الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} أي وأوجدنا من جميع المخلوقات صنفين أو نوعين ضدين أو متقابلين: ذكر وأنثى، وحلو ومرّ، وسماء وأرض، وليل ونهار، وشمس وقمر، وبر وبحر، وضياء وظلام، وإيمان وكفر، وموت وحياة، وخير وشر، وشقاء وسعادة، وجنة ونار، حتى الحيوانات والنباتات، لذا قال تعالى:{لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} أي خلقنا ذلك على هذا النحو لتعلموا وتتذكروا أن الخالق واحد لا شريك له، وتستدلوا بذلك على التوحيد.
ثم رتب على دليل الوحدانية والقدرة أمرين: اللجوء إلى الله وتجنب الشرك إتماما للتوحيد، فقال:
- {فَفِرُّوا إِلَى اللهِ، إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} أي الجؤوا إلى الله، واعتمدوا عليه في أموركم كلها، وتوبوا من ذنوبكم، وأطيعوا أوامره، فإني لكم منذر بيّن الإنذار، ومخوّف من عذابه وعقابه. وهذا أمر بالإقبال على الله، والإعراض عما سواه. وقوله:{فَفِرُّوا} ينبئ عن سرعة الإهلاك، كأنه يقول: الإهلاك والعذاب أسرع وأقرب من أن يحتمل الحال الإبطاء في الرجوع، فافزعوا إلى الله سريعا وفروا.
- {وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ، إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} أي لا تشركوا بالله شيئا آخر سواه، فإن الإله المعبود بحق هو الذي لا تصلح العبادة لغيره، ثم كرر التذكير بمهمة الإنذار البيّنة للنبي صلى الله عليه وسلم للتأكيد.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
1 -
إثبات وحدانية الله وقدرته بآيات الكون الكبرى، من خلق السماء التي تدل بكواكبها ونجومها وشمسها وقمرها وتوابعهما على أن الإله الصانع قادر على الكمال، وكذا خلق الأرض الممهدة المبسوطة الممدودة كالفراش بما فيها من خيرات
ظاهرة وباطنة، وأيضا خلق الصنفين والنوعين المختلفين من ذكر وأنثى، وحلو وحامض ونحو ذلك، وسماء وأرض، وشمس وقمر، وليل ونهار، ونور وظلام، وسهل وجبل، وجنّ وإنس، وخير وشر، وبكرة وعشيّ، والأشياء المختلفة الطعوم والروائح والأصوات.
فهذا كله دليل على قدرة الله، ومن قدر على هذا قدر على الإعادة، وهو إشارة إلى أن ما سوى الله تعالى مركب من أجزاء، وهو دليل على الانتقال من المركب إلى البسيط، ومن الممكن إلى الواجب، ومن المصنوع إلى الصانع، فإن خالق الأزواج فرد وإلا لكان ممكنا، فيكون مخلوقا، ولا يكون خالقا، فلا يقدّر في صفته حركة ولا سكون، ولا ضياء ولا ظلام، ولا قعود ولا قيام، ولا ابتداء ولا انتهاء، إذ ليس كمثله شيء.
2 -
إن الإله المتصف بالوحدانية والقدرة الباهرة يجب في حقه أمران أساسيان: اللجوء إليه وحده، والتوبة إليه من الذنوب، والفرار من معاصيه إلى طاعته، واجتناب الشرك أو عبادة شيء آخر معه. قال سهل بن عبد الله: فرّوا مما سوى الله إلى الله.
3 -
إن النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد مماته بما تركه من بيان وسنة دائم الإنذار، بيّن التخويف، ينذر الناس من عقاب الله على الكفر والمعصية.