الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحاديث ترويها السيول عن الحيا عن البحر عن كف الأمير تميم!
والحيا: هو المطر، وقد ناسب هنا بين (الصحة) و (القوة)، و (السماع) و (الخير المأثور) و (الأحاديث) و (الرواية) ثم ناسب بين (السيل) و (الحيا) و (البحر) و (كف تميم).
هذا إلى ما في البيت الثاني عن سلامة الترتيب في العنعنة إذ جعل الرواية لصاغر عن كابر، تماماً كما يقع في سند الأحاديث، فالسيول أصلها المطر، والمطر. أصله البحر، وقد جعل كف الممدوح أصلاً للبحر على سبيل المبالغة.
(ومن مراعاة النظير) لون يسمى: تشابه الأطراف:
وهو (أن تختم الكلام بما يناسب أوله في المعنى).
ومثاله قول الله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} وذلك لأن اللطف، وهو ما لا تدركه الأبصار مطلقاً، إذ هو المراد هنا - يناسب ما لا يدرك بالبصر، كما أن الخبرة تناسب من يدرك شيئاً لأن من يدرك الشيء يكون خبيراً به.
على أن اللطف - هنا - إذا أريد به معنى الرأفة، فإن الآية تكون من إيهام التناسب الذي سيأتيك بعد قليل.
وقول الله تعالى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ
لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} فقد ختم الآية بقوله (الغني الحميد) ليبين بهذا أن ماله ليس لحاجة، وإنما هو غني عنه جواد به، فإذا ما جاد به حمده المنعم عليه.
ومن هذا الضرب قول الله تعالى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} .
وذلك لأنه لما قال: (وإن تغفر لهم) أوهم ذلك أنه سيقول في الفاصلة (الغفور الرحيم) ولكنه بالتأمل والإمعان في الآية الكريمة نجد أنه يجب أن تكون الفاصلة هي (العزيز الحكيم) - كما في الآية الكريمة -، وذلك لأنه لا يغفر لمن يستحق العذاب إلا من ليس له فوقه أحد يود عليه حكمه فلابد أنه هو (العزيز) وذلك لأن العزيز في صفات الله تعالى: هو الغالب ولابد أن يوصف (بالحكيم) أيضاً - لأن الحكيم هو من يضع الشيء في محله، والله تعالى كذلك، غير أنه قد يخفى وجه الحكمة في بعض أفعاله فيتوهم الضعفاء أنه خارج عن الحكمة، فكان الوصف بقوله (الحكيم) احتراساً حسناًن وعلى هذا فإن المعنى: وإن تغفر لهم مع استحقاقهم العذاب فلا معترض عليك لا حد في ذلك، والحكمة فيما فعلته.
ومما يلحق بمراعاة النظير: ما يسمى بإيهام التناسب: وهو: أن يجمع بين معنيين غير متناسبين بلفظين بكون لهما معنيان متناسبان ولكنهما غير مقصودين، كما في قوله تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5)