الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} أي فهلاك وشدة عذاب للكافرين في يوم القيامة الذي يوعدون به، وقيل: اليوم يوم بدر.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
1 -
إن تكذيب الرسل شأن الأمم قديمها وحديثها، فكما كذب محمدا قومه، وقالوا: ساحر أو مجنون، كذّب من قبلهم رسلهم، وقالوا مثل قولهم، وكأن أولهم أوصى آخرهم بالتكذيب، والتواطؤ عليه، والواقع ليس كذلك، فلم يوص بعضهم بعضا، بل جمعهم الطغيان، وهو مجاوزة الحد في الكفر.
والغرض من الخبر تسلية النبي صلى الله عليه وسلم عما يلقاه من صدود قومه عن دعوته.
2 -
أمر الله نبيه بالإعراض عن جدال قومه، وطمأنه ربه بأنه غير ملوم.
ولا مقصر، فقد بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، وإنما هم الملومون بالإعراض والعناد. وهذه تسلية أخرى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان من كرم أخلاقه وشدة حساسيته ينسب نفسه إلى تقصير في التبليغ، فيجتهد في الإنذار والتبليغ.
3 -
لكن التولي عن القوم ليس مطلقا، لذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمتابعة التذكير، فإنه ينفع المؤمنين، وهم من علم الله سابقا أنهم يؤمنون.
4 -
وغاية التذكير: توجيه الناس إلى عبادة الله وتوحيده والإخلاص له، فلم يخلق الله الخلق إلا للعبادة، فالمقصود من إيجاد الإنسان العبادة، فيكون التذكير بها ضروريا، والاعلام بأن كل ما عداها تضييع للزمان، وفائدة العبادة: التعظيم لأمر الله، والشفقة على خلق الله.
ثم إن مهمة الأنبياء منحصرة في أمرين: عبادة الله، وهداية الخلق. وهناك غرض ثالث آخر من ذكر هذه الآية: وهو بيان سوء صنيع الكفار، حيث تركوا
عبادة الله، مع أن خلقهم ما كان إلا للعبادة.
وقال مجاهد وغيره «إلا ليعبدون» أي إلا للعبادة، وهذا كما قال الثعلبي قول حسن، لأنه لو لم يخلقهم، لما عرف وجود الله وتوحيده، ودليل هذا التأويل قوله تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ} [الزخرف 87/ 43]. {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ: خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} [الزخرف 9/ 43]. وهذا منهم عبادة وليس ينفعهم مع الشرك.
5 -
لم يكن خلق الناس للعبادة لحاجة من الخالق، فالله عز وجل غني عن عبادة العباد، ولم يكن خلقهم للتسخير للخدمة في توفير الطعام والشراب أو حفظه، كما يفعل السادة مع العبيد، وهو سبحانه الرزاق الذي يرزق غيره، وهو القدير الشديد القوي، الذي لا يتقوى بأحد.
وقوله: {هُوَ الرَّزّاقُ} تعليل لعدم طلب الرزق، وقوله:{ذُو الْقُوَّةِ} تعليل لعدم طلب العمل، لأن من يطلب رزقا، يكون فقيرا محتاجا، ومن يطلب عملا من غيره، يكون عاجزا لا قوة له.
6 -
إن للذين ظلموا أنفسهم وهم كفار مكة وأمثالهم نصيبا من العذاب مثل نصيب الكفار من الأمم السالفة، فلا داعي لاستعجالهم نزول العذاب بهم، فإنه آتيهم لا محالة.
وهذا تهديد للكفار الذين وصفهم الله بأنهم ظلمة، لأن من وضع نفسه في موضع عبادة غير الله، يكون قد وضع الشيء في غير موضعه، فيكون ظالما.
وإذا ثبت أن الإنس مخلوقون للعبادة، فإن الذين ظلموا بعبادة غير الله، لهم هلاك مثل هلاك من تقدم.
ومناسبة الذّنوب التي هي في الأصل: الدلو العظيمة: هي كأنه تعالى قال:
نصبّ من فوق رؤوسهم ذنوبا كذنوب صبّ فوق رؤوس أولئك.