الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقه العام وحيثما وجدت في مختلف المذاهب لأخرج منها موسوعة شاملة لكل القواعد الفقهية التي يمكنني العثور عليها، لتكون معلمة فقهية عظيمة النفع جليلة الفوائد وتسد في صرح الفقه الإسلامي ثلمة أرجو أن يكون قد آن لها أن تنسد، وتضع هذا العلم الجليل في الطريق الصحيح النافع المفيد، وليلمس طلاب العلم الشرعي وغيرهم ما في صرح الفقه الإسلامي من كنوز مخبوءة قد آن لها بإذن الله أن تظهر وتكشف ليعم النفع بها.
عملي في هذه الموسوعة والنهج الذي سرت عليه في إنجاز ما تم منها:
تأليف الموسوعات عمل شاق مجهد يعلم صعوبته ومشقته كل مَنْ عانى أو شارك في تأليف شيء منها. فالعمل الموسوعي يحتاج إلى جهود متضافرة، وعقول متعاونة، وهمم عالية، وأوقات متوافرة، وأزمان متطاولة، وعلماء شباباً منحوا القوة والجلد والصبر على البحث والتنقيب، وإمكانيات عظيمة، وأما أن يقوم بهذا العمل الضخم فرد واحد - مهما بلغ هذا الفرد من العلم والمعرفة والقوة والجلد والصبر والهمة العالية ومهما منح من سعة الوقت وفضل المُنُّة والصحة فهو عمل متعذر أو كالمتعذّر، فكيف إذا كان هذا الفرد طويلب علم، قصير الباع، ضيق العطن ضعيف المُنَّة، مشغول الأوقات، وفوق ذلك قد نيَّف على الستين!
ولكني لما رأيت الهمم متقاصرة عن إنجاز مثل هذا العمل وخشيت إن طال انتظاري أن يضيع العمر ولم تقض نفسي من هذا
الشأن مناها، استعنت الله سبحانه وتعالى وتوكلت عليه وابتهلت إليه أن يمنحني القوة والعزم لأقوم - لا أقول بكل هذا العمل - ولكن لأقوم بالبدء فيه وفتح الطريق أمام العلماء والفقهاء وطلاب العلم ليكون لهم حافزاً وداعياً ليسيروا معي في طريق أقوم بتمهيده وتعبيده ليسلكوه معي ومِن بعدي على هدي منائر نصبتها، وصُوى أشعلتها، ومعالم حددتها، إن ساروا على هداها أرجو أن يتم العمل ويعلو البناء وتظهر الموسوعة كاملة يستفيد منها العلماء والفقهاء وطلاب العلم على مدى الأجيال القادمة، وإن أراد غيري أن ينصب لنفسه منائر أخرى ويشعل لسبيله صوى ومصابيح بديلة، ويحدد معالم جديدة، فليس لي أن أحَجِّر واسعاً، أو أضيق رحباً، ولكلّ وجهة، ولكن المهم أن يتم العمل وتنمو الشجرة وتنضج الثمرة لتكون قريبة المتناول دانية القطاف وأن يكون العمل مقصوداً به وجه الله سبحانه والدار الآخرة.
أقول حينما عزمت على البدء في هذه الموسوعة وذلك منذ عشر سنوات تقريباً أخذت أستعرض كتب القواعد الفقهية، والأشباه والنظائر والفروق واستخرج ما فيها من قواعد أو ضوابط وأسجلها في سجل خاص ثم أخذت أستعرض بعض كتب الفقه العام وأستخرج منها كذلك ما أعثر عليه من قواعد وضوابط ترد في مقام تعليل الأحكام، ثم ميزت بين القواعد والصوابط حيث أردت أن تكون الموسوعة للقواعد الفقهية دون غيرها، ولا أقول إنني استعرضت كل كتاب في القواعد ولا كل كتاب في الفقه وإنما الذي استعرضته كان قُلَاّ من كثر وغيضاً من فيض ولكنه جهد المقل.
وقد وضعت نصب عيني مناهج عدة لأتخير المنهج الذي أعتقد أنه أنسب من غيره وأكثر جدوى وأعم فائدة، فنظرت في طرق التأليف في الموسوعات المختلفة وكيف سار فيها مؤلفوها، فرأيت منهم المقصر والمطول والمتوسط، منهم من يذكر المصطلح ثم يشرحه ويورد كل ما يتعلق به كما فعل مؤلفو موسوعة الفقه الإسلامي الصادر بعض أجزائها عن جمعية الدراسات الإسلامية القاهرة.
ومنهم من يذكر المسألة أو المصطلح ويبين المعنى اللغوي والإصطلاحي ويذكر بعض الأحكام، كما فعل مؤلفو موسوعة الفقه الإسلامي - الكويت - مع عدم الإلتزام في كل الموسوعة بذلك، ومنهم من يكتفي بذكر المسألة ويشير إلى مراجعها ومصادرها فقط كما فعل سعدي أبو جيب في موسوعة الإجماع.
ولكني رأيت أن أنهج نهجاً وسطاً لا هو بالقصير المخل ولا بالطويل الممل فسرت على الخطوات التالية.
أولاً: رتبت القواعد ترتيباً أبجدياً بحسب الحرف الأول الذي تبدأ به القاعدة ثم ما بعده، وهي طريقة سار عليها بعض من ألف في القواعد وجمعها، وهي في نظري أسد طريقة في جمع القواعد وترتيبها، ورأيت أن أبدأ أولاً بتلك القواعد التي تبدأ بحرف الهمزة - فإذا أنهيتها تماماً أخذت فيما بعدها، وقد بلغت قواعد حرف الهمزة قريباً من سبعمئة قاعدة من مختلف المذاهب، ورأيت أن أخرجها أولاً حاملة اسم "القسم الأول" وأعطيت كل قاعدة منها رقماً مميزاً.
