الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لابن أبي حاتم، قال:"الحارث بن عمر أبو عمران الطاحي. روى عن شدَّاد بن سعيد، روى عنه: زاجر بن الصلت. سمعت أبي يقولُ بعضَ ذلك.-وبعضه من قِبَلِي- وسمعته يقول: هو مجهولٌ". اهـ تنبيه 1 / رقم 127
726 - الحارث بن عمران الجعفري:
قال ابن عديّ (2/ 614): "وهذا الحديث لا أعلم رواه عن جعفر غير الحارث هذا، وللحارث عن جعفر بهذا الإسناد غير حديث، لا يتابعه عليه الثقات". . ثم قال: "وللحارث أحاديث غير ما ذكرتُ عن جعفر بن محمَّد، وعن غيره، والضَّعْفُ بيِّنٌ على رواياته". اهـ. . . .
* وتركه الدارقطنيّ. بل قال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقات. بذل الإحسان 2/ 407
727 - الحارث بن عَمرو الثقفي:
ابن أخي المغيرة بن شعبة
[حديثه عن أصحاب معاذ، عن معاذ مرفرعًا: "الحمد لله الذي وفّقَ رسولَ رسولِ الله لما يُرضي رسولَ الله" منكرٌ]
* تكلَّم العلماء الكبار في هذا الحديث وضعفوه. .
* فقال البخاريّ في "التاريخ الكبير"(1/ 2 / 277): "الحارث بن عمرو ابن أخي المغيرة بن شعبة الثقفي، عن أصحاب معاذ، عن معاذ، روى عنه أبو عون، ولا يصحُّ، ولا يعرف إلا بهذا. مرسل"
* وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه وليس إسناده عندي بمتصل.
* وقال الدارقطنيّ في "العلل": رواه شعبة، عن أبي عون هكذا، وأرسله ابن مهدي، وجماعاتٌ عنه، والمرسل أصح.
* قال ابن حزم: هذا حديث ساقط، لم يروه أحدٌ من غير هذا الطريق، وأول سقوطه أنه عن قوم مجهولين لم يسمعوا، فلا حجة فيمن لا يُعرف من هو؟ وفيه الحارث بن عَمرو، وهو مجهولٌ لا يعرف من هو؟ ولم يأت هذا الحديث قط من غير طريقه. كذا قال ابن حزم. . التوحيد / رييع أول / 1418
قال الألباني في "الضعيفة"(ح 881): -
* "قال الذهبي: ما روى عن الحارث غير أبي عون، فهو مجهول، وقال الترمذي: ليس إسناده عندي بمتصل. قلتُ: ولذلك جزم الحافظُ في التقريب بأنَّ الحارث مجهول. . .
* وقال ابن حزم: "هذا حديث ساقط، لم يروه أحد من غير هذا الطريق، وأول سقوطه أنه عن قوم مجهولين لم يسموا فلا حجة فيمن لا يعرف من هو؟ وفيه الحارث بن عَمرو، وهو مجهول لا يعرف من هو؟ ولم يأت هذا الحديث قط من غير طريقه". اهـ. . . . وقال ابن حزم: "لا يصح لأنَّ الحارث مجهول، وشيوخه لا يعرفون". اهـ. . . .
* قال الشيخ زاهد الكوثري في "مقالاته"(ص 60 - 61):
"وهذا الحديث رواه عن أصحاب معاذ الحارث بنُ عمرو الثقفي، وليس هو مجهول العين بالنظر إلى أن شعبة بن الحجاج يقول عنه: إنه ابن أخي المغيرة بن شعبة، ولا مجهول الوصف من حيث أنه من كبار التاربعين، في طبقة شيوخ أبي عون الثقفي المتوفّي سنة (116)، ولم ينقل أهل الشأن جرحًا مفسرًا في حقه، ولا حاجة في الحكم بصحة خبر التابعي الكبير إلا أن ينقل توثيقه عن أهل طبقته، بل يكفي في عدالة وقبول روايته ألا يثبت منه جرح مفسر من أهل الشأن لما ثبت من بالغ الفحص على المجروحين من رجال تلك الطبقة. أما من بعدهم فلا تقبل روايتهم ما لم تثبت عدالتهم وهكذا.
