الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلتي بعلم القواعد الفقهية ودواعي تأليف هذة الموسوعة:
تعود صلتي بهذا العلم الجليل إلى قريب من خمس عشرة سنة - أي سنة أربعمئة بعد الألف لهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ اقترح قسم أصول الفقه في كلية الشريعة التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض تدريس هذ العلم لطلاب الكلية وأُسند إليَّ وضع منهج هذا العلم وتدريسه، وبهذا كانت كلية الشريعة هذه أسبق الكليات الشرعية لتقرير هذا العلم باعتباره مقرراً دراسيا لطلابها إذ أن ما سبقها من كليات الشريعة في العالم الإسلامي ما اعتنوا بهذا العلم ولم يقرروه على الطلاب إلا في بعض أقسام الدراسات العليا، مع أن إحدى مدارس مكة المكرمة وهي المدرسة الصولتية كان يدرس لطلابها القواعد التي صدَّر بها الإمام السيوطي كتابه الأشباه والنظائر ولكن ما عدا ذلك - بحسب علمي - كان هذا العلم مجهولاً عند كثير من طلاب العلم الشرعي لعدة قرون.
ولكن حين أسند إليَّ وضع منهج لهذا العلم وتدريسه أخذت أبحث وأنقب عن المؤلفات في هذا العلم فلم أجد من كتبه مطبوعاً غير بضعة مؤلفات لأئمة من الفقهاء المتأخرين وكان أهم ما عثرت عليه كتاب تأسيس النظر للإمام الدبوسي مع أصول الإمام الكرخي، وكتاب تقرير القواعد وتحرير الفوائد للحافظ أبي الفرج ابن رجب الحنبلي المعروف باسم "قواعد الفقه الإسلامي" ثم كتاب الأشباه والنظائر للإمام السيوطي الشافعي، وكتاب الأشباه والنظائر لابن نجيم الحنفي،
وكتاب إيضاح المسالك للونشريسي المالكي - مطبوعاً على الآلة - وكتاب الفروق للقرافي، وعثرت أيضاً على شرح علي حيدر لمجلة الأحكام العدلية حيث صدِّرت المجلة بتسع وتسعين قاعدة فقهية، وما كتبه شيخي وأستاذي الجليل مصطفى بن أحمد الزرقا الحلبي في كتابه العظيم المدخل الفقهي العام في الباب الثالث منه حيث تحدث فيه عن القواعد الفقهية ونشأتها وتدوينها وذكر بعض ما أُلِّف فيها وذكر قواعد المجلة مع شرح موجز لها وأضاف إليها إحدى وثلاثين قاعدة أُخرى من قواعد المذهب الحنفي. وعثرت أيضاً على كتاب أبي سعيد الخادمي مجامع الحقائق وشرحه منافع الدقائق حيث ختمه بثلاثين ومائة قاعدة مرتبة ترتيباً أبجدياً. وكتاب الفرائد البهية للمفتي محمود حمزة، وكتاب غمز عيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر لأحمد بن محمد الحنفي الحموي، وشرح الخاتمة - أي خاتمة مجامع الحقائق، لسليمان القرق أغاجي، ومن المخطوطات: الأشباه والنظائر لابن السبكي، وتوفيق الإله حاشية على فن من الأشباه لسنبلي زاده،
ومن خلال البحث المستمر والتنقيب الجاد في أمهات مصادر المؤلفين والمؤلفات اطلعت على أسماء أعداد كبيرة من الكتب التي اعتنت بهذا العلم تدويناً وشرحاً وتمثيلاً وتعليلاً وتأصيلاً، عدا ما انتثر من القواعد في ثنايا أبواب الفقه ومسائله.
