الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو غير ذلك، وأن كون المادة الروى هي النون بعد الواو، معلوم من روى الآية السابقة وهي قوله تعالى، {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} وإذا كان الغرض من هذه الآية: هو نفس أن يكون من الله تعالى ظلم للعباد، وإثبات ظلمهم لأنفسهم، كان من طبيعة هذا مثل هذا الأسلوب الذي يؤدي به مثل هذا الغرض: أن يدل أوله على آخره، وسابقه على لاحقه: فقد روى أنه لما بلغت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ} قال عبد الله بن أبي سرح: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كذلك أنزلت".
على أن الجاحظ قد أورد قول عبد الله بن المقفع: ليكن في صدر كلامك دليل على حاجتك، كما أن خير أبيات الشعر: البيت الذي إذا سمعت صدره عرفت قافيته.
وإذا تعلق غرس المتكلم بمثل هذا، كان ما أسموه باسم "الارصاد" من صميم البلاغة، لأنه مما يقتضيه المقام (1).
4) المشاكلة:
وهي ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبة ذلك الغير تحقيقاً
(1))) الصبع البديعي ص 473.
وتقديراً.
أما وقوع اللفظ في صحبة غيره تحقيقاً، فكقول أبي الرقعق احمد بن محمد الأنطاكي:
قالوا اقترح شيئاً نجد لك طبخه قلت اطبخوا إلى جبة وقميصاً
فكأنه قال: خيطوا لي جبة وقميصاً.
وقول الله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} . فالمشاكلة هنا في إطلاق لفظ (سيئة) على جزاء السيئة.
وقول أبي تمام:
من مبلغ أفناء يعرب كلها
…
أني بنيت الجار قبل المنزل.
والأفناء جمع فن وهو الجماعة. والمشاكلة هنا في قوله (بنيت الجار)، لأن الجار لا يبنى وإنما أتى بهذا اللفظ مشاكلة قبل المنزل. لأن المقصود، قبل بناء المنزل، والمقدر كالمذكور.
وشهد رجل عند شريح فقال: "إنك لسيط الشهادة"، أي مستمر في حفظها، لأن السيوط في الأصل: إنطلاق الشعر وإمتداده، فقال الرجل:"إنها لم تجعد عني" أي أنهما لم تقصر عن إدراكه وحفظه، والتجعد في الأصل، ضد السيوطة، فقد عبر عن عدم تقصيره في إدراكه للشهادة بلفظ (لم تجعد) لوقوعه في صحبة قوله