والحارث هذا ذكره ابن حبان في "الثقات" وإن جهّله العقيلي وابن الجارود وأبو العرب. وقد روى هذا الحديث عن أبي عون عن الحارث أبو إسحاق الشيباني وشعبة بن الحجاج المعروف بالتشدد في الرواية والمعترف له بزوال الجهالة وصفًا عن رجال يكونون في سند روايته.
* قلت [والقائل هو الألبانيّ]:
وفي هذا الكلام من الأخطاء المخالفة لما عليه علماء هذا الحديث، ومن المغالطات والدعاوى الباطلة ما لا يعرفه إلا من كان متمكنًا في هذا العلم الشريف، وبيانًا لذلك أقول:
1 -
قوله: "ليس هو مجهول العين بالنظر إلى أن شعبة يقول عنه: ابن أخي المغيرة". فأقول: بل هو مجهول، وتوضيحه من ثلاثة أوجه:
الأول: أن أحدًا من علماء الحديث -فيما علمتُ- لم يقل أن الرواي المجهول إذا عرف اسم جده بله اسم أخي جده خرج بذلك عن جهالة العين إلى جهالة الحال أو الوصف. فهي مجرد دعوى من هذا الجامد في الفقه، والمجتهد في الحديث دون مراعاة منه لقواعد الأئمة، وأقوالهم الصريحة في خلاف ما يذهب إليه!
فإنهم أطلقوا القول في ذلك، قال الخطيب:"المجهول عند أهل الحديث من لم يعرفه العلماء ولا يعرف حديثه إلا من جهة واحد. . ".
الثاني: أنه خلاف ما جرى عليه أئمة الجرح والتعديل في تراجم المجهولين عينًا، فقد عرفت مما سبق ذكره في ترجمة الحارث هذا أنه مجهول عند الحافظين الذهبيّ والعسقلاني وكفى بهما حجة لا سيما وهما مسبوقون إلى ذلك من ابن حزم وغيره ممن ذكرهم الكوثري نفسه كما رأيتَ.
ومن الأمثلة الأخرى على ذلك: ذُهيل بن عوف بن شماخ التميمي أشار
الذهبيّ إلى جهالته بقوله في "الميزان": "ما روى عنه سوى سليط بن عبد الله الطهوي". وصرح بذلك الحافظ في "التقريب": "مجهول من الثالثة". ومن ذلك أيضًا: زريق بن سعيد بن عبد الرحمن المدني أشار الذهبيّ إلى جهالته، وقال الحافظ:"مجهول".
والأمثلة على ذلك تكثر، وفيما ذكرنا كفاية، فأنت ترى أنَّ هؤلاء قد عرف اسم جد كل منهم، ومع ذلك حكموا عليهم بالجهالة.
الثالث: قوله: "شعبة يقول عنه: إنه ابن أخي المغيرة بن شعبة"، فأقول: ليس هذا من قول شعبة، وإنما هو من قول أبي العون كما مر في إسناد الحديث، وشعبة إنما هو راوٍ عنه، وهو في هذه الحالة لا ينسب إلى قول ما جاء في روايته، حتى ولو صحت عنده لأنه قد يقول بخلاف ذلك.
ولذلك جاء في علم المصطلح، "وعمل العالم وفتياه على وفق حديث رواه ليس حكمًا بصحته، ولا مخالفته قدح في صحته ولا في رواته"، وكذا في "تقريب النووي"(ص 209 بشرح التدريب).
وكأن الكوثري تعمد هذا التحريف ونسبة هذا القول لشعبة -وليس له- ليُقَوِّي به دعوى كون الحارث بن عمرو هو ابن أخي المغيرة، لأن أبا العون واسمه محمَّد بن عبيد الله الثقفي الأعور وإن كان ثقة، فإنه لا يزيد على كونه راويًا من رواة الحديث، وأما شعبة فإمام نقاد.
على أننا لو سلمنا بأنه من قوله فذلك مما لا يفيد الكوثري شيئًا من رفع الجهالة كما سبق بيانه.