ولكن ما لفت نظري وشد انتباهي أن كل مَن ألف في القواعد الفقهية جمعاً لها أو شرحاً وتمثيلاً إنما اعتنى بها وألف فيها في نطاق مذهبه، فكان عمله منحصراً في قواعد المذهب وقلما يشار إلى قاعدة
أو حكم مسألة في مذهب أخر، ولم أجد كتاباً في القواعد مقارناً بين المذاهب مثل كتب الفقه المقارن غير كتاب تأسيس النظر للإمام الدبوسي، وقد استفدت من هذا الكتاب فائدة عظيمة جداً في شحذ همتى لإخراج موسوعة القواعد الفقهية الشاملة لكل القواعد في كل المذاهب ما اتفق منها وما اختلف.
فأخذت على نفسي أن أسلك طريقاً غير ما سلكه أولئك المؤلفون وانهج نهجاً مغايراً لما نهجوه، فقمت أولاً بتأليف كتاب الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية،، ليكون بأيدي الطلاب الذين يدرسون هذا العلم في مختلف الكليات الشرعية في داخل المملكة العربية السعودية وخارجها حيث أن كثيراً من كليات الشريعة في العالم العربي سارت على نهج كلية الشريعة في جامعة الإمام في تقرير هذا العلم وتدريسه لطلابها، واشتمل كتاب الوجيز على ثمانين ومائة قاعدة تقريباً كلية وفرعية وفي مقدمتها القواعد الست الكبرى وما تفرع عليها من قواعد مستخلصة من مختلف كتب القواعد من مختلف المذاهب وقمت بشرح هذه القواعد والاستدلال لكثير منها، وكان تمثيلي لفروعها غير منحصر في مذهب معين بل حاولت أن يكون الكتاب شاملاً لمسائل من مختلف المذاهب مع المقارنة بينها وبيان أوجه الخلاف في كثير من المسائل، وقد لاقى هذا الكتاب بحمد الله وتوفيقه إقبالاً ونهمة شديدين من المشتغلين بالفقه وطلاب العلم الشرعي وغيرهم وقد طبع ثلاث طبعات والرابعة في الطريق بإذن الله.
وكنت قدَّرت أن يكون هذا الكتاب بداية ومقدمة لتأليف حديث في القواعد الفقهية تتلوه كتب أخرى أشمل وأوسع، وبخاصة وفي خلال عقد واحد من الزمن حقق ونشر عدد كبير من أمهات كتب القواعد والأشباه والنظائر ومن أهمها: الأشباه والنظائر لابن الوكيل، والأشباه والنظائر لابن السبكي، وقواعد الحصني - مختصر قواعد العلائي. وقواعد ابن خطيب الدهشة - مختصر قواعد العلائي والأسنوي - وقواعد المقري، والإعتناء للبكري وغيرها كثير، كما ألف في القواعد الكلية الكبرى مؤلفات نال بها مؤلفوها درجات علمية كالماجستير والدكتوراه.
ولكن مع هذا كله لم أجد كتاباً واحداً شاملاً لكل القواعد في كل المذاهب يلم شتاتها ويبرزها بصورة جلية واضحة، وحتى الكتب الخاصة بالقواعد أو بالأشباه والنظائر - كما أطلق على كثير منها، أو كتب الفروق - لم أجد كتاباً خالصاً للقواعد الفقهية بل إن المؤلفين لتلك الكتب - سواء من تقدم منهم ومن تأخر - مع ذكرهم واعتنائهم بكثير من قواعد الفقه - خلطوا مع القواعد الفقهية أحكاماً فقهية مختلفة بعناوين مختلفة، أو خلطوها بقواعد أصولية أو لغوية أو كلامية، من ذلك على سبيل المثال: المجموع المذهب للإمام العلائي، والأشباه والنظائر لابن الوكيل، ولابن السبكي وللسيوطي، ولابن نجيم وغيرهم.
ولذلك عزمت مستعيناً بالله سبحانه وتعالى متوكلاً عليه واثقاً به أن أقوم بجمع شتات القواعد الفقهية من مختلف كتب القواعد وكتب