

- ‌قيام القيامة وأصناف الناس

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أنواع نعيم السابقين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أنواع نعيم أصحاب اليمين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (27):

- ‌نزول الآية (29):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أنواع عذاب أهل الشمال في الآخرة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أدلة الألوهية وإثبات القدرة على البعث والجزاء

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إثبات النبوة وصدق القرآن وتوبيخ المشركين على اعتقادهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الحديد

- ‌مدنيتها:

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌فضلها:

- ‌التسبيح لله في جميع الأوقات وأسبابه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌بعض التكاليف الدينيةالحث على الإيمان بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى الإنفاق

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (7):

- ‌نزول الآية (10):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حال المنافقين يوم القيامة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌خشية الله وجزاء المتصدقين والمؤمنين وجزاء الكافرين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حال الدنيا والحث على عمل الآخرة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تعلق المصائب بالقضاء والقدر وجناية البخلاء على أنفسهم

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الغاية من بعثة الرسل

- ‌1 -دستور المجتمع الإسلامي ونظام الحكم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌2 -وحدة الشرائع في أصولها وصلة الإسلام بما قبله

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (28):

- ‌نزول الآية (29):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الفصل: ‌فقه الحياة أو الأحكام:

ويلاحظ أنه قال سابقا بعد ذكر نعم الدنيا: {وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ} للإشارة إلى فناء كل شيء من الممكنات، وقال بعد ذكر نعم الآخرة:{تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} للإشارة إلى بقاء أهل الجنة ذاكرين اسم الله متلذذين به.

‌فقه الحياة أو الأحكام:

دلت الآيات على ما يأتي:

1 -

هناك أربع جنان ذات منازل مختلفة لمن خاف مقام ربّه، فجنتان للمقربين، ودونهما في المكان والفضل جنتان لأصحاب اليمين، كما قال ابن زيد، وقال ابن جريج: هي أربع: جنتان منها للسابقين المقرّبين: {فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ} و {عَيْنانِ تَجْرِيانِ} وجنتان لأصحاب اليمين {فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمّانٌ} و {فِيهِما عَيْنانِ نَضّاخَتانِ} . و

قد ذكرت ما رواه أبو موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم: «جنتان من فضة، أبنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب، أبنيتهما وما فيهما» .

2 -

لما وصف الله الجنتين لكل فريق أشار إلى الفرق بينهما:

أولا-فقال في الأوليين: {ذَواتا أَفْنانٍ} أي ذواتا ألوان من الفاكهة، وقال في الأخريين:{مُدْهامَّتانِ} مخضرتان في غاية الخضرة من الري.

ثانيا-وقال في الأوليين: {فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ} وفي الأخريين:

{فِيهِما عَيْنانِ نَضّاخَتانِ} أي فوّارتان ولكنهما ليستا كالجاريتين، لأن النضخ دون الجري.

ثالثا-وقال في الأوليين: {فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ} فعمّ ولم يخص، وفي الأخريين:{فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمّانٌ} ولم يقل: من كل فاكهة.

قال بعض العلماء: ليس الرمان والنخل من الفاكهة، لأن الشيء لا يعطف

ص: 234

على نفسه، إنما يعطف على غيره، وهذا ظاهر الكلام. وقال الجمهور: هما من الفاكهة، وإنما أعاد ذكر النخل والرمان لفضلهما وحسن موقعهما على الفاكهة، كقوله تعالى:{حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى} [البقرة 238/ 2]، وقوله:{مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ} [البقرة 98/ 2].

وبناء على الرأي الأول قال أبو حنيفة: من حلف ألا يأكل فاكهة فأكل رمّانا أو رطبا، لم يحنث. وخالفه صاحبه والجمهور.

رابعا-وقال في الأوليين: {فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ..} . وفي الأخريين:

{فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ} يعني النساء، الواحدة خيرة، على معنى ذوات خير، وقرئ «خيّرات» والتي قصرت طرفها بنفسها أفضل ممن قصرت، كما تقدم.

ووصفت الأوليان بقوله: {كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ} .

ويلاحظ أنه سبحانه قال في الموضعين عند ذكر الحور: {فِيهِنَّ} وفي سائر المواضع: {فِيهِما} والسرّ في ذلك الإشارة إلى أن لكل حورية مسكنا على حدة، متباعدا عن مسكن الأخرى، متسعا يليق بالحال، وهذا ألذ وأمتع وأهنا للرجل الواحد عند تعدد النساء، فيحصل هناك متنزهات كثيرة، كل منها جنة، وكأن في ضمير الجمع إشارة لذلك. أما العيون والفواكه فلا حاجة فيها لهذا الاستقلال، فاكتفى فيها بعود الضمير إلى الجنتين فقط.

وهل الحور أكثر حسنا وأبهر جمالا من الآدميات؟ قيل: الحور، لما ذكر من وصفهن في القرآن والسنة،

ولقوله صلى الله عليه وسلم في دعائه على الميت في الجنازة:

«وأبدله زوجا خيرا من زوجه» .

وقيل:

الآدميات أفضل من الحور العين بسبعين ألف ضعف، لحديث روي مرفوعا

(1)

.

(1)

تفسير القرطبي: 187/ 17 وما بعدها.

ص: 235

والمشهور أن الحور العين لسن من نساء أهل الدنيا، وإنما هنّ مخلوقات في الجنة، لأن الله تعالى قال:{لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} وأكثر نساء أهل الدنيا مطموثات.

خامسا-وقال في الأوليين: {مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ.} .

وفي الأخريين: {مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ} ويلاحظ أن الوصف الأول أرفع وأفخم.

3 -

كرر الله تعالى في هذه السورة قوله: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} إحدى وثلاثين مرة: ثمانية منها ذكرها عقيب تعداد عجائب خلقه، وذكر المبدأ والمعاد، ثم سبعة منها عقيب ذكر النار وأهوالها على عدد أبواب جهنم، وبعد هذه السبعة أورد ثمانية في وصف الجنات وأهلها على عدد أبواب الجنة، وثمانية بعدها عقيب وصف الجنات التي هي دونهما، فمن اعتقد الثمانية الأولى وعمل بموجبها، استحق كلتا الثمانيتين من الله، ووقاه السبعة السابقة.

4 -

نزّه الله تعالى نفسه عما لا يليق بجلاله، وختم السورة به، والاسم (اسم الجلالة) مقحم على المشهور للتبرك والتعظيم كالوجه في قوله تعالى:{وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ} ، وهذا لتعليم العباد بأن كل ما ذكر من آلاء ونعم من فضله ورحمته، وأن من عدله تعذيب العاصين، وإثابة الطائعين، فإنه افتتح السورة باسم {الرَّحْمنُ} فوصف خلق الإنسان والجن، وخلق السموات والأرض وصنعه، وأنه كل يوم هو في شأن، ووصف تدبيره فيهم، ثم قال في آخر السورة:{تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ} أي هذا الاسم الذي افتتح به هذه السورة، كأنه يعلم عباده أن هذا كله خرج لكم من رحمتي، فمن رحمتي خلقكم وخلقت لكم السماء والأرض والخلق والخليقة والجنة والنار، فهذا كله من اسم الرحمن.

ص: 236