[الحارث بن عَمرو من طبقة صغار التابعين]
2 -
قوله: "ولا مجهول الوصف من حيث أنه من كبار التابعين في طبقة شيوخ أبي عون. . ". فأقول: الجواب من وجهين:
الأول: بطلان هذه الدعوى من أصلها، لأن شيوخ أبي عون ليسوا جميعًا، من كبار التابعين حتى يلحق بهم الحارث هذا، فإنَّ من شيوخه أبا الزبير المكي وقد مات سنة (126)؛ ولذلك جعله الحافظ من الطبقة الرابعة. وهم الذين جُل روايتهم عن كبار التابعين.
ومن شيوخه والده عبيد الله بن سعيد، ولا تعرف له وفاة، لكن ذكره ابن حبان في "أتباع التابعين" وقال: يروي المقاطيع. قال الحافظ: فعلى هذا فحديثه عن المغيرة مرسل. يعني منقطع. ولذلك جعله في "التقريب" من الطبقة السادسة، وهم من صغار التابعين الذين لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة كابن جريج.
إذا عرفت هذا فادعاء أن الحارث بن عَمرو من كبار التاربعين افتئات على العلم، وتخرص لا يصدر من مخلص، والصواب أن يذكر ذلك على طريق الاحتمال، فيقال: يحتمل أنه من كبار التابعين، كما يحتمل أنه من صغارهم.
فإن قيل: فأيهما الأرجح لديك؟ قلت: إذا كان لا بد من اتباع أهل الاختصاص في هذا العلم وترك الاجتهاد فيما لا سبيل لأحد اليوم إليه، فهو أنه من صغار التابعين، فقد أورده الإِمام البخاري في "التاريخ الصغير" في فصل "من مات ما بين المائة إلى العشر"(ص 126 - هند) وأشار إلى حديثه هذا، وقال:"ولا يعرف الحارث إلا بهذا ولا يصح".
ولذلك جعله الحافظ في "التقريب" من الطبقة السادسة التي لم يثبت لأصحابها لقاء أحد من الصحابة، فقال:"مجهول، من السادسة".
فإن قيل: ينافي هذا ما ذكره الكوثري (ص 62)، أن لفظ شعبة في رواية عليّ بن الجعد، قال: سمعت الحارث بن عَمرو بن أخي المغيرة بن شعبة، يحدث: عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن معاذ بن جبل. كما أخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه، ومثله في جامع بيان العلم لابن عبد البَرَّ.
فهذا صريح في أنه لقي جمعًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهو تابعي.
فأقول: نعم والله إن هذه الرواية لتنافي ذلك أشد المنافاة، ولكن يقال للكوثري وأمثاله: أثبت العرش ثم انقش؛ فإنها رواية شاذة، تفرد بها عليّ بن الجعد مخالفًا في ذلك لسائر الثقات الذين لم يذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم مضافًا إلى (الأصحاب)، وإنما قالوا: أصحاب معاذ كما تقدم في الإسناد عند جميع من عزونا الحديث إليهم، إلا في رواية لابن عبد البر وهي من روايته عن أحمد ابن زهير، قال: حدثنا عليّ بن الجعد. . وأحمد بن زهير هو ابن أبي خيثمة.
وإليك أسماء الثقات المخالفين لابن الجعد في روايته تلك:
الأول: أبو داود الطيالسي نفسه في "مسنده" وعنه البيهقي.
الثاني: محمَّد بن جعفر عند أحمد والترمذي.
الثالث: عفان بن مسلم عند أحمد أيضًا.
الرابع: يحيى بن سعيد القطان، عند أبي داود وابن عبد البر في الرواية الأخرى.
الخامس: وكيع بن الجراح عند الترمذي.
السادس: عبد الرحمن بن مهدي عند الترمذي أيضًا.
السابع: يزيد بن هارون عند ابن سعد.
