الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منها السامع في بادئ الأمر أنه مدح،
فإذا هو ذم مؤكد.
وهو ضربان:
أحدهما: أن يستثنى من صفة مدح منفية عن الشيء صفة ذم بتقدير دخولها فيها
، كقولك:"فلان لا خير فيه إلا أنه يسئ إلى من يحسن إليه".
فقد نفيت الخير عن فلان، وهذه صفة ذم، ثم استثنت بعد هذا النفي صفة ذم أخرى وهي أنه يسيء إلى من يحسن إليه، فجاء ذماً بعد ذم، فتأكد الذم الأول.
ولهذا فإنه يجري فيه ما يجري في الضرب الأول، من أنه كدعوى الشيء ببينه، وأنه ذم على ذم، وأن به خداعاً لفظياً ينبه السامع، وينشط ذهنه لاستقبال ما يذم به.
وثانيهما: أن يثبت للشيء صفة ذم، ويعقبها أداة استثناء تليها صفة ذم أخرى له
، كقولك:"فلان فاسق إلا أنه جاهل".
ويجري فيه ما يجري في نظيره من تأكيد المدح بما يشبه الذم.
ومنه قول الشاعر:
يا حبيب الإله جد لي بقرب
…
منك يا صفوة العزيز الرحيم
يا رسولاً أعداؤه أراذل النا
…
س جميعاً لكنهم في الجحيم.
فقد وصف الشاعر أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم أراذل الناس وأحقرهم وهذه صفة ذم؛ فلما استدرك بقوله (لكنهم) أوهم السامع أنه سيأتي بعدها بصفة مدح، فلما قال: في الجحيم - ولا يدخل الجحيم إلا أراذل الناس - علم السامع أنه أتى بصفة ذم أكدت صفة الذم الأولى، لأنها أتت ذماً بعد ذم.