الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانياً: ترتيب الألفاظ في النطق على حسب ترتيب المعاني في النفس:
هناك فرق بين نظم الحروف، ونظم الكلمات: إذا نظم الحروف هو تواليها في النطق فقط دون أن يكون هناك معنى اقتضى هذا النظم، ولا أن يكون ناظمها قد تحرى رسماً من العقل في نظمها أما نظم الكلمات فإن الأمر ليس كذلك، لأنك تقتضى في نظمها أثار المعاني، وترتيبها في النفس، فهو نظم يعتبر فيه حال المنظوم بعضه مع بعض، وليس بمعناها ضم الشيء إلى شيء كيف جاء واتفق.
فإذا ما عرفت الفرق بين نظم الحروف ونظم الكلمات على هذا النحو عرفت أن ليس الغرض وينظم الكلمات أن توالت ألفاظها في النطق، ولكن أن تناسقت وتلاقت معانيها على الوجه الذي اقتضاها العقل.
والدليل على ذلك:
أولاً: أن الألفاظ لا تستحق من حيث هي ألفاظ أن تنظم على وجه دون وجه
، لأنك لو فرضت أن تنخلع من هذه الألفاظ دلالتها لما كان شيء منها أحق بالتقديم من شيء، ولا يتصور أن يجب فيها ترتيب ونظم.
ثانياً: أنه لو كان القصد بالنظم إلى اللفظ نفسه، دون أن يكون الغرض هو ترتيب المعاني في النفس ثم النطق بالألفاظ على حذوها
، لكان ينبغي أن لا يختلف حال اثنين في العلم بحسن النظم أو غير الحسن فيه لأنهما يحسان بتوالي الألفاظ إحساساً واحداً، ولا يعرف واحداً منهما في ذلك ما يجهله الآخر.