الثامن: أبو الوليد الطيالسي عند ابن سعد. فهؤلاء ثمانية من الثقات وكلهم أئمة أثبات لا سيما وفيهم يحيى القطان، الحافظ المتقن لو أن بعضهم خالفوا ابن الجعد لكان كافيًا في الجزم بوهمه في نسبته (الأصحاب) إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لا إلى معاذ، فكيف بهم مجتمعين؟! ومثل هذا لا يخفى على الكوثري، ولكنه يتجاهل ذلك عمدًا لغاية في نفسه،
وإلا فإن لم تكن رواية ابن الجعد هذه شاذة فليس في الدنيا ما يمكن الحكم عليه بالشذوذ، ولذلك لم يعرج على هذه الرواية كل من ترجم للحارث هذا.
فثبت مما تقدم أن الحارث بن عَمرو هو من صغار التابعين، وليس من كبارهم، وقد صرح بسماعه من جابر بن سمرة في رواية الطيالسي في "مسنده"(216) عن شعبة عنه.
والآخر: هب أنه من كبار التابعين، فلذلك لا ينفي عنه جهالة العين فضلًا عن جهالة الوصف عند أحد من أئمة الجرح والتعديل، بل إن سيرتهم في ترجمتهم للرواة يؤيد ما ذكرنا، فهذا مثلًا:
"حريث بن ظهير" من الطبقة الثانية عند الحافظ، وهي من طبقة كبار التابعين، فإنه مع ذلك أطلق عليه الحافظ بأنه مجهول. وسبقه إلى ذلك الإِمام الذهبي فقال: لا يعرف.
ومثله "حصين بن نمير" الكندي الحمصي، قال الحافظ:"يروي عن بلال، مجهول من الثانية".
ونحوه: "خالد بن وهبان" ابن خالة أبي ذر. قال الحافظ: "مجهول من الثالثة".
3 -
قوله: "ولم ينقل أهل الشأن جرحًا مفسرًا في حقه".
قلتُ: لا ضرورة إلى هذا الجرح، لأنه ليس بمثله فقط يثبت الجرح، بل يكفي أن يكون جرحًا غير مفسر إذا كان صادرًا من إمام ذي معرفة بنقد الرواة ولم يكن هناك توثيق معتبر معارض له، كما هو مقرر في علم المصطلح، فمثل هذا الجرح مقبول، لا يجوز رفضه، ومن هذا القبيل وصفه بالجهالة لأن الجهالة علة في الحديث تستلزم ضعفه، وقد عرفت أنه مجهول عند جمع من الأئمة النقاد ومنهم الإِمام البخاري. فأغنى ذلك عن الجرح المفسر. وثبت ضعف الحديث.
4 -
قوله: "ولا حاجة في الحكم بصحة خبر التابعي الكبير إلى أن ينقل توثيق عن أهل طبقته". فأقول: فيه أمور:
أولًا: أن الحارث هذا لم يثبت أنه تابعي كبير، كما تقدم، فانهار قوله من أصله.
وثانيًا: أنه لا قائل بأن الرواي سواء كان تابعيًا أو ممن دونه بحاجة إلى أن ينقل توثيقة عن أهل طبقته، بل يكفي في ذلك أن يوثقه إمام من أئمة الجرح والتعديل سواء كان من طبقته أو ممن دونها، فلما كان الحارث هذا لم يوثقه أحد ممن يوثق بتوثيقه، بل جهلوه فقد سقط حديثه.
5 -
قوله: "بل يكفي في عدالته. . (إلى قوله) من رجال تلك الطبقة".
قلتُ: هذه مجرد دعوى، فهي لذلك ساقطة الاعتبار، فكيف وهي مخالفة للشرط الأول من شروط الحديث الصحيح:"ما رواه عدل ضابط. . ".
فلو سلمنا أن عدالته تثبت بذلك، فكيف يثبت ضبطه وليس له من الحديث إلا القليل. بحيث لا يمكن سبره وعرضه على أحاديث الثقات ليحكم له بالضبط أو بخلافه، أو بأنه وسط بين ذلك. كما هو طريق من طرق الأئمة النقاد في نقد الرواة الذين لم يُروَ فيهم جرح ولا تعديل ممن قبلهم من الأئمة.