ثانياً: رأيت أن أُصدِّر الموسوعة بمقدمات توضح مبادئ علم القواعد ولتكون مدخلاً لهذا العلم ولهذه الموسوعة.
ثالثاً: نظرت فرأيت أنني إن اكتفيت بسرد القواعد وذكرها مرتبة بإيراد نصوصها فقط تكون الفائدة منها قليلة جداً، لأن أكثر القواعد صيغت بأسلوب موجز - حيث يعتبر أكثرها من جوامع الكلم - ومع وجازة الأسلوب قد لا يفهم مضمون القاعدة إلا من تمرس بدراسة الفقه وعرف مصطلحات أهله، وقد يختلف المصطلح بين مذهب ومذهب، ولم تؤلف هذه الموسوعة للعلماء المتخصصين فقط، وإن كانت ألزم لهم من غيرهم.
وقد سرت في بيان كل قاعدة تبعاً للخطوات التالية:
أولاً: وضعت رقم كل قاعدة في أعلى الصفحة بخط كوفي معدل واضح.
ثانياً: أذكر على يسار رقم كل قاعدة بخط أدق المصطلح الفقهي الذي تشير إليه القاعدة أو موضوع القاعدة.
ثالثاً: أذكر لفظ أو ألفاظ ورود القاعدة، إن وردت القاعدة بصيغة واحدة أعطيها رقماً واحداً، وكذلك إذا تعددت صيغها دون اختلاف جوهري، وأما إن تعددت ألفاظ القاعدة وصيغها وكان بينها خلاف جوهري أو زيادة فائدة - إن كانت القاعدة مبتدأة بحرف الألف - الهمزة - أعطي كلاً منها رقماً خاصاً، وأما إن كانت إحداها مبتدأة بغير حرف الألف أشير إلى أنها ستردُ في حرفها ولا أعطيها رقماً.
رابعاً: أذكر معنى القاعدة ومدلولها. حيث أشرح كل قاعدة شرحاً موجزاً أبين فيه المعنى اللغوي لبعض ألفاظها ومضمون القاعدة وموضوعها والمعنى الاصطلاحي لما يرد فيها من مصطلحات فقهية.
ولا أطيل في الشرح إلا إذا كان في القاعدة خلاف إلا قاعدة النية فقد أطلت الشرح لها مقصوداً.
خامساً: أمثل لكل قاعدة بمثال أو أكثر يوضح مضمونها ويظهر الحكم الذي أشارت إليه القاعدة، وإذا وجد خلاف في حكم مسألة أذكر الخلاف باختصار.
سادساً: رأيت خلال استخراج هذه القواعد ودراستها أن بعض المؤلفين في قواعد مذهب ما يشير إلى خلاف في القاعدة أو في بعض مسائلها عند مذهب آخر أو عند إمام من الأئمة فأخذت على عاتقي أن أتحقق من ذلك الخلاف ومدى صدق القول في ذلك وواقعيته من كتب صاحب المذهب المشار إلى خلافه، وقد رأيت أن كثيراً من مسائل الخلاف المنسوبة للمذاهب الأخرى غير صحيحة وينقصها دقة النظر أو صحة النقل لأن في المذهب المنسوبة إليه خلافها. فأشير إلى ذلك وأذكر الصواب من كتب المذهب ذاته.
سابعاً: أذكر في الهوامش مظان وأماكن وجود كل قاعدة حيث أذكر اسم الكتاب والجزء والصفحة، ورقم القاعدة إن كان لها في مصدرها رقم خاص أو فقرة خاصة.
ثامناً: قمت بترقيم الآيات الواردة في الموسوعة وعزوتها إلى سورها.
تاسعاً: قمت بتخريج كل حديث ورد في الموسوعة، سواء كان الحديث هو نص القاعدة أو ذكر ضمن شرح وبيان معنى القاعدة أو خلال التمثيل لها.
عاشراً: ترجمت للأعلام الذين وردت أسمائهم بترجمات موجزة مشيراً إلى موضع الترجمة من كتب التراجم.
حادي عشر: كتبت نص القاعدة بالخط النسخي الواضح، وما يشير إلى رقم القاعدة، وألفاظ ورودها، وبيان معناها، والتمثيل لها، بخط كوفي معدل واضح، وما عدا ذلك بخط النسخ العادي.
ثاني عشر: قمت بعمل فهارس علمية شاملة:
1 -
فهرس الآيات الكريمة حسب ورودها.
2 -
فهرس الأحاديث الشريفة كذلك.
3 -
فهرس القواعد بحسب ترتيبها في الكتاب.
4 -
فهرس المصطلحات الفقهية مرتبة ترتيباً أبجدياً.
5 -
فهرس الأعلام مرتبة أيضاً ترتيباً أبجدياً.
6 -
فهرس المصادر والمراجع مرتبة أبجدياً مع ذكر المطبعة وسنة الطبع ورقم الطبعة عند الوجود.
هذا جهدي فما كان فيه من حق وصواب فمن الله سبحانه وتعالى وبهدايته ودلالته، وما كان من خطأ فمنِّي ومن الشيطان، وأستغفر الله العظيم وأتوب إليه.
المؤلف
القصيم - بريدة فاتح المحرم من عام 1416