الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الثانية والعشرون بعد الثلاثمئة [دوران الحكم]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
" الأصل عند أبي حنيفة رضي الله عنه: أن حكم الشيء قد يدور مع خصائصه، فإذا ثبتت خصائصه ثبت حكمه، ومتى لم تثبت خصائصه لم يثبت حكمه (1) ".
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
لكل شيء من تصرف أو عقد أو فعل خصائص وصفات تميزه عن غيره من التصرفات أو العقود أو الأفعال.
فعند أبي حنيفة رضي الله عنه في الراجح عنده أن حكم كل شيء دائر مع خصائص هذا الشيء التي تميزه عما سواه فإذا ثبت لشيء ما خصائص فإن حكم هذا الشيء يثبت تبعاً لذلك، وإذا لم تثبت هذه الخصائص لا يثبت حكمه.
والخلاف في مسائل هذه القاعدة يدور على وجود هذه الخصائص في الشيء المراد إثبات حكمه أو عدم وجودها. فإذا غلب على ظن مجتهد وجود هذه الخصائص أعطى هذا الشيء حكمه المناسب له، وإذا غلب على ظن مجتهد آخر عدم وجود هذه الخصائص لم يعطه حكمه.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
إذا قال الرجل لإحدى أمتيه: أحداكما حرة. ثم وطيء إحداهما لم يكن وطؤه بياناً للمعتقة عند أبي حنيفة رحمه الله، لأن الواطيء لم يتصرف فيما هو من خصائص ملك اليمين، لأن الوطء مباح بنوعي الملك يعني ملك النكاح، وملك اليمين. فليس هو من خصائص ملك اليمين، التي لا
(1) تأسيس النظر صـ 93 وصـ 139 ط جديدة.
يشاركه فيها غيره بخلاف ما لو باع إحداهما إذ يكون بيعه بياناً للمعتقة وهي غير المبيعة لأن البيع من خصائص ملك اليمين خلافاً للوطء.
أما إذا قال لزوجتيه: إحداكما طالق. ثم وطيء إحداهما فيكون ذلك بياناً للمطلقة منهما وهي غير الموطوءة، لأن وطء الحرة من خصائص ملك النكاح، فقد تصرف فيما هو من خصائص ملك النكاح فثبت حكم البيان.
وأما عند أبي يوسف ومحمد فيعتبر بياناً فيهما.
ومنها: أن المصلي إذا قرأ من المصحف لا تجوز صلاته عند أبي حنيفة رضي الله عنه، لأن كراهية النظر في المصحف من خصائص هذه العبادة فلما أتى بما هو من محظورات هذه العبادة فسدت صلاته. وعند أبي يوسف ومحمد لا تفسد صلاته.