[رفع جهالة الراوي]
ويكفي في إبطال هذا القول مع عدم وروده في "علم المصطلح" أنه مباين لما جاء فيه: أن أقل ما يرفع الجهالة رواية اثنين مشهورين كما تقدم عن الخطيب.
ولما تعقبه بعضهم بأن البخاري روى عن مرداس الأسلمي. ومسلمًا عن ربيعة بن كعب الأسلمي ولم يرو عنهما غير واحد. رده النووي في "التقريب" بقوله "ص 211":
"والصواب نقل الخطيب، ولا يصح الرد عليه بمرداس وربيعة، فإنهما صحابيان مشهوران، والصحابة كلهم عدول".
وأيده السيوطي في "التدريب" فقال عقبة: "فلا يحتاج إلى رفع الجهالة عنهم بتعداد الرواة، قال العراقي: هذا الذي قاله النووي متجه إذا ثبتت الصحبة، ولكن بقي الكلام في أنه هل تثبت الصحبة برواية واحد عنه أو لا تثبت إلا برواية الاثنين عنه، وهو محل نظر واختلاف بين أهل العلم. والحق أنه إن كان معروفًا بذكره في الغزوات أو في وفد من الصحابة أو نحو ذلك فإنه تثبت صحبته".
قلتُ: فتأمل كلام العراقي هذا يتبين لك بطلان قول الكوثري لأنه تساهل في إثبات عدالة التابعي الكيير فلم يشترط فيه ما اشترطه العراقي في إثبات الصحبة المستلزمة لثبوت العدالة! فإنه اشترط مع رواية الواحد عنه أن يكون معروفًا بذكره في الغزوات أو الوفود. وهذا ما لم يشترط الكوثري مثله في التابعي! فاعتبروا يا أولي الأبصار.
ولعله قد وضح لك أنه لا فرق بين التابعي الكبير ومن دونه في أنه لا تقبل روايتهم ما لم تثبت عدالتهم.
وتثبت العدالة بتنصيص عدلين عليهم، أو بالاستفاضة كما هو معلوم.
6 -
قال: "أما من بعدهم فلا تقبل روايتهم ما لم تثبت عدالتهم وهكذا". قلتُ: بل والتايعي الكبير كذلك كما حققناه في الفقرة السابقة.
[بيان تلاعب الكوثري في علم الحديث]
7 -
قال: "والحارث هذا ذكره ابن حبان في "الثقات"، وإن جهله العقيلي وابن الجارود وأبو العرب".
قلتُ: فيه أمران، الأول: أنه تغافل عن أئمة آخرين جهلوه؛ منهم الإِمام
البخاريّ والذهبيّ والعسقلانيِّ وغرضه من ذلك واضح وهو الحط من شأن هذا التجهيل!
والآخر: اعتداده بتوثيق ابن حبان هنا خلاف مذهبه الذي يصرح في بعض تعليقاته بأن ابن حبان يذكر "الثقات" ما لم يطلع على جرح فيه، فلا يخرجه ذلك عن حد الجهالة عند الآخرين، وقد رد شذوذ ابن حبان هذا في "لسان الميزان".
وهذا من تلاعبه في هذا العلم الشريف، فتراه يعتد بتوثيق ابن حبان حيث كان له هوًا في ذلك كهذا الحديث، وحديث آخر في التوسل [الضعيفة (23)]، ولا يعتد به حين يكون هواه على نقيضه كحديث الأوعال وغيره.
[الكوثري يتبع هواه]
ولكن لا بد لي هنا من أن أنقل كلامه في راوي حديث الأوعال وهو عبد الله بن عميرة راويه عن العباس بن عبد المطلب، فهو تابعىٌ كبير؛ لتتأكد من وجود التشابه التام بينه وبين الحارث بن عَمرو الراوي للحديث عن معاذ، ومع ذلك يوثق هذا بذاك الأسلوب الملتوي، ويجهل ذاك وهو فيه على الصراط السوي!
قال في "مقالاته"(ص 309): "وقال مسلم في "الوحدان" (ص 14): "انفرد سماك بنُ حرب بالرواية عن عبد الله بن عميرة". فيكون ابن عميرة مجهول العين عنده، (يعني: مسلمًا) لأن جهالة العين لا تزول إلا برواية ثقتين، (تأمل) وقال إبراهيم الحربي -أجل أصحاب أحمد- عن ابن عميرة: لا أعرفه.
وقال الذهبيُّ في "الميزان" عن عبد الله بن عميرة: فيه جهالة".
قُلْتُ: ثم وصفه الكوثري بأنه شيخ خيالي! وبأنه مجهول عينًا وصفةً!
ونحوه قوله في النكت الطريفة (ص 101) وقد ذكر حديثًا في سنده عبد الرحمن بن مسعود: "وهو مجهول. قال الذهبيُّ: "لا يعرف" وإن ذكره
ابن حبان في "الثقات" على قاعدته في التوثيق" وقال في (قابوس): "وإنما وثقه ابن حبان على طريقته في توثيق المجاهيل إذا لم يبلغه عنهم جرح وهذا غاية التساهل"!! (ص 48 منه).
فقابل كلامه بالقاعدة التي وضعها من عند نفسه في قبول حديث التابعي حتى ولو نص الأئمة على جهالته تزداد تأكدًا من تلاعبه المشار إليه. نسأل الله السلامة ولو كانت القاعدة الموضوعة صحيحةً لكان قبول حديث ابن عميرة هذا أولى من حديث الحارث، لأنه روى عن العباس فهو تابعي كبير قطعًا، ولذلك جعله ابن حجر من الطبقة الثانية بينما الحارث إنما يروي عن بعض التابعين كما سبق، ولكن هكذا يفعل الهوى بصاحبه. نسأل الله العافية.
[إذا روى العدلُ عمن سماه لم يكن تعديلًا عند الأكثرين]
8 -
قال أخيرًا: "وقد روى هذا الحديث عن أبي عون، عن الحارث- أبو إسحاق الشيباني، وشعبه بن الحجاج المعروف بالتشدد في الرواية، والمعترف له بزوال الجهالة وصفًا عن رجال يكونون في سند روايته"! قلتُ: فيه مؤاخذتان:
الأول: أن كون شعبة معروفًا بالتشدد في الرواية لا يستلزم كل شيخ من شيوخه ثقة، بله من فوقهم، فقد وجد في شيوخه جمعٌ من الضعفاء، وبعضهم ممن جزم الكوثري نفسه بضعفه!
ولا بأس مِن أُسَمِّي هنا من تيسَّر لي منهم ذِكره:
1 -
إبراهيم بن مسلم الهُجَري
2 -
أشعث بن سوار
3 -
ثابت بن هرمز
4 -
ثُوَيْر بن أبي فاختة
5 -
جابر الجُعفي
6 -
داود بن فَراهيج
7 -
داود بن يزيد الأودي
8 -
عاصم بن عبيد الله
(قال الكوثري في النكت ص 74: ضعيف لا يحتج به)
9 -
عطاء بن أبي مسلم الخراساني
10 -
عليُّ بن زيد بن جدعان
11 -
ليث بن أبي سُلَيْم
12 -
مجالد بن سعيد.
قال الكوثري في النكت ص 63: "ضعيف بالاتفاق" وضعَّف به حديث: "ذكاة الجنين ذكاة أمه"! ثم ضعف به فيه (ص 95) حديث: "لعن الله المحلل والمحلل له"! فلم يتجه من تضعيفه إياه أنه من شيوخ شعبة!
13 -
مسلم الأعور
14 -
موسى بن عبيدة
15 -
يزيد بن أبي زياد
16 -
يزيد بن عبد الرحمن الدالاني
17 -
يعقوب بن عطاء
18 -
يونس بن خباب
من أجل ذلك قالوا في علم المصطلح: وإذا روى العدلُ عمن سماه لم يكن تعديلًا عند الأكثرين، وهو الصحيح كما قال النووي في "التدريب"(عن 208)
وراجع له شرحه "التقريب" (وإذا كان هذا في شيوخه فبالأولى أن لا يكون شيوخ شيوخه عدولًا إذا سموا، فكيف إذا لم يسموا؟!
الأخرى: قوله: "والمعترف له بزوال الجهالة. ."
أقول: إن كان يعني أن ذلك معترف به عند المحدثين، فقد كذب عليهم، فقد عرفت مما سردنا آنفًا طائفة من الضعفاء من شيوخ شعبة مباشرة، فبالأولى أن يكون في شيوخ شيوخه من هو ضعيف أو مجهول.
وكم من حديث رواه شعبة، ومع ذلك ضعفه العلماء بمن فوقه من مجهول أو ضعيف، من ذلك حديثه عن أبي التَّيَّاح: ثني شيخ، عن أبي موسى، مرفوعًا، بلفظ: (إذا أراد أحدكم أن يِبول فلْيَرْتَدْ لبوله موضعًا"، فضعفوه بجهالة شيخ أبي التياح.
ومن ذلك حديث: "من أفطر يومًا من رمضان عن غير رخصة. . " الحديث.
رواه شعبة بإسناده، عن أبي المطوس، عن أبي هريرة، مرفوعًا: فضعفه البخاري وغيره بجهالة أبي المطوس فراجع: "الترغيب والترهيب"(2/ 74) و"المشكاة"(2013) و"نقد الكتاني"(35).
[بيان طريقة الكوثري في إعلال الحديث بالجهالة]
وإن كان يعني بذلك نفسه، أي أنه هو المعترف بذلك، فهو كاذب أيضًا -مع ما فيه من التدليس والإيهام-؛ لأن طريقته في إعلال الحديث بالجهالة تناقض ذلك، وإليك بعض الأمثلة في طريقة الكوثري في إعلال الحديث بالجهالة:
1 -
عبد الرحمن بن مسعود، صرح في "النكت الطريفة" (ص 101) بأنه "مجهول" مع أنه من رواية شعبة عنه بالواسطة! وقد قمت بالرد عليه عند ذكر حديثه الآتي [يعني: في الضعيفة] برقم (2556) وبيان تناقضه، وإنْ كان الرجل فعلًا مجهولًا.
2 -
عَمرو بنُ راشد الذي في حديث وابصة في الأمر بإعادة الصلاة لما صلى وراء الصف وحده.
قال الكوثري في "النكت"(ص 28): "ليس معروفًا بالعدالة فلا يحتج بحديثه". مع أنه يرويه شعبة بإسناده عنه، وهو مخرج في "صحيح أبي داود"(683)، و"إراواء الغليل"(534).
وراجع تعليق أحمد شاكر على الترمذي (1/ 448 - 449).
3 -
وكيع بن حُدُس الراوي عن أبي رَزِين العُقيلي حديث "كان في عتقاء ما فوقه هواء، وما تحته هواء. . "
قال الكوثري في تعليقه على "الأسماء"(ص 407): "مجهول الصفة"، مع أنه يعلم أن شعبة قد روى له حديثًا آخر عند الطيالسي (1090) وأحمد (4/ 11).
فما الذي جعل هؤلاء الرواة مجهولين عند الكوثري، وجعل الحارث ابن عَمرو معروفًا عنده وكلهم وقعوا في إسناد فيه شعبة؟!.
الحقّ: إن هذا الرجل لا يخشى الله، فإنه يتبع هواه انتصارًا لمذهبه، فيبرم أمرًا أو قاعدة من عند نفسه لينقضها في مكان آخر متجاوبًا مع مذهبه سلبًا أو إيجابًا. وفي ذلك من التضليل وقلب الحقائق ما لا يخفى ضرره على أهل العلم. . نسأل الله العصمة من الهوى.
وبعد، فقد أطلت النفس في الرد على هذا الرجل لبيان ما في كلامه من الجهل والتضليل نصحًا للقراء وتحذيرًا، فمعذرة إليهم. . .
[ولبيان كلام الفقهاء وتصحيحهم هذا الحديث والرد عليهم وذكر من ضعّفَه من أهل العلم بالحديث؛ يُراجع ترجمة (الجويني) من الألقاب]
* [انتهى كلام الألباني -عليه رحمة الله- في "الضعيفة" (ح 881)] التسلية/ رقم 5